الصفحة الإقتصادية

حكومة الارتزاق .. أمام أزمة مالية

حكومة الارتزاق .. أمام أزمة مالية

رشيدالحداد
لم يكن التدهور الحاد في سعر صرف العملة المطبوعة دون غطاء في المحافظات المحتلة مؤخراً ، نتيجة لارتفاع معدلات المضاربة بالعملات في تلك المحافظات ، يمكن السيطرة علية بضخ عملات اجنبية للسوق ،

أو تغطية فاتورة الاستيراد، بل ناتج عن ازمة مالية تعيشها حكومة القلة المتخمة بالثراء الذي تتجاوز نفقاتها في الخارج ، نفقات رعايا ودبلوماسي الحكومات الخليجية جمعا ، ولذلك من الطبيعي أن تنهار عملة مطبوعة دون غطاء وأن يطال الأثر كافة شرائح المجتمع باستثناء تجار الحروب ومرتزقة العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي ، فالأزمة اخذت في الآونة الأخيرة بالتصاعد جراء انعدام السيولة من العملات الصعبة،  ودفعت بانهيار سعر صرف العملة غبر القانونية في تلك المحافظات إلى سقف ١٣٠٠ ريال للدولار الواحد ، وهو ما ضاعف معاناة المواطنين الذين وجدوا أنفسهم في حالة عجز عن توفير أدنى متطلبات الحياة المعيشية وزاد ذلك تدهور خدمات الكهرباء في عدن والمحافظات الساحلية التي يعاني سكانها من  ارتفاع درجات الحرارة إلى حدود ٤٢ و٤٥ درجة مئوية في ظل استمرار انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة في الليل والنهار وسط عجز حكومة العمالة والارتزاق عن توفير وقود كهرباء عدن وأبين،  ومن المتوقع أن تلحق كهرباء المحافظات الأخرى بواقع عدن في حال نفاد الوقود .
هذه المعاناة تعد نتيجة لفشل حكومة الارتزاق في إدارة الملف الاقتصادي في تلك المحافظات التي تتجاوز ايراداتها إيرادات مناطق سيطرة حكومة صنعاء،  بل كانت تصل نحو ٧٠ % من إيرادات اليمن قبل السطو عليها من قبل المرتزقة باسناد دول العدوان .
مطلع العام ٢٠١٦ ، عندما بدأ المرتزقة بالسطو على إيرادات الدولة كانوا يسوقون اوهامهم لليمنيين في تلك المحافظات بانهم سينقلون وضع تلك المحافظات إلى مستوى افضل ، واوهموا المواطن الجنوبي أن السطو على إيرادات الدولة من إيرادات نفط وغاز ورسوم حكومية سيادية من ضرائب وجمارك ورسوم خدمات ، سيضيق الخناق على صنعاء ويجهز على  الحركة التجارية والمصرفية فيها وسيدفع الملايين من اليمنيين في نطاق سيطرة حكومة الإنقاذ للخروج في ثورة جياع عارمة يرفعون شعارات مؤيدة لعودة ما تسمى "بالشرعية "، وكان حينها مخطط العدوان الاقتصادي الذي بدأ بالسطو على الإيرادات العامة للدولة مروراً بنقل وظائف البنك المركزي من صنعاء واستغلال الاعتراف الدولي بتلك الحكومة التابعة للعدوان ، لطباعة تريليونات الريالات دون غطاء بهدف ضرب ما تبقى من استقرار لسعر صرف العملة ، ولم يتوقف عند تشديد الحصار الاقتصادي، وفرض المزيد من القيود على الحركة المالية والمصرفية ، والإصرار على فرض عقاب جماعي ضد موظفي الدولة من خلال رفض كافة المبادرات والمساعي الإنسانية  الهادفة لصرف رواتبهم التي تعرضت للسطو من قبل حكومة الارتزاق منذ ما يقارب ثماني سنوات ، إلا أن كل خطوات الحرب الاقتصادية التي استخدمها تحالف العدوان لم تحقق اي اهداف سياسية أو عسكرية أو أمنية في مناطق سيطرة صنعاء ، رغم تداعياتها السلبية على حياة الملايين من اليمنيين في المناطق الحرة، وفي مقابل تكريس حكومة المرتزقة جهودها في تضييق خيارات عيش اليمنيين ، اثبتت لكل اليمنيين ولدول العالم فشلها في إدارة الوضع الاقتصادي في المحافظات المحتلة ، وحملت المواطن في تلك المحافظات  المتعددة الموارد تبعات فشلها وفسادها ، فصارت عبئاّ تقيلاً على حياتهم اليومية رغم الإيرادات الضخمة التي تسطو عليها منذ سنوات ، فبعكس  الوضع المعيشي في مناطق سيطرة صنعاء الذي  لايزال افضل حالاً وأكثر استقراراً ويتسم بالثبات، تعيش الأسواق المحلية في المحافظات الجنوبية  حالة عدم استقرار في مختلف أسعار المواد الغذائية والكمالية وتشهد تقلبات سعريه يومية ، وأصبح توفير الوجبات الرخيصة من الغذاء هماً يومياً لمعظم الأسر، وحتى الشرائح التي لاتزال تتقاضى مرتبات من تلك الحكومة ، فمعدلات الراتب الشهري باتت أقل من ١٠٠ دولار بينما توفير ٥٠ كيلو من القمح يتطلب ٤٨ الف ريال وهو ما يعنى أن إرتداد فشل حكومة العمالة والارتزاق على حياة المواطنين قاسية جداً ، وهو ما لا تضعه له تلك الحكومة التي يعيش أعضاءها خارج اليمن هم واسرهم  اي إعتبار كونها حكومة تمثل العدوان وتعمل على تنفيذ اجنداته ومطامعه ، وتسعى لنيل رضى دول العدوان وليس رضى الشعب اليمني في المحافظات المحتلة .
لذلك أصبحت الخيارات أمام المواطنين في المحافظات الجنوبية المحتلة للخروج من هذه الأزمات التي تنتجها حكومة الارتزاق محدودة جداً ، فمع استبعاد اي جهود إيجابية تقوم بها تلك الحكومة قد تسهم في وقف انهيار العملة وانهيار الأوضاع الإنسانية، فإن الاطاحة بتلك الحكومة شعبياً بات خياراً وحيداً وممكناً، خاصة وأن ما تسمى بحكومة معين، فشلت على مدى السنوات الماضية في إحداث اي تحسن معيشي واقتصادي رغم الإيرادات الضخمة التي استحوذت عليها خلال السنوات الماضية ، وفقدت ثقتها لدى الدول المانحة ، وكل المؤشرات اليوم تؤكد بأنها لن تتغلب على الأزمة
المالية التي اعترفت بها مؤخراً ، وأن أي مطالب بدعمها من السعودية أو الامارات لن يستجاب لها ، ولذلك سيكون المواطن في المحافظات المحتلة أمام سيناريوهات كارثية، خاصة وأن المتاح أمام تلك الحكومة الفاسدة الفاشلة هو اللجوء لمصادر تضخمية لمواجهة العجز العام الذي تعيشه ، وسيكون بطباعة المزيد من العملة ، أو بيع المزيد من الامتيازات لشركات معادية ، او بيع ما تبقى من سيادة واستقلال لدول العدوان مقابل الفتات من المال ، ومع ذلك لن تستطيع وقف انهيار سعر صرف العملة المحلية غير القانونية،  وهناك خيار وحيد متاح أمامها لكي تتخلص من الازمة المالية التي تدفع نحو انهيار جديد لسعر صرف العملة في تلك المحافظات والتي لن يتوقف في سقف ١٥٠٠ ريال وقد يتجاوز ذلك السقف في غضون اشهر  والحل المتاح أن تلتقط الفرصة وتعلن موافقتها على صرف رواتب موظفي الدولة من عائدات النفط والغاز ، كون ذلك سيسهم في عودة مصدر هام من مصادر الدخل الوطني من العملات الصعبة ، وسيفتح كافة الأبواب لعودة الشركات النفطية الأجنبية،  وسوف يهيئ لاستقطاب المزيد من الاستثمارات النفطية الدولية ، وكذلك سيدفع نحو إعادة استئناف إنتاج وتصدير الغاز بعد تعديل أسعار البيع ، وإنهاء إجحاف الاتفاقيات التي حصلت عليها  الشركات الفرنسية ومنها شركة توتال الخاصة بسعر بيع الغاز المسال بسعر بخس ، وستكون النتائج ارتفاع معدل الإيرادات النفطية بشكل جيد وستنعكس على حياة كل اليمنيين،  بل أن الموافقة على صرف المرتبات سيدفع نحو تحييد الاقتصاد اليمني ككل، وإنهاء الانقسام النقدي والمالي وصولاٍ إلى تحييد الانقسام البنكي ، وتحسين معدل الدخل العام ، ودون ذلك سيبقى الانهيار والفشل والعجز هو السائد في المشهد الاقتصادي في المحافظات المحتلة..
والله من وراء القصد.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا