كتابات | آراء

ومضات مضيئة عن الهجرة النبوية الشريفة..!!

ومضات مضيئة عن الهجرة النبوية الشريفة..!!

المتأمل في سيرة الهجرة النبوية الشريفة على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم يقف موقناً بأن الإيمان القوي يصنع أمةً قويةً، أقوى من القوة التي يصنعها البشر.

فالإيمان عندما يسري في النفس، ويستقر في القلب، ويسيطر عليه يجعله يقف في وجه كل طاغٍ وباغٍ، وغاشم وظالم.. فأحرى اليوم بالمسلمين أن يعودوا الى أصول دينهم حتى ينهضوا من كبوتهم، ويفيقوا من سباتهم العميق..
نحن نعلم أن هجرته عليه الصلاة والسلام من مكة الى المدينة غيرت مجرى التاريخ الإسلامي حيث عانى وقاسى سيدنا محمد عليه وآله أفضل الصلاة والتسليم الأمرين في سبيل نشر رسالته الخالدة، وبالرغم من الصعاب والعوارض التي تعرض لها إلا أنه ظل راسخاً رسوخ الجبال على مبدئه وعقيدته.. وليس هناك أخطر على الأمة، وأدعى الى شيوع الداء واستشراء العلل من أن تبسط الآراء، وتقترح الوسائل، ثم لا تأخذ بها..
وقد حذرنا المولى عزوجل من ذلك في قوله: (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون مالا تفعلون، كبر مقتاً عند الله أن تقولوا مالا تفعلون) الصف: 3..
فإذا أردنا أن نعود الى القوة الإسلامية الهادية العادلة، والى سيادتنا القويمة، فما علينا إلا أن نتحلى بالشمائل الفاضلة والمبادئ السامية.. فإن أمر هذه الأمة لا يصلح إلا بما صلح به أولها..
ما علينا إلا أن نتجمل بأخلاق أسلافنا الأوائل، ونتذرع بالأسباب والوسائل التي سلكوها الى أهدافهم بصدقٍ وإخلاص.. نحن نعلم أن رسولنا الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن معه سلاح يحارب به، ولا ذخيرة عسكرية تجبر الناس على الخضوع له، والإذعان لرسالته، إلا قوة العقيدة، والإيمان الراسخ الذي لا يهن.. كان أنفذ سلاح، وأمضى عدة.. فجاهد في الله حق جهاده، حتى صارت كلمة الله هي العليا، وكلمة الذين كفروا السفلى.. إن هجرة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم غيّرت مجرى التاريخ العالمي، وأدهشت العقلاء والمفكرين في كل أرجاء العالم..
كيف استطاع رسولنا الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم أن يجمع تلك القبائل المتنافرة، والعشائر المتناحرة، والقوى المتناثرة في قلب رجل واحد.. ما الذي قهر الأعداء، وأرغم الخصوم، وأذل قوى العدوان الجبارة التي تتحكم في العالم، وتتنازع سيادته، وتشيع فيه الفوضى الخلاقة..؟!.. إنه الإيمان القوي الراسخ في القلوب، الإيمان الذي يخالط القلب، ويمتزج باللحم والدم، ويسري في جميع أنحاء النفس.. فلا يترك موضعاً لغلٍ أو حقدٍ مهلك، أو أثراً لشهوةٍ فانية..
إن هجرة رسولنا الأعظم من مكة الى المدينة فيها الكثير من الدروس والعبر، لأن الله فرق فيها بين أوليائه وأعدائه، وجعلها مبدأً لإعزاز دينه ونصر عبده ورسوله.. وكان الفدائي الأول في الإسلام علي بن أبي طالب- كرم الله وجهه- عندما أمره الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أن ينام على فراشه بدلاً عنه في تلك الليلة، فاجتمع أولئك النفر من قريش يترصدون حركات النبي صلى الله عليه وآله وسلم فخرج رسول عليه الصلاة والسلام عليهم فأخذ حفنة من تراب البطحاء ونثرها على رؤوسهم وهو يتلو قوله عزوجل: (وجعلنا من بين أيديهم سداً ومن خلفهم سداً فأغشيناهم فهم لا يبصرون) ياسين: 9.. ومضى رسولنا الأعظم الى بيت أبي بكر، فخرجا معاً ليلاً، وجاء رجل ورأى القوم ببابه، فقال: ما تنتظرون؟ قالوا: محمداً، قال خبتم وخسرتم قد والله مر بكم وذر على رؤوسكم التراب.. قالوا ما أبصرناه، وقاموا ينفضون التراب عن رؤوسهم.. وهكذا قوة الله تتداعى لها كل القوى مهما كانت..
ما أحوجنا اليوم الى العودة الحقيقية لجوهر الإسلام، والتمسك بكل ما جاء به الإسلام شرعةً ومنهاجاً.. فإن أمر هذه الأمة لن يصلح إلا بما صلح به أولها..

صفوة القول:
يجب أن تعود الأمة الى كتاب ربها، وسنة نبيها، والى الإيمان الصادق الذي غاب عن قلوبها، وأن يشعر كل مسلم بأنه رقيب على نفسه يحاسبها إذا أخطأت، ويقومها إذا عوجت ويهديها إذا ضلت.. فالأمة الإسلامية اليوم تواجه عواصف وأعاصير من كل اتجاه، وفي عديد من المجالات، فعلى الشعوب الإسلامية أن توحد أهدافها وخطتها، وتواجه أزمتها بشجاعة وبسالة.. ولتصمد ولتواجه التحدي بالحكمة المقرونة بالعدة، ولقد أوضح القرآن الكريم عناصر النصر المبين.. في قوله عزوجل: (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون) آل عمران: 200.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا