كتابات | آراء

‏إنجازات وزارة الدفاع السّعوديّة..  مجزرة الصراري نموذجاً

‏إنجازات وزارة الدفاع السّعوديّة.. مجزرة الصراري نموذجاً

قال محمد بن سلمان وزير الدفاع السّابق وولي العهد ورئيس مجلس الوزراء السّعودي الحالي، أثناء تسليم مقاليد وزارة الدفاع للأمير خالد،:

"أنّ الوزارة شهدت تطوراً مميزاً على مستوى الاكتفاء الذّاتيّ من الصّناعات العسكريّة من 2% الى 15%"، وعبر عن أمله بأن يكون لدى الوزير الجديد أرقاماً أكبر بعد تولّيه.. والكلّ يعلم أن هذا القطاع هو المسؤول الأول عن العدوان الذي شنته السعودية على اليمن، بمعاونة كلٍّ من الإمارات وأميركا، فكانت الطائرات والقصف العنيف يدكّان أحياء المدن والقرى اليمنية بأمر من القيادة، وبمباركةٍ منها كانت  تسقط دماء الأبرياء.
  "الصراري" هي واحدة من المناطق التي وقعت تحت نير العدوان السعودي، علما أنها لم تنشد القتال يوماً، بل هي منطقة مسالمة تزخر بالعلماء والمفكرين والعاملين في المجالات السياسية والثقافية والاجتماعية وغيرها، كذلك هي ذات طابع ديني متحرّر من كل التعصّب والتّقليد الأعمى، وهي قرية خرّجت من مدارسها المتنوعة طاقاتٍ ومبدعين، وخصوصاً من أبناء محافظة تعز.
الحديث عن "الصراري" يبدأ من العام 2016م، وتحديداً مع الحصار الذي دام جاثما على صدرها عاما كاملا، ليسحب من أهلها اعترافاً بالتكفيريين إلا أنها أبت ذلك في عام الحصار هذا، شهدت المنطقة اسوأ الأيام والليالي، حيث قطعت عنها الإمدادات الغذائية والحاجيات الأساسية بشكل كامل ما عدا الأشهر الثلاثة الأولى، وكانت أسعار السلع مضاعفةً، بعد أن خضعت لجشع التّجار، وكان الهدف من ذلك كسر إرادتها، ولكنّ الحصار لم يفلح.. وحين فشلت الضغوط، تلقت المجموعات المسلحة الموالية لتحالف العدوان أمراً  باقتحامها، وكانت المجزرة الدامية.
  استطاعت المجموعات الدموية أن توقع فيها العشرات بين شهيدٍ وجريحٍ،  70 شهيداً فقط من آل الجنيد، وبقيت النيران تنهال على أهالي القرية على مدى ثلاثة أيّامٍ متواصلةٍ، كما تم خلالها أسر ما يزيد على الخمسين شخصاً.. ومن شهد المعركة، يؤكد أنّ أهالي الصراري ليسوا أصحاب الطلقة الأولى، ولم يُبدوا أي مظاهر مسلحة، ولم يكونوا قد امتلكوا أسلحة كتلك التي زودت بها المجموعات المسلحة، ولكن حين بدأ الأعداء حربهم وُوجِهوا ببأس وشيء من المقاومة، يتوافقان مع القدرات المتواضعة التي كان يمتلكها أبناء المنطقة.. وما زاد الطين بلّة، وعمّق الألم، هو أنّ تلك المجموعات التي يدعمها ابن سلمان بالسلاح والإمكانيّات العسكرية لأكثر من عقد من الزمن وهي تابعة  لحزب «الإصلاح» أول المؤيدين للعدوان على أبناء الشعب اليمني، وتضمّ في صفوفها عناصر من تنظيم «القاعدة» ،لم تكتف تلك المجموعات بالقتل والأسر والتعنيف، بل تعدته، لتطال مسجد القرية فدمرت قبّته، وفرط الحقد المتجذّر عبر السنين دفعها إلى نبش ضريح الوليّ جمال الدين.. وهنا لا بد من الإشارة الى أن القرية لها امتداد تاريخي وديني عريق، إذ تضمّ عدداً من أضرحة آل البيت منها ضريح ومقام السّيّد جمال الدين الجنيد، وتشير الرّوايات الى أنّه من أسرة الساده العَلويّين أبناء الإمام عيسى المهاجر بن علي العريضي بن الإمام جعفر الصادق بن محمد الباقر بن زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، وقد قدِم من  جنوب اليمن، من حضرموت إلى تعز، واستوطن هذه القرية ووضع البذرة الأولى للتصوّف الإسلامي، وهذا التاريخ هو من حورب، ودفع التكفيريين إلى تفجير المسجد الشهير الذي يمتد لأكثر من 300 عام.
إذن، فالحديث عن الصراري يغرق في الغصة، لأنها منطقة عوقبت لثقافة أبنائها وامتداد تاريخها العريق، وهذه المجزرة  تسجل واحدة من مئات المجازر التي تسجل في صفحة إنجازات وزارة الدفاع السعودية السوداء، حيث تتحمل هذه الأخيرة والولايات المتحدة، كامل المسؤولية بالإضافة إلى الأمم المتحدة «التي لم تصدر حتى بياناً واحداً يدين المجزرة»، ما يؤكد ازدواجية معاييرها.. تجدر الإشارة إلى أنه وعلى الرغم من كلّ التقديمات والتنازلات وما رافقها من خسائر تكبدها بن سلمان في حربه على اليمن، لم تضعه في المقدمة، إذ يقدر تلفزيون فرنس 24 أن السعودية هي الأضعف من حيث القوة العسكرية وقوة جيشها، وأن ابن سلمان خلال حروبه العبثية التي خاضها، عرّض البلاد لتهديدات عسكرية أكبر، وتضيف الوكالة إن سياساته أخافت المستثمرين الأجانب.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا