كتابات | آراء

تاريخ اليمن الحديث بول دريش جامعة أكسفورد (17)

تاريخ اليمن الحديث بول دريش جامعة أكسفورد (17)

اصبحت الثروة التي تحت تصرف الإمام يحيى أكبر مما كانت عليه في العصر التركي اصبح الامام  يسيطر الآن على إيرادات اليمن السفلي اضافة الى اليمن العليا

وهذا في حد ذاته يعني القوة  والنفوذ ومع كل هذه الثروة لم تتغير أسلوب إدارته ولاطريقة معيشته لابذخ ولابهرجة ولامصاريف في غير موضعها لا أثاث ولا مكاتب ولا كراسي يجلس السكرتير وبقية الموطفين متربعين على وسائد ويكتبون الاوامر والقوانين مع دعم الركبة لليد اليسرى حيث تُمسك الورقة كل حرف مكتوب مهما كان غير مهم يوضع أمام الامام يحيى و بعد قراءته وإضافة كلمة في نهايته بيده يعطيها للجندي الذي يقف بجواره الذي يطبق عليها الختم ثم يسلمها إلى كاتب الامام وفي حوالي منتصف الليل يأتي كاتب التلغراف مع حزمة من البرقيات والتي تُعطى الأسبقية للعمل ومراجعتها حسب الاهمية لكن الإمام والسكرتير الأول يظلان أحيانًا حتى الفجر يراجعون البرقيات الواصلة والشكاوي من المواطنين في احدى هذه البرقيات تاتي شكوى من احد الاشخاص يشتكي حمار جاره الذي يركل جدار بيته ليلا  ويأمر الإمام أن يربط هذا الحمار بالسلاسل بين الغسق وضوء النهار ، ألف ريال فضى من اموال الضرائب وصلت الى مكتب الامام وتم حسابه ريال ريال  فى حضرة الامام يحيى وتحت اشرافه وفي كل صباح يجلس الإمام في الخارج تحت ظل شجرة ويتعامل مع اصحاب القضايا والطلبات من ابناء الشعب ثم يبدأ جولته اليومية حول صنعاء برفقة حشود من الناس المعجبين بالامام كان هو الرجل الوحيد الحاكم على كل اليمن  يوجه الأمور بمساعدة الكتبة والمستشارين.
رسم عالم الأنثروبولوجيا الأمريكي كارلتون كون رسمًا مشابهًا للامام في عام 1933م وكان عمر الامام في هذا الوقت حوالي 64 عاما وصحته بدأت بالتدهور تدريجيا وكان يعاني من الارهاق وربما تكون مطالب الدولة أيضًا أكثر تعقيدًا وكانت الشكاوى تصل من كل ارجاء البلاد ، علي الوزير محافظ تعز استمر وجوده في السلطة واصبح من المقربين من الامام خصوصا بعد الزواج بين ابنه وابنة يحيى بينما أقام ثلاثة من أبناء الامام يحيى في قرية الوزير في بني حشيش بالقرب من صنعاء قام بعض الأبناء بتنمية العلاقات بين العائلتين الكبيرتين بينما تحرك آخرون بهدوء لدعم أحمد وانجرفت منطقة الوزير في اليمن السفلي على مراحل  في عام 1937 تم الإعلان عن  الوزارات برئاسة أبناء الامام يحيى  وسرعان ما سيطروا على المحافظات الرئيسية أحمد في تعز  كما احتفظ بالسيطرة على حجة  وحسن في إب  وعبد الله في الحديدة  شكلت الخلافة محورًا واحدًا للمعارضة وظهرت رسالة تعميمه تنصح الإمام بإعلان الحسين خلفًا له وتوجيهه في حياة الإمام إلى عمل الحكومة بمساعدة مجلس من الأعيان  ومن بين أعضاء هذا المجلس زعيمان من مصر و العراق  بالمقابل أراد الإمام يحيى أن يجعل الأمر بيد الله وهو من يختار الحاكم المناسب لأن الإمام لم يكن مثل باقي رجال الحكومة في بعض الأحيان كان الإمام يحيى يسعى لضمان الترتيب الصحيح لمملكته عن طريق إصدار الأوامر بتزويج جميع الشباب دفعة واحدة بعرس جماعي  ويرسلون جنودًا لفرض ذلك ويتم صرف الأموال في هذا المجال اكثر من ما يصرف على تطوير  الطرق أو ما شابه ذلك ولم يتم تطبيقها بنفس القدر من القوة على المشاريع الأخرى، الإمام هو نفسه عاش ببساطة كان أعظم إسراف له هو تناول السمك الطازج الذي يتم نقله في جراكن على الجمال إلى صنعاء.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا