كتابات | آراء

هل مبادرة الصين للسلام وايقاف الحرب في اوكرانيا.. تصبح طوق النجاة للبشرية من الحرب النووية؟!..

هل مبادرة الصين للسلام وايقاف الحرب في اوكرانيا.. تصبح طوق النجاة للبشرية من الحرب النووية؟!..

بعد عام كامل على اندلاع الحرب الروسية الاوكرانية.. وما جرى خلالها من احداث دموية لم تشهد أوروبا لها مثيل منذ الحرب العالمية الثانية.. 

وبعد صمود الجيش الاوكراني النسبي أمام الجيش الروسي بفضل الدعم العسكري اللامحدود الذي قدمته الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الاوروبي ودول السبع الكبار.. وعدد غير قليل من دول العالم التي تصنف على أنها من حلفاء أمريكا.. وتمكن الجيش الاوكراني من كبح جماح اجتياح الجيش الروسي الاراضي الاوكرانية بشكل كامل.. وحصر المعارك الحربية في الشرق الاوكراني، وبعض مناطق جنوب اوكرانيا والتي كانت اوكرانيا والناتو قد اعدوا المسارح القتالية فيها منذ وقت مبكر جدا وقاموا بعمليات التحصين الدفاعي فيها واعدادها جيدا وتدريب عالٍ لقوات الجيش الاوكراني من أجل كسر شوكة الجيش الروسي وضرب معنوياته والنيل من قوته وسمعته واحترافيته القتالية.. ولأجل تحقيق ذلك الهدف تم بناء مخازن السلاح تحت الارض في انفاق أرضية شيدت لهذا الغرض وملئها بمختلف أنواع الأسلحة والذخائر والاحتياجات الضرورية من الأغذية والدواء وكل ما نتصوره وما لا نتصوره من أجل أن تستطيع القوات الاوكرانية من الصمود لفترة زمنية كبيرة تكون كافية لتحقيق أظهار عجز الجيش الروسي القتالي لتحقيق اهدافه في اوكرانيا..
طبعا هذا الأمر كانت الدول الغربية قد رتبت له منذ العام 2014 واعدت العدة لهذه الحرب ودفعت روسيا للدخول فيها عنوة وبالفعل تم تحقيق جزء كبير من خططهم الظلامية ضد روسيا وخاصة في الجانب الحربي.. ولو أنهم نجحوا في خطتهم الاقتصادية الموازية للخطة العسكرية لكانوا حققوا نصرا كاسحا وهزيمة استراتيجية لروسيا ولمضوا قدما في تنفيذ مخططهم الاجرامي وتقسيم روسيا إلى دويلات صغيرة ليس لها أي شأن أو تأثير على المسرح السياسي الدولي.. ورغم نجاحهم النسبي في الجانب العسكري إلا أن الهزيمة الاقتصادية الساحقة التي حققتها روسيا بهم وخاصة على اقتصاديات دول الاتحاد الاوروبي لم يكونوا متوقعين لها ولم تكن تخطر على بال أحد عندما خططوا للغدر بروسيا والقضاء على اتحادها الفيدرالي ومسحها من على الخارطة الدولية..
والدليل على النجاح النسبي لخطتهم العدوانية العسكرية هو عدم استطاعة الجيش الروسي تحقيق النصر السريع في مدينة كاباخموت في جمهورية دانيتسك رغم مرور أكثر من ثلاثة أشهر على مجريات القتال فيها.. ويعد ذلك دلالة واضحة على حجم الإعداد العسكري الكبير للقوات الاوكرانية والقوات المقاتلة من دول اجنبية عديدة والمرتزقة والارهابيين لتحقيق الأهداف الميدانية القتالية التي خطط لها حلف الناتو مسبقا..
والان بعد مرور عام كامل على هذه الحرب البشعة التي استخدم وجرب فيها مختلف أنواع الأسلحة من الجيل الثالث والرابع والخامس وبعض الأسلحة من الجيل السادس.. وصلت كل الاطراف المشاركة في هذه الحرب إلى حقيقة واضحة أنه لا يمكن هزيمة روسيا وتنفيذ كل المخطط الذي رسم لها من قبل.. خاصة وان روسيا كشفت تلك المؤامرة وردت عليها بالتهديد باستخدم سلاحها النووي الرادع لطموحات الغرب.. وكان القرار الذي اتخذه الرئيس بوتين في تجميد وايقاف مشاركة روسيا في اتفاقية ستارت للحد من انتشار واستخدام الأسلحة النووية في النزاعات الحربية في العالم أهمية بالغة في ادراك الغرب جدية روسيا في استخدام هذا السلاح للدفاع عن امنها القومي وسلامة اراضيها.. وشعور الغرب أن الايام القليلة القادمة ستكون وبالا عليهم وان هزيمتهم اضحت باينة المعالم لا لبس فيها..
لذلك وبصورة غير متوقعة تدخلت الصين على مسار هذه الحرب بتقديم مبادرة سلام لإيقاف الحرب وأنا أعتقد بل اجزم أن هذه الخطوة الصينية جاءت بناء على طلب اوروبي خالص لانقاد دولهم واقتصادهم من الإفلاس والفوضي والفقر الذي قد يؤدي بالاوضاع في دول الاتحاد الاوروبي إلى تفاقم الرفض الشعبي للسياسات المتخذة من قبل القيادات السياسية والعسكرية لتلك الدول نحو روسيا الاتحادية وقد يتطور ذلك الرفض إلى ثورات شعبية وانفراط عقد الاتحاد الاوروبي وتفككه وتقزيمه عالمياً..
ومن خلال ردود الافعال الدولية على المبادرة الصينية نشاهد بجلاء المكابرة والممانعة الأمريكية الظاهرية لهذه المبادرة لحفظ ماء وجهها أمام العالم.. بينما نشاهد الخطوات الترحيبية من قبل دول مثل بريطانيا وفرنسا والمانيا بهذه المبادرة وتقديم وعود كبيرة لنظام زيلينسكي للموافقة على المبادرة التي تتكون من 12 نقطة هامة اهمها إيقاف اطلاق النار فورا وايقاف الهجوم العسكري الروسي المزمع تنفيذه خلال مارس القادم والذي إن تم فانه لن يتوقف على العاصمة كييف بل قد يتطور إلى السيطرة الكاملة على الاراضي الاوكرانية وما سينجم عن هذا الوضع الجديد من أضرار خطيرة للاتحاد الاوروبي وعلى كافة المستويات.. لذلك سمعنا جميعا أن فرنسا والمانيا وبريطانيا قدمت عروضاً كبيرة ومغرية لاوكرانيا على مستوى ضمان امنها وتسليح جيشها بشكل يجعله قويا وقادرا أن يكون ندا للجيش الروسي والموافقة على تقديم تنازلات كبيرة لروسيا متمثلة في اقرار سيادتها على الاقاليم الاربعة التي تم ضمها إلى روسيا مؤخرا.. وكذلك شبه جزيرة القرم وضمان عدم ضم اوكرانيا إلى الاتحاد الاوروبي أو حلف الناتو.. وان تصبح اوكرانيا دولة محايدة مع عدم منع اوكرانيا من التعاون الاقتصادي مع أوروبا أو الارتباط باتفاقيات امنية مع دول أوروبا.. كما أعتقد أن الضوء الاخضر للموافقة على هذه المبادرة تم اطلاقه من قبل الرئيس الامريكي بايدن أثناء زيارته الأخيرة لاوكرانيا.. حيث كان ذلك واضحا وجليا على تعابير وجه زيلينسكي وتصريح وزير خارجيته الذي قال فيه أن الصين اطلقت هذه المبادرة دون التشاور مع اوكرانيا ومن ثم تصريح زيلينسكي الذي قال أنه يريد الالتقاء بالرئيس الصيني لمناقشة المبادرة وهذا يدل على أنه موافق علي المبادرة ويريد تحسين بعض بنودها حتى يحافظ على سمعته أمام الشعب الاوكراني حيث كان يرفض التفاوض مع روسيا من أجل السلام وتحقيق متطلباتها الامنية وحياد اوكرانيا..
على الجانب الآخر.. فان روسيا من خلال هذه المبادرة ستفرض على الناتو الاستجابة لمعظم مطالبها الامنية وكف التآمر، عليها.. إضافة إلى أنها ستضمن ضم اراضي جديدة وواسعة إلى روسيا وعدم عودتها إلى اوكرانيا والاعتراف الاوكراني والغربي ومن ثم الدولي بروسيا تلك الاراضي إضافة إلى القرم..
والغاء كل العقوبات الاقتصادية وغير الاقتصادية على روسيا فورا.. ومن خلال بنود هذه المبادرة يتضح لنا ان روسيا بالفعل حققت انتصارا استراتيجيا على اعدائها وأن المبادرة تعد طوق النجاة للناتو قبل أن يتلقى هزيمة قاضية على الاراضي الاوكرانية.. كما ان روسيا ستكسب استعادة هيبة ومكانة وسمعة جيشها وسلاحها أمام العالم..
أما في حالة رفض المبادرة الصينية فان الوضع الامني العالمي سيكون مغايرا تماما لما هو عليه الآن وسنرى دولا كالصين وكوريا الشمالية وايران والعديد من الدول سيقفون رسميا وعلنا مع روسيا ويتكون حلف دولي موازن وبالمقابل ستتسع دول الجانب الآخر.. وستكون حربا عالمية رهيبة لا يستطيع أحد التكهن بنتائجها الكارثية،.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا