تاريخ الاستيطان في وادي حضرموت

تشير نتائج الأبحاث الأثرية التي أجريت في حضرموت لإلى أن حضرموت كانت في التاريخ القديم منطقة هامة في شبه جزيرة العرب ، فهي من الناحية الجغرافية تصل شرق شبه الجزيرة بغربها

 وهي من الناحية الحضارية كانت تشكل جسرا لعبور أمجموعات المهاجرين الأوائل من قارة إفريقيا إلى قارة أسيا قبل حوالي مليون وثلاثمئة سنة ، وقد عثر الأثريون على أدلة مادية تظهر هذا العبور تتمثل في مستوطنات الاقامة المؤقتة للإنسان منتصب القامة الذي نسبت إليه المواد الثقافية التي تم جمعها من هذه المستوطنات ، وفيها أيضا نشأت مملكة حضرموت وهي واحدة من أقدم الممالك اليمنية التي ظهرت في الألف الأول قبل الميلاد . ومع ذلك تذكر نتائج الأبحاث الأثرية أنه لم يعثر في وادي حضرموت حتى الأن على مستوطنات وأنظمة للزراعة والري يعود تاريخها إلى الفترة التي تسبق فترة الألف الأول قبل الميلاد ، فالمدن والمعابد والمقابر وأنظمة الري تؤرخ إلى حوالي الألف الأول قبل الميلاد ، مع أنه تم العثور على أعداد كبيرة من مواقع العصور الحجرية تعطي نتائج دراسة موادها الأثرية تواريخ لها تعود إلى العصر البليستوسيني والعصر الهولوسيني إلا انه لم تزودنا نتائج هذه الأعمال الأثرية بدليل قاطع على وجود استيطان يسبق الألف الأول قبل الميلاد في وادي حضرموت ، مع وجود بعض الأدلة تتجاوز هذا التاريخ وتعيد تاريخ الاستيطان الحضري في اقليم حضرموت إلى حوالي الألف الثاني والألف الثالث قبل الميلاد لكنها جاءت من مناطق غير وادي حضرموت ومنها نتائج نتائج أعمال البعثة الروسية في مدينة ريبون العاصمة الأولى لمملكة حضرموت ومن مناطق أخرى في حضرموت والتي تحدد فترة الاستيطان في المدينة إلى حوالي نهاية الألف الثاني قبل الميلاد ، وكذلك المعلومات التي امدتنا بها نتائج البعثة الامريكية من جامعة أوهايو التي تبحث في أصول الزراعة في حضرموت فهي تذكر أن مستوطنات ومواد أثرية عثر عليها في هضبة الجول تنسب لمجتمعات حضرية عاشت في هذه الهضبة في حوالي بداية الألف الثاني قبل الميلاد وهي مواقع تعاصر من حيث التاريخ الموقع الذي عثر عليه على أحد اطراف مدينة شبوة ونقبت فيه البعثة الأثرية الفرنسية وتاريخه يعود إلى بداية الألف الثاني قبل الميلاد وفقا لنتائج تحليلات عينات راديو كربون المشع (كربون 14) . كما أن نتائج دراسات أنظمة الزراعة والري في وادي مرخة ووادي بيحان تعطي تواريخ لها تعود إلى بداية الألف الثاني قبل الميلاد في وادي مرخة ومنتصف الألف الثاني في وادي بيحان . وهذه الدراسات التي أجريت حول الزراعة والري في هذه الأودية والاستراتيجيات الزراعية المعقدة والمنظمة التي أتبعت تشير إلى أن المجتمعات التي مارستها كانت تمتلك خبرة متطوره ورثتها عن اسلافها في ادارة وتطوير نظم الزراعة والري .
وهذا يعيدنا إلى البدية متى بدأ الاستيطان الحضري في وادي حضرموت ؟ الاجابة على السؤال تستدعي الانتظار فالمعلومات والأدلة لدينا لا تفيد في الاجابة الصحيحة على السؤال ، والمطلوب مزيد من أعمال التحري والبحث الأثري والبيئي المنظم والمنتظم في مناطق يحتمل العثور فيها على نتائج جيدة تفيد في تحديد بداية الاستيطان وممارسة الزراعة في الوادي .
دكتور عبده عثمان غالب