محليات

تتقنها أيادٍ جمعت بين المهارة والإبداع: منتجات الموروث الشعبي والحرفي..  تراث آيل للإندثار

تتقنها أيادٍ جمعت بين المهارة والإبداع: منتجات الموروث الشعبي والحرفي.. تراث آيل للإندثار

يتميز الموروث الشعبي اليمني بالتفرد والتنوع في الملبوسات والفضيات وإكسسوارات التجميل والفضيات والفخاريات وغيرها من المقومات المادية الأخرى.

لكن ومع طغيان المستورد  والتراجع الكبير في العمل الحرفي للعديد من الأسباب ومنها عدم وجود اهتمام ودعم للحرفيين اليمنيين والأسر المنتجة للتراثيات، وكذلك عدم وجود أسواق دائمة لهذه المنتجات التي تعد جزءاً من تاريخنا وتراثنا الحضاري، بالإضافة إلى غياب الترويج للمنتجات الحرفية والملبوسات التراثية بما تحمله من جماليات تفننت فيها أيادٍ جمعت بين المهارة والإبداع.
وأمام تلك الإشكاليات والصعوبات وجدت لدى عشاق التراث ومحبيه من الحرفيين والحرفيات العزيمة  والإصرار  للاستمرار في توارث هذا التراث ونقله للأجيال عبر المبادرات ومراكز التدريب والإنتاج الحرفي التراثي، مؤكدين بذلك حرصهم رغم شحة الإمكانات على تقديم أفضل ما لديهم من منتجات ذات جودة عالية منافسة لما يتم استيراده من الخارج.
* البداية كانت مع عبدالخالق احمد جودم وهو متخصص في صياغة العقيق والفضة وأعمال النجارة، حيث تحدث عن معاناة الحرفيين وتجاهل الجهات الرسمية لهم، وعدم تقديمها أي دعم مادي أو معنوي سوى وعود وتسويف لم تلق النور إلى الآن.
وقال: هناك أعمال حرفية ذات جودة عالية أتقنتها أيادي الحرفيين المهرة، لكن مع الأسف وبسبب عدم وجود من يدعمهم ويروج لمنتجاتهم، مل الكثير منهم وتركوا حرفهم مما سيؤدي إلى اندثار هذا الموروث الثقافي.
وطالب جودم الجهات الحكومية ومنها وزارة الثقافة، بحل المشاكل التي يواجهها الحرفيون خصوصاً في إيجاد سوق دائم للمنتجات الحرفية أسوة بمنتجات الحبوب وغيرها.

التنوع والثراء
>> عنود احمد السقاف- صاحبة مشغل سبأ ستايل للاكسسوارات والأشغال الحرفية، والتي تعمل في هذا المجال منذ خمس سنوات.. قالت: إن عملها في المجال الحرفي جاء بدافع الحب والشغف للتراث التاريخي، وأهمية الحفاظ عليه وتطوير منتجاته بحيث تلقى إقبالاً من المستهلك في السوق المحلية والخارجية.
وأضافت: أنها عملت على دمج الجانب التراثي في  تكون المشغولات والمنتجات، بتصاميم من ابتكارها لكنها تراثية لتناسب مختلف الأذواق والأعمار.  
وأوضحت عنود السقاف أن كل الحرفيين حريصون على التواجد والمشاركة في أغلب المناسبات والمعارض والبازارات، ليظهروا للمجتمع والأجيال من خلال منتجاتهم وأعمالهم تراث اليمن العريق بجمالياته المتنوعة، لكنهم يواجهون العديد من الصعوبات، على رأسها الدعم المادي الذي يمكنهم من الاستمرارية وتوسيع النشاط لاستيعاب أعداد كبيرة من المنتجين والمنتجات.
وأشارت إلى أهمية تبني الجهات الحكومية لمثل هذه الأعمال، وإيجاد سوق دائم للمشغولات والملبوسات والمنتجات الحرفية بمختلف أنواعها.. مؤكدة على ألا يقتصر الاهتمام بالتراث الثقافي على العاصمة صنعاء بل يشمل مختلف المحافظات للمحافظة على التنوع الموجود والثراء التراثي الذي تتميز به بلادنا.

نقاط بيع
>> أما خلود الحورش- وهي حرفية في الملابس التراثية والإكسسوارات وتشكيل المعدن-  فقد لخصت الإشكاليات التي تواجه الحرفيين، ومنتجي الأعمال التراثية في التسويق وعدم وجود نقاط بيع أو مساحات في أسواق دائمة للمنتجات والمشغولات التراثية.
وأضافت: أن شحة رأس المال يهدد المشاريع الصغيرة ومشاغل الأسر المنتجة بالإغلاق، بسبب عدم القدرة على توفير المواد الخام خصوصاً مع تقلبات أسعارها وارتفاعها بين حين وآخر.
وطالبت بتبني الجهات المعنية للأسر المنتجة وتطوير مشاريعها ودعمها معنوياً ومادياً لرفع مستوى الإنتاج وتنمية ثقافتنا وذلك ببناء مصانع ومشاغل وتوفير المواد والأدوات اللازمة، بالإضافة إلى عمل معارض وأماكن للبيع كنقاط بيع وأسواق والبحث عن كل حرفي لتنمية عمله، وتدريب وتأهيل من لهم رغبه بتعلم الحرف حتى لا يفنى تراثنا وتاريخنا.
جمال إبداع
>>  محمد القريطي- مدرب في الفخاريات والخزفيات وأيضاً فنان تشكيلي- تحدث عن مشكلة عدم توفر المعدات والآليات التي يمكن العمل عليها في مجال الفخاريات خصوصاً بعد أن سُحبت المعدات التي كان يتم التدريب عليها من دار الحمد.
وأكد القريطي أن جمال وإبداع الحرفيين اليمنيين في الجانب التراثي، من الأمور المشهود لها داخلياً وخارجياً، والمطلوب هو إيلاء هذا الجانب الاهتمام والرعاية وتبنى المبادرات الشخصية والمجتمعية للمحافظة على تراثنا الحضاري والإنساني، بالإضافة إلى دعم برامج التدريب على الحرف التراثية خصوصاً المعرضة للاندثار.

سوق محلي
>> أمة الرحيم الخيواني- مصممة أزياء- أكدت على أهمية إيجاد سوق محلي للمنتجات الحرفية، وتعزيز الثقافة المجتمعية والترويج الإعلامي لرفع القوة الشرائية والإقبال على المنتج التراثي المحلي.
وقالت: هناك العديد من المنتجات والمشغولات التي أصبحت تنافس المنتجات الخارجية المستوردة، ومع ذلك لا يزال المواطن يفضل المستورد على المنتج المحلي، وذلك بسبب غياب الثقافة الاستهلاكية التي تخدم الاقتصاد الوطني وتخدم المحافظة على التراث الثقافي.
وأضافت: لابد أن يركز التوجه العام للدولة على كيفية الاستفادة من المنتجات والمشغولات المحلية خصوصاً التي تسهم في تحسين معيشة العديد من الأسر المنتجة، كما يجب على وسائل الإعلام أن تقوم بدورها في التعريف بالمنتجات التراثية والترويج لها بالشكل المطلوب.

استمرار وتطوير
>>  في حين تطرقت سميرة الموشكي، مدرسة في صناعة العطور والبخورة، إلى حالة الإحباط التي تصل إليها الأسر المنتجة خصوصاً في مجال الخياطة والتطريز، بسبب عدم وجود جهة داعمة توفر لتلك الأسر مكائن الخياطة.
وأشارت إلى أن مسألة إيجاد سوق دائم بدون أية رسوم لأصحاب المنتجات الحرفية والمصنوعات والأشغال اليدوية، من الأولويات المهمة التي تعالج مشكلة تسويق تلك المنتجات وبالتالي استمرار الإنتاج وتطوير المشاريع المبتدئة والصغيرة.

التدريب والتأهيل
>> الأستاذ عبدالملك شرف الدين القائم بأعمال رئيس منتدى الخبرات والكفاءات الوطنية، وعضو الفريق الوطني المصغر لدعم جهود حماية التراث اليمني.. أشار إلى ضرورة  البحث عن دعم فني لمختلف الأشغال والحرف التراثية بما يضمن استمرار تلك الأعمال وتطويرها، والتركيز على التدريب والتأهيل المستمر للحصول على خبراء وطنيين يكون لهم الإسهام الفاعل في الحفاظ على التراث الثقافي اليمني.. وأكد ضرورة إنشاء كيان مجتمعي نقابة أو إتحاد جمعيات يمثل الحرفيين والمنتجين للأعمال التراثية، ويتبنى كافة الإشكالات الصعوبات التي يواجهونها، بما في ذلك التشبيك والتنسيق مع وزارة الثقافة ووزارة التعليم الفني والمهني وأمانة العاصمة، وغيرها من الجهات والمعاهد التدريبية، والبحث عن سوق دائم للمنتجات الحرفية.

المحرر
وانطلاقاً من مسؤولية الحفاظ على التراث الثقافي والموروث الشعبي اليمني، وأهمية المحافظة على الحرف التراثية المتنوعة من الاندثار.. طرحنا من خلال هذا الاستطلاع جزءاً من معاناة الحرفيين والمنتجين، التي تهدد مثل هذه الحرف بالاندثار، في الوقت الذي يجب أن يحظى المنتج المحلي بالدعم والإقبال خصوصاً وبلدنا الحبيب يتعرض منذ ثمان سنوات للعدوان والحصار.. لذا نأمل من الجهات المعنية التحرك الجاد لتبني ومعالجة تلك المشكلات، واعتبار الاهتمام بالأسر المنتجة وتوفير أسواق دائمة لمنتجاتها جانباً من جوانب الدعم والتشجيع لمشاريع التمكين الاقتصادي، والمنتج المحلي الذي يمكن أن يكون بديلاً للمنتجات المستوردة إذا ما تم التركيز على مسألة الجودة والاستعداد للمنافسة والتواجد بقوة في الأسواق المحلية والعالمية.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا