محليات

رئيس هيئة التفتيش القضائي في حوار لـ «26سبتمبر»: من مشاكل ومعوقات القضاء قلة الكادر وضعف البنية التحتية للمحاكم

رئيس هيئة التفتيش القضائي في حوار لـ «26سبتمبر»: من مشاكل ومعوقات القضاء قلة الكادر وضعف البنية التحتية للمحاكم

 نسعى مع السلطة القضائية إلى تعديل القوانين بما يسهم في تطوير المنظومة القانونية ويقرب العدالة للمواطن
, اصلاح وتطوير العمل القضائي من أبرز الأولويات التي يجب أن تحظى بمزيد من الاهتمام من قبل الجهات المختلفة وعلى المستويات الرسمية والشعبية

لخلق بيئة تساعد القضاء على القيام بدوره في إقامة العدل والفصل السريع في النزاعات والقضايا المختلفة التي تتراكم في المحاكم والنيابات المختلفة  .. وحول عدد من القضايا المتعلقة بالعمل في النيابات والمحاكم وأهمية التقييم والرقابة على عمل القضاة حرصت صحيفة "26سبتمبر" على اجراء حوار مع رئيس هيئة التفتيش القضائي عضو مجلس القضاء الأعلى القاضي احمد علي الشهاري الذي ناقشنا معه  عدد من القضايا والمواضيع الهامة والسبل الكفيلة  بتطوير وتحسين مستوى الأداء في العمل القضائي  ..

إلى أي مدى يُسهم التفتيش القضائي في تطوير العملية القضائية؟
لا شك أن لهيئة التفتيش القضائي دوراً فعالاً في تطوير العملية القضائية، ذلك أن قيام الهيئة بما يجب عليها من التفتيش على المحاكم والقضاة وأعمالهم بشكل مستمر ودوري ومفاجئ وتقييم وتقويم أعمالهم واستقبال الشكاوى بشأن القضايا المنظورة أمامهم ودراستها والتصرف في كل شكوى بما يناسبها واتخاذ اللازم في مواجهة المخالفين منهم والمقصرين وفقاً للقانون ومعرفة مدى صلاحية كل قاض للاستمرار في عمله المسند إليه وترشيح نقل القضاة بعد انقضاء المدة المحددة إلى عمل آخر وفقاً للمعايير والعرض على مجلس القضاء الأعلى بالترقيات المستحقة للقضاة واقتراح عقد الدورات التدريبية للقضاة في المواضيع ذات الأهمية وبحسب الحاجة، كل ذلك وغيره من الأعمال التي تقوم بها الهيئة لها دور كبير في تطوير العملية القضائية.

 كم عدد الشكاوى الواردة إلى الهيئة خلال عام 2020م؟ وكم عدد المخالفات التي ضبطت خلال تلك المدة وما أبرز تلك المخالفات؟
تلقت هيئة التفتيش القضائي خلال عام 2020م أكثر من (1700) شكوى وتم معالجتها والتصرف فيها جميعاً وبالنسبة للمخالفات فقد تم رصد العشرات من المخالفات، ووفقاً لقانون السلطة القضائية والصلاحيات المخولة للهيئة فإن الهيئة تتصرف بشأنها حسب طبيعة كل مخالفة فمنها ما يستدعي اصدار التنبيهات الشفهية أو الكتابية ومنها ما يستلزم رفع الدعاوى التأديبية والتي بلغت _ أي الدعاوى التأديبية_ خلال العام 2020م (24) دعوى ضد (24) قاضاً  وأبرز تلك المخالفات الانقطاع عن العمل ومخالفات مسلكية أخرى متنوعة تتعلق بواجبات الوظيفة القضائية ومقتضياتها.

ما هي الاجراءات المتخذة بحق مرتكبي المخالفات أو التجاوزات القضائية؟
حدد قانون السلطة القضائية العقوبات المتخذة بحق مرتكبي المخالفات وفقاً للمخالفة المرتكبة فالأمر ليس بالمزاج وانما لكل مخالفة عقوبة محددة ابتداءً من التنبيه الشفهي أو الكتابي أو اللوم، أو الإنذار، أو الحرمان من العلاوات الدورية أو التوقيف عن العمل أو تأخير الترقية أو النقل إلى وظيفة غير قضائية أو العزل ويتم إيقاع العقوبة المناسبة وفقاً للمخالفة المرتكبة وقد ترفع الحصانة عن القاضي إذا أرتكب ما يمثل جريمة ليتم التحقيق معه وفقاً للقانون.

عادةً لا يتم ذكر المخالفين. لماذا؟
نظراً لما يجب على الدولة والمجتمع من احترام السلطة القضائية باعتبارها من تفصل في الخصومات بين الناس ونظراً لأن التشهير بالقضاة سيفقد احترام الناس للسلطة القضائية ويزعزع الثقة فيها، وحيث أن الحفاظ على هيئة السلطة القضائية يعزز الثقة فيها فإنه لا يتم نشر اسماء القضاة وأعضاء النيابة المخالفين وإنما يتم النشر بالعقوبة دون ذكر اسم المُعاقب.

ما هي أبرز المشاكل التي يعاني منها القضاء في اليمن وكيف يمكن التغلب عليها؟
هناك مشاكل ومعوقات كثيرة يعاني منها القضاء متعددة ومتنوعة منها ما يعود لعدم اختيار الكوادر باهتمام بالغ نظراً لأهمية وقدسية القضاء ومنها ما يعود لضعف التأهيل،  ومنها ما يعود لنقص وشحة الإمكانات المادية من عدم صرف المرتبات، والحوافز، ونفقات التشغيل، ووسائل المواصلات، وقلة الكادر القضائي وضعف البنية التحتية للمحاكم من مبانٍ، وعدم ادخال التقنية الحديثة وأتمتة القضاء وقصور في بعض القوانين وضعف في أداء بعض المحامين ولدد في الخصومة تنتشر بين الناس لضعف الوازع الديني، وضعف الثقافة القانونية لتقصير الجهات ذات العلاقة، وغير ذلك من الاشكالات، ويمكن التغلب عليها بمعالجة كل منها بما يناسبها والتركيز من كل جهة للرفع بمستوى الأداء فيها، وعلى السلطة القضائية اختيار الكوادر المناسبة، وعلى الحكومة توفير الإمكانات المادية والبنية التحتية والكادر الإداري المعاون، والعمل على أتمتة القضاء، وتقوم السلطة التشريعية بتعديل القوانين بما من شأنه مواكبة التطورات، و على نقابة المحامين رفع مستوى أداء المحامين، هذا فضلاً عن أهمية دور الأعلام في الإرشاد وبث الثقافة القانونية وغرس الوازع الديني و كل ذلك لا يتأتى إلا بتضافر كل الجهود رسمياً وشعبياً.

أين التفتيش القضائي من حركة تطوير المنظومة العدلية؟
برز هذا المسمى مؤخراً نظراً لما تقتضيه ظروف المرحلة لما يوجد من ارتباط وثيق بين الجهات الأمنية بجميع فروعها والسلطة المحلية والسلطة القضائية بشقيها المحاكم والنيابات ونظراً لأهمية التنسيق بين هذه الجهات فإنه يلزم الاجتماع بين ممثلي هذه الجهات في الوحدات الإدارية _ المحافظات والمديريات _ بشكل دوري لمناقشة المهام المشتركة والعمل على تذليل الصعاب كل فيما يخصه، ولا شك أن هيئة التفتيش باعتبارها حلقة الوصل بين قيادة السلطة القضائية والقضاة فإنها تقوم بدور فعال في ذلك.

يُلاحظ أن الصلاحيات القانونية للتفتيش القضائي مقيدة!!!
حدد قانون السلطة القضائية والقوانين النافذة صلاحيات هيئة التفتيش القضائي وتلك الصلاحيات منضبطة بما من شأنه الرقابة على أعمال القضاة وتقييم أدائهم مع عدم التدخل في قضائهم، وبالتأمل في النصوص القانونية ذات الصلة نجد أنها متزنة جداً فهي تعطي الصلاحية لهيئة التفتيش القضائي للرقابة القانونية على القضاة وتقييم أدائهم ويمنعها من التغول والتدخل بتوجيه القضاة في الأحكام وذلك عين الصواب.

كيف يتم التعامل مع الشكاوى المقدمة من المواطنين والتمييز بين الحقيقية والكيدية؟
نظمت لائحة هيئة التفتيش القضائي طريقة وكيفية استقبال الشكاوى والشروط الواجب توفرها فيها، وخصصت هيئة التفتيش القضائي دائرة تسمى دائرة الشكاوى ابتداء من استقبال الجمهور والشاكين مروراً بفحصها شكلياً وتوفر الصفة وقيدها ودراستها من قبل أعضاء الدائرة واطلاع رئيس الدائرة على ذلك الرأي ثم الرفع لرئاسة الهيئة للتوجيه بما يلزم في كل شكوى على حدة بما يناسبها ، ومن خلال الدراسات للشكاوى ومرفقاتها يتضح مدى صحة  كل شكوى أو كيديتها؛ ذلك أنه يتضح من خلال الشكاوى معرفة أسماء طرفي القضية والمحكمة والقاضي الذي ينظر القضية وموضوع القضية وماهية المخالفات ( المهنية أوالمسلكية) التي يرى الشاكي أنها مخالفات والاجراءات التي تمت في القضية وآخر إجراء تم فيها، ومن خلال ذلك يظهر ملامح صحة الشكوى أو العكس ويتم اتخاذ الاجراء المناسب فمنها ما يظهر كيدية الشكوى ويتم حفظها ومنها ما يلزم مخاطبة القاضي للإفادة عن الاجراءات التي تمت في القضية من واقع ملفها، ومنها ما يلزم تواصل قيادة الهيئة بالقاضي للاستفسار وتصويب المسار القانوني إن لزم، ومنها ما يتم تكليف مفتش للنزول لبحث الشكوى ميدانياً ورفع تقرير مفصل و إذا ثبت وقوع مخالفة فإنه يتم إحالة القاضي  إلى دائرة التحقيق والدعاوى التأديبية للتحقيق في المخالفات المنسوبة إليه وإلزامه بالحضور للتحقيق والدفاع عن نفسه ومن ثم يتم اتخاذ الاجراء القانوني وفقاً لما يسفر عنه التحقيق.

هل هناك توجه لتطوير القوانين بما يواكب التطورات ويسهم في تطوير آلية التفتيش القضائي؟
تطوير القوانين أو تعديلها يحتاج إلى تضافر جهود كبيرة في السلطة القضائية والتشريعية والتنفيذية وقد سعت السلطة القضائية لمسح القوانين ووضع الخطط العاجلة وطويلة المدى لإجراء التعديلات القانونية، وقد عملت السلطة القضائية على تعديل بعض مواد قانون المرافعات وصدر القانون بشأنها رقم 1/2021م ونحن في الهيئة نسعى مع السلطة القضائية إلى تعديل القوانين بما يسهم في تطوير المنظومة القانونية ويقرب العدالة للمواطن ويرفع مستوى القضاء بشكل عام وهيئة التفتيش القضائي جزء من السلطة القضائية وقلبها النابض.

ما هي خطة هيئة التفتيش القضائي في اطار الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة؟
شاركت السلطة القضائية منذ الوهلة الأولى لوضع الرؤية الوطنية بمناقشتها قبل اقرارها ووضع التصورات بشأنها، وعملت على تنفيذ ما يخصها بعد إقرارها، واصدر مجلس القضاء الأعلى عدة قرارات بتشكيل لجان فور إقرارها للعمل على تنفيذ ذلك وعملت اللجان عدة أشهر وأفرزت عدة أنشطة وتم وضع المشكلات والعوائق ومقترحات الحلول ووضع مسار عاجل وآخر مرحلي أو آجل وتم وضع الخطط العملية المزمنة لتنفيذها، وتم انشاء وحدة خاصة بالسلطة القضائية ووحدة تنفيذية في كل هيئة  من هيئات السلطة القضائية وهيئة التفتيش القضائي إحدى تلك الهيئات لديها خطة خاصة بها وهي خطة طموحة قوية ونموذجية مزمنة تحتاج إلى قوة وصبر وثبات وإمكانيات لتنفيذها، وسعت الهيئة إلى تنفيذها من أول شهر تم إقرار الخطة فيها ووضعتها موضع التنفيذ.

تصحيح عمل الامناء الشرعيين إلى أي مدى يسهم في الحد من قضايا الأراضي؟
كانت العشوائية في كتابة المحررات مصيبة كبرى حيث أوجدت تلك العشوائية وخلقت الآلاف من المشاكل المتنوعة في المجتمع من اعتداءات وقتل ونزاع على الأراضي وغير ذلك، وكل ذلك يصب الآلاف من القضايا على اقسام الشرطة والنيابة والمحاكم، ولا شك أن تنظيم وتصحيح عمل الأمناء يقلل من عدد تلك القضايا، وقد لوحظ نقص القضايا الواردة إلى المحاكم بشأن الأراضي بشكل كبير بعد العمل على تصحيح وضع الأمناء( كُتاب المحررات)، وكلما نقص عدد القضايا في المحاكم تحسن الأداء، ذلك أن العلاقة بين كثرة القضايا المعروضة على المحاكم وبين مستوى الأداء عكسية لأن الكادر القضائي والإداري والبنية التحتية هي ذاتها،  في الوقت الذي تزيد فيه عدد القضايا،  مما يؤدي إلى إطالة أمد التقاضي،  فالقاضي الذي يكون له مائة قضية منظورة مثلا سيبدع ويفصل في تلك القضايا في وقت قياسي بينما ليس الحال كذلك إذا كانت القضايا المعروضة عليه(400) قضية مثلاً وهكذا.

تقييمكم للتعاون بين الأجهزة الأمنية والقضائية؟
أن التعاون بين الأجهزة الأمنية والقضائية شيء لا بد منه وهو أمر أوجبه القانون وفرضه والواقع العملي، ولهذا فقد عملت قيادة الدولة على إيجاد التنسيق بين تلك الأجهزة عبر إنشاء لجنة المنظومة العدلية التي تضم عدداً من قيادات الدولة والسلطة القضائية والأجهزة الأمنية، وهذا كان له الأثر الكبير والفعال في حل كثير من الإشكالات وخلق الانسجام بين القضاء والأمن وبما من شأنه تحقيق العدالة الناجزة، ويمكن تقييم التعاون بين السلطة القضائية والأجهزة الأمنية بأنه جيد جداً وفي تطور مستمر وسينعكس هذا التعاون بلا شك على المجتمع إيجاباً بمحاربة الجريمة وسرعة إنجاز القضايا الجزائية خاصةً التي على ذمتها مساجين.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا