أخبار |

الأوجه القبيحة للتدخل الأجنبي في البحر الأحمر (4)

الأوجه القبيحة للتدخل الأجنبي في البحر الأحمر (4)

قراءة من كتاب البنيان المرصوص الجزء الثاني لمؤلفه العميد د\ حسن حسين الرصابي.

تكشفت الأطماع الأجنبية باليمن ,  واتضحت ابرز معالمها في الأطماع البريطانية والفرنسية ..وتحفل كتب التاريخ بالكثير من التفاصيل والأحداث التي تفصح عن الأوجه القبيحة للتدخل الأجنبي وللمساعي المتواصلة الى فرض واقع حال استعماري الذين تصرفوا وكان الأرض اليمنية  وجزرها ملكية خاصة لتلك الدول الأجنبية ..

وابرز مثال التدخلات البريطانية التي القت بحبائلها وشراكها على العديد من حكام المنطقة وعلى القيادات اليمنية التي كانت تعيش تمزقاً في نسيجها الاجتماعي.. ومن هذا المنظور فان البريطانيين بين عامي 1919م – 1923م  عندما استفحل الصراع الدولي بين كل من بريطانيا وفرنسا وايطاليا حول اوضاع الحوض الجنوبي للبحر الأحمر وجزره .. وعملت السياسة البريطانية على تحديد منطلقات تجاه الجزيرة العربية واتجاه البحر الأحمر طوال القرن التاسع عشر ضمنت لها نفوذاً حال دون تقدم فرنسا أو إيطاليا الى مناطق النفوذ البريطاني , ولكن الفرنسيين والإيطاليين لم يكونوا بعيدين عن المنطقة .. واستطاع البريطانيون أن يفرضوا تلك المنطلقات طوال فترة الحرب العالمية الأولى حتى توصلوا الى عقد معاهدة لوزان عام 1923م ويورد الدكتور سيد مصطفى سالم نقاطاً ضمنت الشراكة في السيطرة الأوروبية على المنطقة العربية ومنها الجزيرة العربية والبحر الأحمر .. يمكن الإشارة الى بعضها :

1-   ايطاليا وافقت على المادة (14) من معاهدة لندن في 26أبريل 1915م عند انضمامها الى جانب في الحرب العالمية الأولى , وهي المادة الخاصة بإعلان كل من بريطانيا وفرنسا وروسيا بان الجزيرة العربية والأماكن الإسلامية المقدسة بها يجب أن تبقى تحت سيطرة قوة اسلامية مستقلة.

2-   بريطانيا وفرنسا تعهدتا بان لن يطالبا ايطاليا لانضمامها كما لن يوافقا لطرف ثالث بامتلاك إقليم الجزيرة العربية ويقيم قاعدة بحرية على الساحل الشرقي أوفي احدى جزر البحر الأحمر , وهذا ما تضمنته المادة 10 من اتفاقية سايكس بيكو في 16مايو 1916م ..

بريطانيا دفعت الإدريسي الى رفع علمه على جزر فرسان , ووقعت على ذلك باتفاقية وقعتها مع الإدريسي في 22يناير 1917م , وكانت تهدف من ورائها الى إبعاد الأطماع الإيطالية عن جزر فرسان في البحر الأحمر. ولكن الخطوات هذه من بريطانيا لم تمنع ايطاليا في 2ديسمبر 1918م عقب مؤتمر الصلح في باريس أن تتقدم بمذكرة الى المؤتمر , لإقرار احتلالها . على جزر فرسان كونها تسيطر على ارتيريا. وهذا ما دفع المندوب البريطاني في 21يناير العام 1919م ليرد على المذكرة الايطالية بان ما جاء بخصوص مطلب ايطاليا في جزر فرسان يتعارض مع مصالح بريطانيا السياسية الاستراتيجية

ويأتي العام 1915م ليشهد اقتحام بريطانيا لجزر ميون (بريم ) وكمران وحنيش وزقر وجزر الفنارات وهي: أبوعلي والزبير وجبل الطير..

وبالمقابل من الدور البريطاني في البحر الأحمر , بادر السفير الفرنسي في لندن في 10سبتمبر العام 1919م بأرسال مذكرة الى وزير الخارجية البريطاني طلب فيها إعادة ادارة فنارات المخا وجزر ابو على والزبير وجبل الطير الى ا دارة الفنارات العثمانية على وجه السرعة لتقوم الشركة الفرنسية , وهي صاحبت الامتياز , بإدارة هذه الفنارات  وصيانتها , وكان الرد البريطاني أن ملكية هذه الفنارات سوف تعتمد على القرار الذي سيتخذه مؤتمر الصلح عند النظر في وضع اليمن والجزر التي تقع في الجزء الجنوبي من البحر الأحمر..             وكانت الإدميرالية البريطانية قد اعد ة خارطة في العام 1919م حددت فيها الجزر العربية والجزر المحيطة بها ورسمت خطاً يبدأ من راس خليج العقبة ثم يلف حول الجزيرة العربية الى راس الخليج العربي .. هذه الخارطة ضمت كل الجزر في البحر الأحمر وهي جزر فرسان وأبوعلي, والزبير وجبل الطير وكمران وزقر وحنيش وميون , ومما يؤكد انها كلها جزر يمنية كما تؤكد خارطة الأدميرالية البريطانية .

وكان لمعاهدة لوزان التي عقدة في يوليو 1923م أثرها الواضح على الجزر اليمنية ووضعها القانوني والسياسي , فقد وضعت هذه الجزر اليمنية لخدمة مصالح أطراف اجنبية بحتة وهنا نتساءل.

- هل قدر على اليمن ان تدفع الثمن جراء إطلالتها على البحر الاحمر

- الصراعات والمؤامرات مثلت تاريخ هذه المنطقة الخطيرة

- الموانئ على البحر الأحمر .. هي من كتبت التاريخ العالمي

الحرب العدوانية التي تشن على اليمن وعلى صنعاء الإباء والمقاومة التي استعصت على حسابات الصهاينة ليست وليدة اليوم بل هي حرب عدوانية خطط لها من السابق فقط دخلت عليها التعديلات مؤخراً لكنها في مضمونها هي حرب استعمارية .. حرب سيطرة على موقع استراتيجي على البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن .. وكنا قد قدمنا انفاً تحليلاً بما نضحت به احداث التاريخ القديم .. ومحتوى الصراعات الدولية على الاستحواذ على الملاحة في البحر الأحمر.. نواصل القراءة  لتلك المجريات التي تبرز الاهمية الجو سيا سية للبحر الأحمر المجرى الملاحي وكشريان اقتصادي وتجاري جعل الدول العظمى تتجه بأنظارها إلى جنوب البحر الأحمر..

وتؤكد الابحاث على الاهمية السياسية والعسكرية للبحر الأحمر .. بعد افتتاح قناة  السويس في الامتداد الشمالي للبحر الأحمر .. وتواصل البحرين الأحمر والأبيض المتوسط .. وتحديداً بعد ان توصلت البشرية الى آلة البخار وقدرتها على تحريك السفن والبواخر ومضاعفة سرعتها وعدم اقتصارها على الرياح الموسمية .. مما ساهم في قدرتها وقد رافق   شق قناة السويس  صوراً متناقضة وحادة وصراعات شديدة القوة وعظيمة المؤامرات بين الدول الاربية التي كانت تسعى كل منهما ان تكون لها اليد الطولى في البحر الأحمر شماله وجنوبه .. بدءاً من باب المندب ووصولاً الى قناة السويس التي شهدت فترات الاعداد لشقها صراعات فرنسية بريطانية ودخول روسيا.. والنمسا.. وكذا دخول الولايات المتحدة الامريكية ولومن بعد في ذلك الصراع بعد أن بدأت تحظى بوافر من النفوذ الصاعد الذي جاء على حساب المستعمرين القدامى الفرنسيين والبريطانيين .. وبالتحديد دخلت امريكا في منتصف العقد الخامس من القرن العشرين حيث تمكنت من ازاحة بريطانيا وفرنسا من البحر الأحمر .. مع أن الروس لم يكونوا بعيدين عن موروث ذلك الصراع والسعي الى ايجاد موطئ قدم ومساحة نفوذ فعلية في موانئ البحر الأحمر في جنوبه وعند مدخله الجنوبي سواء بتواجدها في اثيوبيا عندما كانت ارتيريا تقع تحت سلطة أديس ابابا , أو بتواجدها في الصومال .. أو بتوا جدها في ميناء عدن قبل العام 1990م كل تلك الصراعات الدولية كانت في صدارة اهتماماتها واستراتيجياتها العسكرية والاقتصادية السعي الى فرض سيطرة قوية على البحر الأحمر وكون اليمن بجنوبها وشمالها هي المطلة والمتحكمة جغرافياً على خليج عدن وباب المندب والبحر الأحمر في جنوبه المدخل الجنوبي الأكثر اهمية والأكثر خطورة .. واستمر التجاذب والاستقطاب للدول المطلة على البحر الأحمر, ودارت تلك الدول في فلك تلك الصراعات طوال عقود من الزمن .. حتى طلت مرحلة الستينات عندما بدأت أوربا تدخل مرحلة التخلي عن الاستعمار المباشر.. ودخول المنطقة بكاملها مرحلة جديدة اخرى , لكنها لم تتحرر من الارتهان للارتهان إلى الموقع الجيوسياسي والجيواستراتيجي لمنطقة البحر الأحمر, وحرص دول النفوذ الدولي على أن تبقى جسور ارتباط مع العديد من الدول المطلة على البحر الأحمر .. وبعض تلك الجسور لا تختلف كثيراً عن ما كان قائماً ايام الاستعمار المباشر ..  إذ منحت الدول النافذة دولياً تسهيلات عديدة تبدأ بالتسهيلات التجارية ووصولاً لتسهيلات العسكرية.. وبذلك دخلت المنطقة مرحلة ذات سمات خاصة , ولم تخلو من الصراعات ولكنها انتقلت الى صراعات المطابخ الاستخبارية الدولية , وادارة المؤامرات وتحت طائلة ذلك الصراع ظهرت انظمة واختفت انظمة اخرى .. وتغيرت منظومات حكم في الدول المطلة على البحر الأحمر .. وفي كثير من تلك المنظومات كانت تقف مطابخ المؤامرات وشبكات استخباراتية عملت على اعتساف الأوضاع السياسية وفرض ركائز سياسية وأنظمة حسب الاهواء الدولية ومراكز النفوذ العالمي حسب المصالح الدولية ووفق معاييرها ومقاساتها .. بمعنى ان لندن كان لها ايادي في تغيير أنظمة وفي سيادة أنظمة , وخلت الى جانبها بصورة أكثر حضوراً الولايات المتحدة الامريكية , وروسيا ولم تكن باريس بعيدة عن مواكب التدخلات وفرض السياسات وفرض المواقف ..  والمحور من كل هذه الصراعات كان البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن هو الحا ضر المؤكد الذي أرسى من خلال سلطة الجغرافية ولعنتها كما يقولون ..

فالجغرافية والموقع الاستراتيجي جعل اليمن ودول المنطقة هي التي تدفع ثمناً باهظاً  تجلت في تدخلات  سافرة , وفي اثارة مشكلات في إسالة دماء كثيرة واقتتا لات وحروب.. فقد كانت الأيادي المتدخلة لأوروبا  وامريكا واضيف إليها دور صهيوني طغى على الكل .. وأستأسد بعد أن وضعت استراتيجية ان يكون لتل أبيب دور اكثر وحضوراً قوي لا يقل عسكرياً وأمنياً  ونفوذاً طاغياً .

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا