كتابات | آراء

اليمن .. لعبة الدم والموت إلى أين ?!.. - 58 -

اليمن .. لعبة الدم والموت إلى أين ?!.. - 58 -

ومما ثبت في كتب التاريخ ومصادره المختلفة , وما تناقله العديد من الإخباريين في مؤلفاتهم , أن جل الجيش الإسلامي الذي فتح بلاد المغرب العربي وبلاد الأندلس معظمهم من اليمنيين قادة وجنودا , وكان لهم السبق والفضل في نشر الدين الإسلامي في تلك الربوع والأرجاء من الأرض ,

كما كان لهم اسهاماتهم الكثيرة ودورهم الفعال في إقامة الحضارة الإسلامية في الأندلس التي أبهرت أوروبا والغرب في الوقت الذي كانوا فيه يعيشون في ظلمات القرون الوسطى
ولا يختلف المؤرخون , أن جل جيش الفتح الإسلامي للأندلس في عهد الدولة الأموية التي كانت تتخذ من دمشق عاصمة لها , كان من أبناء اليمن ومعهم مجموعة من الأمازيغيين الذين أعتنقوا الإسلام والبربر , واستشهدوا أو استدلوا على ذلك بكثرة أنساب اليمنيين في الأندلس والذين اشتهرت وعرفت منهم بيوتات كثيرة بأسمائها وصفاتها وألقابها في تلك الفترة , كبيت اللخمي والحضرمي , والمرادي والخولاني والغافقي والعكي والحميري والمعافري والصدفي والنخعي والصنعاني واليحصبي والهمداني , وغيرهم الكثير ممن سكنوا الأندلس واستقروا فيها بعد الفتح .
ولليمنيين في بلاد الأندلس ( أسبانيا والبرتغال المعروفة اليوم في أوروبا) مآثر حضارية ومعمارية خالدة لايزال بعضها قائما حتى اليوم وتحمل أسمائهم , ومنها : قلعة يحصب وقرية همدان , وحصن غافق نسبة للغافقيين ومنهم القائد اليماني الفاتح عبد الرحمن الغافقي بطل وشهيد معركة بلاط الشهداء , ومن آثار اليمنيين الشهيرة بالأندلس أيضا قصر الحمراء الشهير .
ولم يفت المؤرخين الإشارة إلى اليمنيين في ذلك العهد الإسلامي الزاهي وصلوا بفتوحاتهم إلى جنوب العاصمة الفرنسية باريس وكانوا على بعد عدة كيلو مترات منها وكادت فرنسا كلها تسقط بين ايديهم أثناء معركة بلاط الشهداء الشهيرة التي قاد المسلمون فيها بطل اليمن وشهيد الإسلام عبد الرحمن الغافقي .
وهناك من المؤرخين من يجزم قائلا :" إن الفتح الإسلامي للأندلس , التي تمثل بوابة فرنسا كان فتحا يمنيا بإمتياز " .
وبحسب نفس المصادر , فإن من نجوم قحطان في الأندلس , بطل الفتح الإسلامي لبلاد الأندلس القائد اليماني الشهير موسى بن نصير اللخمي الذي تذكر كتب التاريخ أن أبوه كان من سبي عين التمر بالعراق , حيث أهداه خالد بن الوليد لبعض اللخميين خواص معاوية ابن أبي سفيان آنذاك , فنسب إليهم وتربى في أوساطهم.
ومن.قادة الفتح الإسلامي العظام لبلاد الأندلس الذين ينسبون لليمن القائد البطل طارق بن زياد وهو مولى لموسى ابن نصير اليماني اللخمي , وقيل إنه طارق بن زياد النفزاوي الأمازيغي ومولى القوم منهم ولهذا نسبوه إلى اليمانية , وقيل أيضا أن طارق هذا مولى الصدف من حضرموت , أما مايذكر من أنه ليثي فإعتبار مخالطته لبني ليث .
كذلك تشير مصادر التاريخ المختلفة إلى بطل آخر من أبطال اليمن وقادة الفتح الإسلامي للأندلس , ألا وهو بطل صعدة السمح بن مالك الحياوي الخولاني وهو من بني حي بن خولان القضاعية المعروفة اليوم بإسم خولان بن عامر بمحافظة صعدة الواقعة شمال اليمن وهم من قضاعة , ولا زال بني حي الذي ينتسب السمح بن مالك الخولاني معروفين بهذا الإسم حتى اليوم ويسكنون حاليا شمال غرب صعدة.
ومن المعلوم أن السمح بن مالك الخولاني هذا هو باني قنطرة قرطبة بالأندلس ويعد بطل معركة أربونه وقائد الجيوش الأولى التي وصلت إلى جنوب فرنسا وكادت أن تسقط باريس نفسها .
ولم ينس المؤرخون أيضا ذكر بطل تهامة اليمن ( المعروفة اليوم بإسم محافظة الحديدة ) الشهيد البطل والقائد الجسور العظيم عبدالرحمن الغافقي , الذي خلف السمح بن مالك الخولاني في قيادة الجيش , وقد تمكن الغافقي هذا من فتح منطقة " غاليس" الواقعة جنوب فرنسا , وهو شهيد وبطل معركة بلاط الشهداء الشهيرة هناك , وقد فرحت فرنسا بمقتله أيما فرح , لأن الجيش الذي كان يقوده الغافقي رحمه الله الذي قيل أنه من بلدة بيت الفقيه المعروفة حاليا بمحافظة الحديدة غربي اليمن,  كان سيجعل من فرنسا كلها بلادا اسلامية لقرون طويلة .
ومن ألمع وأبرز قادة الفتح الإسلامي للأندلس ممن ينتسبون إلى اليمن , أو بالأصح هم من أبناء اليمن بطل صنعاء حنش بن عبدالله الصنعاني الذي قيل أنه كان المخطط لجامع قرطبة الشهير بالأندلس , وهو أول من رفع الآذان فيها إلى جانب قيامه ببناء جامع سرقسطة .
ولا تذكر الأندلس وأبطال اليمن وقادة الفتح الإسلامي لتلك البلاد إلا ويذكر بطل تعز واليمن المعروف الوزير والخليفة والفاتح الحاجب المنصور محمد بن أبي عامر المعافري , صاحب الفتوح والبطولات التي لا تحصى ولا تجهل في بلاد الأندلس وما جاورها .
وفي زمن هذا البطل اليماني بلغت بلاد الأندلس مجدها وعزها الذي لايضام .
وقد قاد هذا البطل المعافري عشرات بل مئات المعارك والفتوحات في عصره وتوسعت الدولة الإسلامية في الأندلس توسعا لم تشهده من قبل وعرف عهده بعهد القوة والإزدهار والرخاء , بل إن الكثير من المؤرخين يسمون عهده الزاهي بالعصر الذهبي .
ولا يفوت كتب التاريخ وهي تتناول سيرة أبطال اليمن وقادة الفتح الإسلامي للأندلس أن تشير كذلك إلى طريف بن مالك النخعي وقيل المعافري رفيق طارق بن زياد في فتح الأندلس كواحد ممن أحسنوا البلاء وصدقوا ما عاهدوا الله عليه وبروا بما وعدوا به .
وبحسب تلك المصادر فطريف هذا هو أول من وطئت قدمه أرض الأندلس ومن تنسب إليه جزيرة طريف حتى اليوم .
كذلك من رجالات اليمن ورموز ذلك العهد الإسلامي الزاهي عرف  واشتهر من رجال اليمن العظام في تلك الفترة , مفخرة يريم القاضي عياض بن موسى اليحصبي شارح صحيح مسلم واسم يحصب كان يطلق على شمال محافظة إب من قبل كيريم والقفر .
وعرفت الأندلس في ذلك الزمان الجميل من رموز اليمن ورجاله العظام أبو الصباح بن يحيى اليحصبي الذي كان يسمى " سيد اشبيلية" وكان العضد الأيمن للخليفة الأموي عبد الرحمن الداخل , وكذلك الإمام الشاطبي صاحب نظم الشاطبية في القراءات , وهو النظم الذي عجز من جاء بعده أن يأتي بمثله وينتسب الإمام الشاطبي هذا إلى بلاد رعين في وسط اليمن والتي كانت تشمل المناطق الوسطى ما بين يريم إلى يافع , وإلى الشعر ورداع .
ومن رموز العهد الإسلامي في الأندلس من أبناء اليمن مفخرة مراد لسان الدين ابن الخطيب الغرناطي السلماني المرادي مؤلف كتاب الإحاطة في أخبار غرناطة , وأبو بكر محمد بن عبدالله الشهير بأبي بكر بن العربي المعافري المالكي صاحب العواصم من القواصم , وأيضا عبدالملك بن هشام المعافري صاحب السيرة النبوية المعروفة بإسم سيرة إبن هشام , وإبن عبد المنعم الحميري صاحب كتاب صفة جزيرة الأندلس ووصف فيه بلاد الأندلس سهولا وجبالا كصنيع الهمداني في صفة جزيرة العرب.
وهناك.الكثير والكثير من أبطال الإسلام ورموز دولته وحضارته في حقبة زاهية تعد من أهم الحقب التاريخية لايتسع المجال لذكرهم في مجرد تناوله وسطور .
وفي مقالات قادمة سنأتي على ذكر عدد منهم ممن يستحقون حسن الذكر والثناء لاسيما وهم من صنعوا لنا تاريخا نفتخر به أبد الدهر والآبدين وبمثلهم يكون الزهو والفخر !.

..... يتبع .....

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا