أخبار وتقارير

تعز والارتباط التاريخي بذكرى المولد النبوي الشريف

علاقة أهل تعز بالمولد النبوي الشريف صغاراً وكباراً ونساء ورجالا وعامة، هي ثقافة علاقه لا تنفد مثل علاقة الشديد العطش بالماء البارد وعلاقة شديد الجوع بألذ الأطعمة الشهية

وعلاقة صاحب الشم الصحيح بأطيب الروائح وعلاقة صحيح السمع بنغمة داوود وعلاقة السليم الحس والمبرود بالنسيم الدافئ وعلاقة المحرور بالنسيم البارد فهي علاقة مفادها البهجة والفرحة والسرور والحب والشوق والعشق والحنين والأنين؛ باعتبارها مناسبة دينية إيمانية روحانية تغذي الروح وتوسع آفاقه وتقوي جوانبه وتفتح بصيرته من حيث كسب مزائد الايمان والحب والعرفان لله ورسوله صلى الله عليه وسلم ولا يتنكر لهذه المناسبة الا فاسد المزاج اعمى البصيرة فاقد الهوية.. ولا يتم الحصول على ثمرة هذه المناسبة الروحانية إلا اذا تم إحياؤها بما يناسبها ويناسب حدثها الأول الذي وقعت فيه واكتملت مكونات المناسبة وهي عودة المحب لها من حيث تصوره ومداركه المعرفية إلى الزمن والمكان الذين حصلت فيهما هذه المناسبة حيث يتصور مكة وواقعها المعاصر ويستشعر الأسرة الهاشمية بجميع أفرادها ويستشعر الحياة المعاصرة للشعوب وأهلها من حاكم ومحكوم في جميع مناحي الحياة وإيمان الشعوب بمجيئ الرحمة العالمية لهذا الوجود ليخلص العالم مما هم فيه من جهالة وظلم وجور وفساد خلقي وكفر عقائدي ويستشعر الارهاصات التي وقعت قبل مولده صلى الله عليه وسلم ويستشعر حمل امه له وخروجه من بطن امه كالبدر المنير والقوابل اللاتي حضرن مولده ويستشعر فرحة الأسرة الهاشمية بمقدم هذا المولود وفرحة الوجود كله بمولده صلى الله عليه وسلم ويستشعر بقية أحداث الحياة المعاصرة لحياة النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن أكرمه الله بالنبوة والرسالة والأحداث التي عمت المجتمع المعاصر للنبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم والحياة البشرية التي عاصرت زمان ما قبل مولده وهذه هي أركان المناسبة.
حيث يتم إحياء المناسبة بما يناسبها من الأقوال والأفعال منها الفرح بالنبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه باعتباره النعمة العظمى للبشرية ثم شكر الله على هذه النعمة وبعدها التحدث في أمور ما قبل المولد النبوي ذات العلاقة بالمولد النبوي وصاحبه، ثم التحدث عن الأسرة الهاشمية وعلى رأسهم أبوي النبي صلى الله عليه وسلم وعن زواجهما وحمل أمه له وولادته وقوابله ورضاعه ونشأته في بادية بني سعد وكفالة أمه له وكفالة جده وكفالة عمه أبى طالب وشمائله الخلقية.
ثم التحدث عن حياته كنبي ورسول مرسل للعالمين ورحمة للعالمين وخاتم للنبيين والمرسلين وشمائله الخلقية والخلقية ذات العلاقة بنبوته ورسالته وسيرته النبوية بما فيها غزواته وسرايه في مجاهدة أعداء الله وذكر الأحداث التي لقاها من قومه والأحداث التي أتته من محبيه ومناصريه ممن آمن به واتبعه من المجاهدين والأنصار هذه هي أركان إحياء مناسبة المولد في تعز التي تتوج بإطعام من حضر من الفقراء والمساكين والمحبين لهذه المناسبة.
وقد دخل التوسع على هذه المناسبة من حيث المراسيم التي تؤدى فيها أولا من حيث تأليف كتاب المولد فقد بلغت المؤلفات في هذا الحدث مائتي مؤلف منسوبة إلى أئمة العلم منهم من ألف مولده بأسلوب النثر ولم يدخل فيه من أسلوب الشعر إلا قصيدة واحدة وهي التي تقال حال الترحيب به بمقدمه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، ومنهم من ألف مولده بأسلوب الشعر ومنهم من جمع بين الشعر والنثر حيث ادرجت في بعض الموالد سبعين قصيدة لكل قصيدة لحنها الخاص وزمانها الخاص وبذا يكون المولد قد جمع بين العلم والأدب والفن فصار بذلك من أعظم الروافد المعرفية والثقافية وأعظم المدارس الإيمانية وروافد المحبة والشوق للرسول صلى الله عليه وآله وصحبه من حيث ذاته وشمائله وسيرته ودينه الذي أتى به وآل بيته وصحابته.
والمولد يتضمن كل ذلك ولهذا لما دخل التطور على هذه المناسبة من حيث الإحياء والجوانب التي تحيا فيها، عرف الناس ثمرتها على الواقع وخيرها العائد على الواقع، وارتبط الناس بها ارتباطا ايمانياً وروحانياً وحباً وارتباطاً شديدا طمعا في خيرها وثمارها إلى درجة أن الميسورين أوقفوا أغلى ما يملكون من عقار لأحياء ليلة المولد النبوي الشريف، واحيائها لا يخرج عن ذكر الله سبحانه وتعالى وذكر النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وذكر شمائله الخلقية والخلقية وسيرته والاستفادة من هذه السيرة ومن شمائله وأخلاقه وأخذ العظة والعبرة من ذلك كله.
لذا فإن مكانة هذه المناسبة من المناسبات الدينية الاخرى مكانة الأصل من الفرع طمعا في خيرها وبركتها فقد دخل التوسع فيها إلى خارج المناسبة، حيث يتم إحياء كل حدث بقراءة المولد النبوي الشريف كمناسبة ليلة النصف من شهر شعبان ومناسبة الإسراء والمعراج والهجرة وفي رمضان وعند الذهاب للحج والعودة منه وأحداث المواليد والوفيات وفي مراسيم العزاء ومراسيم النجاح في جميع الأمور ومراسيم الزواج حتى الانتهاء من عمارة البيوت يقرأون المولد تبركا وأعظم خيراته هو بذر محبة النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه في النفوس وتعظيمه وتوقيره والتعلق بشخصيته وشمائله وسيرته والفخر والاعتزاز به.
ولسنا هنا بصدد إثبات الأدلة على جواز ومشروعية إحياء هذه المناسبة فالشواهد كثيرة ويكفي منها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعظم يوم مولده ويحتفل فيه بالصيام شكرا لخالقه الذي من عليه بنعمة الوجود والإيجاد ولازال صدى هذه المناسبة وذكرياتها في قلبي ونفسي من بداية نشأة عمري حيث كانت تقام في أسرتي جيلا بعد جيل وكان لها الدور الكبير في غرس المحبة والشوق للرسول صلى الله عليه وسلم، ولها الدور والأثر الكبير في تطور ثقافتي وحياتي الروحانية والصوفية.
حتى جاءت بعض الثقافات المغلوطة والصحراوية الجافة لتعمل على تكميم الأفواه عن هذه المناسبة وقطعها وإماتتها وقطع علاقة الناس بها ووصفها بالبدعة وبئس ما يدعون .. حتى جاء بفضل الله وعونه من يعيد لهذه الثقافة مجدها وعزها ورسالتها وخيرها وبركتها وهم رجال المسيرة القرآنية وعلى رأسهم السيد عبدالملك بدر الدين فجزاهم الله خيرا.
حيث كانت فعاليات الإحياء والاحتفاء بهذه المناسبة قد انحسرت كثيرا إلا في بعض المناطق كمدينة التربة وخاصة في بيت المسني وبيت الفرعي المنصوب جزاهم الله خير ويحضرها الناس من مناطق شتى وفي يفرس وأيضا في محل إقامة سيدي الشيخ المرحوم عبدالباري السروي وفي صبر وفي مديرية خدير محل إقامتنا حيث نقيمها كل سنة دون انقطاع ، وهناك الكثير والكثير من المناطق والقرى التي تحتفي بهذه المناسبة العظيمة، وما تم ذكره وتحديده بالاسم هي المواطن الرسمية في محافظة تعز والتي تتميز عن غيرها من المناطق والقرى في إقامة وإحياء هذه المناسبة.. ولنا مؤلف كبير وواسع حول هذه المناسبة إن شاء الله سيتم طبعه ونشره.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا