كتابات | آراء

التطرف.. السقوط نحو الهاوية..!!

التطرف.. السقوط نحو الهاوية..!!

التطرف الفكري أو الديني بكل أشكاله وصوره وأطيافه وأبعاده يقود الأمة والشعوب الى هاوية الصراع والدماء.. وقد يؤدي إلى انتشار جرائم نكراء وأوضاع غاية في المأساوية والكارثية..

وما يدور في بعض دول المنطقة من فوضى واستباحة للدماء وانتهاك الأعراض ونهب الأموال والممتلكات وحرابة وجرائم يشيب لها الولدان خير شاهد ودليل على ذلك فما جزاء من يقومون بتلك الأعمال الشنعاء إلا عقوبة الحرابة مصداقاً لقوله عز وجل القائل: (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض) لذا فالأمن النفسي والاجتماعي وحفظ الحقوق من أهم المقاصد الشرعية فهو غاية عظمى وهدف سام في دستور الإسلام..
وقد كان أول مطلب لسيدنا إبراهيم عليه السلام من ربه كما جاء في قوله تبارك وتعالى: (وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمناً واجنبني وبني أن نعبد الأصنام)..
وقد اختلف الفقهاء في عقوبة الحرابة.. هل هي على التخيير أم على التنويع..!؟ فذهب الشوافع والحنابل إلى أن (أو) في مواضع الآية الكريمة جاءت على ترتيب الأحكام بحسب الجنايات فمن قتل وأخذ المال يقتل ويصلب، ومن اقتصر على أخذ المال تقطع يده ورجله اليسرى، ومن أخاف الطريق ولم يقتل ولم يسرق مالاً ينفى من الأرض..
إذن ليس المقصود بإقامة الحدود التشفي أو الانتقام بل المراد الزجر والردع والعبرة للآخرين.. ومن هنا نجد أن الشرع رخص ويسر في الحدود بحسب الأوضاع والحالات, ففي حالة المجاعة الشديدة والفقر المدقع تُعطل الحدود..
فالغلو والتطرف ثقافة الموت، وهناك دوافع وأسباب عديدة منها على سبيل المثال لا الحصر انتشار العنصرية والطائفية والعصبية أو الفكرية أو الأيديولوجية وغيرها.. إلى جانب التكوين التربوي والنفسي والفكري والديني المتطرف والبيئة التي ينشأ ويتربى عليها الفرد..
ومن أهم الدوافع انتشار الفساد والظلم وضياع الحقوق والحريات والتعسف والقهر والبطش الذي يؤدي إلى ضيق النفس والتمرد والعصيان والتعسف وانتشار الجرائم النكراء.. فيتولد الإرهاب والتطرف الفكري والديني والمذهبي تحت مبرر الدفاع عن الحقوق والحريات والنفس ...الخ..
لذا علينا أن ندرك أن ظاهرة التطرف لن تعالج بالحل الأمني وحده وإن كان مسكناً موضعياَ يتوجب استخدامه في بعض الحلول بحسب الحالة لكن الحوار هو الطريق الأمثل والأكثر نجاحاً في تغيير السلوك النفسي والأخلاقي والفكري الذي يضع حداً لهذه الأعمال الخارجة عن الدين وقيمه ومبادئه وتعاليمه..
ومن أساسيات الحوار الناجح أن يكون الهدف قائماً على الحوار والبحث عن الحقيقة والوصول الى نتائج مثمرة وليس جمع الأدلة والبيانات ضد الطرف الآخر..
إذن القضاء على هذه الظاهرة التي غدت ثقافة الموت أصبحت السمة المميزة لدى هؤلاء المتطرفين المأزومين نفسياً الذين يجدون في مثل هذه الجماعات المتطرفة الملاذ الآمن والحضن الدافئ الذي يشبعون فيه حاجاتهم الأساسية.. لذا لابد أن نضع في الاعتبار أن تكون هناك خطة مدروسة, وإستراتيجية شاملة ترتكز على عدة عوامل اقتصادية وسياسية واجتماعية وثقافية وتربوية وتعليمية نظراً لترابط هذه العوامل مع بعضها وانعكاسها على المرحلة الراهنه التي تعيشها الأمة، وعلى مجمل الأوضاع المتردية حيث الفقر والبطالة والجوع الذي يؤدي إلى تفكك الأسرة وتشرد الأبناء في سن مبكر بحثاً عن الرزق والأمان..
كما يلعب الصراع السياسي والحروب دوراً فاعلاً في تغذية روح التطرف والغلو.. وقد يؤدي إلى عملية فرز اجتماعي وطبقي خطير في الأمة..
كما لا يفوتنا أن هناك سلاحاً فتاكاً ومدمراً آلا وهو الشبكة العنكبوتية (شبكة الانترنت) التي تعتبر مرتعاً خصباً للجماعات المتطرفة والمتشددة التي تعتمد عليها بشكل أساسي ومحوري في جُل اتصالاتها وتحركاتها المختلفة كونها توفر لها قدراً كبيراً من السرية المطلقة وسرية النشاط والمراوغة والتخفي.. فهي كل يوم لها موقع على الانترنت.. من هنا ندرك خطورة عملياتها الإرهابية والمفاجئة التي تتيحها لها الشبكة العنكبوتية..
كلمات مضيئة
صفوة القول: علينا أن ندرك أن مفردات التطرف والتستر وراء عباءة الاسلام لم تعد اليوم خافية على أحد.. فالتشكيك بتراث الأمة وعقيدتها وشريعتها والغلو الديني هو شعار تلك الجماعات المتطرفة لإحلال مفاهيم مغايرة كالقوميات والنزعات المذهبية والطائفية حتى يتسنى لها تمزيق وحدة الأمة الواحدة إلى كيانات متناحرة.. فالاستعمار القادم استعمار فكري وغزو ثقافي حيث يقوم رجال الفكر والصحافة بنشر أفكارهم واتجاهاتهم عبر عملائهم في الداخل الذين يخدمون أغراضهم السياسية داخل شعوب الأمة العربية والإسلامية.. وعندما تسود الشبهات وتنتشر الشائعات المحرضة بين أبناء الأمة تندلع الحروب الدامية تفتك بالحرث والنسل.. وهذا ما يريده أعداؤنا لنا..!!.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا