الأخبار

 عسير وتنومة .. من كتاب " تقسيم اليمن بصمات بريطانية " (5)

26سبتمبرنت / خالد الأشموري -

فصل عسير ونجران

لم تكن بريطانيا تهتم كثيراً بمناطق عسير ونجران لكنها رأت أن تصبح تلك المناطق تحت سلطة تابعة لها ولهذا لم تكن أبداً ترغب في وحدة اليمن التاريخي بما يضمن بقاء عسير ونجران ضمن اليمن لما لتلك المناطق من أهمية استراتيجية بالنسبة للحجاز ونجد، وقد ركزت السياسة البريطانية أكثر على عسير تهامة بسبب جزر فرسان النفطية، وقد شعرت بريطانيا بأهمية عسير بالنسبة لليمن فراحت نحو مساومة الإمام يحيى لدفعه إلى التنازل عن عدن والمحميات مقابل تمكينه من ضم عسير ونجران ولهذا نجد أن هناك بصمات بريطانية واضحة في الصراع اليمني السعودي، وهنا نحيل القارئ العزيز على كتاب الحروب اليمنية السعودية والدور البريطاني غير أننا هنا سنتناول بشكل موجز عناوين من التآمر البريطاني على اليمن وهو التآمر الذي أسهم في ضم قلب اليمن الأعلى عسير السراة وتهامة وكذلك نجران إلى المملكة السعودية.

 عسير وتنومة .. من كتاب " تقسيم اليمن بصمات بريطانية " (5)

لقد قدمت بريطانيا كل الدعم لابن سعود وشاركت في قمع أي انتفاضات أو ثورات ضده حيث أنهى بن سعود بمساعدة بريطانيا مشاكله الداخلية والخارجية 1930م بمساعدة بريطانية فقد تمكن من قمع ثورات وحركات تمرد ما بين 1930-1933م والتي كان آخرها ثورة عسير فلا توجد دولة ترضى بتوسع أبن سعود أكثر مما هو عليه سوى بريطانيا كما يقول القنصل العراقي بجدة آنذاك " وهي التي يهمها تجريد العرب من السلاح في الجزيرة العربية مهما كلف ذلك" وكانت هناك أطراف بريطانية متحمسة لفكرة توليه عبد العزيز كل مناطق الجزيرة العربية بل تحويله إلى ملك لكافة العرب وربط هذا المشروع بمشروع إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.

مجزرة تنومه وسدوان:

عقب الحرب العالمية الأولى رأى بن سعود أن السيطرة على عسير السراة تمكنه من إمتلاك مفتاحين الأول مفتاح الحجاز والثاني مفتاح اليمن، مع إقتراب حكام عسير من آل عائض أثناء الحرب العالمية الأولى من موقف الإمام يحيى في مساندة العثمانيين كانت بريطانيا لا تمانع في التوسع السعودي بأتجاه عسير إن لم يكن ذلك يخدم سياساتها بالفعل للتصادم اليمني النجدي، وقد تابع اليمن تطورات الموقف وسط وشمال الجزيرة العربية لا سيما بين بن سعود والشريف حسين حيث منعت بريطانيا بن سعود في 1919م من التقدم نحو الحجاز فأستمر في محاولة إخضاع عسير بإرسال الحملات العسكرية الكبيرة إليها ، وفي العام 1920م سيتمكن بن سعود من إخضاع عسير موقتاً لحكمه قبل أن تستعيد قبائل عسير زمام المبادرة وتستأنف المواجهة مجدداً.. جنوباً كانت القوات اليمنية تتقدم نحو المحميات في ظل رفض الإمام يحيى العروض البريطانية المتمثلة في التنازل عن عدن وعدم المطالبة بها إضافة إلى الاعتراف بالمحميات إلا أنه استمر في الحرب، وكانت مخاوف البريطانيين لا تتوقف لاسيما بعد أن انضمت قبائل من المحميات إلى جيش الإمام يحيى الذي ظل يجاهر بطموحاته التوسعية ضمن مشروعه توحيد اليمن التاريخي ذلك المشروع الذي كانت بريطانيا ترى إليه كخطر حقيقي يتهدد وجودها في عدن والجنوب اليمني ، فكان ردها بشكل مختلف وعن طريق حليفها أبن سعود الذي سمحت له بالتوسع إلى الشمال اليمني تمهيداً لتفعيله عسكرياً ضد اليمن حتى يخضع الإمام للشروط البريطانية.

في 1933م أهتز العالم الإسلامي على وقع أكبر مجزرة تعرض لها الحجيج إلى أيدي فرقة من فرق الإخوان من ضمن التشكيلات العسكرية لجيش أبن سعود وذلك في تنومه وسدوان حيث قضت جماعة الغُطغُط وبلا رحمة على أكثر من ثلاثة آلاف حاج يمني لم ينجو منهم إلا القليل الذين تمكنوا من العودة إلى اليمن ناقلين معهم أحداث الجريمة وتفاصيلها وبعد القتل شرع أتباع بن سعود في نهب أموال الحجيج وامتعتهم، وتلك الرسالة الدموية كانت بداية العلاقة التي أشعلت الشرارة الأولى بين اليمن والسعودية ، وقد كتب المؤرخ نزيه العظم عن تلك الجريمة بالقول: كان الحجاج عزل من السلاح الحربي وهم آمنون ولا يفكرون في إعتداء أحد عليهم ولا يرغبون في قتال أحد وفي تنومة اعترضهم كمين الإخوان أصحاب بن سعود وأصلوهم ناراً حامية فلم يسلم منهم إلا سبعة وسلب الإخوان أمتعتهم وتركوهم ممدين على الثرى وعادوا بغنائمهم فائزين وبإنتصارهم فرحين وأمام ردود الأفعال في العالم الإسلامي شعر بن سعود أن مركزه سيتعرض لهزة كبيرة فسارع إلى التنصل عن الجريمة ونسبها لجماعة تابعة له نفذتها دون العودة إليه ثم تعددت الأسباب والمبررات السعودية منها آراء تحمل الحجيج مسؤولية ما أصابهم من قتل وذبح وذلك بدخولهم مناطق تعتبر ساحة قتال وبالتالي فإنهم وفق المبررات السعودية من المحاربين رغم أن الحجيج اليمنيين وقتها لم يكونوا جميعاً يحملون السلاح أو مستعدون للقتال ، وقد أستمر أبن سعود في رفض حل قضية تنومة حلاً عادلاً لا سيما بعد أن حاول اليمن طرح القضية أثناء مفاوضات أبها 1934م وكرر حينها المبررات السابقة منها أن قواته اعتدت على الحجيج ظناً منها أنهم عبارة عن مقاتلون يمنيون متجهون إلى مكة لدعم الشريف حسين رأى الكثير أن بريطانيا وابن سعود عملوا على إرهاب الإمام يحيى حتى لا يطمح إلى التوسع شمالاً أو يقدم الدعم لخصوم بن سعود كآل عائض في عسير أو الشريف حسين في مكة رغم أن الإمام وقتها أتخذ موقف الحياد مما كان يدور من صراع وكان يركز أكثر على الحرب ضد البريطانيين جنوباً وهذا ما دفع بريطانيا إلى محاولة إشعال فتيل الحرب بين اليمن والسعودية من خلال إستفزاز الإمام يحيى واليمنيين عموماً بتلك المجزرة المروعة ودفعهم إلى الرد بحرب تستفيد منها بريطانيا فيتوقف الضغط العسكري اليمني على المحميات ويخضع الإمام يحيى بالاعتراف بالبريطانيين في عدن.

البصمات البريطانية تمكن من كشفها المؤرخ نزيه العظم الذي تتبع آثار الجريمة وتداعياتها فأشار إلى يد الأجانب فيها إضافة إلى ما قدمه الباحث حمود الأهنومي من معلومات وحقائق جديدة حول تلك المجزرة من الأسباب حتى التفاصيل والتداعيات ، وقد ناقش عدد من المؤرخين اليمنيين الروايات المتناقضة للجانب السعودية منها أن حاكم أبها السعودي أكرم وفادة الحجيج وحذرهم من أي مخاطر قد تعترض طريقهم إلى مكة وأن عليهم المضي في طريق معين إلا أنهم مضوا في الطريق الآخر وأخذ منهم تعهد وذلك لم يكن صحيحاً ، بل يؤكد أن المنطقة كانت تحت الاحتلال السعودي وهذا بحسب عبد الرحمن الوجيه يؤكد مسؤولية المحتل على الجريمة بل إن أخذ تعهد من الحجيج يؤكد أن الجريمة مكتملة الأركان من حيث التخطيط والنية المسبقة إلى مباشرة القتل وتنفيذه فكيف يكون إكرام الحجيج في أبها من قبل الحاكم السعودي وقتلهم في تنومه بعد أبها من قبل قوات بن سعود! فلم يكن الأمر وشاية أجنبية بل أوامر أجنبية وفي كلا الحالتين لا يمكن نفي المسؤولية عن بن سعود.

لم تغب تلك المجزرة عن ذاكرة اليمنيين فقد ظلت حاضرة معهم في كل موسم حج وشكلت في النصف الأول من القرن العشرين طبيعة علاقاتهم مع ابن سعود ودولته قبل أن تدفع المتغيرات بعض اليمنيين لا سيما الحكام إلى محاولة إغلاق ملف القضية ومعاقبة كل من يحاول فتح ذلك الملف، غير أن المجزرة تركت جرحاً غائراً وعميقاً في الذاكرة اليمنية وهو ما لا حظته خلال مرحلة إعداد وإخراج فيلم تنومة (دماء منسية) حيث كان العمل الأول الذي يوثق لأحداث تلك المجزرة إستناداً إلى  بحث مجزرة الحجاج الكبرى لـ أ . حمود الأهنومي وأثناء العمل التقيت بأحفاد شهداء المجزرة الذين لا يزالون يحتفظون بالكثير من تفاصيلها نقلاً عن الناجين الذين تمكنوا من الوصول إلى اليمن وظلت أخبارها تنتقل من قرية إلى أخرى والحزن يعم كافة القرى اليمنية قبل أن تترجم إلى أشعار وزوامل محزنة يرددها كبار السن وصغارهم ، وكان من ضمن ردود الفعل اليمنية أن سارعت القبائل إلى الإمام طالبة منه الأخذ بالثأر إلا أن الإمام فضل التواصل مع عبد العزيز الذي بدوره أنكر أي دور له بالجريمة قبل أن يعمل على تهدئة الإمام بالحديث عن التعويضات ومع مرور السنين أصبحت الجريمة جزء من الماضي لكنها في الحقيقة لم تغب عن اليمنيين فقد ظلت حاضرة على المستويين الرسمي والشعبي في تلك الفترة قبل أن تتعمد السلطات المتعاقبة محوها من الذاكرة لتعود من جديد مع مشاهد القتل والدمار جراء العدوان بعد ما يقارب المائة سنة من إرتكابها ، وكان من النتائج الفورية لتلك المجزرة تدهور العلاقات بين الجانبين وتوقف اليمنيين عن الحج لعدة سنوات أعقبها إنتقال معظم اليمنيين إلى استخدام الطريق البحري في الوصول إلى مكة لأداء الحج حيث كانت السفن الروسية تتولى عملية النقل لا سيما منذ العام 1928م واستمرت العلاقات بين اليمن والسعودية في حالة توتر حتى حرب 1934م وما أعقبها من توقيع لاتفاقية الطائف وكذلك محاولة لاغتيال الملك عبد العزيز في 1935م.

مساومات وحروب:

بعد مجزرة تنومة وسدوان بعامين وعلى إثر تقدم القوات اليمنية إلى الحديدة وميدي ومن ثم التقدم نحو صبيا وابي عريش عبرت بريطانيا عن مخاوفها وبدأت في دراسة مستقبل الإمارة الادريسية وإمكانية سقوطها وكانت الخطوات البريطانية للتعامل مع ذلك الوضع في 1925م على النحو الآتي.

1-   ضمان ابعاد فرنسا وإيطاليا عن ذلك الصراع ولجأت بريطانيا هنا على حيلة تقوم على اشعار الدولتين بأنها أي بريطانيا اتخذت موقف الحياد في النزاع اليمني الداخلي ودعوتهما إلى اتخاذ نفس الموقف وعدم تزويد أي من الطرفين بالسلاح، بل دعت بريطانيا إلى توقيع أتفاقية تقضي بعدم تزويد الطرفين بالسلاح، وكان هدفها الحقيقي اضعاف الإمام يحيى إضافة إلى الحيلولة دون تدخل أي طرف دولي غيرها في ذلك الصراع وكانت تبرر تحركها بالعمل على حقن الدماء.

2-   بعد أن قرر الإمام الضغط جنوباً في المحميات كان هناك رد عسكري بريطاني 1925م إلا أن وزارة الخارجية بعد ذلك أوصت بعدم شن عمليات حربية ضد الإمام حتى لا يصبح أكثر علاقة مع الايطاليين وجرت اتصالات بين صنعاء والبريطانيين وقتها وكان البعض يرى إلى أن الإمام أراد مشاغلة البريطانيين حتى يتمكن من ضم إمارة الادريسي بشكل كامل وبالفعل وصل كلايتون إلى صنعاء.

3-   بدأت بريطانيا في مساومة الإمام بشأن جنوب عسير ( الإمارة الادريسية ) فإذا وافق الإمام على توقيع إتفاقية مع بريطانيا تقضي باعترافه بوجود بريطانيا في عدن والمحميات ففي هذه الحالة قد تتخلى بريطانيا عن تلك الإمارة للإمام يحيى وتترك له حرية التصرف بعسير .. وأضافت بريطانيا شروطاً أخرى تفضي إلى قطع الإمام اية علاقات مع إيطاليا وأن لا يطلب السلاح إلا من بريطانيا.

4-   التقدم اليمني نحو صبيا وابي عريش دفع البريطانيين على عقد اجتماع عاجل في 16 يوليو 1926م في وزارة المستعمرات وتوصل الاجتماع إلى ضرورة رفع الحظر عن ارسال السلاح للادريسي والامام وتزويد الادريسي بالسلاح فوراً وكانت بريطانيا وقتها لا تريد أن يصبح جنوب عسير ضمن الدولة اليمنية نظراً لأهمية جزر فرسان النفطية وحينها رفض الإمام الشروط البريطانية فعاد كلايتون إلى عدن بخفي حنين، وحينها قررت بريطانيا دفع ابن سعود إلى تصدر المواجهة مع اليمن من خلال اخضاع الامارة الادريسية للحماية السعودية ، وبعد معاهدة مكة 1926م عرضت بريطانيا على الإمام مناطق عسير أذا تخلى عن عدن.

     دفع ابن سعود لحرب اليمن:

     منذ أواخر العشرينات والبريطانيين يعملون على اشعال الحرب اليمنية السعودية لدرجة أن بعض البريطانيين عرضوا على الجانبين تزويدهم بالسلاح وذلك في 1926م وكان من ضمن العرض البريطاني لليمن ترك له حرية التصرف بالنسبة لـ عسير أذا تخلى عن أراضي محمية عدن ولم يأت 1930م إلا والبريطانيون يؤكدون أن الخطر من جهة اليمن وقد بدأ الخلاف اليمني السعودي منذ توجه بن سعود في 1919م إلى شن حملات عسكرية لاحتلال عسير السراة وبعد مقاومة شرسة أبداها الأهالي هناك تمكن من اخضاعها في 1922م وحينها أصبح لابن سعود حدود مع اليمن وبعد احتلاله للحجاز تعهد مجدداً لبريطانيا بعدم التعدي على المحميات البريطانية على سواحل الخليج وكذلك جنوب شبه الجزيرة العربية ما يعني أن اليمن المستقل هو المنطقة الوحيدة في الجزيرة العربية التي يمكن لابن سعود الاعتداء عليه وضمه كونه الدولة الوحيدة التي لم تكن خاضعة للبريطانيين، ولهذا عملت على تهيئة مختلف الظروف لابن سعود حتى يتفرغ تماماً لمواجهة اليمن كحل خلافاته الحدودية 1926م لاسيما مع شرق الأردن التي كانت بريطانيا قد قررت إنشاء دولة فيها 1922م لحماية المشروع اليهودي في فلسطين والعراق ودفعت الإدريسي مجدداً لطلب الحماية منه من جهته حرص الإمام يحيى على العلاقات الجيدة مع ابن سعود ولم يتجه إلى استغلال الاضطرابات التي شهدتها إمارة بن سعود خلال عقد العشرينات فقد كان يبتعد عن كل ما قد يثير الخلاف في وقت كانت فيه قواته تخوض حروباً مع البريطانيين جنوباً وكان من ضمن ما واجهه بن سعود ثورة الاخوان أنفسهم الذين أثاروا له المشاكل ولبريطانيا كذلك لا سيما بعد أن اكتشفوا حقيقة قائدهم ابن سعود واتهموه بالانحراف عن الدين قبل أن يحاول امتصاص غضبهم مؤكداً لهم ان علاقته مع الكفار أو النصارى في سبيل مصلحة المسلمين وبأن " جهاد الكفار لا يجوز مطلقاً بل يجب أن يكون ضمن حدود الطاقة والمقدرة لدى المسلمين وإلا حلت بهم الكارثة " وكان أبن سعود قد غزا بجيشه الإخوان مختلف المناطق وهم من ارتكبوا المذابح والمجازر منها مذبحة الطائف التي راح ضحيتها الكثير من الأبرياء وتنومة وغيرها من المذابح الرهيبة، وقد سارعت بريطانيا إلى إنقاذ حليفها بالمنطقة بالتدخل العسكري لقمع ثورة الاخوان بل وقامت بتسليم قائد الثورة فيصل الدويش بعد أن كان قلد لجأ إلى العراق ومقابل ذلك تعهد بن سعود لبريطانيا بشن الحرب على اليمن وهو ما اعترف به ابن سعود في 1930م في حفل غداء أقيم في جدة حضره عدد كبير من الأعيان، مؤكداً أن بريطانيا ساومته تسليم الدويش مقابل الحرب على اليمن وقبل ذلك بسنوات كان البريطانيون متذمرين من تقاعس بن سعود عن شن الحرب على اليمن حيث قال القنصل البريطاني في جدة – إن آخر شيء يفكر فيه بن سعود هو القيام بحملة كبيرة ضد اليمن لأنه كان مشغولاً بإعادة تنظيم شؤون الحجاز وعلى ما يبدو أن بن سعود تعهد لبريطانيا بحرب اليمن حيث نقل الدويش على متن طائرة بريطانية وبمعية عدد الضباط البريطانيين الذين شكرهم ابن سعود على ما بذلوه للوصول إلى رأس الانقلاب الذي كان قد سبق وأن عفا عنه ويضيف : إن بريطانيا تقدم له كل يوم برهانً جديداً على مودتها الوطيدة، وفي الأثناء قال فيصل الدويش لابن سعود: " لقد فررنا من وجهك إلى الكفار فحملونا إليك في طيارة من طياراتهم" وقررت بريطانيا المضي في دعم ابن سعود إذ كان ينظر إلى حكمه بأنه " حكومة تخضع للأوامر بصورة أو بأخرى" وتسيطر على معظم شبه الجزيرة وتحول دون التوسع السوفيتي وفي 1931م استفادت بريطانيا من الأزمة اليمنية السعودية للضغط على الإمام يحيى واجباره على التنازل على المحميات وعدن وفي 1933م واجه ابن سعود ثورة عارمة في عسير وكانت أكثر خطورة على حكمه من حركة بن رفادة والسبب تذمر أبناء عسير من الحكام السعوديين الذين كانوا يتصرفون في عسير كالفاتحين وفي نوفمبر استولى الثوار على مدن كبيرة وطوقوا وأبادوا القوات السعودية، وأعد بن سعود حملتين عسكريتين ، وقدرت الخسائر السعودية بألفي قتيل ويقول عزيز خودا إن المخبرين البريطانيين لعبوا دوراً كبيراً في تأجيج النزاع اليمني السعودي ووقتها حذرت الحكومة البريطانية أن ما قدمته للإمام هو آخر مشروع من قبلها بشأن حل النزاع بين الجانبين وعليه أن يقبل بإسقاط البند المتعلق بالجزر، وقد استغل البريطانيون التوتر اليمني السعودي الذي ساهموا فيه وذلك في جعل الإمام أمام خيارين إما استخدام القوة ضده من خلال الطيران الحربي أو إجباره على توقيع الاتفاقية معهم ووفق شروطهم ، وقد اعترف البريطانيون أن الإمام يحيى يعد محارباً جيداً لكنه وجد نفسه في موقف استراتيجي صعب تمثل في أنه أصبح محاصر من قبل البريطانيين من الجنوب وابن سعود من الشمال وقد نفذ صبر الطرفين عليه.. وفي نوفمبر 1933م اتسع التصادم العسكري اليمني السعودي مع تحرير نجران وبعد أن ضمن الإمام عدم تحرك البريطانيين جنوباً عمل على استعادة عسير شمالاً لكن كان بن سعود يتلقى الدعم منها مبالغ مالية كبيرة لقاء استغلال النفط.

 

تقييمات
(1)

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا