كتابات | آراء

بوح اليراع:بسبب تواصل خطف أرضيته روح الشهيد الجنيد تناشد المحاكم سرعة رفع المظالم

بوح اليراع:بسبب تواصل خطف أرضيته روح الشهيد الجنيد تناشد المحاكم سرعة رفع المظالم

الشهيد عبدالله قاسم الجنيد الذي نعيتُ في المقال قبل الماضي صعودَ روحِه الطاهرة إلى بارئها بفعل استهداف غادر من طيران "تحالف الشر" كان صنفًا نادرًا بل أندر في جنس البشر،

وقلَّما يوجد لهُ نظيرٌ في عصرنا الحاضر.
وقد شهد كلُّ من ظفر منه بأدنى معرفة بجمعه الفطري التلقائي -على امتداد مسيرته التعليمية والعملية- بين القيم الإنسانية النبيلة والسلوكيات المعاملاتية المثالية إلى درجةٍ خيالية.
 بيد أنَّ صدق نيته وصفاء سريرته وسلامة طويته وحسن ظنه بالآخرين قد أوقعته في مشكلة مستفحلة أسردها في ما يأتي بصورة مفصلة:
(تشكلت في بداية تسعينيات القرن الماضي جمعية سكنية هي "جمعية 22 مايو" من عدد كبير منتسبي القوات الجوية والدفاع الجوي منهم –بطبيعة الحال- الشهيد عبدالله الجنيد، وترأسها آنذاك "العقيد [اللواء حاليًّا] عبدالله الحرازي" وخُوُّلَ من جميع زملائه بشراء أراضٍ كثيرة ومتجاورة تشكل –في مجملها- مساحة كبيرة، فاشترى –بالفعل- أراضيَ كثيرةً من بائعين كثر من مديرية "بني حشيش" بينهم ضابط من بيت "مجمل"، وبعد الانتهاء من إجراءات البيع والشراء والتأكد التام من صحتها باشر رئيس الجمعية "عبدالله الحرازي" بتوزيع الأراضي على الأعضاء بقدر المبالغ الفردية التي ساهموا بها من قيمة الشراء، وصادف وقوع أرضية الشهيد "الجنيد" في الجزء المشترى من البائع المنتمي إلى بيت "مجمل".
ونظرًا لطول فترة معاملات الجمعيات لم يتسلَّم الشهيد الجنيد بصيرة أرضيته من "عبدالله الحرازي" رئيس جمعيته إلاّ في عام 2017، فسارع حينها بتسويرها وبنى على جزء منها غرفتين وحمام ومطبخ وصالة، وعند الانتهاء من التشطيب طلب منه أحد المجاورين للأرضية أن يسكن في هذا الجزء المبني منها مقابل تكفله بحراستها من الأيادي المتطفلة، فوافق له الشهيد على السكن، على أمل أن تكون الأرضية بحراسته لها في مأمن، ولتحفيز هذا الجار الذي توسم فيه الأمانة على المزيد من الاهتمام كان الشهيد يرسل له من 30 إلى 40 ألف ريال على رأس الأسبوع أو العشرة الأيام، بل لقد كان الشهيد في ذهابه -من وقت إلى آخر- لتفقد الأرضية يكرمه كرمًا مبالغًا فيه.
وبعد أن نزح -في عام 2020- بعض أقارب الشهيد من محافظة "الضالع" إلى العاصمة "صنعاء" طلب من هذا الجار إخلاء المبنى إياه ليُسكِن فيه النازحين من ذوي قرباه، ففاجأه برفض الإخلاء بل وبرفض الحضور إلى الجهات المختصة، فظن الشهيد الذي كان يُعطي هذا الجار بلا حساب أن تقاعسه عن الإخلاء بهدف الحصول مبلغ مالي كـ"أتعاب"، فعرض عليه الشهيد -وبكل عفوية- دفع ما يرضيه من مبالغ مالية، لكنه رفض، ثم سارع -على حين غفلة من الشهيد- بإغلاق البيت والتواري عن الأنظار.
ولأن أخلاق الشهيد تراعي ما للبيوت حرمات، فقد أبلغ الأجهزة الحكومية الأمنية منها والقضائية على أمل أن تحضر وتسلمه بيته بصورة رسمية.
لكن قبل أن يصل إلى حل، تفاجأ بأن البيت قد استولي عليه من قِبَل متنفذ يدَّعي أنه من "أنصار الله" بينما هو مسنود بـ"مشرف شرطَوِيِّ كبير"، وقد قابل -بالاعتماد على ذلك الإسناد- طلب الحضور إلى مركز الشرطة للرد على شكوى الشهيد بالتهديد والوعيد، وعند إحضاره بأمر قهري أظهر عقد إيجار من بعض أقارب البائع "مجمل" المنحاز -منذ بداية إعلان الحرب على "يمن الإيمان"- إلى صف تحالف العدوان.
وفي تلك الأثناء -وبعد أن أسفرت إجراءات التقاضي عن صدور حكم ضد جاره الذي اختفى بالمرة وضد المتنفذ المستحوذ على البيت ببصيرة مزورة ملزمًا إياهما بالإخلاء- أقدم جار آخر -في غمرة ذلك الانشغال- على استقطاع جزء من الأرضية وسورها ضمن حوش بيته.
وعند ما قرر الشهيد بناء بيتٍ ثانٍ في جزء من الأرضية للاستفادة منه بإيواء نازحيه من ناحية، وللحفاظ على المساحة الباقية من ناحية ثانية، إذا بالمشرف الشرطَوِي الداعم لذلك المتنفذ الظالم يُهاجم المكان على رأس قوة مسلحة كما لو كان ينفذ مهمةً انتحارية فرقت عمال البناء بإطلاق الأعيرة النارية وهدمت المبنى علنا، فقابل الشهيد ذلك الاعتداء -كعادته- باللجوء إلى القضاء، وبقيَ حتى يوم استشهاده وهو يطالب بتنفيذ الحكم القاضي بإخلاء بيته وبقية أرضيته التي اشتركت في الاستيلاء عليها وادعاء تملكها شبكةٌ من المتنفذين الذين يرون أنفسهم رؤيةً أقرب ما تكون إلى اليقين أنهم فوق كل التشريعات والقوانين.
واليوم وبعد أن ارتقى العميد الركن طيار عبدالله قاسم الجنيد مع عدد من أهله وذويه شهداء حين سوِّيَ منزلُه على رؤوس ساكنيه بالثرى في عملية قصف وحشي نفذه طيران العداء، نكاد نرى روح الشهيد عبدالله الجنيد وهي تناشد المحاكم المعوَّل عليها إحقاق الحق وإبطال الباطل وإنصاف المظلوم وردع الظالم الإسراع في رفع المظالم والأخذ على أيدي الظلمة من مختلف القوى والانتصار للأضعف من الأقوى، لما من شأنه عودة الأمور إلى نصابها والحقوق إلى أصحابها، بما في ذلك عودة أرضيته ومنزله على السواء لمن نجوا من بنيه من ذلك القصف الوحشي واللاإنساني الذين باتوا -بعد اختلاط حطام منزلهم بدماء وأشلاء أهلهم- مشرَّدين في العراء بلا مأوى.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا