كتابات | آراء

تاريخ اليمن الحديث.. بول دريش جامعة أكسفورد (75)

تاريخ اليمن الحديث.. بول دريش جامعة أكسفورد (75)

في هذه المرحلة  تظل المؤسسة الاقتصادية العسكرية  وهي عبارة عن مركز تجاري عسكري ضخم هي الذراع الاقتصادي المحلي للدولة

وقد أعيدت تسميته بالمؤسسة الاقتصادية اليمنية لتعطي انطباعا مدنيا أكثر وتبعد نظرة عسكرة الدولة واستيلاء العسكر على كل الموارد الاقتصادية للبلد وقد توسع نشاط هذه المؤسسة من الزراعة والبيع بالتجزئة إلى التعبئة والتعليب والنقل والتبريد  وحتى إدارة شركة ألبان معروفة في اليمن في المقابل الخصخصة التي تفضلها الوكالات الدولية كثيراً  تعني التسويق التجاري وإشراك القطاع الخاص بصورة أكبر وإبعاد سيطرة الدولة عن التجارة الداخلية والخارجية قبل الموافقة على منح قروض للدولة ومما لاشك فيه أن إعادة تسمية المؤسسة الاقتصادية العسكرية وتسميتها باسم بالمؤسسة الاقتصادية اليمنية لتبدو بأنها مدنية أكثر وبطريقة تجعل ما يظهر الآن في الحسابات الحكومية أنها مؤسسة خاصة تابعة للقطاع الخاص على الورق, التعديل الهيكلي المطلوب من قبل الوكالات الدولية هو في المقام الأول تعديل للميزانيات العمومية وإن تعديل الهياكل الأساسية التي تقوم عليها هذه الأمورفي حالة اليمن  يعني تفكيك الدولة نفسها  وهو ما تسعى إليه الوكالات الدولية أو الحكومات الأخرى وهذا يعني أن اليمن لم يعد فريدا تاريخيا  كما كان قبل عشرين عاما  ولكنه أصبح الآن بلداً من  بلدان العالم الثالث.
تعتمد الشروط المواتية في التفاوض بشأن المساعدات الخارجية جزئياً على الموافقة على النظام السياسي في اليمن وأن يكون متوافقاً مع سياسيات النظام العالمي ورغباته ,ظهرت منظمات مثل المعهد الديمقراطي الوطني  الممول فعلياً من قبل حكومة الولايات المتحدة  في عالم ما بعد الحرب الباردة كهيئات تصادق على سياسات الدول الأخرى  وتعمل جنباً إلى جنب مع الوكالات الأوروبية في الترويج لما يسميه كارابيكو سياحة الانتخابات ومراقبة الاقتراع وما شابه ذلك دون الرجوع إلى السياق المحلي أو الاهتمام بالمعلومات التي يدلي بها حكام اليمن في اجتماعاتهم مع المؤسسات الأجنبية والتركيز على مصطلحات الديمقراطية و التعددية و المجتمع المدني والتي تحظى بشعبية لدى المانحين الأجانب  وفي الوقت نفسه  تم تعريف المجالس المحلية  التي قد تلعب دور المنظمات غير الحكومية  في التعديلات الدستورية اليمنية لعام 1994م على أنها جزء لا يتجزأ من سلطة الدولة  مما يشير إلى عدم تطابق مع رؤية المانحين في شرط عدم ارتباط المنظمات غير الحكومية ومع ذلك كانت هنالك قروض تمنح لليمن مع أن اليمن لا يطبق المعايير الدولية ومتطلبات البنك الدولي ,إن افتراض السذاجة في التعامل بين اليمن والمانحين يعتبر أمراً غير دقيق إطلاقا حيث يتم لعب هذه اللعبة بين الطرفين من أجل الحصول على فوائد للطرفين  فعلى سبيل المثال  أدى الإنجاز الناجح للانتخابات البرلمانية لعام 1997م إلى الحصول على تسهيلات قروض تعادل الدين الوطني لليمن بأكمله وبحلول منتصف عام 1997م تم تأمين التزامات المعونة بما يصل إلى 1.8 مليار دولار للسنوات الثلاث المقبلة وعلى الصعيد المحلي  لم تثر انتخابات 1997م أي من الحماسة التي رافقت الانتخابات السابقة قبل أربع سنوات في عام 1993م وكان يُعتقد أن الانتخابات مهمة  في عام 1997م وكان من المفترض أن تكون النتيجة معروفة على نطاق واسع مسبقًا  وتم الحكم على التعديلات في المقاعد البرلمانية بأنها لا تحدث فرقاً يذكر و قاطعت فلول الحزب الاشتراكي اليمني العملية وكذلك فعلت ثلاثة أحزاب صغيرة من ضمنها التجمع الوحدوي  والجبهة الشعبية الموحدة ومن بين 301 مقعد  حصل حزب المؤتمر الشعبي العام على 188مقعداً  مقارنة بـ 123مقعد قبل ذلك بأربع سنوات  وانخفضت حصة الإصلاح من 62 إلى 53 حيث تداخلت الأحزاب فيما بينها وتشكلت جبهات جديدة مختلفة وأصبحت هناك مراكز قوى جديدة في عام 1999م مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية وحصول حزب الرئيس صالح  المؤتمر الشعبي العام على 226 مقعداً  من أصل 301 مقعد  برلماني  عرض الرئيس رسمياً التنحي عن الحكم ولم يتفاجأ أحد و أصر المؤتمر الشعبي العام بالتزكية على ترشحه لمنصب الرئاسة مرة أخرى كما رشح حزب المعارضة  الإصلاح علي عبد الله صالح على الرغم من اختلاف الآراء مع حزب المؤتمر و في نهاية المطاف حصل الرئيس صالح على 96.3% من الأصوات وأصبح  علي عبدالله صالح هو حاكم اليمن بدون منازع.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا