محليات

« 26 سبتمبر » تعيد نشر حوار مع الاستاذ محسن العيني..ابلغني اللواء عبدالكريم قاسم في بغداد بقيام ثورة في اليمن وتعييني وزيراً لخارجية ( الجزء الأول)

« 26 سبتمبر » تعيد نشر حوار مع الاستاذ محسن العيني..ابلغني اللواء عبدالكريم قاسم في بغداد بقيام ثورة في اليمن وتعييني وزيراً لخارجية ( الجزء الأول)

محسن احمد العيني- رحمه الله- شخصية يمنية وعربية سياسية غنية عن التعريف..

واجه اليتم وهو في سن السابعة بعد وفاة والده ووالدته وعاش في هذه السن طفولة بائسة مع اخوته..وبعد انتقاله الى صنعاء والتحاقه بمكتب الأيتام للدراسة كتب عليه ان يمارس السياسة منذ وقت مبكر نظرا لما كانت اليمن تعيشه من أوضاع متخلفة وقد ساعده انتقاله للدراسة في لبنان ومصر وفرنسا ضمن بعثة الأربعين التي غادرت اليمن الى بيروت عام 1947م ان يجد نفسه في قلب الأحداث ولاخيار له في خوضها او البعد عنها وتجنبها..مواطن وجد نفسه في مواقع مختلفة فحاول ان يكون صادقا ويقدم خير مافي نفسه.. وقد اكرمه الله بخلاف زملاؤه الذين ساروا في نفس الدرب الذي سار عليه من الاعتقال والسجن..لايصر على القول انه كان على صواب وان الآخرين هم المخطئون فذلك خداع للنفس كما يقول..في هذا الجزء يتحدث الأستاذ محسن العيني عن قيام ثورة 26 سبتمبر وكيف علم بها وتعيينه وزيرا للخارجية وما أعقبها من خلافات أثرت على مسيرة الثورة .

ألتقاه في صنعاء:احمد ناصر الشريف
< بعد ترجمتك لكتاب "كنت طبيبة في اليمن" منعت من العودة الى صنعاء وانشغلت في عملك في نقابات اتحاد العمال العرب.. كيف علمت بقيام ثورة 26سبتمبر وتعيينك في أول حكومة لها وزيراً للخارجية؟
<< في 19 أيلول/سبتمبر 1962م مات الامام احمد فغادرت القاهرة بعد يوم او يومين الى دمشق ومنها الى بغداد حيث التقيت وزير خارجية العراق السيد هاشم جواد الذي وعدني بترتيب موعد لي مع اللواء عبدالكريم قاسم خلال اسبوع وأعد لي اتحاد العراق برنامج لقاءات وزيارات..وبينما كنت اتناول العشاء ضيفا على اتحاد عمال العراق مساء الجمعة 28ايلول..سبتمبر1962م اذا بسيارة اللواء عبدالكريم قاسم تصل لتنقلني لمقابلته في وزارة الدفاع حيث كان يقيم ويعمل..وقد ذكر لي أن ثورة قامت في اليمن وأسمعني ماسجلته وكالة الأنباء العراقية من بيانات أذاعها راديو صنعاء بينها بيان تشكيل الحكومة التي عينت فيها وزيرا للخارجية.
< هل معنى ذلك انك لم تكن تعلم بتعيينك وزيرا للخارجية وعلمك بقيام الثورة الامن الرئيس العراقي اللواء عبدالكريم قاسم؟
<< نعم..وقد بقيت مع اللواء قاسم الى ساعة متأخرة من الليل وهو يحدثني عن ثورة العراق والخلافات المؤسفة التي حصلت وبخاصة بينه وبين اللواء عبدالسلام عارف ونصح اليمنيين بأن يوحدوا صفوفهم وألا يسمحوا للخلافات بأن تفرقهم مهما تكن الأسباب ووعد بدعم العراق للثورة اليمنية والاستعداد لتقديم المساعدات..كان حزينا وصافيا وصريحا ويشعر بالعزلة والوحدة والوحشة وقد اهدانى مجموعة خطاباته واستعرض بعضها..وأشار الى الفقرات التي صفق لها المستمعون وتحدث عن الموت والعنف الذي يتعرض له المسؤولون في العراق ولما تمنيت له طول العمر..قال:الأمور بيدالله وقدقتل الامام علي وغيره من عظماء الرجال.
وعند مغادرتي لمكتبه لا حظت اندفاع مصورين وصحافيين فألتفت مباشرة اليه وقلت سيادة الزعيم أرجو اعفائي من أي مواجهة معهم اوحديث فلا أرغب في ممارسة أي عمل بمجرد خبر في الاذاعة عن تعييني وزيرا للخارجية فوافق وكنت أشعر أنه كان يعتزم اعلان اعتراف العراق بالجمهورية اليمنية.
< لماذا لم تكن ترغب في الحديث الى الصحافة وهل هناك محاذير معينة منعتك من ان تدلي بتصرح صحفي وقد أصبحت وزيرا للخارجية في حكومة الثورة؟
<< فعلت هذا رغبة مني في تفادي اثارة أي حساسية مع القاهرة التي لا أشك في انها تحرص على أن تكون أول دولة تعلن الاعتراف بالثورة والجمهورية في اليمن وكان الخلاف على أشده بين القاهرة وبغداد.
< هل غادرت بغداد الى صنعاء مباشرة ام توجهت الى دولة أخرى؟
<< صبيحة السبت 29 ايلول..سبتمبر غادرت الفندق في طريقي الى مطار بغداد متوجها الى بيروت..وفي الطريق سمعت صوتا يناديني فطلبت من سائق السيارة أن يتوقف..وفجأة ينزل من احدى الأشجار علي صالح السعدي وسريعا يقول لي:لقد سمعت حديثك مع الصحافيين أرجو أن تتوسع معهم في مطار بغداد وفي بيروت وتتحدث عن الديمقراطية وتتوسع في شرح اهداف الثورة اليمنية وقدسمعتها وهو مانريده للأقطار العربية كلها..فقلت له:يامجنون المفروض انك مختف..كيف تغامر هكذا؟قديلحظونك ويعتقلونك..وكان هذا آخر لقاء لي مع علي صالح السعدي..وكان المهندس عدنان القصاب قد مر علي قبل يومين او ثلاثة في أحد فنادق بغداد ورافقته الى دار الأستاذ ابراهيم حسيب المفتي والد مازن المفتي وتناولنا الغداء مع علي صالح السعدي وحازم جواد وطالب شبيب وتحدثنا عن ظروف اليمن بعد وفاة الامام احمد واحتمال اندلاع الثورة في أي لحظة..وفهمت منهم أن العراق ايضا مقبل على تغيير وأن الحزب يعد نفسه للقيام بحركة وقد طلبوا مني ابلاغ القيادة القومية ومن يلزم بهذا..وفي بيروت أجريت اتصالا مع السيد فيليب تقلا وزير الخارجية وهاتفيا مع دمشق واطمأننت الى استعداد البلدين للاعتراف بالحكومة الجديدة في صنعاء.
 وفي مطار بيروت كان معي الأستاذ معروف سعد وعدد كبير من الأصدقاء..وأنا في طريقي الى القاهرة فوجئت بوصول الأمير سيف الاسلام الحسن من نيويورك في طريقه الى المملكة العربية السعودية وكان قد أعلن نفسه اماما على اليمن ظنا بأن البدر قد مات تحت أنقاض قصره كما كان أشيع.

وصول الحسن الى بيروت
< هل التقيت بالحسن؟
<< كنا في ركنين متباعدين في المطار..وقد ذكر للصحافيين أنه سيقضي على الثوار بمجرد وصوله الى الحدود اليمنية..وقد رددت على هذا القول بأن من يحاول أن يعيد عقارب الساعة الى الوراء هو كمن يحاول أن يشد الشمس من كبد السماء..وقد رددت هذا التصريح اذاعة لندن بعد ذلك..وفي القاهرة نظم الطلاب اليمنيون حفلا كبيرا في نقابة الصحافيين وكانوا يفيضون بهجة وحماسة وتفاؤلا.. وقد تحدثت اليهم واقترحت ان يعود كبارهم والمتقدمون في دراستهم الى اليمن..وقلت لهم ان ظروف اليمن تستدعي بذل كل الجهود وحشد كل الطاقات..وقد ابدوا استعدادهم للعودة وشكلوا لجنة لأختيار من يسافر منهم على دفعات طبقا لظروف الطيران..وقد سافرت معي مجموعة ويؤسفني أنهم أرغموا على العودة الى القاهرة بمجرد مغادرتي صنعاء الى الأمم المتحدة وصدرت تعليمات مشددة بمنع سفر الطلاب الى اليمن بعد ذلك..واذا تحجج البعض بالحزبية فالجميع يعرفون ان الذين عادوا لم يكونوا من حزب معين.
وقد أصبحت الحزبية هي النغمة التي سادت وحوربت باسمها القوى الوطنية والعناصر المثقفة في السنوات الأولى للثورة..وقد اجتمعت في القاهرة بالدكتور جون بادو سفير امريكا وبسفيري بريطانيا وايطاليا وبعدد من الشخصيات العربية ورجال الصحافة وزرت السيد انور السادات في مكتبه بمجلس الأمة.
< هل قابلت الرئيس جمال عبدالناصر قبل سفرك الى صنعاء؟
<< في مساء الثلاثاء الثاني من تشرين الأول..اكتوبر 1962م توجهت للمرة الأولى الى كوبري القبة لمقابلة الرئيس جمال عبدالناصر فأستقبلني السيد سامي شرف مدير مكتبه وانرعج عندما شاهد أزرار جاكتتي وهي تكاد تسقط وطلب من مساعديه أن يعملوا فورا على تثبيت هذه الأزرار قبل الدخول على الرئيس..وقد حدث هذا لأن جاكتتي اشتبكت بخطاف باب السيارة عندما حاولوا فتحها لي عند الوصول ولم أكن قد تعودت أن يفتح لي أحد باب السيارة..وفي أثناء تثبيت الأزرار شاهدت في القاعة المتصلة بالمكتب عددا من المهندسين العسكريين وهم عاكفون على خرائط وعيونهم حمراء والسهر باد على وجوههم وكذلك الارهاق وهم يحاولون وضع خريطة لليمن.
وقد بادرني سامي شرف بالسؤال عن سبب عدم اعتراف اللواء عبدالكريم قاسم بالجمهورية في اليمن..وقبل ان أجيب قال:ان معلوماتنا أن قاسم غير راض عن الثورة لأن السلال في نظره شيوعي والبيضاني ناصري والعيني بعثي..وقد تأثرت وأدركت خطر وخطأ المعلومات التي ستكون أمام الرئيس وهو يعالج قضية اليمن..وقد استقبلني الرئيس في مكتبة بالدور الأرضي في منزله وتبسط معي في الحديث وشجعني على أن أقول كل مافي نفسي.

مع عبدالناصر
< بماذا بدأت معه الحديث؟
<< بدأت بما سمعته من السيد سامي شرف وقلت للرئيس انني  أعلم موقف القاهرة من البعث وان المصريين اذا كانوا مقتنعين بأن بعض المسؤولين اليمنيين بعثيون..وأن الثقة مفقودة فان الأمور لن تسير كما ينبغي وقلت اننا نؤمن بالأمة العربية الواحدة وبالديمقراطية والاشتراكية والعدل الاجتماعي..واننا نفهم جيدا ان هذه هي أهدافه.. وأهداف ثورة مصر واهداف الثورة العربية كلها..وان الخلاف مع سوريا والحساسيات التي نشأت مع بعض الشخصيات الحزبية لا يجوز أن تعزل مصر وقائدها عن الشباب العربي في الأقطار الأخرى لمجرد شبهة الحزبية التي قد تكون اتهاما لا يقوم على أساس صحيح..ومضيت أقول للرئيس ان مصر ينبغي ان يكون صدرها واسعا وقلبها كبيرا..وانه يحسن التثبت من المعلومات والبعد عن الحساسيات.
< وماذا عن الثورة في اليمن ودعم مصر لها؟
<< استأذنت الرئيس في ابداء بعض الملاحظات على الاسلوب الذي بدأت أجهزة الاعلام تعالج به قضية الثورة في اليمن..فذكرت له أن صحف القاهرة قد ذكرت ان هناك فزعا في بغداد ودمشق وعمان الخ...من الثورة في اليمن وان عبدالكريم قاسم رفض الاعتراف بالجمهورية وانه اشترط على وزير خارجية اليمن تأييد العراق في ضم الكويت في مقابل اعترافه بالنظام الجمهوري..والحقيقة نقيض هذا كله..فقد ابدى العراق استعدادا للاعتراف كما ان دمشق رحبت بالثورة واعترفت بالجمهورية..وانه ايا تكن الأسباب فليس من المصلحة استعداء الدول العربية واستثارتها..وقلت للرئيس انني كنت في القاهرة حين قامت الثورة المصرية عام1952م ولا حظنا كيف انها أعلنت اولا ان هدفها هو تغيير القيادة العسكرية فقط ثم الحكومة..ثم ترحيل الملك مع الاحتفاظ بابنه الطفل ملكا وتشكيل مجلس وصاية وان الجمهورية لم تعلن الا بعد سنة..بل ان الثورة تغاضت عن وجود القاعدة العسكرية البريطانية في السويس وتحالفت مع الملوك والحكام العرب..كل هذا حتى يشتد عودها وتقوى شوكتها..هذا في مصر ولها وزنها وجيشها وشعبها الواعي فكيف باليمن وهي على ماهي عليه من تخلف داخلي وأخطار خارجية محدقة من الشمال والجنوب..البدر لم يمت تحت الأنقاض والحسن عائد من أمريكا.وقلت ان نجاح الثورة يستدعي عدم استثارة الغير واستفزازه قدر الامكان.. ونجاحها هو الذي سيكون له اثره على الأوضاع في الجنوب وفي الجزيرة العربية كلها..قلت هذا وأكثر منه دفعة واحدة للرئيس شعورا مني بالمسؤولية نحو بلدي اليمن ونحو مصر ونحو الثورة العربية كلها.

كان متفهما
< هل تقبل منك الرئيس جمال عبدالناصر كلما تحدثت به؟
××أشهد أنه كان معي مهذبا ورقيقا ولم يبد عليه الا الاهتمام وحسن الاستماع..وقال لي: بالنسبة الى ماسمعت من سامي شرف لا تهتم لهذا كثيرا ثم سأل متى أنضممت الى حزب البعث؟ فقلت:حين كنتم سمن على عسل مع الحزب..عندما كنتم تحضرون لوحدة سوريا ومصر وعندما ارتفعت الشعارات القومية وعمت المطبوعات والمنشورات شوارع القاهرة وحلمنا بتحقيق الوحدة من المحيط الى الخليج..قال:على كل حال خلافنا هو مع القيادات وليس مع الشباب ولن تجد منا الا كل عون..فقلت:ياسيادة الرئيس وحتى القيادات لا تكن لكم الا كل الاحترام والتقدير...وقد ختم الرئيس المقابلة بقوله:على كل حال أنت الآن مسافر الى اليمن..توجه على بركة الله واطلع على الأحوال هناك وسنراك عند عودتك..وكانت قد وصلتني برقية بتوقيع الرئيس عبدالله السلال يطلب فيها التوجه الى نيويورك لرئاسة وفداليمن الى الدورة السابعة عشرة للجمعية العمومية للأمم المتحدة وأن اعضاء الوفد وأوراق الاعتماد في الطريق..ورغم اني أحسست بعدم الترحيب بوصولي الى صنعاء فقد أصررت على التوجه اليها أولا وقد ذكرت هذا للرئيس جمال عبدالناصر.
وفي الثالث من تشرين ألأول..اكتوبر 1962م قامت بنا الطائرة الى الحديدة حيث التقيت هناك اللواء حمودالجائفي وزيرالدفاع والعقيدالرعيني وعددا من الضباط وقد أبدوا تبرمهم وسخطهم للقرارات الجديدة التي جعلت من الدكتور عبدالرحمن البيضاني وزيرالاقتصاد ليس نائبا لرئيس الوزراء فقط بل نائبا للقائد العام للقوات المسلحة..وسبب سخطهم أنه مدني والمنصب عسكري وأن هذا امتهان للقوات المسلحة اليمنية..وبعد الظهر وصلت الى صنعاء وتوجهت مباشرة مع الشهيد علي محمدالأحمدي وغيره من الوزراء الجدد الواصلين الى قيادة الجيش لمقابلة الرئيس عبدالله السلال.
وقد هالني أن وجدته في مكتب صغير وقد طالت لحيته ويبدو عليه السهر والارهاق وحوله عدد من رجال الثورة منهم الشهيد علي عبدالمغني والاخوة عبدالله جزيلان وعبداللطيف ضيف الله وغيرهم من الضباط والجنود والمراجعين..هذا يتحدث بالتلفون وذاك يطالب بمسدس وثالث يرفع صوته في حديث جانبي مع آخر وضجة وفوضى وارهاق ممايحول دون هذه القيادة الشابة والتفكير الهادئ والعمل المثمر..فأقترحت على الفور عقد جلسة لمجلس الوزراء لتنظيم العمل وتوزيع الاختصاصات وتحديد سياسة البلاد الداخلية والخارجية..وقد قوبل اقتراحي بالفتور وعدم الاهتمام وقال الرئيس السلال: لا فائدة من كثرة الاجتماعات..فقلت له: وكيف اذا ستسير امور البلاد؟ وقد أصررت على حضوره باعتباره رئيس الوزراء فوعد ان سمح له الوقت.
< هل تم الاجتماع؟
<< في القصر الجمهوري الذي كان يغص بالداخلين والخارجيين التقينا الدكتور عبدالرحمن البيضاني فأبدى ترددا في عقد جلسة لمجلس الوزراء..وبعد الحاح شديد وافق على الاجتماع ولعل وجود مندوبي وكالة انباء الشرق الأوسط المصرية ومصوريها الذين وصلوا معي قد شجع على عقد هذه الجلسة الأولى لمجلس الوزراء..ولم يحضر السلال رئيس الوزراء ورأس الاجتماع الدكتور عبدالرحمن البيضاني الذي اقترح ان يقتصر البحث على مايطرحه وزير الخارجية نظرا الى ضرورة سفره السريع الى الأمم المتحدة..وقد عرضت على المجلس بعض مادار في مقابلتي مع الرئيس جمال عبد الناصر واللواء عبدالكريم قاسم في بغداد وما بحثته مع عدد من سفراء الدول الكبرى في القاهرة..كما شرحت فهمي لسياسة الجمهورية كما جاءت في مبادئ الثورة وبيانها الأول..وأبديت استيائي من بعض التصريحات المرتجلة التي تصدر من بعض المسؤولين وتتصل بالسياسة الخارجية..فقد سمعت بعض التصريحات التي تهاجم المملكة العربية السعودية وتهدد بارسال المجاهدين افواجا لتحرير عدن والجنوب..وطالبت بالتروي وضبط النفس وعدم استعداء الغير علينا واستفزازهم ضد ثورتنا في ايامها الأولى..وقد أيد المجلس بالاجماع ماعرضته واقترح الدكتور البيصاني مبالغة في التأييد توجيه شكر مجلس الوزراء الى وزير الخارجية والموافقة على كل افكاره وسياسته الحكيمة..وأوصى بضرورة التوجه بسرعة الى الأمم المتحدة التي بدأت فيها أعمال الجمعية العمومية للعمل على ابعاد الوفد الملكي الذي كان وصل الى نيويورك لحضور الدورة واحتلال مقعد اليمن.

العودة الى القاهرة
< هل غادرت صنعاء بعد ذلك الاجتماع لمجلس الوزراء؟
<< نعم..في الصباح الباكر غادرت صنعاء ومعي على الطائرة عدد من الذي شاركوا في احداث القيام بالثورة واصيبوا اصابات بالغة ومنهم العقيد حمودالسكري الذي حاول اغتيال الامام البدر ليلة الثورة وأصيب في قصر البشائر والمقدم علي ابولحوم الذي أصيب عند اقتحام دارالاذاعة..وفي الطريق الى القاهرة سمعت تفاصيل ليلة السادس والعشرين من سبتمبر المجيدة وأحداثها وما سبقها وما تلاها..وقد ذكر لي اللواء عبدالله جزيلان والطيار عبدالرحيم عبدالله بعد سنوات عدة في القاهرة أنه كانت لديهم تعليمات بقتلي في صنعاء اذا لم أغادر البلاد في صباح اليوم التالي لوصولي..وأن السيارة المكلفة بهذه المهمة كانت معدة في ساحة القصر الجمهوري وأن الطيار عبدالرحيم عبدالله حرص على مرافقتي طوال الوقت منذ نزلت من الطائرة حتى عدت اليها في صباح اليوم التالي من أجل ضمان سفري وعدم تأخري تجنبا لأي مكروه..والعهدة في هذه الرواية على الأخوين جزيلان وعبدالرحيم.
< بعد وصولك الى القاهرة في طريقك الى نيويورك هل التقيت بالرئيس جمال عبدالناصر؟
<< نعم قابلت الرئيس جمال عبدالناصر يوم الجمعة 5تشرين الأول ..اكتوبر 1962م وعرضت عليه انطباعاتي عن سير الأمور في صنعاء ونقلت اليه ماسمعت من تذمر الضباط في صنعاء والحديدة من تصرفات المسؤولين الكبار الذين يحاول بعضهم الظهور وكأنه وحده محل ثقة القاهرة وسبب دعمها..وذكرت ماسمعته وشاهدته من تهور وطيش وتصرفات تتعارض مع أي شعور بالمسؤولية نحو اليمن وثورتها وظروفها ونحو مصر وجيشها وزعيمها..وركزت على أجهزة الاعلام اليمنية والمصرية وأسلوب معالجة العلاقات مع الدول العربية والأجنبية وضرورة التفكير في اسلوب مواجهة الصعاب التي تعترض طريق الثورة وهل العنف وحده هو الاسلوب الوحيد.
وقد رأى الرئيس عبدالناصر أن ابحث في الموضوع مع السيد انور السادات رئيس مجلس الأمة آنذاك والمختص بالشؤون اليمنية..وقد أتصل به في منزله وأخبره أني سأزوره في ألمساء عينه رغم أن الساعة كانت متأخرة وذلك لأنني سأغادر القاهرة الى نيويورك صباح اليوم التالي.

مع انور السادات
< ماذا دار بينك وبين أنور السادات؟
<< في منزل السادات بالهرم بالهرم حاولت ان ادلي بكل ماعندي من معلومات وملاحظات وافكار وكررت ماذكرت للرئيس في المقابلتين وله في مقابلة سابقة وماتجدد من انطباعات عما يجري في صنعاء ..فقال لي :انك منزعج ..أريدك تطمئن الى اننا نعد لكل امر عدته ولكل احتمال مايلزم..هذه القبائل ينبغي الا تزعجنا..ألا تعرف أننا الآن في سبيل ارسال الصاعقة الى اليمن..اننا ندرب جنود الصاعقة على أكل الثعابين..فمن يستطيع ان يقف امامهم؟ فقلت له ياسيدي انهم سيواجهون قبائل شرسة هي جزء من الصخر ومن الجبل..قبائل في بعض المناطق الثعابين عندها فاكهة..وقد ابتسم وقال:يبدو انك تجيد النكتة ايضا..فقلت له: كم كنت اتمنى لو كان الأمر مزاحا..على كل حال لقد قلت ماعندي بكل أمانة والبقية على الله ثم عليكم.
# يتبع الجزء الثاني في العدد القادم

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا