الصفحة الإقتصادية

ركود حاد وشلل في مختلف القطاعات.. طوفان الأقصى يصيب اقتصاد العدو الإسرائيلي بمقتل

ركود حاد وشلل في مختلف القطاعات.. طوفان الأقصى يصيب اقتصاد العدو الإسرائيلي بمقتل

رشيد الحداد/

   كبدت عملية "طوفان الأقصى "، مختلف القطاعات الاقتصادية للعدو الإسرائيلي خسائر فادحة منذ السابع من أكتوبر الماضي، فالعملية ضربت اقتصاد الكيان وتهدد تداعياتها بفرض قيود على نفاذ البضائع الإسرائيلية للأسواق العربية والأسيوية والعالمية

في ظل السخط الشعبي العالمي المناهض لكافة جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني الأعزل..
حتى الآن تشير التقديرات الأولية إلى أن دولة العدو تكبدت خسائر مباشرة بنحو 37 مليار دولار ، إلا أن تلك الأرقام لاتزال أولية وقابلة للارتفاع إلى الضعف ، سيما وأن عملية "طوفان الأقصى "، تسببت بشلل شبه كلي للحركة التجارية وحركة الأسواق وحركة النقل الداخلي والنقل البحري والنقل الجوي من وإلى دولة الكيان ، وهو ما يعني أن دولة الكيان أصبحت شبه معزولة عن العالم ، وأن توقف حركة الموانئ يعني توقف حركة التصدير والاستيراد ، وتوقف حركة الطيران يعني تكبد قطاع السياحة خسائر غير مسبوقة ، ونتج عن هذه العملية المباركة توقف صادرات الغاز الإسرائيلية ، وأدت إلى ارتفاع الأسعار في أسواق دولة الكيان ، ودفعت العشرات من الشركات الأجنبية العاملة في دولة الكيان إلى المغادرة ، وأدت إلى ارتفاع معدل المخاطرة الاستثمارية في إسرائيل وكذلك تضرر الاستثمار المباشر في دولة الكيان بشكل كبير، ليس ذلك وحسب ،بل أن دولة الكيان التي تعتمد إيراداتها على الضرائب فقدت إيرادات ضريبية ضخمة كانت تحصل عليها بشكل يومي قبل الطوفان ، بل أن ملايين الصهاينة في إسرائيل يعيشون في الملاجئ منذ انطلاق عملية الطوفان التي نفذتها حركات المقاومة الإسلامية في فلسطين " حماس " والجهاد " ،وهو ما يعني أن مختلف القطاعات الإنتاجية توقفت بشكل كلي في أرجاء دولة الاحتلال التي يتجاوز ناتجها المحلي الإجمالي سنوياً أكثر من 520 مليار دولار .

طوفان اقتصادي... الخسائر بالأرقام
ورغم تكتم "تل ابيب "عن إجمالي خسائرها الاقتصادية الناتجة عن عملية "طوفان الأقصى "، وخسائرها المبشرة الناتجة عن تكاليف العمليات الإجرامية التي ترتكبها إسرائيل بشكل يومي، إلا أن التقديرات الاقتصادية تشير إلى أن تكلفة تلك العمليات تبلغ يومياً نحو مليار دولار، وهذه الكلفة تضاعفت بعد أن استدعت حكومة الكيان الإسرائيلي 360 ألف جندي مما يسمى بقوات الاحتياط لينضموا لـ150 ألف هم قوام جيش الاحتلال ، وهو أكبر استدعاء إسرائيلي لقوات الاحتياط منذ حرب أكتوبر 1973 ، ومن شأن هذا الاستدعاء أن يضر بشكل مباشر بالاقتصاد الإسرائيلي، سيما وأن مئات الآلاف من قوات الاحتياط  التي تم استدعاؤها يعملون بالأساس في قطاعات الصناعة والنقل والتعليم والاتصالات والطاقة والأكل والبنوك ، وتحتاج هذه الأعداد الكبيرة إلى تجهيزات وغذاء ومأوى .
أما ما كشف عنه العدو، أن عملية السابع من أكتوبر أدت إلى انخفاض أسعار الأسهم والسندات الإسرائيلية بنسبة 8%، في أول 48 ساعة من العملية وخسرت الأسهم الإسرائيلية ما قُدر بـ20 مليار دولار من قيمتها السوقية، وفي أول 10 أيام وحسب اتحاد أرباب الصناعة الإسرائيلي، تكبد سوق العمل الإسرائيلي خسائر فادحة بسبب عدم الوصول إلى أماكن العمل وعدم الإنتاج وبلغت الخسائر الأولية نحو 4.6 مليارات شيكل (1.2 مليار دولار).
وفي الأيام الأولى للعملية، كشفت مصادر عبرية عن خسائر بممتلكات المدنيين في إسرائيل بما قيمته 1.5 مليار شيكل (375 مليون دولار)، حيث قدمت لسلطة الحكم ضريبة الدخل الإسرائيلية بأول 10 أيام الحرب 15 ألف دعوى تعويضات عن أضرار بممتلكات السكان المدنيين ومن المتوقع أن يصل عدد دعاوى التعويضات 45 ألفا ، والمبلغ قابل للزيادة المضاعفة في ظل استمرار الحرب واستمرار المقاومة الفلسطينية بإطلاق صواريخها.
وفي ظل هذه الأوضاع تشهد الأسواق الإسرائيلية ارتفاعا كبيرا بأسعار السلع الاستهلاكية، فمنذ اليوم الأول سُجل إقبال غير مسبوق على السلع الاستهلاكية، مما أدى لمضاعفة أسعارها في ظل لجوء الكثيرين لتخزين السلع الأساسية خشية تفاقم الأوضاع، وضاعف ذلك انخفاض سعر صرف الشيكل الإسرائيلي لأول مرة منذ العام 1973، أمام العملات الصعبة وفقدانه 8% من قيمته الشرائية رغم تدخل مصرف الكيان الصهيوني بضخ نحو 25 مليار دولار لحماية تلك العملة الصهيونية من الانهيار.

خسائر متعددة
ويتوقع أن تكلف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة أكثر من 70 مليار شيكل (17.2 مليار دولار)، أي حوالي 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد الإسرائيلي، وفقا لتقدير " شركة "ميتاف" للاستثمارات، وهذا التقدير، أعلى، من تقديرات بنك إسرائيل ووزارة الخزانة، اللذين قدرا بشكل غير رسمي أن التأثير سيكون خسارة بنسبة 2-3% من الناتج المحلي الإجمالي.
وستبلغ التكلفة المباشرة لحرب إسرائيل على غزة قرابة 25 مليار شيكل (6.17 مليار دولار) بما في ذلك الذخيرة وتعبئة جنود الاحتياط، وستكون ضعف تكلفة حرب لبنان الثانية ، وكان بنك "هبوعليم "أكبر بنك إسرائيلي ، قد قدر في الأسبوع الأول من العملية أن تكاليف المعركة ضد المقاومة في غزة ستكلف إسرائيل في أقل تقدير 1.5% من إجمالي الناتج المحلي وهو ما يوازي 7 مليارات دولار (وهي أكبر تكلفة قد تكلف إسرائيل في كل مواجهتها مع الفلسطينيين) ، وجزء كبير من هذه الخسارة هو الاستدعاء الكبير لجنود الاحتياط الذين تركوا وظائفهم، والمتوقع أن تتضاعف هذه التكلفة مع مرور الوقت ، في حين تقدر جهات أخرى أن الكلفة الإجمالية للحرب ستكلف خزينة إسرائيل حوالى 50 مليار شيكل (12.5 مليار دولار).
وتعويضات جميع المتضررين من أفراد وشركات يمكن أن تصل إلى 17 مليار شيكل (4.2 مليار دولار)، إضافة إلى خسارة الدخل الضريبي بسبب انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بمقدار 31 مليار شيكل (7.6 مليار دولار ) .
وتقدر الشركة أن خسارة إيرادات الدولة القائمة على الضرائب ستترجم إلى خسارة حوالى 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي، وسيرتفع العجز الحكومي الإسرائيلي إلى 3% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بتوقعات ما قبل الحرب البالغة قرابة 1.5 %، لكن من المتوقع أن يرتفع عجز الحكومة الإسرائيلية إلى 4% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بتوقعات ما قبل الحرب البالغة 2.5%.
وحتى لا تكون الخسائر الاقتصادية كبيرة تحرص إسرائيل على عدم الدخول في حرب طويلة ،حيث إن مئات الآلاف من قوات الاحتياط هذه يعملون بالأساس في قطاعات الصناعة والنقل والتعليم والاتصالات والطاقة والأكل والبنوك، ومثالا على تأثر الاقتصاد، قطاع التكنولوجيا الذي يشغل 14% من القوى العاملة. وسحب القوى العاملة في هذا القطاع لفترة طويلة سيؤثر في قدرته على الاستمرار من ناحية، ومن ناحية ثانية سيقلل من جاذبية المستثمرين الأجانب فيه، وكان قطاع التكنولوجيا في إسرائيل قد جذب خلال العام الجاري استثمارات من صناديق سيادية بنحو 5.5 مليارات دولار.

بيئة أعمال طاردة
تحولت إسرائيل بفعل عملية "طوفان الأقصى " من بيئة أعمال آمنة إلى بيئة أعمال طاردة في غضون ساعات، وخلال الأيام الأولى للعملية، أوقفت شركات عالمية عدة بعض عملياتها في إسرائيل، أو طلبت من موظفيها العمل من المنزل. وقالت شركة “نستله” السويسرية، إنها أغلقت مؤقتا أحد مصانعها للإنتاج في إسرائيل “كإجراء احترازي”  ، كما أغلقت مجموعة شركات “إنديتكس” الإسبانية العالمية مؤقتا 84 متجرا تابعا لها في إسرائيل، بعد يومين من عملية “طوفان الأقصى”  ، من جهتها أخبرت سلسلة متاجر “إتش آند إم” السويدية -التي تمتلك 20 متجرا في إسرائيل- عملاءها أنه “بسبب الوضع الراهن، قد يكون هناك تأخير في مواعيد التسليم”، بالنسبة لعمليات الشراء عبر الإنترنت ، وفي قطاع الأعمال طلب بنك “جي بي مورغان تشيس” من 200 موظف في إسرائيل العمل من المنزل. كما طلب كل من بنك “غولدمان ساكس ،ومورغن ستانلي" من العديد من موظفيهما في إسرائيل الشيء نفسه.
وفي قطاع الطيران ومنذ اليوم الثالث لعملية طوفان الأقصى علقت نحو 42 شركة طيران أميركية وكندية وأوربية رحلاتها إلى إسرائيل، وأجلت هذه الشركات موظفيها من هناك مع تصاعد الأحداث، ورغم قيام تل ابيب بتقديم ضمان بقيمة 6 مليارات دولارات في محاولة منها لإنقاذ قطاع الطيران، إلا أن محاولتها بتغطية التأمين ضد مخاطر الحرب لشركات الطيران الإسرائيلية فشلت، في إثناء شركات الطيران المدني التجاري بالعدول عن قرارها ولم تبدد مخاوف تلك الشركات.
وفي قطاع الطاقة، كانت شركة شيفرون الأميركية قد أعلنت في العاشر من الشهر الجاري، إغلاق حقل غاز “تمار”، قبالة الساحل الشمالي لإسرائيل. وعلقت شيفرون الصادرات عبر خط أنابيب غاز شرق المتوسط تحت سطح البحر والذي يمتد من عسقلان في جنوب إسرائيل إلى مصر ، ومن شأن هذه الإغلاقات أن تكبد قطاع الطاقة والغاز الإسرائيليين مئات الملايين من الدولارات أسبوعياً ، حسب تقديرات وسائل الإعلام الإسرائيلية ، وقدّرت صحيفة “دمار كر” -التي تعنى بالاقتصاد- أن الحرب على غزة تُعرّض استثمارات الغاز الطبيعي في إسرائيل للخطر ، وتوقعت أن توجه الحرب ضربة قوية لطموحات إسرائيل في أن تصبح مركزا لتصدير الغاز الطبيعي إلى أوروبا وأماكن أخرى ، وتشير المصادر إلى أن  حقول الغاز الطبيعي تغطي قبالة السواحل الإسرائيلية نحو 70% من إنتاج الكهرباء واحتياجات الطاقة في البلاد.

انتكاسة لأكثر من قطاع
مثلت الحرب التي يقودها الاحتلال على قطاع غزة، انتكاسة كبيرة لعدد من القطاعات الاقتصادية الإسرائيلية الحيوية والتي على رأسها صناعة التكنولوجيا في إسرائيل التي تشكل  18% من الناتج المحلي الإجمالي ، ونحو نصف صادرات البلاد و30% من عائدات الضرائب، فالمراقبون يشيرون إلى أن هذا القطاع سيدفع ثمنا باهضا ، وتدهوره سيكون مؤكداً وقاصماً للاقتصاد الإسرائيلي في أعقاب العمليات العسكرية الإجرامية التي تشنها دولة الكيان على الفلسطينيين العزل في قطاع غزة ، وعلى الرغم من أن شركات التكنولوجيا الكبرى في إسرائيل معتادة إلى حد معين على الصراع المسلح، إلا أن عمليات الإبادة الجماعية التي ترتكبها تل ابيب سيكون لها أثر بالغ على نفاد كافة الصادرات الإسرائيلية في مختلف أسواق العالم ، ووفقا لصحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية " فإن " صناعة التكنولوجيا في إسرائيل تواجه أزمة ستؤثر سلباً على اقتصاد البلاد، مع تجنيد عدد كبير من الإسرائيليين الذين يعملون في هذا المجال في الخدمة العسكرية " ومثالا على تأثر الاقتصاد، قطاع التكنولوجيا الذي يشغل 14% من القوى العاملة وسحب القوى العاملة في هذا القطاع لفترة طويلة سيؤثر في قدرته على الاستمرار من ناحية، ومن ناحية ثانية سيقلل من جاذبية المستثمرين الأجانب فيه، خاصة وانه كان قد جذب خلال العام الجاري استثمارات من صناديق سيادية بنحو 5.5 مليارات دولار.
وفي قطاع الزراعة الذي يشكل  16% من إجمالي الناتج القومي  ، ويصل حجم الإنتاج الزراعي إلى أكثر من 8 مليار دولار ، أدت عملية الطوفان إلى فقدان إسرائيل 75% ، من الخضراوات المستهلكة في إسرائيل والتي كانت تحصل عليها من غلاف غزة التي تحولت إلى ساحة حرب مفتوحة، إضافة إلى 20% من الفاكهة، و6.5% من الحليب، وتُعرف المنطقة المحيطة بقطاع غزة باسم “رقعة الخضار الإسرائيلية” وتحوي أيضا مزارع للدواجن والماشية، إلى جانب مزارع للأسماك، وقبل نحو أسبوعين، قررت الحكومة استيراد 10 ملايين لتر من الحليب شهريا، أي 33% من سوق الحليب بإسرائيل، لمدة 3 أشهر، و50 مليون بيضة، بحسب صحيفة “غلوبس” الإسرائيلية.
وبعد عملية "طوفان الأقصى " انخفضت مشتريات بطاقات الائتمان بنسبة 12%، مقارنة بنفس الفترة قبل عام، بالتزامن مع انخفاض حركة البيع بمختلف أنواع المحلات، باستثناء متاجر التجزئة، التي ارتفعت حركة البيع فيها بنسبة كبيرة، لتخزين السلع الغذائية ، ومع مغادرة أغلب السائحين لإسرائيل، منذ بدء عملية طوفان الأقصى، بات نحو 50% من نزلاء الفنادق من الإسرائيليين القادمين من المناطق الحدودية، أما باقي الغرف، فباتت فارغة ، وأصبح عدم توافر سائقين للشاحنات لنقل المواد الخام، أو منتجات المصانع، مشكلة مزمنة لا حل لها، رغم أن العمل مستمرا في المصانع، حتى تلك القريبة من غزة ، وتوقع "بنك هبوعليم " مؤخراً ، أن يستمر تخفيض الإنفاق الاستهلاكي للجمهور الإسرائيلي، خلال فترة العدوان على غزة، وما بعدها، بسبب المناخ المسيطر على الاقتصاد، وهو ما يهدد بخسائر اقتصادية كبيرة، لأن الإنفاق الاستهلاكي يمثل أكثر من 50% من النشاط الاقتصادي.
كما توقفت حركة البناء، في أول أسبوع من حرب الكيان الاجرامي على قطاع غزة، وتم إغلاق مواقع البناء، وتجميد عمل الرافعات التي تنتشر في أفق تل أبيب ، وحسب تقرير صناعي، عادت مواقع البناء للعمل في الأسبوع الثاني، لكن بإرشادات أكثر صرامة لضمان السلامة للعاملين فيها ، ويخسر الاقتصاد الإسرائيلي، نحو 150 مليون شيكل (نحو 37 مليون دولار) يوميا، بسبب توقف قطاع البناء عن العمل ، وقال راؤول ساروجو، رئيس جمعية بناة إسرائيل:” هذه ليست ضربة للمقاولين، أو رجال الصناعة وحدهم.. إنها ضربة لكل أسرة في إسرائيل” ، السياحة الإسرائيلية التي حققت العام الماضي ، نحو 4 مليارات دولار  تكبدت خسائر فادحة بسبب عملية الطوفان وتداعياتها .
الحديث عن الخسائر غير المباشرة سيكون في اطار الحديث عن الأضرار المحتملة لأكبر حملة مقاطعة لبضائع إسرائيل وأمريكا وبريطانيا وكل الدول التي ساندت العدوان الصهيوني على قطاع غزة .

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا