كتابات | آراء

ومضات متناثرة: سيكولوجية الأنظمة العربية المستبدة..

ومضات متناثرة: سيكولوجية الأنظمة العربية المستبدة..

كل المؤشرات الماورائية تشير أن سماء العالم العربي متلبد بالسحب والغيوم الداكنة السواد، وهذا بسبب السياسات الخاطئة والأنظمة الدكتاتورية المستبدة

وفي ظل اختلاط الأوراق الصفراء مع الحمراء تضيع الحقوق والحريات وتتصارع ثعابين العمالة والمأزومين لنهب ثروات وخيرات الأوطان ثلاثية مقيتة من القمة إلى القاعدة سموم ناقعة في زمن الصراعات والنعرات والولاءات الضيقة فيها تنكشف أغطية المجتمع وتتعرى التناقضات وارتفعت الأصوات بالمنكرات وصار زعيم القوم أرذلهم وأُكرم الرجل مخافة شره وانتشر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بأس بعضهم بعضاً وساد الهرج والمرج أي "القتل بين الناس" وكثرت معاول الهدم والناس في غفلة عن أمرهم وما جور الحكام وولاية الفاسدين إلا بسبب جرم الرعية والناس قال عزوجل: (وكذلك نولي بعض الظالمين بعضاً بما كانوا يكسبون) الأنعام "129".
وهكذا تظل صراع الأحداث والمصالح في حالة جيشان وغليان حتى تنهار براقع العمالة ويهرب العملاء إلى أوكارهم متذرعين بأوهامهم المريضة وأحلامهم الباهتة، الواقع العربي اليوم مشحون بالنكبات المتلاحقة التي تعيشها معظم البلدان العربية بسبب النعرات الطائفية والعصبيات الشعواء التي جلبت للشعوب المآسي والمحن، وهكذا أصبح حكام وزعماء العرب بدلاً أن يرتقوا بنهضة وبناء الإنسان باعتباره أساس ومحور العملية التنموية الاقتصادية الشاملة إذ بدأوا بتأسيس أوطان لذواتهم ولذويهم وأقاموا جسوراً حديدية بينهم، وبين شعوبهم لترهيبهم وتخويفهم وتظل أحداث ما يسمى بثورات "الياسمين" مجرد أضغاث أحلام وأوهام لو عرف الذين أضاعوا على شعوبهم عقوداً من الوهم لاختاروا نهايتهم بأنفسهم بدلاً أن يعيشوا في منافي التشرد والضياع.
وفي ظل الأنظمة الديكتاتورية المستبدة، وفي زمن الحروب الطاحنة تطفو على السطح عيوب المجتمعات ونقائصها وتناقضاتها ويتم تزييف التاريخ وحقائقه وتشوه الهويات، وتطمس القيم والمبادئ والأخلاق، ويصبح كل شيء في الحياة غريباً وصادماً.
ويظل العقل البشري في حالة هذيان وتوهان غير قادر على استيعاب مجريات الأحداث المؤلمة والحريات المكبولة، وتبقى عقول العملاء تسبح في بحر التناقضات المعقدة وتلهث وراء مصالحها الذاتية ومنافعها الماورائية، وهكذا يظل الصراع السرمدي بين الفكر والحرية والسياسة في تواصل اللاتواصل طالما هناك أنظمة ديكتاتورية مستبدة وجائرة لأن أمواج الفكر دوماً في صراع مع أمواج السياسة والحرية وهنا يكثر الخصوم وتزداد الفجوة، ويظل الصراع المحتدم سيد الموقف.

صفوة القول:
يظل الصراع والعنف والقمع بين الفكر والسياسة والحرية قائماً طالما هناك منافع وتبادل مصالح مشتركة بين الشركاء والفرقاء ومتغيرات أزمنة المصالح وحركة التاريخ ويبقى التغيير صفة من ثوابت الوجود والقادم مجهول الزمان والمكان والقافلة رغم حمولتها الثقيلة وبعد المسافات تشق فيافي الصحراء رغم قيظ الأجواء ووعورة الطريق، وإنما العبرة بالخواتيم وإن كانت الخاتمة حتى اللحظة مجهولة الزمان والمكان والهوية.

خلاصة الخلاصة:
العالم اليوم يتجه نحو مرحلة خطيرة وقاصمة، وما يجري في كثير من الدول يشير إلى أحداث صادمة ونزاعات قاصمة وهذا نتاج الظلم وانتشار الفساد الذي عم البر والبحر حتى اقشعرت الأرض وأظلمت السماء ومحقت البركات وقلت الخيرات وقست القلوب، فأذن مؤذن بليل بلاء قد أدلهم ظلامه واشتد أنينه فاستحكم الداء وعز الدواء يكفي ما يجري اليوم من حوادث وعقوبات ترونها رأي العين.. فالسعيد من وعظ بغيره وصدق عزوجل القائل: (أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم دمر الله عليهم وللكافرين أمثالها) محمد "10".
اعدلوا عن طريق الضلال قبل أن يعم العذاب الصالح والطالح فهل من رجوع إلى الله أم على قلوبٍ أقفالها.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا