كتابات | آراء

الأمة بين الأصالة والحداثة..!!

الأمة بين الأصالة والحداثة..!!

قبل أن نأتي إلى تعريف الأصالة فلنرجع قليلاً إلى التعريف المعجمي للكلمة من المعجم الوسيط.. الأصالة: هي أصل الشيء أي أساسه الذي يقوم عليه والأصل كرم النسب والأصالة في الرأي جودته وفي الأسلوب ابتكاره.

وأصول العلوم قواعدها التي تبنى عليها الأحكام والنسبة إليها أصولي، أما الأصالة في مفهومها الاصطلاحي هي مجموعة العادات والتقاليد والأعراف والقيم والمبادئ المأخوذة من التراث القومي والثقافي والحضاري والديني الذي توارثته الأجيال عبر القرون جيلاً بعد جيل.
وأمة تخلت عن أصالتها وجذورها التراثية والثقافية والحضارية هي أمة يصعب عليها البقاء أو يكون لها شأن حضاري في قادم الأيام.
وهناك مؤثرات خارجية ثقافية وفكرية وحضارية قد تغزونا عبر وسائل الاتصال وثورة الاتصالات وتقنية المعلومات, وهذا شيء طبيعي، لكن إذا كانت الأمة محصنة تحصيناً قوياً بقيمها وعاداتها وتراثها وعقيدتها يصعب اختراقها وإن كان العالم اليوم أصبح قرية كونية صغيرة.
بالرغم من تلك الآثار الفكرية والسلوكية والاجتماعية على تلك المجتمعات التي مازالت تحبو على ركبتيها إلا أن هناك شعوباً ودولاً تصرخ من آثارها الكارثية, وتنادي بضرورة التمسك والمحافظة على أصالتها ومقوماتها الثقافية والتراثية والحضارية والقيمية..
فرنسا وانجلترا تشكوان من الغزو الفكري والثقافي الأمريكي خوفاً من تماهي ثقافتهما وحضارتهما، وكذلك الصين تعمل جاهدة للحفاظ على هويتها وثقافتها وحضارتها من الغزو الروسي والأمريكي وقد استطاعت الصين بفضل الطفرة العلمية والتكنولوجية الهائلة أن تثبت وجودها عالمياً في عالم الاقتصاد والتكنولوجيا كقوة منافسة للولايات المتحدة الأمريكية وروسيا بل استطاعت الصين ان تغزو العالم شرقه وغربه بأحدث التكنولوجيا الفائقة الدقة وعندما تكون الأصالة هي الوحدة المميزة لأية أمة من الأمم تستطيع تلك الأمة أن تصل إلى ذروة الحضارة وقمة الريادة ويكون لها دور محوري ومفصلي ضمن التنافس الاقتصادي والتكنولوجي والعسكري ..
أما أصالتنا العربية فمازالت هجيناً بين الثقافات والحضارات التي غزتها من الشرق والغرب بالرغم من تعدد الرؤى  والأنماط  والسلوكيات إلا ان الوطن العربي يجمعنا في بوتقة التاريخ العربي المشترك والمصير المشترك والتراث العربي الغني بالمآثر والأمجاد.
قد تختلف جغرافياً وديمغرافياً لكن نلتقي جميعاً عند مقومات العروبة والمصير الواحد تحت مظلة الوطن العربي الواحد وإنما تكمن المشكلة في تمكن في الأنظمة العربية المهترئة والزعامات العميلة.

كيف نحافظ على أصالتنا؟!
بالرجوع إلى تراثنا القومي والتاريخي والحضاري لابد من معرفة وقراءة دقيقة لتاريخنا ولاسيما تاريخنا الاجتماعي والحضاري والثقافي والتراثي، هناك عوامل عدة أثرت تأثيراً كبيراً على أصالتنا منها الغزو الفكري والثقافي الغربي لقد اهتممنا بالنواحي السياسية والاقتصادية والحضارية، وأهملنا النواحي التاريخية والتراثية النابعة من عقيدتنا وعروبتنا وتراثنا القومي، وهذا سبب من أسباب تأخرنا وتخلفنا علمياً وحضارياَ وثقافيا وتكنولوجياً، ولا أبالغ حين أقول بأن معظمنا جاهل أو  متجاهل لهذا الواقع من باب الانجرار والانخداع وراء الحضارات الغربية والثقافات الدخيلة على عاداتنا وتقاليدنا وقيمنا الروحية والتراثية، هناك صراعات فكرية ومشاحنات ثقافية وليس بخافٍ على أحد أن عالم اليوم يمر بالأحداث والصراعات والمنازعات ويتميز بالتطور السريع والطفرات التكنولوجية الهائلة، وهذا ما جعلنا نبقى على اتصال دائم ووثيق بتلك الثقافات والحضارات القادمة إلينا من وراء البحار والمحيطات..
لذا علينا أن نعي أن العصر اليوم عصر تخطيط وتطوير وبرمجة قائمة على التكنولوجيا والعلم والمعرفة وعلى كل أمة أن تعي ما تريد فاختيار الطرق والوسائل والأساليب الحديثة توصلنا إلى تحقيق غاياتنا وأهدافنا، وتجعل من أمانينا حقائق واقعة لا أحلاماً أو مجرد خيالات وعلينا أن نفرق بين الأصالة المتجددة والتقليد الأعمى ..وبين الغث والسمين وبين التجدد والجمود وأن نستفيد من أخطاء الماضي ونصحح المفاهيم الملغوطة بأن ما يصلح من تلك الأساليب والمفاهيم قد لا يصلح لزماننا هذا..
صفوة القول إن الأصالة العربية حقيقة واقعة لكن مع اختلاف الزمان والمكان ولكل جيل زمانه فما علينا إلا نستقي طرائقنا ووسائلنا في ضوء قيمنا ومبادئنا وأخلاقنا وتراثنا القومي وليس على حساب أصالة الآخرين كشعوب لها تراثها القومي والاجتماعي وتاريخها الحافل بالمآثر النادرة..
لذا أتمنى أن يكون لنا في المستقبل تعليماً نوعياً يركز على الكيف قبل الكم.. ونابعاً من أصالتنا وهويتنا الإيمانية كشعب له خصوصياته الثقافية والحضارية والتراثية والاجتماعية.. وهذا ما تسعى إليه قيادتنا العليا الرشيدة..

كلمات مضيئة
العالم الجليل الزاهد الورع: محمد بن إسماعيل العمراني في ذمة الله:
بعد حياة حافلة بالعطاء والبر والتقوى والعلم والجهاد رحل عالمنا الجليل التقي النقي الزاهد العلامة محمد بن إسماعيل العمراني إلى جوار ربه راضياً مرضياً.. رحل إمام الزاهدين في زمن كثرت فيه المحن والفتن.. سلام الله عليك يا مولى المؤمنين.. سلام عليك يا شيخ العلماء، نعم العالم الزاهد الورع يكفيه شهادة آلاف العشرات من المشيعين من أبناء وطنه الأوفياء الذين شهدوا له بصلاحه وزهده وتقوا.. إذا أحب الله عبداً جعل له القبول في الأرض.. رحم الله عالمنا الجليل الزاهد محمد بن إسماعيل العمراني.
كان بحق حليف الإسلام والقرآن ومأوى الأيتام ومعاذ الضعفاء والمساكين ومعقل الحنفاء, كان للناس عوناً ذاكراً الله في الخلوات.. تالياً آيات الله في الظلمات, فنال أعلى الدرجات فإلى مقعد صدق عند مليك مقتدر ياسيد العلماء وإمام الفقهاء فإلى ميراث الجنة فنعم أجر العاملين..!!

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا