أخبار وتقارير

مولد النور

مولد النور

جميل عتيق/ 


إن الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف بالنسبة لشعبنا اليمني الصامد ليس مجرد فعاليات ومهرجانات ومظاهر شكلية تعود الناس عليها كل عام،

بل هو عبارة عن ترسيخ لعلاقتنا برسولنا العظيم محمد صلوات الله عليه وعلى آله وبالرسالة التي جاء بها من عند الله وترجمتها إلى إيمان عملي يثمر بركة في الدنيا وفوزاً في الآخرة، لهذا يحتفل عامة شعبنا اليمني المسلم بذكرى المولد النبوي الشريف بشكل استثنائي كل عام، إلى حد أن كل شيء في اليمن ينطق باسم رسولنا العظيم ويحتفل بمولده، فحتى الجمادات تحتفي بذكرى قدومه وتكتسي باللون الأخضر الذي يعبر عن الرحمة والخير والبركة، وعلى الرغم من الظروف الصعبة التي يعيشها شعبنا اليمني الصامد بسبب العدوان والحصار إلا انه يتشبث بحبه وعلاقته وإتباعه لرسول الله محمد صلوات الله عليه وعلى آله وسلم، ويمضي قدماً في مواجهة الطواغيت والمستكبرين بقوة إيمانية صلبة على نفس الصراط الذي سلكه رسول الله.
فقديما مضى شعب الأنصار إلى الأمام في مسيرة الإسلام على خطى سيد الأنام بمواقف عظيمة وأعمال قوية ومشرفة وبإيمان قوي بالله ورسوله قولاً وعملاً يشهد على صدقه وفاعلية نتائجه الإيجابية وآثاره العظيمة وثماره المباركة ، من منطلق قول الله تعالى ﴿لَكِنِ الرَّسُولُ والَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جاهَدُوا بِأمْوالِهِمْ وأنْفُسِهِمْ وأُولَئِكَ لَهُمُ الخَيْراتُ وأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ﴾ واقتداءً برسول الله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله واستجابة لله تعالى يعمل شعبنا الصامد على تجسيد مضامين هذه الآية المباركة لكي يكون من الذين آمنوا برسول الله وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم وهذا ما يحصل اليوم بالضبط في مواجهة دول تحالف العدوان الأمريكي -السعودي ويبرهن حقيقة ذلك الصمود الأسطوري والتضحيات الجسيمة والمواقف الجهادية والانتصارات العسكرية والانجازات الميدانية وغير ذلك الكثير الذي يبرهن مدى تمسك هذا الشعب بهويته الإيمانية ومدى ارتباطه بالرسالة الإلهية المحمدية.
إن مانشهده اليوم هو ثورة إسلامية محمدية شاملة على خطى رسول الله في كل مجالات الحياة وفق الشريعة الإسلامية التي جاء بها رسول الله محمد صلوات الله عليه وعلى آله وسلم من عند الله تعالى، ثورة تربوية توعوية مفعمة بالعلم والهدى والنور والبصيرة لنشر هدى الله على أساس محكم آيات القرآن الكريم لزرع قيم تعاليم الإسلام ومحاربة العقائد الباطلة والثقافات المغلوطة، وثورة تنموية اقتصادية تهدف إلى بناء مجتمع إسلامي قوي يعتمد على نفسه ويأكل من خيرات بلاده ويطور وينتج ما يحتاج اليه من خلال ما أنعم الله عليه، وثورة عسكرية أمنية تسعى لإقامة الحق والعدل ومحاربة الظلم والفساد ومواجهة الطواغيت والمجرمين ونصرة المستضعفين وتحقيق مبادئ الحرية والاستقلال لكي نكون أمة عزيزة كريمة لا يهيمن عليها المستكبرون ولا يمتهنها أو يستعبدها الغزاة المستعمرون، وهكذا سنمضي كشعب يمني مسلم في ثورة شاملة من أجل تغيير الواقع المظلم الذي يريد الباطل أن يفرضه بالقوة ونصنع بدلاً عنه واقعاً مشرقاً تحفه العزة والحرية من كل الاتجاهات-بإذن الله تعالى .
فاحتفلنا بذكرى المولد اليوم جاء انطلاقاً من عدة دوافع هي:
- تجسيدًا لتقوى الله وتعظيماً لشعائره، قال تعالى : (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ).
- نصرة لرسول الله، واتِّباعاً للنور الذي أنزل معه، وسعيًا للفلاح الذي تحدث الله عنه في قوله: (فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ، أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
- ردًّا حاسمًا، شعبيًّا وجماهيريًّا على كُـلّ الإساءَات الموجهة إلى الرسول الأعظم، وردعا لكل قوى الاستكبار التي تتعمد الإساءة إليه خدمة لأهدافها الرامية إلى اجتثاث الإسلام واستعمار أهله.
- انطلاقًا من حاجتنا الماسَّة إلى الرسول الأعظم، قُدوةً وقائدًا ومربيًّا ومعلِّمًا وهاديًا، ونورًا مبينًا في ظلمات حاضرنا المأساوي الذي صنعه الطغاة في هذا العصر.
- تعزيزًا لارتباطنا بمنظومة القِيَم المُثلى، والمبادئ العليا التي جاء بها الرسولُ الأكرم، ومثّلت منعطفًا في تاريخ البشرية، وتحوُّلًا في مسارها، وختامًا لأنوار الرسالات الإلهية التي تنير طريقها على مر العصور.
- تمسُّكًا بالمشروع الإلهي الذي تحَرّك على أَسَاسه النبيُّ المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وسلم، وكان سبيله للوصول إلى رضوان الله الودود، وتحقيق التغيير المنشود، الذي حوَّل عربَ البعير والشاة من عالم العشوائية إلى المجتمع المنظم الذي استطاع -فيما بعدُ- أن يهزم كُـلّ الدول الكبرى في ذلك العصر.
- إعلانًا لالتزامنا الدائمِ بالمنهج القويم والكتاب الحكيم الذي أنزل مع الرسول الأكرم، وهو القرآنُ الكريم، وسعيًا لتنفيذ توجيهاته العظيمة، والالتزام بمواقفه الحكيمة، التي تمثّل الحلولَ السليمةَ لكل ما تعانيه الأُمَّــةُ من أسباب الذلة والهوان، وهي المنهلُ الوحيدُ لعزة أمتنا المفقودة في واقعنا المرير.
- تأكيدًا على تحَرُّكِنا العمليِّ الجادِّ والصادقِ للاقتدَاء بالنبي الأعظم، وتطبيق التعليمات التي قدمها لتربية الأُمَّــة، للارتقاءِ بوعيها وثقافتها وتصحيح أخطائها وتقويم سلوكها، حتى تكونَ قادرةً على النهوضِ بمسؤوليتها والقيام بالدور المنوط بها.
- تحقيقًا للوَحدة الإسلامية الحقيقية التي يعتبر الرسولُ الأكرم أهمَّ رموزها وأقدس مقدساتها.
- ذِكْرًا لله وتذكُّرًا لنعمته وأداءً لشكره، استجابةً لقوله: (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُون) .. بعد قوله تعالى: (كَمَا أرسلنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ).

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا