أخبار |

   أمريكا ... البذور في أفغانستان والحصاد في اليمن  

  أمريكا ... البذور في أفغانستان والحصاد في اليمن  

 

 26 سبتمبرنت: علي الشراعي ..

 من بين ما أسفرت عنه أحداث 11 سبتمبر 2001م أن أمريكا تمكنت  من بناء 13 قاعدة عسكرية أمريكية في وسط آسيا بالقرب من الصين وروسيا كخطوة على طريق الاستعداد لتطويقهما عسكريا واقتصاديا.

 ورغم ذلك قال بول كينيدي استاذ التاريخ البريطاني ومؤلف كتاب سقوط وانهيار الامبراطوريات العظمي ( إن يوم الثلاثاء الحادي عشر من سبتمبر 2001م يعتبر نقطة فاصلة في تاريخ الولايات المتحدة ونهاية اعتبارها قوة عظمي وحيدة تهيمن على النظام العالمي ) .

مشروع القرن

( تطوير القدرة العسكرية الأمريكية لتتمكن من شن أكثر من حرب كبيرة بنجاح في القارات المختلفة في وقت واحد ) . هذه احد الأهداف  التي تلخص مشروع القرن الأمريكي الجديد في ضرورة تأمين أدوات الدفاع والهجوم فيما يتعلق بالاستراتيجيات السياسية والقوى العسكرية لضمان سيادة الولايات المتحدة الأمريكية لمدة قرن آخر من الزمان . حيث قدم مشروع القرن من قبل نخبة من متولى المناصب العسكرية والاستخباراتية اثناء تولى  حكم البيت الابيض الابن بوش في يناير 2001م في مطلع القرن الجديد . فمنذ مطلع الخمسينيات من القرن الماضي بدأت أمريكا تستعمل افغانستان قاعدة لإدارة عمليات إزعاج للاتحاد السوفيتي وكانت تلك العمليات تتم بالتنسيق مع المخابرات الباكستانية حيث كان للمخابرات الأمريكية مقر دائم في مدينة بيشاور في شمال باكستان . لذا بدأت امريكا تخلق مشاكل حقيقية للنظام السوفيتي واشتدت وطأة ذلك في الستينيات .

لذلك قام الاتحاد السوفيتي بغزو افغانستان لتأمين حدوده الجنوبية وصد للمطامع الأمريكية وخلال احتلالها كانت الحرب الأفغانية تكلف الاتحاد السوفيتي يوميا حوالى 40 مليون دولار وهو مالم يكن ممكنا أن تتحمله دولة تعانى من تدهور اقتصادي خاصة مع وجود خسائر بشرية خلال عشر سنوات 1979 - 1989م فاقت 50 ألف من قوات الجيش .

و بدءا من ابريل 1988م وحتى فبراير 1989م كان الجيش السوفيتي قد اضطر إلى الانسحاب الكامل من افغانستان تاركا مقاليد السلطة للحكومة شيوعية يرأسها نجيب الله وفي عام 1992م استولى المجاهدون على كابول ولجأ الرئيس نجيب الله إلى أحد مباني الأمم المتحدة هناك وأعلنوا أفغانستان دولة إسلامية .

صفقة ثم صغعة

جاء في تقرير وزارة الطاقة الأمريكية لعام 1998م ما نصه : ( إن موارد البترول والغاز الطبيعي المتوقع العثور عليهما في  بحر قزوين ستبلغ 178 مليار برميل أي أنها تساوي على نحو تقريبي الاحتياط العربي ) ِ. فالدافع الاقتصادي احد أبرز اهداف أمريكا في افغانستان وهو استغلال موارد الطاقة في بحر قزوين وبحث كيفيه نقل البترول والغاز الطبيعي من هناك دون اللجوء الى روسيا وايران وكان هناك وقتها مشروعان على وشك التنفيذ احدهما يصل بين بحر قزوين والبحر الأسود لكنه يمر بروسيا التي تقوم بتحصيل رسوم مقابل مرور خط الأنابيب عبر أراضيها وقد تم تدشينه في 27 نوفمبر 2001م . والخط الثاني يربط بين بحر قزوين والبحر المتوسط بدأ بأذربيجان ومرورا بجورجيا حتى يصل ميناء سيهان التركي . اما المشروع الثالث وهو الأهم والأكثر جدوى فهو يربط بحر قزوين بالمحيط الهندي وكان هناك عقبة تعترض تنفيذ هذا الخط فلكى يصل خط الأنابيب إلى باكستان ومنها إلى المحيط الهندي كان يجب أن يمر أولا في الأراضي الأفغانية . وفي ديسمبر 1997م اضطرت شركة يونو كال الأمريكية إلى تعليق هذا المشروع بسبب تعنت حركة طالبان التي حاولت التفاوض على الاعتراف بها دوليا كممثل شرعي لدولة افغانستان في مقابل السماح بمرور خط الانابيب عبر أراضيها وهو مالم يكن ممكنا . لذا كان الخلاص من حركة طالبان والمجيء بحامد قرضاي رئيس لوزراء افغانستان يحقق هدفا طال انتظاره . فقرضاي كان على صلة بويليام كيزي مدير المخابرات الأمريكية أثناء الحرب الأفغانية - الروسية ثم هاجر إلى أمريكا وصار صديق لعائلة الرئيس الامريكي بوش وتم الحاقه بأحد فروع شركة يونو كال الامريكية . وفي ديسمبر 2002م قام قرضاي رئيس وزراء افغانستان والجنرال برويز مشرف رئيس وزراء باكستان بإبرام اتفاق حول إنشاء خط أنابيب أسيا الوسطى . فبعد عقدين من الزمن خرجت امريكا من افغانستان وقد تمرغت  بالوحل الأفغاني ولم تستفد من التجربة السوفيتية . فعشرين سنه من احتلالها لأفغانستان والتي بدأتها بذريعة محاربة الإرهاب بعد احداث 11 سبتمبر 2001م  تخرج أمريكا تجر اذيال الهزيمة فلقد احتلته لتحقيق صفقة اقتصادية لكنها خرجت منه بعام 2021م  بصفعة سياسية وهزيمة عسكرية . فالحربين اللتين خاضتهما أمريكا في أفغانستان والعراق احدثا تراجعا في الاقتصاد الأمريكي فبعد أن كانت الولايات المتحدة الأمريكية تحقق فائضا يفوق 100 مليار دولار عام 2001م أصبحت تعانى من عجز يقدر بحوالي 250 مليار دولار خلال عام 2007م .

أمن الكيان الصهيوني

كانت مصلحة الولايات في اليمن انعكاسا لمصالحها الأكبر والأشمل في الشرق الأوسط والتي تتمثل بعده عوامل والتي تكون السياسة الأمريكية تجاه كل بلدان شبة الجزيرة العربية والمتمثلة في الحاجة إلى استمرا تدفق النفط والاهتمام بأمن الكيان الصهيوني واحتواء النفوذ الروسي والصين المتصاعد . و فيما يخص اليمن فقد جاء الاهتمام الأمريكي نهاية السبعينيات اثناء الحرب بين الشطرين عام 1979م لشعور السعودية بأنها مهددة مباشرة من الشطر الجنوبي لليمن أما السبب الرئيسي فهو قلق واشنطن من كون هذه الحرب أتت في أعقاب ثورة ابريل 1978م في افغانستان وتوقيع معاهدة السوفيت - اثيوبيا في نوفمبر من نفس العام واغتيال السفير الأمريكي في فبراير 1979م في عاصمة افغانستان كابول ومن ثم سقوط شاه إيران . كل ذلك الاحداث خلقت لدي أمريكي القلق من النفوذ السوفيتي لذلك زودت واشنطن صنعاء بصفقة سلاح مولتها السعودية وبدعم سياسي ومعنوي حركت واشنطن قوة بحرية بالقرب من عدن كما حلقت طائرات مقاتلة أمريكية فوق مدينة عدن لكى تظهر تصميمها على حماية صنعاء من غزو قد يقوم به الشطر الجنوبي ولتطمين السعودية واصدقاء أمريكا في المنطقة .

حصاد العدوان

ومع اطلال القرن الواحد والعشرين والذي بدأ باحتلال أمريكا لأفغانستان ثم العراق بدأ تعود صراع القوى الدولية  فروسيا تنظر إلى السياسة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط على إنها مصدر تهديد وخطر دائمين على مصالح روسيا الاستراتيجية  فهي تعتبر التواجد العسكري الأمريكي في الخليج والعراق وافغانستان وفي بعض جمهوريات آسيا الوسطي بمثابة تطويق شامل لروسيا وتهديد مباشر لأمنها القومي .

وفيما يخص الصين توقع تقرير مجلس الاستخبارات الوطنية الأمريكي المعنون  بالاتجاهات العالمية لعام 2025م تحول العالم ( أن الصين ستكون أكبر دول العالم اقتصادا وإنها ستكون قوة عسكرية رائدة في ظل سعيها واستعدادها لمزيد من التأثير في السياسة الدولية على مدى العشرين سنة القادمة من أي بلد آخر ). فهناك اندفاع صيني كبير في منطقة الشرق الاوسط وبالتحديد في قارة افريقيا خاصه في اثيوبيا من خلال انشاء العديد من السدود وكذلك في السودان ولها تواجد في القرن الأفريقي  كجيبوتي فتعزيز نفوذها والتموضع قرب باب المندب الذي يعتبر من أهم الممرات البحرية يجعلها قوة اقتصادية وعسكرية تجارى الولايات المتحدة . لذلك ادركت أمريكا أن اهمية اليمن وبالذات جزيرة سقطرى على المحيط الهندي لتطويق الخناق على الصين وروسيا وايران من جهة الجنوب وتأمين مصادر النفط في الخليج العربي وفي مشروعها في بحر قزوين الممتد عبر افغانستان وباكستان إلى المحيط الهندي فجزيرة سقطرى اليمنية ولموقعها الاستراتيجي والاقتصادي بمخزونها النفطي جعلها ضمن المخطط التوسعي لأمريكا لجعلها قاعدة عسكرية وانشاء مشاريع اقتصادية فيها كمصفاه لتكرير النفط .  فسبع سنوات من العدوان على اليمن تأمل أمريكا أن تجعل منها بديل استراتيجيا و عسكريا واقتصاديا كحصاد لبذور تناثرت في أفغانستان طيلة عشرين عاما فحصادها في اليمن سيكون حطاما  .

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا