كتابات | آراء

كلك نظر:أمريكا والخياطة السياسية

كلك نظر:أمريكا والخياطة السياسية

الخياط لا يتقن مهنته إلا بعد تمارين عديدة وتجارب سنوات أما أمريكا فهي ترزي عالمي قد أتقنت عملها في الخياطة السياسية على مدى عقود طويلة

فهي تفصل الجرائم للدول التي لا تمشي بخطها ولا ترضخ لإرادتها كل دولة على مقاسها.. حتى الأفراد الاعتباريين عالمياً إذا لم يذعنوا لها فإنها تفصل كل واحد منهم جريمة أو إدانة عل مقاسه.
الخياط الماهر يأخذ وقتا معين للمقاس ووقتا آخر للتفصيل ويقول لك تعال بعد يومين أو ثلاثة أما أمريكا فإنها تعد ثوب الإدانة خلال دقائق في ورقة إيه فور أو أكثر وفي مهرجان كرنفالي تتلو البيان القلق.. فبعد الديباجة تقول أننا نود أن نكون أصدقاء ولكننا قلقون من تدني مستوى سجلكم في مجال حقوق الإنسان.. هكذا تتشدق أمريكا بحكاية حقوق الإنسان وهي تعلم جيداً أن الكلاب الأمريكية والقطط البريطانية تحظى بالرعاية الصحية والتغذية الجيدة أفضل بكثير من أطفال "بوركينا فاسو" وهي أفقر فقراء أفريقيا..
ملاحظة: لو يعلم أولئك الأطفال المساكين بهذه الحقيقة المرة سينقسموا إلى مجموعتين المجموعة الأولى: تذهب إلى بريطانيا رافعين اليافطات التي تطالب بريطاينا بمساواتهم بالقطط البريطانية من حيث الرعاية الصحية والتغذية الجيدة.. ولو يعرفوا أولئك الأطفال السذج أن البريطانيين القدماء كانوا يقتادون أجدادهم وهم مكبلون بالسلاسل كعبيد ولم تمنع بريطانيا تجارة العبيد ألا عام 1833م سيرفعون سقف مطالبهم بمساواتهم بالأمير شالز ولي العهد البريطاني من حيث الرعاية الصحية الفائقة والتغذية المتفوقة..
والمجموعة الثانية: تذهب إلى البيت الأبيض وهم حاملون اليافطات التي تطالب بمساواتهم بالكلاب الامريكية من حيث الرعاية الصحية والتغذية الجيدة ولو يعلم أولئك الأطفال بأن الامريكان القدماء كان يقتادون أجدادهم وهم مكبلين بالسلاسل كعبيد ولم تمنع أمريكا تجارة العبيد إلا عام 1848م أكيد سيرفعون سقف مطالبهم بمساواتهم بالبنت الصغرى للرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش- بدون دبليو- من حيث الرعاية الصحية الباهرة والتغذية الدسمة.
ولا يستبعد أن يطالبوا بايدن بتفريغ لهم بيت حكومي للسكن.
عودة إلى موضوع الخياطة السياسية الأمريكية.. عبارة البيان القلق الذي قالها مندوب الخياطة السياسية الامريكية هي مقدمة لمقاطعة اقتصادية أو تفصيل تهمة أو إدانة حسب المقاييس الامريكية ويتخذ هذا الإجراء كالعادة على ما يسموها "الدولة المارقة" والمقصود غير الطائعة لأمريكا.. وفكرة الخياطة السياسية الأمريكية كما اسلفت لها عدة عقود لكن من هذا العام اقترح حفيد هرتزل أن يقوم بها الجمهوريون فقط.. والسبب معروف وهو أن الجمهوريين هم صهاينة كامل والديمقراطيين صهويني الربع.. والمال كذلك ينطبق على الروساء الامريكيين فالرئيس الامريكي من الحزب الديمقراطي يعتبر صهيوني الربع والرئيس الامريكي من الحزب الجمهوري يعتبر صهيوني كامل.. أما وزارة الخارجية الامريكية وهي معروفة بأنها أكبر وزارة خارجية على مستوى العالم وهي المشهورة بأنها تكيل بمكيالين فهي صهيونية بالكامل تدافع عن المصالح الصهيونية ومصالح اسرائيل على حساب القضايا العربية العادلة..
ويوجد في وزارة الخارجية الأمريكية فريقان من خبراء خياطة السياسة الخارجية.. فريق يفصل الجرائم والإدانات ضد الدول المعادية لأمريكا وتصمت صمت خزيمة عن جرائم اصدقاء أمريكا.. وفريق يفصل ثوب الإشادة والتأييد لحلفاء أمريكا.. والفريقان يسمون أنفسهم"لجنة حقوق الإنسان حول العالم".
على سبيل المثال: زار عدد من فريق ثوب الإشادة إحدى الدول الديكاتورية المعروف عنها سجلها السيئ في مجال حقوق الإنسان وانعدام الحريات العامة وحرية الصحافة الخ.. ولكن بما أنها من حلفاء امريكا فقد بررت تلك اللجنة كل انتهاكات وجرائم السلطة بل ولمعتها واعتبرتها من الممارسات الديمقراطية.. وحول طرح ثلة من تنقية الأجواء الديمقراطية وعدم تصيد الأخطاء واحترام القيادات العليا في البلاد هكذا قالوا وكأنهم يغطوا عين الشمس بمنخل.
أما المثال المغاير فقد ترأسه السيدة بربارة بنت برباري- وكانت من المقربات للرئيس الأمريكي الأسبق دبليو بوش- ترأسه وفد بلادها الذي زار احدى الدول غير الطائعة لأمريكا وقد عقد فريق تفصيل ثوب الإدانة الأمريكي عدة لقاءات مع شرائح من شغيلة وكادحي البلد المستهدف وفي ختامها القت رئيسة الوفد البيان الذي لم يخل أيضاً من كلمة "القلق" أمام رئيس الدولة المستهدفة فبعد الديباجة وعبارات المجاملة الفاترة قالت:"يا فخامة الرئيس إننا نأمل إقامة علاقة صداقة وتعاون بين بلدينا على أساس المصالح المشتركة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية"- هكذا قالت تياك" دابة عنس" الأمريكية لكن في الواقع أنها تتدخل في الشؤون الداخلية للغير بل وتدس أنفها في كل شاردة وواردة.. نعم إنها تتدخل فيما لا يعنيها وهو أسلوب لا يليق بالعلاقات الدبلوماسية بين الدول- وتواصل بربارة ذكر مجالات التعاون.. وفي السطور الأخيرة قالت:"لكننا نشعر بالقلق من سوء سجلكم في مجال حقوق الإنسان والحريات العامة وانتكاسة حرية الصحافة.. و..و" – ومثل تلك الإدانات كما أسلفت كالعادة تسبق العقوبات الاقتصادية والسياسية.
حقاً إن أمريكا تستخدم كل الأوراق لتفصيل أثواب الإشادة للدول الحليفة وتفصل أثواب الإدانات للدول التي لا تسير في خطها كلاً حسب مقاسه..

الهامش:
• هرتزل: هو اسم الشهرة لمؤسس المنظمة الصهيونية العالمية- الله يلعنه ويلعن الصهيونية العالمية-
• اسه السداسي: ثيودور هرتزل "يهودا موشي شاليط بول- اسمه السادس اسم على مسمى.
• هرتزل الذي كان يعاني من نوبات الصرع الخفيف جنسيته سويسري وتعود أصوله إلى بروسيا- ألمانيا حالياً- قام هو و79شخصية من اليهود المتشددين في أوروبا بإنشاء المنظمة الصهيونية وذلك بتاريخ 26مايو من عام 1897م في سويسرا.
وتلك البذرة الشيطانية زاد عددها إلى سبعة أرقام وامتلكت ثروات هائلة وسميت أوائل ستينات القرن الماضي بـ"المنظمة الصهيونية العالمية لكن الدول الاشتراكية كانت في الغالب تكسر شوكتها..ففي أوائل ثمانينات القرن الماضي وبضغط من الدول الاشتراكية ودول التوجه الاشتراكي صوتت الأمم المتحدة باستثناء أمريكا على قرار اعتبار الصهيونية العالمية شكلا من أشكال التمييز العنصري.. لكن بعد انهيار المعسكر الاشتراكي في أوائل تسعينيات القرن الماضي إلى اليوم تبدلت الأحوال وكلك نظر.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا