كتابات | آراء

حديث الإثنين: مهما تم تغييبها.. حقائق التاريخ تظل ثابتة

حديث الإثنين: مهما تم تغييبها.. حقائق التاريخ تظل ثابتة

رغم مرور أسبوع على نشر مقالي في العدد الماضي تحت عنوان: الوفد الوطني لن يكرر تجربة حوار عام 1970م واقصد بذلك مع السعودية ما تزال ردود الفعل الإيجابية تأتيني تباعا

مشيدة بالمعلومات التي اوردتها في المقال وكانت مغيبة عن الجيل الجديد بل إن البعض أكدوا أنها تنشر لأول مرة وهي صحيحة 100% ولم يكن هناك خلاف حول ما تضمنه المقال من حقائق إلا في جزئية صغيرة تتعلق بالشهيد النقيب عبد الرقيب عبد الوهاب رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة أثناء الأحداث التي شهدتها العاصمة صنعاء في 24 اغسطس من عام 1968م وبعد فك الحصار عن صنعاء من جهة طريق الحديدة بعدة أشهر.. فهناك من حمل الشهيد عبد الرقيب عبد الوهاب مسؤولية الأحداث بحجة إرتباطه آنذاك بالإخوة في عدن والتنسيق معهم لقلب نظام الحكم في صنعاء الذي كان ينظر إليه بعد قيام حركة 5 نوفمبر 1967م بقيادة القاضي عبد الرحمن الإرياني رحمه الله على انه نظام رجعي وانقلاب على أهداف ومبادئ ثورة 26سبتمبر التقدمية فيما اتفق آخرون معي على أن سبب اندلاع احداث 24 أغسطس كان بفعل ضغط النظام السعودي على القيادة في صنعاء للتخلص من الضباط الشباب الذين كانوا يشكلون عقبة تحول دون التقارب مع السعودية واعترافها بالنظام الجمهوري بعد أن يئست من تحقيق أهدافها بواسطة القيادات الملكية من بيت حميد الدين الرافضين لكل شروط الملك فيصل حينها.
كما حظي المقال بزيارات في موقع سبتمبرنت تجاوزت الألف زيارة.. لكن مع الأسف لم يكن هناك خانة لتسجيل تعليقاتهم على ما ورد فيه من معلومات لم يسمح بنشرها في السابق فكان يتم الاتصال بي وإرسال رسائل على الخاص  للتعبير عن وجهة نظرهم وبعضهم كان يعلق عليه في المجموعات التي تم تعميم نشره فيها.. ولأن الكثيرين طلبوا مني أن أواصل كشف الحقائق المخفية وكيف استطاعت السعودية أن تشكل اختراقا وتسيطر على القرار السياسي اليمني منذ وقت مبكر حتى قبل اعترافها بالنظام الجمهوري لدرجة أنها كانت تعتبر حكام اليمن مجرد موظفين لديها في اللجنة الخاصة بالرياض وكانت تنظر للشعب اليمني وتقدمه للعالم على أساس أنه مجرد أيادٍ عاملة تشتغل لديها.. وعليه وبما أعرفه من حقائق من مصادر موثوقة بعضها كان له علاقة مباشرة بالأحداث فإنني سوف أواصل سرد ما تجمع لدي من معلومات حول تلك الفترة التي تغلغلت خلالها السعودية في الشأن اليمني الداخلي بخبث وكان يتم التعامل معها من قبل القيادات اليمنية بداية بحسن نية ربما لافتقارهم للخبرة السياسية الكافية لمواجهة ما يحاك في الخفاء ضد اليمن وشعبه ليجد اليمنيون أنفسهم  بعد هذا التغلل بلا دولة وأصبح القرار السياسي اليمني يصنع داخل الرياض وهو ما يذكرني بتصريحين لمسؤولين كبيرين تعليقا على التدخل السعودي في الشأن اليمني مازلت احتفظ في ارشيفي بتسجيلين لهما الأول للأستاذ عبد العزيز عبد الغني رحمه الله وهو رئيس وزراء سابق  قال فيه: إن السعودية كانت تتصرف مع اليمن وكأنها قطعة أرض تابعة لها.. والثاني للدكتور عبد الكريم الارياني رحمه الله وهو ايضا رئيس وزراء سابق قال فيه: إن اليمن لم يكن يستطيع التواصل مع أي دولة أخرى وخاصة الدول الكبرى والمهمة إلا بعد المرور عبر طريق الرجاء الصالح ويقصد بذلك السعودية.
نعود إلى ما توقفنا عنده في مقال الاسبوع الماضي والمتمثل في اعتراف السعودية بالنظام الجمهوري في اليمن في شهر يوليو عام 1970م والذي بموجبه تم التوقيع على اتفاقية في مدينة جدة ما تزال بنودها سرية حتى اللحظة ولم يتم الكشف عنها بعد رغم مرور على توقيعها أكثر من نصف قرن وقد وضعت هذه الاتفاقية الفريق حسن العمري رحمه الله الموقع عن الجانب اليمني رجل السعودية القوي في اليمن الذي تحالف في المجلس الجمهوري مع عضوي المجلس عن الجانب الملكي الأستاذ احمد محمد نعمان والأستاذ احمد محمد الشامي رحمهما الله فشكلوا الثلاثة حلقة ضغط على القاضي عبد الرحمن الارياني رئيس المجلس الجمهوري حيث اصبح ضعيفاغير قادر على اتخاذ أي قرار ما لم توافق عليه السعودية بل ووصل الأمر الى درجة ان السعودية كانت تعد الفريق حسن العمري ليحل محل القاضي عبد الرحمن الارياني رئيسا لليمن.. لكن حماقة الفريق العمري عندما تسرع وقتل ربما بغير قصد صاحب الأستوديو وضابط الأمن الوطني الحرازي قد شكل انفراجة للقاضي الارياني للتخلص من الفريق العمري فقد وضعه بين خيارين لا ثالث لهما إما ان يقدم الفريق العمري نفسه للمحاكمة أو ان يستقيل من سلطاته كعضو في المجلس الجمهوري ورئيسا لمجلس الوزراء ويغادر البلاد وقد اختار العمري الخيار الثاني فقدم استقالته وغادر اليمن ليعيش في الخارج.. وهنا وقعت السعودية في مأزق بعد التخلص من رجلها القوي لاسيما بعد استدعاء القاضي الارياني للأستاذ محسن العيني وكلفه بتشكيل الحكومة والذي معروفاً عنه تحفظاته على التدخل السعودي في اليمن فوجدت السعودية طريقا آخرا لإعادة بناء نفوذها في اليمن وذلك من خلال اشتراطها على القاضي الارياني لاستمرار تقديم المساعدات تعيين القاضي عبد الله الحجري  الذي كان يشغل منصب سفير اليمن في الكويت عضو في المجلس الجمهوري بدلاً من الفريق حسن العمري وقد تم لها ذلك وكان القاضي الحجري أشد حرصا على اهمية التدخل السعودي في الشأن اليمني بحجة محاربة المد الشيوعي والماركسي في جنوب الوطن سابقا ونتيجة لتوتر العلاقة بين صنعاء عدن اندلعت حرب عام 1972م بين الشطرين اليمنيين ولم تتوقف إلا بعد التوقيع في القاهرة بين رئيسي حكومتي الشطرين محسن احمد العيني وعلي ناصر محمد على اول اتفاقية للوحدة والتي توجت بما عرف ببيان طرابلس الوحدي الذي وقعه الرئيسان القاضي عبد الرحمن الارياني وسالم ربيع علي برعاية القائد معمر القذافي  فكانت فرصة للسعودية لتعمل على إقالة الأستاذ العيني من خلال ممارسة ضغوطها ليحل محله على رأس الحكومة القاضي الحجري الى جانب عضويته في المجلس الجمهوري وهو ما سنتحدث عنه في تناولة قادمة.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا