كتابات | آراء

إسرائيليّون وعملاء لا مبعدين

إسرائيليّون وعملاء لا مبعدين

تحكم دول العالم الصّديقة والعدوّة منها مجموعة من القوانين والأنظمة التي تحمي سيادتها وتشكّل سدّاً منيعاً في وجه الخائنين لأوطانهم وسيفاً مسلّطاً على رقاب المتآمرين عليها

والشّواهد على ذلك كثيرة منها إصدار السّلطات الفرنسيّة عام 1810م قانوناً يجرّم التّعامل مع العدوّ سواء كان التّعامل ثقافيّاً أو تجاريّاً واقتصاديّاً أو عسكريّاً أو تحت أي عنوان كان. وعلى نفس الخطى سارت إيطاليا عام 1890م مصدرةً قوانين بتجريم التّواصل مع العدوّ أو التّعاون معه بأي شكل من الأشكال ومساعدته في أعماله العدوانيّة على إيطاليا أمّا في الكيان الصّهيوني المؤقت فقد قام كنيست العدوّ (الاسرائيلي) في 28 آذار 2011م بسن مجموعة قوانينَ جديدةٍ  وتحديث بعضها منها قانون إلغاء المواطنة الذي يتيح للمحكمة مصادرة الجنسيّة (الاسرائيليّة)من أيّ شخص يدان بأعمال التّجسّس على الكيان والخيانة ومساعدة العدوّ أثناء السّلم والحرب أو القيام بعمليّاتٍ (إرهابيّةٍ) كما هي معرّفة في قانون منع تمويل الإرهاب الذي سنّ عام 2005م  في الكيان أيضاً. أمّا في لبنان حيث تطغى الطّائفيّة والمذهبيّة على القوانين حيث تستباح السّيادة ممّن يدعونها ويهتك القانون.  
حفاظاً على السّلم الأهلي بل وتلغى القوانين لتحكم قوانين القبيلة والرّعية والأبرشيّة التي تسنّ القوانين التي تتلائم مع مصلحتها الذّاتية والطّائفيّة لا مع مصلحة الوطن وأبنائه. في لبنان فقط توسم الخيانة للعدوّ الإسرائيلي بالعمل الإنسانيّ تارةً وبحرّية الرّأي تارةً أخرى في لبنان تتهم الأجهزة الأمنيّة والقضائيّة بالولاء لإيران اذا ما قامت بواجباتها تجاه العملاء في لبنان فقط يعود العميل جزّار الخيام  عامر فاخوري عودة (الأبطال) إلى ربوع الوطن ويفتح له صالون الشّرف ويجول على المسؤولين بحمايةٍ أمنيّةٍ وتمنع عنه المحاكمة بعد توقيفه ويحرّر من السّجن بقرارٍ من واشنطن يكسر هيبة لبنان وينتهك سيادته (والسياديّون) يصفّقون لنجاح العمليّة، في لبنان فقط تشعل البطركية المارونيّة ثورةً بسبب توقيف واستجواب معتمد قبض رواتب العملاء المطران موسى الحاج  من قبل الأجهزة الأمنيّة اللبنانيّة بعد دخوله إلى لبنان عبر الناقورة قادماً من الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة وبحوزته مبلغ 460 ألف دولار و4000 يورو وأدوية (إسرائيليّة الصّنع) وقائمة بأسماء الذين سيستلمون المبلغ وفقاً للجدول الذي يحمله المطران وتحوّل القضية إلى (ثورةٍ وطنيّةٍ) أطلقتها بكركي للمطالبة بإعادة (المبعدين) من العملاء الذين اندحروا مع الاحتلال الاسرائيلي بفضل ضربات المقاومة عن جنوب لبنان عام 2000م، على أنّهم مواطنون لبنانيّون يجب أن يعودوا إلى لبنان علماً بأنّهم تخلّوا عن الجنسيّة اللّبنانيّة ومنهم من تهوّد وأصبحوا حاخامات مثل العميل إبراهيم ياسين الذي أصبح الحاخام إبراهيم سينييه ومنهم حصل على الجنسيّة الإسرائيليّة ويخدمون في المؤسّسات العسكريّة والأمنيّة (الإسرائيليّة) ضمن القانون الخاص الذي وضعته حكومة العدوّ وصادق عليه الكنيست أهمّه ما يلي:
1 - يمنح وزير الدّاخليّة  الجنسيّة (الإسرائيليّة ) إلى كلّ عنصرٍ من (جيش لبنان الجنوبي)، الزّوجة، أهله وأولاده، في حال تقدّم بطلب المواطنيّة الإسرائيليّة وذلك استناداً لقانون الجنسيّة الصّادر عام 1954، ويستثنى كلّ من تطبق عليه احكام المادّة 5(ا)(2) من القانون المذكور.
2- يمنح وزير الدّاخليّة، وبحالاتٍ محدّدة، الجنسيّة الاسرائيليّة لأحد أقرباء عنصر من جيش لبنان الجنوبي، وغير المذكور في البند (ا) من هذا القانون، وتقدّم بطلب اكتساب الجنسيّة الاسرائيليّة وأثبت أن إقامته في اسرائيل نتيجة لوجود خطرٍ على حياته بسبب  انتماء قريبه الى (الجنوبي).
3 - يطبق على عائلة الشّهيد في جيش لبنان الجنوبي أحكام القانون الخاص بعائلات شهداء جيش الدّفاع الاسرائيلي  بشكلٍ كاملٍ بما في ذلك المستحقات.
4 - يطبق على كلّ عنصرٍ من  جيش لبنان الجنوبي يعاني من عجزٍ وإعاقةٍ أحكام قانون المعاقين الخاص بجيش الدّفاع الاسرائيلي بشكلٍ كاملٍ بما في ذلك المستحقات.
 كلّ ذلك يؤكّد اندماج عملاء العدوّ بالكيان الصّهيوني وتباهيهم بأنّهم ليسوا عرباً بل هم إسرائيليّون فعن أي لبنانية يتحدّث البطرك الراعي ووزير العدل الذي يريد تفعيل عمل ( لجنة المبعدين) وبالتّالي إنّ المطالبة بعودتهم ما هي إلّا إعادة إحياء للعلاقات المارونيّة الإسرائيليّة التي وثّقتها كتبٌ عديدةٌ منها كتاب "المتاهة اللّبنانيّة: سياسة الحركة الصّهيونية و(دولة إسرائيل) تجاه لبنان من 1918 إلى 1959" (لمؤلّفه الضّابط في (الموساد) رؤوفين إرليخ، ينصّ على وثائقَ ومراسلاتٍ رسميّةٍ لمؤسّساتٍ وشخصيّاتٍ صهيونيّةٍ تحدّث فيها عن اتفاق البطريرك أنطوان عريضة مع الوكالة اليهوديّة ومراسلاته معهم إضافة إلى كتاب الطّريق إلى السّلام لمؤلّفه الصّهيوني الياهو سيسون الذي تحدّث بالتّفصيل والأسماء عن التّعاون بين الحركة الصّهيونية وبعض القيادات اللّبنانيّة منهم الرّئيس إميل إده والشّيخ حسين حمادة ومحمد العبدالله وخير الدين الأحدب والمطران عبدالله الخوري مروراً ببيار الجميل وكميل شمعون الذين استعانوا بالعدوّ الإسرائيلي ليمدّهم بالسّلاح في عامي 1958 و1975 إبان الحرب الأهليّة  وغيرها من الشّخصيات التي لا يتسع المجال لذكرها والهدف من كلّ ذلك التّنسيق لتقسيم المنطقة إلى كياناتٍ دينيّةٍ يكون فيها لبنان للمسيحيّين وسورية للمسلمين وفلسطين لليهود. ذلك هو المشروع الذي دفن بمقتل بشير الجميل ولن يعود أو يتحقّق بل إن إعادة طرحه ومحاولة إحيائه تعني إشعال لبنان وتدميره والمطالبة بعودة العملاء الإسرائيليين، يعني إعادةً للاحتلال وتصريحاً بالتّطبيع والخيانة والتآمر على لبنان وعلى مسيحييه قبل مسلميه وعلى ما تبقّى من الدّولة قبل المقاومة التي لن تقف مكتوفة الأيدي أمام من يريدون تدمير لبنان أياً كانوا.

*كاتب واعلامي لبناني

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا