محليات

بعد مؤشرات التقارب الايجابية بين صنعاء والرياض :أمريكا تضع العراقيل وتلوح بتأجيل الملف الإنساني

بعد مؤشرات التقارب الايجابية بين صنعاء والرياض :أمريكا تضع العراقيل وتلوح بتأجيل الملف الإنساني

يتطلع أبناء شعبنا اليمني لسماع التصريحات الايجابية والمطمئنة لنجاح التفاهمات المفضية لإحلال السلام الدائم في اليمن، خصوصا بعد الوساطة العمانية واتصالاتها المكثفة مع الأطراف،

ومن ذلك زيارتين للعاصمة صنعاء للالتقاء بقائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي ورئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي محمد المشاط والمسؤولين بحكومة الإنقاذ الوطني عن الملفات الإنسانية والحقوقية.
ومن الواضح أن المطالب المشروعة التي أكدت عليها صنعاء، قد حاصرت العدوان ونواياه غير الصادقة في إحلال السلام في زاوية ضيقة، بحيث لا يمكنه التعامل بأسلوب المماطلة المعهودة أو التواري في مسببات واهية.. فتلك المطالب تهم كل اليمنيين وتمس معيشتهم ومعاناتاتهم بالدرجة الأساسية، خصوصاً وأنها تركز على رفع الحصار ودفع مرتبات جميع موظفي الدولة من إيرادات الثروات السيادية لليمن النفط والغاز، إضافة إلى فتح الطرقات في جميع المحافظات التي يصر العدوان ومرتزقته على قطعها وزيادة معاناة المواطنين جراء ذلك.
ومع ذلك فإنَّ القيادة اليمنية في العاصمة صنعاءَ ومن خلال جديتها في طرح كل الملفات خصوصاً الإنسانية، أكدت أنها جاهزةٌ للسلامِ والتعاطي معه بإيجابيّة، وجاهزة في نفس الوقت لأية خِياراتٍ أخرى، بل لن تأمن مصالحَ أيِّ دولةٍ لا تراعي و لا تحترم مصالحَ اليمنِ واليمنيينَ وسيادتَهم.
زيارة المبعوث الأممي هانس غروندبرغ الأخيرة لصنعاء ربما لم تقدم جديداً في جانب قبول المطالب المشروعة لشعبنا اليمني.  فبعد زيارة استمرّت يومَين، غادرَ هانس العاصمةَ صنعاء، حاملاً إحاطة باهتة قدّمَها لمجلسِ الأمن منتصف الأسبوع الماضي، في جلسةٍ لم تحمل في مضمونِها ما يدعمُ الإيجابيةَ التي أبديها صنعاء، والأفكارَ التي حملَها الوفدُ العُمانيُّ.
كذلك هي تصريحاتِ المندوبِ الأمريكي الذي لا يزال يضعُ العقدةَ في المنشار، والعربةَ قبل الحصان، باشتراطِ الحل السياسيِّ قبلَ الإنساني، في محاولةِ لعرقلةِ أيِة تفاهماتٍ إيجابيةٍ تخفف من معاناة اليمنيين المستمرة.

استهلاك إعلامي
من قبيل الاستهلاك الإعلامي غير المبرر، جاء تصريح وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، مؤخراً، بأن الصراع في اليمن لن ينتهي إلا من خلال تسوية سياسية.. وبذلك يحاول ان يصور الأمر بأنه صراع داخلي بين أطراف يمنية، ويتجاهل عدوان بلاده على اليمنيين منذ ثماني سنوات.
بل ويقدم فرحان بلاده السعودية، بأنها الحريصة على إيجاد سبيل لإعادة الهدنة في اليمن، والعمل على تحويلها إلى وقف دائم لإطلاق النار”.
مضيفاً أن الحرب في اليمن يجب أن تنتهي عن طريق التفاوض.. فعن أي تفاوض يتحدث وزير الخارجية هذا؟
ومغايرة لذلك كشف المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، يوم الأربعاء الماضي، الحقيقة بأن الطريق لا يزال طويلاً نحو إحداث السلام في اليمن وإنهاء الحرب التي دخلت عامها الثامن.
ليضيف غروندبرغ بالقول: "أحرزنا تقدما إيجابياً لوقف إطلاق النار لكن الطريق لا يزال طويلا".
وفي ذات السياق الذي يسعى إلى تصوير الجلاد بالمنفذ والحريص على سلامة الضحية.. جاء تصريح المسمى بالسفير الفرنسي لدى اليمن، عن تغيرات إيجابية في الملف اليمني بفضل جهود السلام التي يبذلها السعوديون والعمانيون، إلى جانب جهود المبعوث الأممي الخاص لليمن هانس غروندبرغ التي تدعمها فرنسا بقوة.

أمريكا تعيق التقارب
 الولايات المتحدة دخلت على خط المفاوضات  اليمنية – السعودية، هذه المرة  في خطوة قد تعقد مسار المفاوضات التي ترعاها مسقط بين صنعاء والرياض.
حيث اشترطت أمريكا على لسان نائب مندوب واشنطن لدى الأمم المتحدة ريتشارد ميلز، ضرورة التوصل إلى اتفاق سياسي برعاية أممية بين صنعاء والقوى اليمنية الموالية للتحالف، كشرط جديد لصرف مرتبات الموظفين في اليمن.
والشرط لا يعكس اهتماماً أمريكياً بمستقبل القوى اليمنية التي شاركت الحرب في صفوفها بل محاولة من واشنطن التي تعاني من مخاوف تحييدها في اليمن، للبقاء ضمن السباق الدائر بين قوى إقليمية ودولية للتفرد بالملف اليمني.
كما أن محاولة واشنطن التي أعادت تحريك الأوراق القديمة في اليمن سواء عبر مؤتمر واشنطن أو غيره  قد تؤثر على المساعي الإقليمية للتقريب بين صنعاء والتحالف على الرغم من فشل خطوات سابقة قادها المبعوث الأمريكي إلى اليمن.

دور مخزٍ
‏وفي الرد على تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن في ذكرى عمليات إعصار اليمن التي استهدفت الإمارات العام الماضي، قالت وزارة الخارجية في صنعاء إن بايدن يكشف طبيعة دور واشنطن المعيق للسلام في اليمن.
وأوضحت الخارجية أن بيان الرئيس الأمريكي “يكشف عن إصرار واشنطن على مواصلة عدوانها الإجرامي على اليمن”
مضيفة أن واشنطن لم تكتف بوقوفها وراء من ارتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الشعب اليمني، ودورها المخزي في قتل عشرات الآلاف من الأطفال والنساء والمدنيين الأبرياء”، وأشارت وزارة الخارجية إلى أن أمريكا وراء الحصار الظالم الذي جعل اليمن تعيش أسوأ أزمة إنسانية في العالم .
مؤكدة أن الرئيس الأمريكي من خلال تذكره لما تعرضت له الإمارات من رد يمني طبيعي ومشروع قبل عام من الآن إنما يحاول توريط الإمارات وغيرها من الدول المعتدية أكثر وأكثر وتشجيعها على مواصلة العدوان وعرقلة جهود السلام الحالية
وأوضحت صنعاء أن أمن وسلامة الإمارات يتحقق فقط من خلال تشجيعها على السلام وإنهاء وجودها العسكري وشراكتها في العدوان على اليمن،  ولا يمكن لأي قوة في الأرض أن تمنع الشعب اليمني من الدفاع عن نفسه.

إنهاء المعاناة
لذا يجب أن يدرك من يصفون أنفسهم برعاة سلام سواءَ الأمم المتحدة ومبعوثها لليمن أو المبعوث الأمريكي ومن يحاول أن يهندس بشكل أو بآخر لمصالحه وأطماعه في اليمن، بأن أي سلام قادم لا يلبي إنهاء كل أشكال المعاناة التي يعيشها اليمنيون، لن يكون مقبولاً..
وهذا ما أكده الصحفي اليمني المعروف فتحي بن لزرق بقوله: " مع والى جانب كل جهد ينهي الحرب في بلادي،8 سنوات من الصراع الذي دمر كل شيء كافية للاصطفاف في صف السلام" .
ويضيف:" نحن لسنا بحاجة إلى هدنة أو اتفاقات سلام هشة ولكننا بحاجة الى اتفاق حقيقي ينهي مسببات الحرب ويعالج جذور مظالم الناس جنوباَ وشمالاً".. واستطرد:" ولتجار الحروب نقول : ترجلوا يكفي حرب".
من جانبه قال عبدالعزيز العقاب، رئيس منظمة فكر للحقوق والحريات، إن البعض ‏يتساءل حول المشاورات الجارية ولماذا لم يتم إعلان نتائجها للشعب بكل شفافية، وفي الحقيقة فإنه مع طول الأزمة وتعقيداتها الكثيرة فإن الحلول لن تكون بتلك السرعة فالعديد من القضايا تحتاج الى المزيد من الحوار والآليات التنفيذية والضامنة.

بوابة السلام
في أعقاب النقاشات الثنائية التي شهدتها صنعاء، كثرت التكهنات والتخرصات، مع أن شيئاً لم يحسم بعد والأمور لا تزال قيد النقاش، وإن اتسمت دبلوماسياً بالإيجابية كما تصفها جميع الأطراف.
 دول العدوان والحصار، وبعد أن تعاطت معها صنعاء بكل إيجابية، فإن الإيجابية في المقابل يجب أن تغادر مربع القول إلى الفعل، ومالم تتحول الأقوال إلى الأفعال، فإن المنطقة ستكون ساحة لمعركة لا تبقي ولا تذر، ستقلب الطاولة وتنسف كل أولويات دول العدوان، ولن يخسر فيها اليمن شيئاً أكثر مما قد خسر، فالخاسرون هم من يحاولون اللعب على الوقت وبيع الكلام.
ومن دون لف ولا دوران، تبقى الاستحقاقات الإنسانية أولوية ملحة، وهي بوابة العبور الإجبارية والوحيدة لمن يريد السلام.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا