محليات

نائب رئيس الهيئة العامة للاستثمار لـ« 26 سبتمبر »:ثورة 21 سبتمبر 2014م ثورة بناء الإنسان اليمني والدولة القادرة العادلة المستقلة

نائب رئيس الهيئة العامة للاستثمار لـ« 26 سبتمبر »:ثورة 21 سبتمبر 2014م ثورة بناء الإنسان اليمني والدولة القادرة العادلة المستقلة

في حديث مستفيض حول واقع الاقتصاد الوطني ومتطلبات النهوض به خصوصاً القطاعات الاقتصادية الواعدة في العديد من المجالات الصناعية والزراعية والسمكية والتعدينية..

وكذا التوجهات الوطنية في المرحلة الراهنة لتجسيد أهداف ثورة 21 من سبتمبر المجيدة، ودعوة قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي للاهتمام والنهوض بالقطاع الزراعي وتحقيق الاكتفاء الذاتي وصولاً إلى تحقيق الأمن الفدائي.
حول هذه القضايا، وكذا دور الجهات المعنية في صناعة الاستراتيجيات القطاعية وفتح وتسهيل فرص الاستثمار.. خص المهندس/ خالد شرف الدين نائب رئيس الهيئة العامة للاستثمار "صحيفة ٢٦ سبتمبر" بالحوار الصحفي التالي:

حاوره: عبدالحميد الحجازي
> بداية وشعبنا اليمني يحتفل بذكرى الثورة المجيدة 21 سبتمبر.. هل لكم أن تضعوا القارئ الكريم على حقيقة الأوضاع الاقتصادية التي كانت أحد الأسباب الرئيسية للثورة؟
>> ثورة 21 سبتمبر 2014م ثورة بناء الإنسان اليمني، ثورة بناء الدولة القادرة العادلة المستقلة، وهذا لن يأتي إلا من خلال محورين محور الإنسان ومحور الاقتصاد، ولكن بسبب العدوان والحصار حاول العدو على مدى سبع سنوات استهدف هذين المحورين.
وإذا ما تحدثنا عن الوضع الاقتصادي قبل 21 سبتمبر 2014م لم يكن الاقتصاد اليمني بأحسن حال مقارنة بدول الجيران ناهيكم عن دول العالم، فالناتج المحلي وفق العام 2014م كانت ميزانية اليمن نحو 12 مليار دولار بالإضافة إلى ملياري دولار دعم خارجي، بالمقابل وصل حجم الفساد المالي حينها إلى 9,5 مليار دولار بما يعني يعادل تقريباً ثلثي الميزانية، بالإضافة إلى أن اقتصاد اليمن كان يشكل أقل اقتصاد في شبه الجزيرة العربية بعد سلطنة عمان التي كانت ميزانيتها 24 مليار دولار، وكان بالإمكان تجاوز كل تلك الإشكالات لو وجدت النية الصادقة والجادة لمحاربة الفساد المالي، ولكن للأسف عدم وجود النوايا المخلصة لدى النظام السابق الذي كان يرزح تحت الهيمنة والسيطرة الخارجية التي كان هدفها الرئيسي إضعاف اليمن ليظل مع بقية دول المنطقة تحت هيمنتهم ووصايتهم.
وبعد ثورة 21 سبتمبر 2014م ورغم الحصار والعدوان ولكن وجدت النية الصادقة والتوجه الصادق من قبل القيادة الثورية والسياسية ومعهم المخلصين من أبناء الشعب، بدأنا نلمس عملياً خطوات صحيحة لترتيب وضعنا الاقتصادي، فعلى الرغم من تراجع وانكماش الاقتصاد بنحو 50- 52%، والناتج المحلي من 40 مليار إلى 19 مليار دولار، وعجز في تمويل موازنة الحكومة التي لم تتجاوز 6% عما كانت عليه، ومع ذلك حققنا الكثير من الخطوات من خلال القطاع الخاص والمشاركة المجتمعية والكفاءة الإدارية والمالية لمؤسسات الدولة، ولله الحمد هناك أمثلة وتجارب أثبتت صحة التوجه القائم ، فمثلاً الهيئة العامة للاستثمار كان حجم تدفق الاستثمارات الداخلية قبل 2014م يتذبذب شدة ورخاءً وأثناء العدوان انكمشت هذه الاستثمارات نتيجة الحرب وخوف القطاع الخاص وهجرة رأس المال خارج اليمن، ولكن مع بناء الثقة وتراكمها مع الشعب والمغتربين  بدأت المشاريع تتدفق والمنحنى يرتفع منذ العام 2018م من الانكماش في السالب إلى الموجب وصولاً إلى نقطة التعادل التي نحن في الطريق للوصول إليها وهي 90 مشروعاً في السنة.
لذلك بدأنا نرتب أولوياتنا في القطاع الاستثماري لجذب وامتصاص فائض السيولة خارج النظام المالي المصرفي بتشجيع القطاع الخاص والمغتربين من خلال بناء القطاعات الواعدة والمتمثلة في الحد من الاستيراد باعتبار فاتورة الاستيراد الطلب الحقيقي والتي وصلت في العام 2014م إلى 15 مليار دولار سنوياً، ثلثي هذا المبلغ 10 مليار يذهب لاستيراد 30 سلعة، فقمنا بدراسة الـ30 السلعة ورأينا أن هناك الكثير منها قابل للإنتاج محلياً بكوادر وتقنيات يمنية في متناول اليد، فقط تحتاج إلى تخطيط وإدارة سليمة، وبدأنا فعلياً بقصة نجاح مع قطاع الأدوية وعمل إستراتيجية وطنية بالتعاون مع جهات الاختصاص والقطاع الخاص، ودشنت الاستراتيجية برعاية وزارة الصحة ورفعت إلى مجلس الوزراء وعلى ضوئها أصدر المجلس السياسي الأعلى تعديلاً لقانون الضريبة العامة وقانون الجمارك ومنح الامتيازات المطلوبة لمنتجي الأدوية وتشجيع الصناعات الدوائية.
ففي العام 2018م كان حجم الاكتفاء الذاتي من الأدوية الجليسة غير المحتكرة وليست تحت الحماية الفكرية ( التي يحق لأية شركة صناعتها إذا امتلكت الملف العلمي) نحو 10,5% وكنا نمتلك 10 مصانع أدوية، وبعد تطبيق الاستراتيجية والتخطيط المناسب من ذوي الاختصاص استطعنا رفع الاكتفاء الذاتي من هذه الأدوية خلال العاميين الماضيين إلى 30% من حيث القيمة ومن حيث الكميات كأصناف إلى 50%  أي من 160 صنفاً في العام 2018م إلى أكثر من 600 صنف حالياً في مقابل الأصناف المسجلة لدى الهيئة العليا للأدوية التي تتجاوز 10 آلاف صنف دوائي مستورد، ومن 10 مصانع إلى 17 طلب إنشاء مصنع جديد بما يعني الوصول خلال العاميين القادمين إلى أكثر من 50% من الاكتفاء الدوائي.
كما نبشر شعبنا اليمني بقرب الإعلان عن أول منطقة صناعية دوائية في اليمن حيث وإجراءات منح تراخيص هذه المنطقة جارية من الجهات ذات الاختصاص، بالإضافة إلى منطقة للصناعات المتنوعة والصناعات الغذائية قيد لتسجيل حالياً.
وتمكنت الهيئة بعد العام 2014م من عمل أربع استراتيجيات إحداها تخص قطاع الدواجن والأخرى لصناعة مواد البناء، وصناعة الأغذية، بالإضافة إلى استراتيجية لقطاع التعدين، وهي منظورة الآن أمام جهات الاختصاص والرفع بها من قبل الوزارة المختصة إلى مجلس الوزراء لاعتمادها.. والاستراتيجة تنصب في الأساس على بناء الاكتفاء الذاتي والحد من الاستيراد بالتدريج وزيادة الإنتاج المحلي، وتشيع القطاع الخاص من خلال سلة الامتيازات التي تتلاءم مع الفجوة المحددة في الاستراتيجية وتشجيع إنشاء مناطق متخصصة للعديد من القطاعات.
والحمد لله هناك نتائج مبشرة، ففي قطاع الدواجن قاربنا على تحقيق الاكتفاء الذاتي خصوصاً بعد إنشاء الشركات ذات العلاقة بالإنتاج النوعي وشركات إنتاج مستلزمات الأعلاف والأدوية البيطرية واللقاءات.. حيث كانت تصل فاتورة الدجاج المجمد المستورد إلى 100 مليون دجاجة سنوياً وكان الإنتاج لا يتعد 80 مليون دجاجة ، والآن ومع استراتيجية الاكتفاء الذاتي سنصل إن شاء الله إلى إنتاج نحو 200 مليون دجاجة سنوياً ، وكذلك أعلاف الدواجن كانت تستنزف نحو 350 مليون دولار وحالياً ومن خلال شركة إنتاج تعاقدي تم الإعلان عنها خلال الأيام الماضية سنتمكن من تلبية طلبات الاستيراد من أصناف الأعلاف المختلفة.
وهذا يعني أننا في قطاع الدواجن نستطيع تخفيض ما يقارب المليار دولار من فاتورة الاستيراد، وكذلك في قطاعي الأدوية والصناعات الغذائية ما يقارب من ملياري دولار، وهذا سيؤدي إلى تخفيض فاتورة الاستيراد خلال 3-5 السنوات المقبلة أكثر من 5 مليارات دولار عما كانت عليه قبل العدوان، وبالتالي تخفيض الطلب على العملة الخارجية وانخفاض سعر الصرف بما يعادل ثلث ما هو عليه الآن ودعم العملة الوطنية وتشجيع الإنتاج المحلي والاكتفاء الذاتي وتشغيل العديد من العمالة وشبكات الإنتاج الصغير والمتوسط .. كل هذه الفوائد نجنيها من خلال تشجيع القطاعات الواعدة التي يمتلك منها اليمن الكثير والكثير.  

سلاسل القيمة
> دعوة قائد الثورة للنهوض بالقطاع الزراعي باعتباره أساس التنمية.. ماذا عن فرص هذا القطاع الحيوي؟
> > القطاع الزراعي هو صلب العمود الاقتصادي والأمن الاقتصادي والغذائي، ولكن بالنظر لواقع هذا القطاع، فمن خلال مؤشرات العقدين الماضيين فإن حجم القروض والمساعدات الممنوحة لهذا القطاع قد وصلت إلى أكثر من 16 مليار دولار، ومع ذلك لم يكن لها أثر فاعل على المزارع عدا بعض مشاريع السدود كسد مارب وحسان وغيرها من المشاريع ذات البعد الاستراتيجي، في حين كان بالإمكان استثمار هذا المبلغ المهول في إحداث نهضة شاملة للتنمية الزراعية بدلاً من إبقائها بشكلها التقليدي الذي يعاني من سوء التسويق، وتدني الإنتاج الزراعي، بالإضافة إلى
الاحتكار الذي يمارسه مستوردو السلع الأساسية خصوصاً الحبوب.. ومع ذلك ظل المزارع اليمني يفخر بزراعة الأرض متحدياً  كل الظروف بما في ذلك شحة الإمكانات والتضاريس الصعبة وعوامل التغير المناخي والبيئي، وعدم وجود اهتمام حكومي لإيجاد نهضة زراعية.. وأمام كل ذلك استمر المزارع اليمني في الإنتاج وحقق الاكتفاء في بعض المحاصيل خصوصاً الفواكه والخضار، ففي الحبوب يصل الاكتفاء الذاتي من إلى 60%عدا القمح الذي لا يتجاوز إنتاجه 10% في مقابل استيراد 90% من الاحتياج بسبب تدني وحدة المساحة الإنتاجية، مما يستدعي دخول استثمارات كبيرة لزيادة المساحة واستخدام منظومات حديثة وأساليب تقنية لتحسين البذور، ورفع الإنتاجية إلى 4 أطنان للهكتار الواحد.
وحالياً نعمل مع وزارة الزراعة والري واللجنة الزراعية والسمكية العليا، لتحسين سلاسل القيمة التي أهم ما فيها هو التسويق الزراعي كأساس لاستمرار العملية الزراعية وتحسين الإنتاج، فالفترة الماضية شهدت إهمالاً لجانب التسويق رغم أن حجم خدمات التسويق الزراعي كانت تمثل نحو 170مليار ريال لكنها كانت تذهب إلى جيوب الوسطاء أو مايسمونهم ب(المفاودين) وسطاء بين المزارع والمواطن المستهلك، لذلك التوجه الحالي بالتعاون مع المؤسسة الاقتصادية وفق رؤية مدروسة علمياً لإنشاء شبكة من الأسواق الزراعية تمتد لعشر مدن رئيسية من خلال أسواق نموذجية بحيث سيتم تدشين أول هذه الأسواق في هذه الأيام الوطنية وهو سوق مفرق مأوية بتكلفة تتجاوز ثلاثة مليارات ريال كمرحلة أولى، على أن يتحول مستقبلاً إلى شركة مساهمة عامة يدخل فيها المزارعين والمواطنين والقطاعات الاقتصادية والقطاع الخاص مساهمة مع المؤسسة الاقتصادية..
وسنعمل مستقبلاً بالتعاون مع جهات الاختصاص عدم منح تصريح لأي سوق ما لم تتوافر ثلاث أركان أساسية هي البنية التحتية بكل ما تشمله من مصدر للطاقة ومواقف ومظلات وكافة المرافق الأخرى،وكذلك توفير خدمات تسويقية زراعية متخصصة تتضمن إنشاء مركز للتعبئة والتغليف وثلاجة مركزية بأحجام ومقاسات مختلفة، وإنشاء مركز للصادرات إذا كان قريباَ من منفذ برى أو بحري أو جوي، وتوفير خدمات النقل الملائمة للمحاصيل الزراعية، ومكتب فني لجهات الاختصاص لإصدار التصاريح والشهادات الخاصة بالمنشأ والأثر المتبقي.
أما الركن الثالث المطلوب توافره في السوق النموذجية فيتمثل في الخدمات الزراعية، البذور والأسمدة والمبيدات الزراعية ومنظومات الطاقة وشبكات الري وغيرها من المستلزمات.. على أن يتم ربط كل ذلك بإدارة السوق التي يجب أن تعظم المنفعة للمزارع بالدرجة الأولى بحيث يحق للمزارع في المستقبل أن يحمل أسهم من هذا السوق ويكون شريكاً مستفيداً منه، وبالتالي يحصل على كافة الخدمات بما فيها التسويق والتصدير والحفظ والتغليف، وحصوله أيضاً على قروض ميسرة بضمانة أسهمه في السوق، ناهيكم عن إمكانية إنشاء صندوق للتأمين ضد المخاطر والكوارث والخسائر التي يتعرض لها المزارع حيث سيقوم هذا الصندوق بشراء ديون المزارع وجدولتها على فترات حتى لا يخسر المزارع ويحجم عن الاستمرار في الزراعة.

سلة امتيازات
> لكن.. لماذا يعزف القطاع الخاص عن الاستثمار في الجانب الزراعي مقارنة باستثماراته في بقية القطاعات؟
>> صحيح ما طرحتموه.. وسأسرد لكم العوامل الرئيسية لعزوف القطاع الخاص عن الاستثمار الزراعي والتي يمكن علاجها.. العامل الأول أن المستثمر ينظر لنجاح مشروعه من خلال أولاً تحقيق العائد الأفضل وهو الذي يحدد المشروع زراعي أو صناعي أو عقاري أو خدمي، ثانياً فترة استرداد رأس المال فمثلاً المشروع الصناعي يسترد رأس ماله خلال ثلاث سنوات بينما المشروع الخدمي خلال سنتين، أما المشروع الزراعي  فخلال 10-15 عاماً.
وبالتالي المستثمر يقارن بين العائد وفترة الاسترداد بالإضافة إلى العامل الثالث المتمثل في درجة المخاطر  التي تعتمد على مؤشرات  في القطاعات الاستثمارية  المختلفة.. وحقيقة أن الثلاث العوامل ليست مشجعة في القطاع الزراعي.
ولتشجيع وجذب الاستثمارات الزراعية يستلزم وجود سلة من المحفزات حكومية، في السابق ومن خلال القانون (39) لسنة 1998م قانون التعاونيات والجمعيات الزراعية، كانت تمنح امتيازات كبيرة ليست موجودة حتى في قانون الاستثمار منها الإعفاءات من ضريبة الأرباح وإعفاءات جمركية، وفتح مراكز للجمعيات، ولكن جمدت هذه الامتيازات عند تعديل قانون الجمارك في 2010م الذي ألغى كل الامتيازات في القطاع الزراعي والحيواني مع الاكتفاء ببعض امتيازات القطاع الصناعي، وبالتالي توجه المستثمرون نحو القطاع الصناعي على حساب القطاع الزراعي والسمكي،
وظهر ذلك من خلال مؤشرات الهيئة العامة للاستثمار  بأن 60% من المشاريع المسجلة مشاريع صناعية في حين المشاريع الزراعية لا تتجاوز 2% والسمكية 1% والخدمية 20% والسياحية 10%.
وحالياً الكرة في ملعب الحكومة خصوصاً إذا ما توفرت الجدية لدى اللجنة الزراعية والسمكية العليا ووزارة الزراعة والري ووزارة الثروة السمكية والهيئة العامة للاستثمار، لتبني مصفوفة أو سلة امتيازات تخص الاستثمار الزراعي والسمكي والحيواني، ترفع للقيادة مع استراتيجية الدواجن واستراتيجيات البطاطس والبن والعسل، واستراتيجية الأسماك.. فمن خلال هذه الاستراتيجيات حددنا الفجوة وامتيازات المشاريع المطلوبة لسد الفجوة، متوقعين أنها ستكون جاذبة وقادرة على إنعاش القطاع الزراعي والسمكي.

برنامج طموح
> لابد من تهيئة البيئة الاستثمارية لفترة مابعد العدوان.. فما الذي قدمته الهيئة العامة للاستثمار من مشاريع في إطار خطط الرؤية الوطنية خصوصاً في جانب البنى التحتية؟
>> برنامج الهيئة طموح لولا العدوان والحصار.. وفترة ما بعد العدوان ونتيجة تشخيصنا للواقع الحالي وخبرتنا في وضع استراتيجيات القطاعات الواعدة، لذلك فقد عملنا في الهيئة على تلخيص كل ذلك تحت مسمى العوامل المؤثرة في بيئة الاستثمار وتتمثل بثمانية أركان، هي المعلومات حيث يجب توفير البيانات والدراسات التي يني عليها المستثمر قراره الاستثماري، وفي هذا الجانب قطعنا شوطاً كبيراً خلال الثلاث السنوات الماضية، ولدينا حالياً نحو  100 دراسة فنية و10 دراسات جدوى لمشاريع معيارية وأكثر من خمس استراتيجيات لخمس قطاعات واعدة.
أما يخص الركن الثاني من العوامل المؤثرة في البيئة الاستثمارية فيتمثل في تبسيط الإجراءات، وبالتالي تقليص زمن الحصول على رخصة الاستثمار إلى 10 أيام فقط ومستقبلاً بعد استكمال الربط الشبكي مع الجهات إلى 24 ساعة.. أما الركن الثالث فهو يتعلق بالامتيازات والتسهيلات والإعفاءات الضريبة والجمركية وغيرها، حيث  قدمنا أكثر من مرة مشاريع لتعديل قانون الاستثمار، ولكنها لم تر النور إلى الآن، وهنا نطالب القيادة النظر باهتمام لهذا الجانب على اعتبار أن تعديل القانون هو بوابة الجذب للاستثمارات.
وفي حين يتعلق الركن الرابع بالبنية التحتية، وهذه معضلة لأن حجم الاستثمارات المطلوبة من الدولة لإيجاد بنية تحتية وفق تقديرنا ووفق تقرير اقتصادي أصدرته الهيئة في2018م حوالى 211 مليار دولار وهو مبلغ ضخم والحكومة لا تستطيع توفيره، لذلك لابد من اللجوء إلى مصادر تمويل غير تضخمية، وأفضل وسيلة للتمويل هي بناء علاقة وشراكة حقيقية مع القطاع الخاص من خلال عقود الامتياز (PoT) بمعنى البناء والتشغيل وإعادة الملكية، وتتضمن 11-12 صيغة بحسب المشاريع ونوعها، كبناء المستثمر مثلاً لمحطة طاقة كهربائية بنحو 200مليون دولار وتشغيلها لفترة 20 عاماً يكون خلالها قد استرد ماله وحقق أرباحاً لا بأس بها، وتعود بعد ذلك ملكية المحطة مجدداً للدولة التي هي أيضاً استفادت بتوفير التكاليف وضمان الخدمة للمواطن وفق الاتفاقيات المحددة لجودة وسعر الخدمة والعمالة والصيانة التي تضمن تسليم المشروع وهو بحالة تشغيلية جيدة.. وهذه العقود مأخوذة من تجارب دولية عديدة.
أما الركن الخامس للبيئة الاستثمارية فهو يتعلق بالنظام العادل لفض النزاعات، من خلال تحسين أداء المحاكم التجارية وفقاً للمعايير الدولية وبما يضمن جذب الاستثمارات بشكل أسرع وأكبر .. والركن السابع يتمثل في الأمن والاستقرار، وهذا ولله الحمد يشهد تحسناً ملحوظاً من يوم إلى آخر في ظل وجود جيش وأمن قوي وتعاون ووعي شعبي.
بالإضافة إلى الركن الثامن المتعلق بمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية ونظام الأتمتة للحد من الفساد المالي والإداري.. وتلك الثماني أركان باعتقادي الأهم لتهيئة بيئة استثمارية جاذبة، وقد بدأنا فعلاً العمل عليها من خلال تحسين مؤشر بيئة الأعمال لليمن في التصنيف الدولي، حيث كانت بلادنا إلى العام الماضي في التصنيف قبل الأخير 189 من 190 دولة، وحالياً ونتيجة جهد عمل متواصل لعام كامل بذله الفريق الوطني لتحسين مؤشر بيئة الأعمال، نتوقع والتقرير الدولي سيصدر في أكتوبر القادم أن نلمس بعض التحسن الذي سيفتح المجال لتحسين بقية المؤشرات إن شاء الله.

رؤية ومشاريع
> سؤالنا الأخير.. ما هي الرسالة التي تحملها الهيئة العامة للاستثمار ضمن مشروع بناء الدولة اليمنية الحديثة، بمعنى أخر أين يمكن دور الاستثمار في تحسين الاقتصاد الوطني؟
>> لو حسبنا وفق المصطلحات الاقتصادية  الناتج المحلي الذي يتكون من الإنفاق الحكومي الذي هو حالياً ضعيف لعدم وجود موازنات، والشق الآخر وهو الاستهلاك المرتفع من السلع والخدمات، فيما الجزء الثالث المتمثل في حجم المشاريع الاستثمارية والتمويلات التي تضخ لها، بالإضافة إلى حجم الصادرات منقوص منه حجم الواردات.. تلك الأركان الأربعة تشكل الناتج المحلي، واحد تلك الأركان هو الاستثمار.
بالنظر إلى الوضع الحالي وكيفية تنشيط الجانب الاستثماري، فلدينا فائض مالي خارج النظام المصرفي نتيجة الخوف والقلق كتداعيات للعدوان والحصار، وبالتالي وحتى يتم استعادة ثقة الرأس المال الوطني وإعادة الأموال إلى النظام المصرفي، لابد من إيجاد مشاريع جاذبة ووفق أولويات تستوعب هذه السيولة، كالقطاعات الواعدة التي عليها طلب من المجتمع في مختلف ظروف السلم والحرب وفي الحضر والريف، وهذا ما يجب العمل عليه لاستمرار الدورة الاقتصادية، والوصول إلى الاكتفاء الذاتي ومن ثم تصدير الفائض، وهنا يكمن دور الاستثمار في تحريك الصادرات وقبلها تحريك الجانب الإنتاجي لزيادة العرض وتخفيض الأسعار، وبالتالي ستتجه الدولة حينها لزيادة الإنفاق على البنى التحتية وتطويرها.
ومن خلال الخطة المرحلية الثانية للرؤية الوطنية 2021-2025م قدمنا لمحور الاقتصاد أربع مبادرات، الأولى خاصة بتوليد الاستثمار، و المبادرة الثانية هي تسهيل الاستثمار، والمبادرة الثالثة تركز على بناء الصورة الايجابية، بالإضافة إلى المبادرة الرابعة المتمثلة في مناصرة السياسات، ويمتخض عن هذه المبادرات نحو 30 مشروعاً اغلبها تتعلق بوضع استراتيجيات وإعداد دراسات المشاريع والفرص الاستثمارية، وحملات ترويجية القطاعات الواعدة، إلى جانب ترقية النافذة وافتتاح مراكز خدمات المستثمرين، بالإضافة إلى تعزيز البناء المؤسسي والتنظيمي والبشري للهيئة العامة للاستثمار.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا