أخبار وتقارير

ثورتان ضد الطاغوت..الـ 10 من محرم والـ 21 من سبتمبر ( 1- 2)

ثورتان ضد الطاغوت..الـ 10 من محرم والـ 21 من سبتمبر ( 1- 2)

ما من ثورة إلا وهي مستمدة من ثورة الحسين  (عليه السلام) ، أو متأثرة بها ..

فثورته  (عليه السلام) تعد أم الثورات، وهي أعظم ثورة إسلامية إنسانية عرفتها البشرية.
    لقد ألهبت هذه الثورة عواطف أحرار العالم، فهبوا لتحرير المجتمعات من رق العبودية والذلة والمهانة، وإنقاذها من سلاطين الجور والفساد والطغيان، وسلاطين الاستكبار العالمي؛ لتحيا مجتمعات العالم حياة إنسانية عادلة، خالية من كل جوانب الفكر الوهابي، بالفساد والطغيان والإستكبار والإجرام .. ولتحكمها القوانين الإلهية، التي جاءت بها الكتب السماوية.
     ولقد بين الإمام الحسين (عليه السلام) الدوافع التي أدّتْ إلى خروجه على طاغية زمانه (يزيد) ، فقال (عليه السلام) موصيا أخاه محمد بن الحنفية :
{ إني لم أخرج أشَرَاً ولا بَطَراً، ولا مُفسِداً ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، أريد أن آمر بالمعروف، وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدي وأبي ...، } .
    فالإمام الحسين ما خرج إلاّ لطلب الإصلاح، وهذا يعني أن هناك فساد كبير قد استشرى في جسد الأمة، من جميع الجوانب، (فساد ثقافي وأخلاقي وصحي، وفساد مالي وإداري، وفساد اجتماعي واقتصادي وسياسي ..الخ)..
    ناهيك عن:  
    [تحريف الدين، واستبدال الأحكام، ونشر البدع، وتدنيس المقدسات، وتغييب وصية رسول الله صلوات الله عليه وآله بوجوب موالاة عترته من بعده، وولايتهم للامة، ومسيرتهم الجهاديه].
    فمعاوية، منذ استيلائه على الحكم، ولمدة عشرين عاماً، وهو يقوم بتحريف الدين، ونشر الأخبار الكاذبة، التي تحط من مقام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، والأخبار المزيفة التي تحط من منزلة آل البيت، وخاصة الإمام علي (عليه السلام) ، مجاهرة، وذلك عبر علماء بلاطه، الذين أغدق عليهم بأمواله، حتى فعلوا له ما قرت به نفسه.
    في المقابل، فقد عمل معاوية، بدهاء ومكر عظيمين، على حرف بوصلة الولاء والمودة عن آل رسول الله وعترته، إلى غيرهم، حيث أمر علماء بلاطه بالإكثار من وضع فضائل للصحابة، بمثل فضائل (علي) عليه السلام، وخلع فضائل الإمام (على) عليهم،  ووضع مثالب تشين مكانة (علي) ، وتنتقص من قدره، وتتجاهل أدواره ومواقفه ومكانته (عليه السلام) كما جاء في تاريخ المدائني.
    أضف إلى ما سبق استئثاره بالسلطة، وإكثاره من قتل أتباع ومحبي الإمام علي  (عليه السلام)، ومطاردتهم في كل مكان، وسفكه الدماء البريئة لكل مخالفيه، وقطع أرزاقهم، وإيذائهم بكل أنواع الأذى، وممارسة السحر، وتحريم الحلال، وإباحة المحرم كالخمور.، وهذا يعلمه كل من قرأ التاريخ الأسود لبني أميّة.
    لقد مثلت هذه التغييرات العاصفة لكل مبادئ الدين الإسلامي وأهدافه، رغم حداثة عهده، الدافع لتحرك الإمام الحسين، فبعد تقييمه لهذه الأوضاع، كان لابد من عمل ثوري يجتث هذا الفساد من جذوره، وإلا لن يبقى للإسلام أثر بعد مدة من الزمن، وستضيع جهود جده رسول الله هدراً، ولذا كان يعد  للثورة منذ زمن معاوية، مع قلة قليلة من أصحابه المخلصين، وكانت مهمتهم آنذاك بعث روح الثورة في النفوس، كنوع من الإعلام الوقائي المضاد، عن طريق إظهار المظالم التي أتخم بها عهد معاوية، انتظاراً لليوم الموعود، وبتعبير آخر للوقت المناسب للتحرك، ولم يعقه عن التحرك المبكر، إلاّ مبادئه، فقد كان يراعي ويحترم معاهدته لأخيه الحسن عليه السلام، فرغم امتلاكه الأهلية للتحرك، كان يراعي شرعية هذا التحرك، ثم سنرى كيف تحول هذا الإنتظار إلى واحد من أقوى حوافز الثورة.
   لم يكن صلح الإمام الحسن (عليه السلام) مع معاوية، إلا أساساً من أسس ثورة الحسين (عليه السلام) ، وذلك أن معاوية نقض العهود والمواثيق، ورمى بجميع الشروط التي شرطها عليه الحسن (عليه السلام) عرض الحائط، وهذا ما جعل حقيقته تنكشف للناس، بأنه مجرد مخادع، متستر بلباس الإسلام، لا يفي بعهد، ولا يحترم ميثاقاً.
   لقد مهّدت هذه الأحداث لثورة الحسين المباركة، لأن خطر الحكم الأموي، على الإسلام وأهله، كان يشهد تصاعداً متسارعاً وخطيراً، كل يوم، إلى أن بلغ أوجه في عهد الطاغية الفاجر يزيد.

التاريخ يعيد نفسه
 إننا حين ننظر بحياد ومسؤولية علمية، إلى الثورة اليمنية، ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر سنة 2014 م، نجد أن روحها مستمدة من روح ثورة الحسين (عليه السلام)، حيث خرج الشعب اليمني رافضاً للهيمنة الأمريكية والوصاية السعودية، ورافضاً للاستعباد إلا لرب العباد، رافضاً للقمع الفكري، والتضليل الإعلامي، وتوسيع فجوة التباعد المذهبي والعقائدي والمناطقي والحزبي، الذي استعمله طاغوت تحالف العصر، لمحو الدولة اليمنية، وجعلها دولة فاشلة، ليسهل عليه تولية وكلائة وخدامه عليها، فتكون ولاية إضافية للولايات المتحدة، وجزءاً جديداً يضاف لخارطة (إسرائيل العظمى) التي يحلم بها الصهاينة، ويسعون لجعله واقعاً وحقيقة، بكل ما أوتوا، وما أوتي حلفاؤهم من علم وإعلام، وتخطيط ومكر وتضليل، ومال وقوة.

الثورة وحسين العصر
   إن الذي وضع أول بذور هذه الثورة هو الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي - رضوان الله عليه - بعد أحداث مكيدة 21 سبتمبر  عام ٢٠٠١م ، والتحركات المريبة والسريعة للقوات الأمريكية، واستهداف المسلمين، وإعلان الرئيس الأمريكي آنذاك بدء مرحلة  (صراع الحضارات)، وتصريحه بأن تصادم الحضارة المسيحية مع نظيرتها الإسلامية أصبح أمراً حتمياً، وأن هناك أمة سوف تتحمل نتائج هذه الأحداث..
    ومع بدء التحرك الأمريكي ببوارجه البحرية وحاملات طائراته الحربية، للقضاء على الإرهاب -حسب زعمه- بعد وصم الإسلام به، كان السيد حسين الحوثي، حفيد ووارث الإمام الحسين بن علي، يرى الأحداث ببصر حاد وبصيرة نافذة، وقرأ ما بين السطور، وتحرك...
    تحرك، ومعه مجموعة قليلة من المؤمنين، في جبال مران، فبثوا في عقول الناس الوعي، والقراءة الصادقة للمرحلة وأحداثها، وبثوا في قلوبهم روح الجهاد والعزة والكرامة والإباء، وعدم السكوت عن فساد الأنظمة العميلة، التي تنهب مقدرات وثروات الشعوب، ومَنها الشعب اليمني.
   كان تحرك الشهيد القائد آنذاك تمهيداً لثورة الواحد والعشرين من سبتمبر، التي ماهي إلا ثمرة جهوده، المتممة لحركته الجهادية في ظل المشروع القرآني.
    خرج الشعب اليمني تحت راية قائده المبارك السيد عبد الملك الحوثي، وكان شعار اليمنيين في ثورتهم:
 (هيهات منا الذلة)
الشعار نفسه، الذي أطلقه الإمام (الحسين) في (كربلاء).
   وأثناء أحداث هذه الثورة ، وقف العالم كالمبهوت، أمام قوتها ، وعنفوانها، وعدالة قضيتها، وحكمة قائدها، وإنسانية صانعيها، ورقي أخلاق منتسبيها، في تعاملهم مع بعضهم، ومع كافة الأطياف داخلياً وخارجياً.
    وحين انتصرت هذه الثورة الحسينية، تكالبت عليها قوى الاستكبار اليزيدية مع أحذيتها من أنظمة ابن زياد وابن سعد (آل سعود وآل نهيان) فصبوا جام غضبهم على الشعب اليمني، فأحرقوا البشر والشجر والحجر، لم يستثنوا شيئا مما فيه خدمة المواطن اليمني إلا استهدفوه ،بغاراتهم ناهيك عن مئات المجازر التي ارتكبوها في حق الأطفال والنساء وكبار السن، وكذلك حصارهم البري والجوي والبحري، منذ ما يقارب الأربعة أعوام، الحصار الذي أصرَّ، وبعقلية لصوص القرون الوسطى، على حرمان اليمنيين من الدواء والغذاء الضروري.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا