كتابات | آراء

اليمن ... لعبة الدم والموت إلى أين ؟!- 109 -

اليمن ... لعبة الدم والموت إلى أين ؟!- 109 -

وأمام ثبات موقف حكومة صنعاء الوطني المُستند على جملة من الثوابت والخيارات الوطنية والحقوق المشروعة,

وبالتزامن مع تقدم قواتها على الأرض وتحقيقها اختراقات نوعية وتمكنها من تحرير واستعادة عدد من الأراضي المحتلة في عدة محافظات في فترة زمنية وجيزة, تبدو مملكة آل سعود ومعها دول تحالف العدوان على اليمن اليوم في المقابل, وبعد ما يقارب سبع سنوات على بدء الحرب على هذا البلد العربي الصامد العزيز في أسوأ حالات الضعف والخوار والتقهقر والفشل والتخبط.
ويتنامى مع اخفاق الرياض الذريع في اليمن لدى المسؤولين السعوديين كل يوم الشعور بالفشل والعجز الكبيرين, ويدركون, مع هذا الشعور المتنامي والمُتعاظم أكثر فأكثر مدى وحجم تورط الرياض في المُستنقع اليمني, ومآلاته ونتائجه الخطيرة, وعواقبه الوخيمة على المملكة على المدى القصير والطويل.
 بيد أن النظام السعودي يجد نفسه اليوم عاجزاً عن مواجهة تبعات حماقته ومُغامرته في اليمن, ويبدو كمن يبحث عن مُنقذ وحل سحري لم يتوات له بعد للخروج من المستنقع اليمني بما يحفظ له ولو بعض مياه الوجه والحياء المُهدرة!.
واللافت أنهُ بعد انقضاء ما يقارب سبع سنوات على حرب وعدوان السعودية وحلفائها على اليمن, يشهد الجانب السياسي في هذه الأثناء, بحسب مُحللين سياسيين ما يعتبرونه: "انسداداً واضحاً نتيجة تعنت دول العدوان التي تصرُ على تجاهل رغبة الشعب اليمني في الانعتاق من التبعية للسعودية, بما تقتضيه تلك التبعية من قبول بسلطة حكم فاسدة شكلت المشهد السياسي في اليمن منذ 40 عاماً", وما يُلقيه هُنا من ظلالٍ قاتمة على الجميع في بلدٍ لا يكاد يستقر لفترة محدودة من الزمن, حتى يُفاجأ أبنائه بما يقلق سكينتهم ويهدد أمنهم واستقرارهم فيه بما يستجد من أحداث ويشهده من صراعات مُتجددة, تسجل وتؤرخ لدورات عنف جديدة يستأنفها ويقف ورائها مُسعري الحروب وأمرائها وتُجارها, وكل المستفيدين منها على حدٍ سواء.
وهذا ما عبر عنه صراحة وأشار إليه بكل وضوح الأكاديمي والسياسي اليمني البارز أحمد المُؤيد, في أحدث مقالاته التحليلية الذي نشره قبل أيام عن فقدان تحالف دول العدوان بقيادة السعودية لزمام المبادرة, وتطور موقف حكومة صنعاء السياسي, وتحقيقها مع ذلك إنجازات على الصعيد الميداني خلال الفترة القليلة الماضية, حتى اليوم, ونجاحها في فرض معادلات وحلول جديدة على الأرض لصالحها, مما يجعل موقفها التفاوضي أكثر قوة.
ولفت المؤيد إلى موقف الرياض المتعنت إزاء اليمن يترافق برفض المملكة لكل مُبادرات السلام التي طرحتها صنعاء, مثل مقترح الحل الشامل, أو مبادرة مأرب, واللتين كانتا تضمان في ثناياهما فُرصاً واعدة للسلام تم تجاهلها من قبل الرياض, لأنها لا تلبي الرغبة السعودية في إقصاء "حركة أنصار الله" تحديداً من المشهد السياسي اليمني.
وفيما بالتطورات العسكرية التي تشهدها اليمن على الصعيد الميداني لصالح صنعاء في أكثر من جبهة, يقول الكاتب والمحلل السياسي أحمد المؤيد, مُوضحاً هذه النقطة بالذات: "وإلى جانب هذا الوضع السياسي المُعقد, كان هناك تطور عسكري مُذهل تمثل بتحرير مناطق شاسعة من ثلاث محافظات يمنية, كانت تعتبر من قبل معقلاً رئيسياً لقوات هادي, أو للقوات التكفيرية الرديفة التي تقاتل قوات صنعاء جنباً إلى جنب مع قوات هادي, بإشراف وإسناد من التحالف السعودي - الأمريكي, وكانت البداية من محافظة الجوف التي تُعد على تماس مع الحدود السعودية, إذ تم القضاء فيها على قوات هادي والسيطرة على كل المعسكرات المدعومة من التحالف, مع ما تحويه من كميات هائلة من الأسلحة والذخيرة".
ويضيف الأكاديمي المؤيد في سياق شرحه المستفيض للتطورات الميدانية الهامة التي شهدتها اليمن خلال الفترة الماضية وحتى اليوم, بأسلوب الفاهم العارف, قائلاً: "وبالتوازي مع كل هذا الذي حدث, كانت قوات صنعاء تحرز تقدماً هائلاً في بعض مديريات محافظة البيضاء جنوب مأرب, والتي كانت معقلاً تقليدياً لتنظيم القاعدة الإرهابي منذ ما يزيد على 25 عاماً, لينتهي الأمر بتحرير محافظة البيضاء بشكل كامل, وبوتيرة أسرع, ثم انتقلت عجلة التحرير شرقاً لتشمل ثلاث مديريات من محافظة شبوة, ثم شمالاً لتحرير المديريات الجنوبية لمحافظة مأرب, لتكون قوات صنعاء بذلك قد تمكنت من تحرير 12 مديرية من أصل 14 مديرية تتكون منها محافظة مأرب, وتصبح المعارك على تخوم مدينة مأرب نفسها, التي تمثل المعقل الرئيسي لقوات هادي والتحالف السعودي".
وعلى صعيد متصل بموضوع التورط السعودي في اليمن وعجز الرياض عن فرض تسوية لصالحها على الصعيدين العسكري والسياسي, تُؤكد تقارير استخبارية وصحفية أمريكية ما يفيد "إن النظام السعودي يزداد يأساً بشكل مستمر, وهو يحاول دون جدوى الوصول إلى نهاية للحرب التي يشنها على اليمن بمشاركة حلفائه تُحقق له مصالحه".
وقال تقرير لمجلة "ذا إيكونومست" الأمريكية, نشرته في وقت سابق الشهر الماضي بعنوان (السعودية عاجزة عن إيجاد مخرج من اليمن): "إن سيطرة قوات صنعاء على ما تبقى من محافظة مأرب الغنية بالنفط, سيكون انتصاراً استراتيجياً كبيراً لهذه القوات".. مشيراً إلى أن صنعاء تمتلك "اليد العليا" في هذه المعركة بصورة مستمرة, لاسيما بعد تمكنها من السيطرة على 12 مديرية منها حتى الآن من أصل 14 مديرية تتكون منها هذه المحافظة.
ولفت تقرير المجلة الأمريكية إلى أن الصراع الذي سوقته السعودية للجمهور في عام 2015م كنزهة سريعة, أصبح بعد ما يقارب سبع سنوات منذ بدء الحرب على اليمن, مُستنقعاً كلف مملكة آل سعود مليارات الدولارات, وألحق الضرر بعلاقاتها مع حلفائها وشركائها الرئيسيين, وفي مقدمتهم الغرب وأمريكا.
ومثل هذه الحقائق التي تتكشف تباعاً عن التورط السعودي في اليمن وتبعاته الخطيرة على مستقبل المملكة والمنطقة عموماً, لم تأت من نسيج الخيال والافتراضات, بل إنها تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك إن المملكة بحربها العدوانية الباغية على اليمن وأبناء شعبه قد أوقعت نفسها في ورطة لا يُحمد عُقباها, ولها ما قبلها وما بعدها, وستدفع تكاليفها الباهظة على المدى القريب والبعيد, وستلاحقها لعنات التاريخ جراء ما ارتكبته من جرائم بحق الإنسان اليمني, وهي جرائم حرب من الدرجة الأولى لا يمكن أن تسقط بالتقادم, وعلى الباغي تدور الدوائر!.
........ يتبع.......

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا