الصفحة الإقتصادية

سلاح المقاطعة الاقتصادية في مواجهة الأعداء

سلاح المقاطعة الاقتصادية في مواجهة الأعداء

د. يحيى علي السقاف /

إن سلاح المقاطعة الاقتصادية له تأثير مباشر وغير مباشر على اقتصاديات الأعداء خاصة وأن المناخ في هذه الأيام مهيأ لتكاتف جميع الشعوب العربية والإسلامية لتفعيل هذا السلاح الخطير الذي ستكون نتائجه سريعة على خلخلة وانهيار الاقتصاد الأمريكي والصهيوني

وذلك في ظل الهجمة الصهيونية وجرائم الإبادة الوحشية التي يقوم بها الكيان الصهيوني المحتل على فلسطين بشكل عام وغزة على وجه الخصوص وهذا العدوان البربري بغطاء أمريكي ودولي وفي ظل صمت عربي مخز وفي هذا السياق وهذه الأحداث منذ قيام ثورة طوفان الأقصى فإن مقاطعة البضائع الأمريكية والصهيونية أصبحت فرض عين وواجبة على كل مسلم ومسلمة كما تعتبر اليمن قيادة وشعبا أول من نادى بمقاطعة البضائع الأمريكية والإسرائيلية حيث تضمنت التوجيهات من القيادة الثورية والسياسية لوزارة الصناعة العمل على تنفيذ الإجراءات الأخيرة الخاصة بمنع الاستيراد لجميع البضائع الأمريكية والإسرائيلية وعدم التعامل مع الوكالات التجارية وعدم تجديدها والاعتراف بها عند عمليات الاستيراد من الخارج  ومن لا يزالون عميان البصر والبصيرة ويتجنبون هذه المقاطعة ويقبلون على شراء هذه البضائع فإنهم يشاركون في العدوان على أبناء غزة من خلال دعمهم لاقتصاد أمريكا والكيان الصهيوني ويشاركون في القتل والاعتداء على أبناء غزة ولن يستجيب للمقاطعة الاقتصادية إلا من كان له وعي وإدراك لما يجري في فلسطين المحتلة.
وفي هذا السياق تعتبر المقاطعة الاقتصادية للبضائع الأمريكية والإسرائيلية خيارا استراتيجيا كما تعتبر أسلوبا نموذجيا كأحد أوجه المواجهة المشروعة ونوع من أنواع الجهاد ضد الاحتلال الأمريكي والإسرائيلي كي تنال الشعوب حريتها واستقلالها والمقاطعة الاقتصادية تعني بمفهومها العام إيقاف تبادل السلع والخدمات بشكل كلي أو جزئي مع الطرف المراد مقاطعته بما يخدم مصالح وأهداف الطرف الداعي للمقاطعة ويشمل التعامل الاقتصادي بكافة أشكاله أي وقف التبادل بهدف التأثير عليه سياسيا أو إضعافه عسكريا واقتصاديا وتعتبر المقاطعة هدفا استراتيجيا لغرض إحداث الضغط والتأثير على أمريكا والكيان الصهيوني بما يخدم المصلحة العامة للدولة المقاطعة بشكل خاص والأمة الإسلامية بشكل عام.
والجميع يستطيع استخدام سلاح المقاطعة وذلك عندما يدركون قبح ووحشية أمريكا والكيان الصهيوني وما تسعون إليه من خلال تنفيذ مخططاتها وأجنداتهم الاستعمارية في احتلال الدول واستعمارها سياسيا واقتصاديا وأخلاقيا وعسكريا والسيطرة على ثرواتها الاقتصادية فيجب علينا أن ندرك أهمية سلاح المقاطعة الاقتصادية الذي يعتبر السلاح الأسرع فتكا بالعدو والأشد ضراوة علية لأن المعركة مع العدو الأمريكي والصهيوني هي معركة مفتوحة في كل الاتجاهات وتعتبر مقاطعة البضائع الأمريكية والإسرائيلية جزءا من المواجهة ضد الكيان الصهيوني المحتل.
وكنتيجة حتمية لآثار تطبيع الدول مع إسرائيل واستخدام سلاح المقاطعة الاقتصادية فإن الاتفاقيات المبرمة بينها قد يكون لها تأثير سلبي على تلك الدول من الناحية الاقتصادية خاصة في مجالات التجارة والسياحة وجذب الاموال والاستثمارات لان دول الخليج والدول الاخرى المطبعة مع إسرائيل لها اسواق وسلع وخدمات تصدر وتباع فيها من بقية الدول العربية في المنطقة ووجود علاقات اقتصادية بين اسرائيل والدول المطبعة معها قد يعني مواجهة السلع الاخرى واخضاعها لمنافسة قوية من مثيلاتها الاسرائيلية في تلك الاسواق وأيضا بقياس ذلك مع القطاعات الاقتصادية الاخرى فمثلا قد ينتج أضرارا كبيرة لقطاع السياحة فالتطبيع إذا ما انتقل من المستوى الرسمي إلى المستوى الشعبي قد يؤدي لمنافسة على صعيد السياحة بحيث تكون المزارات السياحية في اسرائيل وجهة منافسة للمزارات في الدول العربية الاخرى خاصة وان طبيعة السلطة ممكن ان تقلل من مقاومة التطبيع الشعبي ومن الاضرار الاقتصادية الاخرى في جانب حركة قطاعات النقل فلو حدث ما يتردد حاليا من مد خط سكك حديدية بين اسرائيل ودول الخليج والذي يكون من آثاره الكارثية ان تتحول اسرائيل ساعتها إلى مركز لتجارة الترانزيت بين الخليج العربي واوروبا وسيكون ذلك بالطبع على حساب حركة النقل للدول الاخرى في المنطقة ولذلك فإن المقاطعة الاقتصادية بين جميع الدول بما فيها المطبعة وبين الكيان الصهيوني تعتبر سلاحا له نتائجه التي سوف تؤدي إلى زوال الكيان الإسرائيلي وانهيار منظومته الاقتصادية التي يعتمد عليها في عدوانه واحتلاله للأرض الفلسطينية وارتكابه للمجازر الوحشية في حق أبناء غزة كم أن الاقتصاد الأمريكي له ارتباط كبير مع اقتصاد الكيان الاسرائيلي حيث يعتمد بنسبة كبيرة على الاستثمارات الخارجية لإسرائيل والسندات المالية التي يستثمرها لديه وبالتالي فإن أي تأثير سلبي على اقتصاد الكيان الاسرائيلي ينعكس بالتأكيد على اقتصاد أمريكان والدول الأوروبية التي لها علاقات اقتصادية مع أمريكا .
ومن الكوارث ايضا على صعيد الاستثمارات فإن اسرائيل ليست بحاجة لجذب استثمارات جديدة فهي بالفعل مشبعة منذ فترة بهذا الجانب ولكن من ناحية اخرى قد يتجه التطبيع بين اسرائيل ودول الخليج إلى وجود مشاريع مشتركة بينهما تلعب فيها اسرائيل دور ناقل للتكنولوجيا الامريكية والاوروبية الى دول الخليج وتؤدي إلى توطين الاستثمارات الخليجية في دول الخليج نفسها وهو ما قد يؤثر بطبيعة الحال على تدفق الاستثمارات الخليجية إلى الدول العربية الاخرى وكما هو موضح في تقارير بعض البنوك في الكيان الإسرائيلي فإن الاستثمارات خسرت منذ الأيام الأولى لقيام ثورة طوفان الأقصى حوالي 60% وهذا يعتبر كارثة اقتصادية على الكيان الصهيوني ومن ناحية أخرى فان التطبيع مع اسرائيل له تأثير خطير على العمالة العربية بالخليج والسبب إن اسرائيل ليست موردا للعمالة وقد يقتصر تصدير اسرائيل للعمالة الى الخليج على العمالة عالية المهارة وليست العمالة العادية "فإسرائيل" نفسها مستوردة للعمالة وبالتالي فدور المقاطعة الاقتصادية سوف يعمل على غلق معظم شركات التجارة لدى الكيان الصهيوني في المنطقة وبالتالي خسارة إضافية لاقتصادها وفي مجمل ذلك قد تصل خسارة الاقتصاد الأمريكي والكيان الصهيوني نتيجة المقاطعة الاقتصادية إلى مئات المليارات من الدولارات وهي نتيجة أولية وقابلة للزيادة بالتأكيد.
ومن هنا فإن المقاطعة الاقتصادية الفعلية على البضائع الأمريكية والإسرائيلية لها تأثيرها الحقيقي على العدو ولها نتائجها الملموسة على كافة المستويات فتأثيرها على المستوى السياسي يأتي من اعتبارها عملية ردع للعدو وتقلص من سياسته ضد الشعوب الإسلامية وتدفعه للتخلي عنها ولو بشكل تدريجي كما أنها تدفع بالعدو إلى مراجعة حساباته في اتخاذ قراراته فتساهم في تلاشي سياسته في الهيمنة والاستكبار ولأن العدو لا يؤمن إلا بالقوة وأيضا فإن تأثيرات المقاطعة على الجانب الاقتصادي فهي كثيرة حيث تستطيع أن تستخدم سلاح المقاطعة من مكانك في مدينتك بعدم شراء البضائع الأمريكية والإسرائيلية وأن تكبد عدوك خسائر فادحة يدخل بسببها في أزمات ومشاكل اقتصادية تسبب له انهيار اقتصادي قد يصل إلى حد الإفلاس وذلك لأن أعداءنا يعتمدون بشكل أساسي على مواردنا وثرواتنا الاقتصادية من خلال استغلال المواد الخام التي يستوردونها من بلداننا ويعيدون تصنيعها إلينا بأسعار مضاعفة كما يعتمدون علينا كسوق استهلاكية لشراء منتجاتهم وعليه فإن استخدامنا لسلاح المقاطعة الاقتصادية بجانبيه الاستيرادي والتصديري يعمل على ضرب أعدائنا في مقتل ويعمل على التأثير عليهم وهزيمتهم.    
    
* وكيل وزارة المالية
  كاتب وباحث في الشأن الاقتصادي

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا