كتابات | آراء

البحر الأحمر ملتقى الأطماع الاستعمارية  (108)

البحر الأحمر ملتقى الأطماع الاستعمارية (108)

وإذا رجعنا إلى أوضاع شركة سافون ورايز البحرية الأثيوبية التي تدير وتصون الفنارتين بكل من جزيرة  أبو علي وجزيرة جبل الطير نيابة عن مصلحة التجارة والصناعة البريطانية

فإننا سنجد أن تلك المصلحة قد حولت مسئولية هذه إلى فرعها في جيبوتي ونظراً للاضطرابات في أسمره مقر الشركة تتجه الأعمال الثورية في ارتيريا ضد اثيوبيا وقد تم هذا عملياً إعتباراً من فبراير 1975م  حيث أن الاضطرابات السياسية في اثيوبيا " إرتريا "  تجبر المتعاقدين الأصليين على عدم الوفاء بأعمالهم في إدارة وصيانة  هاتين الفنارتين وقد طالت المكاتبات والاتصالات التلفونية بين أسمره وجيبوتي  ولندن حول تنظيم العمل الجديد , وتناولت المكاتبات أن حكومة جلالة الملك التي تُعد الحكومة المديرة بناء على نص المادة الثانية 1962م الدولية التي فوضت الحكومة البريطانية في صيانة فنارات البحر الأحمر المعينة والتي حملتها تقديم خدمات سليمة ومستمرة لتلك الفنارات فأنها أي بريطانيا تطالب الشركة باستمرار الاتصال بين مركزي صيانة الفنارتين في الجزيرتين أبو علي والطير وشملت المكاتبات كذلك النظر في مستوى المرتبات  في جيبوتي وفي إختيار الموظفين الأكفاء لإدارة وصيانة الفنارتين وقد تم عقد الاتفاق الجديد في أكتوبر 1975م واستمرت شركة سافون رايز تعمل من خلال مكاتبها في جيبوتي على إدارة وصيانة الفنارتين في جزيرة أبو علي وجزيرة جبل الطير وفي العام 1980م قررت مصلحة التجارة والصناعة البريطانية نقل هذه المهمة إلى شركة جديدة تابعة لها مباشرة هي شركة منارات البحر الأحمر وهذا يعني أن عمل شركة سافون رايز كان عملاً إدارياً ملاحياً ولا يمت إلى أية مظاهر سيادية كما أدعى محاميو اريتريا بل كانت الشركة تابعة لهيئة  التجارة والصناعة البريطانية التي لم تدعي السيادة هي الأخرى .
غير ما يهمنا هنا هو الإشارة الى حادثة غرق سنبوق في مارس 1976م كان قادماً من عصب الى الخوخة يحمل ثمان عائلات وسته عشر بحاراً وإن رئيس فرع الجهاز للأمن الوطني في الحديدة الرائد عبد الله محرم قد أرسل تقريراً طويلاً بهذه الحادثة إلى رئاسة الجهاز بصنعاء وجاء ضمن هذا التقرير أن بعض الصيادين أفادوا أن الأخشاب التي كانت محملة بالسنبوق وجدت في البحر أثنا قيامهم بالصيد في مجاري زقر بالقرب من منطقة المجيلس  والقطابا وقال الصيادون انه يحتمل وجود السنبوق المفقود في جوار جزر زقر وحنيش بعد أن قام البحارة بتفريغ الخشب من السنبوق للتخفيف من حمولتها ومقاومة العواصف الهائجة وقد أرسل قائد فرع الجهاز ثلاثة سنابق إلى جزيرتي زقر وحنيش للبحث عن السنبوق المفقود وركابه أو البحث عن حطامه .
ويؤكد هذا أن اليمن حكومة وشعباً ظلت  ومنذ القدم تمارس حقها السيادي وحياتها التقليدية في الجزر اليمنية في البحر الأحمر سواء كانت هذه الجزر تحت ظروف دولية بزعامة بريطانيا حينذاك أو غير ذلك وقد كانت بريطانيا باعتبارها كانت دولة بحرية كبيرة حتى ذلك الوقت تتحكم في إدارة هذه الجزر حرصاً على مصالحها البحرية حتى عام 1967م تاريخ خروجها من جنوب اليمن إذ كانت متحفزة قبل ذلك لحماية شريانها البحري إلى الهند لذلك ظلت متمسكة بالوضع الدولي الذي جاء مع معاهدة لوزان عام 1923م وجعل الوضع القانوني للجزر دون تعيين .
وقد تمسكت اليمن عبر العصور بمبدأ الوحدة الطبيعية والفيزيقية بين الجزر بعضها ببعض وبين تلك الجزر وبين الساحل اليمني المقابل ولاشك أن هذه المبادئ وهي القرب والمجاورة والمُلحقة هي التي دفعت اليمن الى الاهتمام بمياهها الاقليمية والى تامين الملاحة الوطنية والدولية فيها وعلى ما يقع خلالها من جزر فبدأت في إقامة فنارات في تلك الجزر , وكانت اليمن عند نشوب ثورة سبتمبر عام 1962م وقيام النظام الجمهوري قد انشغلت في توطيد النظام الجديد وفي خوض حروب ضد التمردات التي اشتعلت أمام هذا النظام حتى استقرت أمورها ومن ناحية أخرى انشغلت الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الجنوبية الشعبية أي شطري اليمن الشمالي والجنوبي في مفاوضات طويلة واجتماعات متكررة حول الوحدة أو في مناوشات وتصادمات حول الحدود واستغرق هذا كله عدداً من السنين ..

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا