محليات

في ورقة عمل مقدمة لندوة (فاطمة الزهراء الكمال الإنساني) :المرأة اليمنية والاقتداء بالزهراء عليها السلام في مواجهة العدوان

في ورقة عمل مقدمة لندوة (فاطمة الزهراء الكمال الإنساني) :المرأة اليمنية والاقتداء بالزهراء عليها السلام في مواجهة العدوان

تضمَّنَ الإسْــلَامَ في تعليماته ونظامِه وبرنامجه للحياة ما يكفل للـمَـرْأَة دورَها الإيجابيَّ العظيمَ في الحياة، وفي نفس الوقت ما يصونُها ويحفظُ كرامتَها ويحوطُها بسياجٍ متينٍ من الأخلاق والقيم.

وقد خلّد القُـرْآن الكريم والتاريخ الإسلامي نماذجَ من النساءِ الصالحات، كما خلّد ذكْــرَ الأنبياء وبعض المؤمنين والصديقين، ومن أبرز تلك النماذج الصديّقة الطاهرة مريم بنت عمران، آسية بنت مزاحم، خديجة بنت خويلد، والطاهرةُ البتولُ فاطمة "سَـلَامُ اللهِ عَـلَـيْهَا"؛ لتكونَ النموذجَ والقُدوةَ الأسمى والأرقى للـمَـرْأَة المسلمة في إيمانها وعلمها وأخلاقها وجهادها.. وبهذه المناسبة العظيمة كان من المناسب إعداد ورقة عمل عن اقتداء النساء اليمنيات بسيدة نساء العالمين في مواجهة العدوان الأمريكي الاسرائيلي السعودي الاماراتي على اليمن.

إعداد الدكتورة : هناء إبراهيم المتوكل
تقر جميع الأعراف والقوانين الوضعية فضلاً عن القوانين الإلهية بحماية النساء والأطفال والشيوخ من الهجمات والاستهداف المباشر في الحروب والنزاعات.. لكن ما يحدث من استهداف مباشر للنساء والفئات الضعيفة في العالم سواء في اليمن أو فلسطين أو العراق أو ليبيا أو غيرها في ظل تغاضي وتواطؤ من دول العالم والمنظمات الأممية، يعتبر درساً مهماً للبعض الذين ينظرون بإيجابية إِلَـى سياسة الدول الغربية ونشاط بعض المنظمات الغربية المتشدقة بمسميات الحرية وحقوق الطفل والمرأة.

أَكْبَر مظلومية
ففي مقابل "البترودولار" لم يعُد الغربُ يتكلم عن مظلومية الـمَـرْأَة الـيَـمَـنية التي هي أَكْبَر مظلومية اليومَ على وجه الأرض، بل إن أَمريكا وبريطانيا وفرنسا ودولاً أخرى هي التي تقدم للنظام السعودي سلاحَ الفتك والتدمير، بما في ذلك الأسلحة المحرمة دولياً "مثل القنابل العنقودية وغيرها"؛ ليقتل بها أهل الـيَـمَـن نساءً وأَطْفَـالاً ورجالاً بأبشعِ صور الإجْــرَام وحشية.

صور جرائم العدوان
جرائم القتل والاستهداف المباشر للنساء في مخيمات النازحين وفي المنازل وفي مناسبات العزاء والفعاليات، وفي أماكن العمل وفي المزارع وفي كل مكان.. وبحسب احصاءات المنظمات الحقوقية والانسانية فقد بلغ اجمالي عدد الشهداء خلال سنوات العدوان أكثر من 17 الفاً و700 شهيد من المدنيين، في حين بلغ عدد الجرحى أكثر من 28 ألفاً و500جريح.. حيث بلغ عدد الشهداء والجرحى من النساء أكثر من 5 آلاف شهيدة وجريحة، ومن الاطفال أكثر من أكثر من 8آلاف شهيد وجريح.. في حين سقط جراء مخلفات العدوان وقنابله العنقودية نحو 4000 من النساء والأطفال.

الاغتصاب والاختطاف
في المحافظات الجنوبية قُدر عدد حالات الاغتصاب من النساء والأطفال بـ456 جريمة اغتصاب، و423 جريمة اختطاف منها 72 حالة اختطاف نساء.. وفي الساحل الغربي بلغ العدد التقريبي لجرائم الاغتصاب 244 جريمة، منها 132جريمة اغتصاب نساء، وبلغت حالات الاختطاف 414 جريمة منها 56جريمة اختطاف نساء.
في عام 2018م كشف أحد الضباط في البحث الجنائي بعدن- والذي اغتيل لاحقاً- أن إدارة البحث الجنائي تلقت أكثر من 443 بلاغاً عن جرائم اغتصاب ارتكبها مرتزقة الاحتلال الاماراتي السعودي بحق نساء وأطفال من أبناء المحافظة.

التشريد والتهجير
يبلغ عدد النازحين أكثر من 4ملايين فرد، وجاء هذا العدد الكبير من النازحين بسبب توسيع نطاق استهداف العدوان للمحافظات والمناطق، وإشعال أكثر من 40جبهة للصراع، وهمجية وعشوائية الاستهداف الذي طال نحو (590,770) منزلاً في تلك المناطق.. بالإضافة إلى تشريد الآلاف من سكان محافظة صعدة بعد إعلان دول العدوان بأنها منطقة عسكرية في عام 2015م، وتشريد آلاف الأسر من محافظتي حجة والحديدة خلال عامي 2016 و2017م.

تدمير البنية التحتية
تسبب العدوان في إغلاق نصف المرافق الصحية أو العمل بجزء من طاقتها بعد استهداف العدوان لعدد (413) مستشفى ومرفقاً صحياً.. وإغلاق المنافذ والمطارات وهو ما تسبب بكارثة انسانية حالت دون قدرة المرضى خصوصاً من حالتهم الصحية حرجة، على السفر إلى الخارج لتلقى لعلاج.. كما عمد العدوان إلى تعطيل التعليم من خلال استهدافه (1,216) مدرسة ومرفقاً تعليمياً بالإضافة إلى استهداف الجامعات والمعاهد الفنية والمهنية، وقطع مرتبات الموظفين ومن بينهم كادر التدريس.. وحرمان وتسرب 2 مليون و400 ألف طفل في سن الدراسة من (6 إلى 17عاماً) من الالتحاق بالمدارس.

العوز والحاجة
تمثل نسبة النساء نحو 45% والذكور 55% من إجمالي الحالات المتأثرة من توقف برنامج التحويلات النقدية غير المشروطة، الامر الذي أدى إلى تعمق فجوة الفقر في اليمن خاصة وأن 70% من الأسر المستفيدة من برامج الرعاية الاجتماعية كانت قبل الأزمة تستخدم الإعانات النقدية كمصدر دخل لشراء الغذاء.
كما تم قلص القطاع الخاص من موظفيه خاصة النساء واعفائهن عن العمل إما بسبب استهداف ممتلكاته كالمصانع والمراكز الخدمية التابعة له، أو بسبب تدهور الوضع الاقتصادي وانخفاض القوة الشرائية لدى الشعب.

التجويع
تشير التقارير الإنسانية إلى وجود أكثر من 21مليون شخص في اليمن يعاني من انعدام الأمن الغذائي نصفهم من النساء، وذلك بسبب الإجراءات التي اتخذتها دول العدوان في حرب التجويع ضد شعبنا اليمني والتي شملت تشديد الحصار في دخول المواد الغذائية الضرورية والمشتقات النفطية.. وكذلك نقل عمليات البنك المركزي اليمني إلى عدن، والذي كان له الأثر السريع والمباشر في انعدام مصادر الدخل لدى حوالى 31% من السكان، واستيلاء مرتزقة العدوان على أكثر من 85% من ايرادات الدولة، وممارستهم للسياسات النقدية الخاطئة بطبع المليارات من العملة دون غطاء مما أدى إلى انهيار العملة اليمنية الريال أمام الدولار.
وبالطبع فإن حال المعتدين في زماننا هذا هو نفس حال الظالمين في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حينما سجل الله عز وجل أقوالهم وأفعالهم في القرآن الكريم في الآية الكريمة: (هم الذين يقولون لا تُنفقوا على من عِند رسول الله حتى ينفضوا ولله خزائن السموات والأرض ولكن المنافقين لا يفقهون)  سورة المنافقون –الآية 7

صمود المرأة اليمنية
 خلال ثماني سنوات من العدوان الغاشم والحصار الظالم سجلت المرأة اليمنية إلى جانب الرجال الأحرار، أروع صور الثبات والصمود، متسلحة بإيمانها الكبير في وعد الله بالنصر لعباده الصابرين المظلومين، ومن أوجه صمود المرأة اليمنية:  
- الرفض والتصدي للعدوان وإظهار المقدرة على استخدام الأسلحة والآليات العسكرية والمشاركة في المسيرات والفعاليات الوطنية.
- مناهضة ممارسات المحتل السعودي والاماراتي في المحافظات المحتلة، حيث تمثلت المرأة اليمنية في مقولة الملكة بلقيس في نظرتها نحو الملوك المعتدين (قالت إن المُلوكَ إذا دخلوا قريةً أفسدوها وجعلوا أعزةَ أهلها أذلة وكذلك يفعلون) سورة النمل– الآية34.
- الدفع بالرجال الى القتال في سبيل الله، ونستشهد هنا بما قالته أم الشهداء الأربعة من أسرة اللاحجي: "أحبهم واحداً واحداً.. لا أهتم بمن يصفونني بقاسيةِ القلب، ومن ينعتونني بالمجنونة كوني أقدم أبنائي لجبهاتِ الصمود.. ما يدري أولئك أن كل شعرة منهم تسوى الكون عندي، ولكن الوطن والحق يحتاجهم، كما أنني أحث بقيةِ أبنائي وأقاربي على الوقوفِ مع الوطن وصد العدوان.. وسرُّ صبري ما جاء في قوله تعالى: (وبشرِ الصابرين)".
- مواجهة الحرب الناعمة التي استهدفت بالدرجة الأولى النساء على اعتبار أنهن نواة المجتمع فإن صلحت صلح المجتمع وإن فسدت فسد المجتمع..
فكان للنساء الواعيات المؤمنات المتخذات من السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها ونساء أهل البيت النموذج والقدوة الدور البارز في التصدي ومواجهة حرب الإفساد والانحلال بوعي وإيمان.
- كونت المرأة اليمنية جبهة ثقافية توعوية لمواجهة الحرب الإعلامية للعدوان والرد على الشائعات وأساليب التضليل من القنوات الخادعة والتي كانت تهدف إلى إضعاف الروح المعنوية وتمزيق وحدة الصف والنسيج الاجتماعي وزعزعة الأمن والسكينة العامة.
- رفد الجبهات بالغذاء والمال، حيث سارعت المرأة إلى رفد الجبهات بقوافل العطاء بما تملك من حلي ومجوهرات ومدخرات ومهور، حتى أن بعضهن قمن ببيع ميراثهن للمساهمة في سبيل الله.. كما شكلت النساء فرق عمل في الأحياء والتجمعات السكنية لإعداد وتحضير قوافل الغذاء والكساء وجمع المال وإرسالها للمرابطين في جبهات العزة والكرامة.
كانت المرأة اليمنية أيضاً من أوائل المستجيبين لدعوة السيد القائد "عبدالملك الحوثي"- سلام الله عليه- في رفد البنك المركزي بالأموال  لتثبيت دعائم الاستقرار الداخلي بين صفوف اليمنيين بعد افتعال أزمة انقطاع المرتبات.
- السعي نحو الاكتفاء الذاتي، وتتميز المرأة اليمنية بقدرتها وحنكتها على إدارة الموارد بطريقة رشيدة بعيدة عن الإسراف وعن التقتير.. كما تبنت النساء هدف تعزيز الاكتفاء الذاتي للمنتجات الغذائية والملبوسات كخطة استراتيجية للتقليل من حجم الواردات والتأسيس للصناعات المحلية.
بالإضافة إلى مساهمة المرأة وبشكل كبير في الاكتفاء الذاتي من الحبوب والمنتجات الزراعية وفي تطوير الأبحاث الزراعية.
- التطوع في الأعمال الخيرية والتكافل الاجتماعي، فشكلت الأعمال الطوعية التي قامت بها النساء خلال الأعوام الماضية داعماً أساسياً للصمود واستمرار عجلة الحياة رغم صعوبتها ومشاقها، ومن أشكال التطوع: التطوع كمعلمات- التطوع كممرضات وطبيبات- زيارة الجرحى والمنكوبين وقضاء حوائجهم- التكفل برعاية الأيتام من أبناء الشهداء- استيعاب واحتواء الأسر النازحة- والتطوع في التدريب والتأهيل للنساء النازحات والفقيرات في العديد من المجالات.
- الاستمرار في الوظيفة العامة رغم انقطاع الراتب.

ختاماً :
نستشهد بمقولة السيد القائد عن المرأة اليمنية:
إنَّ شعبَنا الـيَـمَـني فخورٌ بالـمَـرْأَة الـيَـمَـنية المسلمة وَما تتحلى به من صبر وأخلاق وعفة والتزامها بأخلاق وقيم دينها وموروثها الحضاري وما تقوم به من دور أَسَـاسي في البُنيان الأُسَرِيِّ .
وإني لأرجو من الله تَـعَـالَـى أن يوفقَكُنَّ للمزيد والمزيد من الارتقاءِ في الإيْمَـانِ والوعيِ وسُلّم الكمالِ الإنْـسَـاني والالتزام بتعليماتِ الله تَـعَـالَـى في مسيرةِ حياتكن عملاً وصلاحاً وَطهارةً وعفةً وحشمةً وتحرُّزاً من التقليدِ لعادات وتقاليد الغرب الذي حرِصَ على تجريدِ الـمَـرْأَةِ من كُلِّ ما يصونُها.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا