أخبار وتقارير

الجزر اليمنية ... بين الأهمية الاستراتيجية والجيوبوليتيكية ! (1)

الجزر اليمنية ... بين الأهمية الاستراتيجية والجيوبوليتيكية ! (1)

علي الشراعي / 

في 19 مارس 1973م كشفت مجلة تايم الامريكية عن احتلال صهيوني لبعض الجزر في جنوب البحر الأحمر ومنها جزيرة زقر اليمنية . تضمن خبر كشف صحيفة تايم بأنها ( علمت أن اسرائيل قد أرسلت بعض الوحدات الممتازة من الكوماندوس الاسرائيلي لاحتلال بعض هذه الجزر المهجورة على بعد 85 ميلا تقريبا من مضيق باب المندب.

وأنها أقامت في احدى هذه الجزر وهي جزيرة زقر قاعدة للرادار .... وأن الكوماندوس الاسرائيليين الذين احتلوا الجزيرة يتكلمون العربية بطلاقة ولا يرتدون الملابس العسكرية ولا يرفعون أعلاما ويتم تناوبهم كل ثلاثة أشهر عن طريق وحدات الأسطول التي تأتي في جنح الليل) , مضيفة في خبرها أنه على الرغم من الاحتياطات التي اتخذتها اسرائيل لعدم تسرب نبأ هذه القاعدة الا أن نبأ هذا الاحتلال أفتضح لليمنيين عن طريق أحد الجواسيس الإسرائيليين (باروخ زكي مزراحى) والذي تم اسره من قبل حكومة صنعاء والذى اعترف بوصف الصحيفة عن تواجد صهيوني في جزيرة زقر اليمنية .

أطماع وصراع
يقدر عدد الجزر في البحر الأحمر بنحو 521 جزيرة , وتشير بعض المصادر إلى اقل من العدد المذكور , ومعظم تلك الجزر صغيرة المساحة تتكون من صخور ورمال وهي غير صالحة للسكان , اما عدد الجزر الكبيرة والمأهولة بالسكان فهي محدودة للغاية وتنبع أهميتها الجيوبوليتيكية فيما تحويه من ثروات اقتصادية هائلة، وفي الوقت نفسه تعد محطات انتظار وتموين للسفن التجارية والحربية , فضلا عن انها تصلح قواعد عسكرية مهمة . وان لتلك الجزر اهمية استراتيجية كبيرة فأن بعضها تبلغ أهميتها الاستراتيجية بما يعادل نقاط التحكم والخنق في البحر الأحمر من خلال المضائق والخلجان.
ولتلك الجزر أهمية جيوبوليتيكية بما لها من تأثير كبير بمحيطها الإقليمي مما يضفي على الدول التي تمتلك الجزر أعباء مضاعفة في الاستفادة منها من جهة , وفي حمايتها من الاطماع الخارجية من جهة أخري, وقاد ذلك إلى صراع دولي سوآء على الصعيد الاقليمي أو على الصعيد العالمي من أجل فرض السيطرة على تلك الجزر والتحكم فيها اقتصاديا وسياسيا - ومازالت تلك الاطماع والصراع إلى الوقت الراهن - .( الصراع الدولي في البحر الأحمر بين الماضي والحاضر- كريم الزبيدي ) .

الملاحة الدولية
تتمتع اليمن بموقع استراتيجي مهم فهي تهيمن على المدخل الجنوبي للبحر الأحمر عن طريق مضيق باب المندب المتصل بخليج عدن , وتطل على ثلاثة مسطحات مائية البحر الأحمر من الغرب , وخليج عدن والبحر العربي من الجنوب , والمحيط الهندي عن طريق ميناء عدن , لا يفصلها عن الساحل الافريقي الا مضيق باب المندب , وتطل على البحر الأحمر بساحل يبلغ طوله 442كم , وقد أعطى الموقع الجغرافي لليمن أهمية جيوبوليتيكية لأشرافها على المسطحات المائية المطلة عليها . وقد شكلت الاهمية الجيوبوليتكية لهذا الموقع جوانب من القوة جعلته يمتلك مكانة وطنية واقليمية وعالمية على مختلف الأصعدة السياسية والعسكرية والاقتصادية , ومما اضاف له اهمية كبرى من الناحيتين الجيوبوليتيكية والاستراتيجية هو امتلاكها لعدد من الجزر المهمة والتي يمكن من خلالها السيطرة على حركة الملاحة البحرية وكذلك اتخاذها قواعد للرصد والمراقبة فضلا عن اهميتها الاقتصادية بما فيها من ثروات وقد استفادت اليمن بالماضي من فرض المكوس والرسوم الجمركية ’ الا ان تأثير البعض منها تجاوز محيطها الاقليمي مما عرضها للغزوات الاجنبية لاتخاذها قواعد عسكرية لسيطرة على مدخل البحر الاحمر الجنوبي . ويبلغ عدد الجزر اليمنية 110 جزر تتفاوت فيما بينها من حيث الطبيعة والمساحة والأهمية الاستراتيجية والجيوبوليتيكية من حيث خطوط الملاحة وموقعها الجغرافي , والبعض منها لا توجد لها تسمية نظرا لصغر مساحتها وقلة أهميتها . ( الأهمية الاستراتيجية للجزر اليمنية في البحر الأحمر وخليج عدن – عبدالله محمد نجاد ) . ومن أهم الجزر اليمنية في البحر الأحمر .

جزيرة زقر :
تقع عند تقابل دائرة عرض 14 شمالا وخط طول 42- 45 شرقا , وتبعد عن الساحل اليمني 32 كم وعن الساحل الاريتيري 114كم , وتبلغ مساحتها قرابة 99 كم2 , وهي جزيرة شديدة التضاريس شكلها غير منتظم تتكون من مجموعة تلال , وتغطي سطحها صخور بنية من شظايا بركانية سوداء , ويبلغ طول الجزيرة من الشمال إلى الجنوب 16 كم , وعرضها 12- 13كم من الشرق إلى الغرب , ويبلغ اعلى قمة في شمال الجزيرة 642م فوق مستوى سطح البحر , واعلى قمة في جنوبها 826م فوق مستوى سطح البحر , وتسميتها بزقر اطلقه سكان تهامة اليمني عليها لكثرة السلاحف فيها . وتكمن أهميتها الاستراتيجية في موقعها الحاكم والمسيطر على الخطوط الملاحية الرئيسية في جنوب البحر الأحمر وقربها الشديد منها , ويوجد فيها مرسى بحري واسع يسمح باستخدام وحدات بحرية والسفن بأنواعها , تواجدت بها حامية عسكرية يمنية خاصة بعد احتلال اريتيريا لجزيرة حنيش الكبرى في ديسمبر 1995م , وبها فنارا تديره دائرة الموانئ اليمنية خدمة للملاحة الدولية .
فيما تكمن أهميتها الجيوبوليتيكة لكونها تؤثر في محيطها الإقليمي من الناحية السياسية والاقتصادية , ويتعدى تأثيرها إلى الدول صاحبة المصلحة في المنطقة , ولأهميتها احتلتها بريطانيا مع بداية الحرب العالمية الأولى ( 1914- 1918م ) . وعلى الشمال من جزيرة زقر تقع جزيرة أبو علي بمسافة 4 كم , ومساحتها 0,23كم2 , وتعد من مناطق الأشراف الملاحي , وارتفاعها 117 م فوق مستوى سطح البحر , وتبعد عن الساحل اليمني 27,5كم , وهي جزيرة قاحلة . وإلى شمال من جزيرة زقر ايضا تقع جزيرة حبا ارتفاعها 66 م فوق سطح البحر , وبقربها جزيرة الشرق وجزيرة اللسان وهي جزر صغيرة جدا .

جزيرة بكلان ( العنصرات )
تقع شمال غرب جزيرة كمران عند دائرة عرض 16.25شمالا وخط طول 25- 42 شرقا , وتبعد عن الساحل اليمني 37 كم , فيما تبلغ مساحتها 7.6 كم2 . وهي مأهولة السكان وأغلب سكانها يمارسون الصيد . وتواجدت بها حامية عسكرية . وإلى الشمال الشرقي منها تقع جزيرة عاشق الصغير , وفي الشمال الغربي تقع جزيرة عاشق الكبير , وعلى مقربة منها تقع جزيرة سومير وهي جزر صغيرة ليس لها تأثير وغير مسكونة .

جزيرة ذو حراب :
تقع غرب مدينة ميدي وتبعد عن الساحل مسافة 84 كم وتبلغ مساحتها قرابة 5كم2 سطحها منخفض يتكون من صخور رملية مرجانية , تحيط بسواحلها الشعاب المرجانية ومجموعة من الصخور وأقيم عليها فنار لإرشاد السفن , وتتميز بكونها من اشهر مصائد الأسماك في اليمن , وتتمتع بموقع استراتيجي لكونها تصلح قاعدة للأشراف على الخطوط الملاحية في البحر الأحمر , وبالوقت نفسه يمكن أن تتعدى يمكن أن تتعدى من الناحية الجيوبوليتيكية محيطها الإقليمي لأنها نقطة تؤثر على الملاحة البحرية . وإلى الشمال من الجزيرة تقع جزيرة ( مراك) وتبعد عن ذي حراب مسافة 12 كم وعن الساحل 116كم . ومن الجزر الأخرى جزيرة ( فوشت ) تقع عند تقابل دائرة عرض 10 -16 شمالا وخط طول 21- 42 شرقا , تبعد عن الساحل 46كم , تبلغ مساحتها قرابة 6 كم2 وهي جزيرة مأهولة السكان . وإلى الشمال منها تقع جزيرة (عرضين ) بمسافة 4,5 كم وإلى الجنوب من عرضين تقع جزيرتا سانا وبدخور على بعد 7,5كم , هذا فضلا عن الجزر الأخرى الصغيرة الحجم وتتكون من صخور مرجانية ورمال ومنها ذخا ونحل تبلغ مساحة ذخا 1,12كم2 , ونحل 0,30كم2 . وجزيرة زرباط 1,96كم . وجزيرة ( الجوساك ) مساحتها 0,40 كم2 , وجزيرة دحريمة تبلغ مساحتها 0,3كم2 , وجزيرة البري ومساحتها 0,17كم2 , وجزيرة حمر ومساحتها 3,61 كم2 تتكون من صخور مرجانية .

جزيرة طقفاش :
وهي من الجزر اليمنية المهمة تبعد 22 كم عن ميناء اللحية , مساحتها حوالي 28كم2 , شكلها مستطيل مستوية السطح ولها أهمية اقتصادية لوجود كميات من النفط فيها وتتبعها مجموعة جزر صغيرة جدا , فيقع على شرقها جزر الكوسي , والبوارد , والمودك , وإلى الشمال جزيرة لوبان , وإلى الجنوب جزيرتا كدمان الصغير والكبير , وإلى غرب جزيرة طقفاش تقع جزيرة كتامة بمسافة 8 كم ومساحتها 7,65كم2.

جزيرة جبل الطير
تعد من الجزر اليمنية المهمة في البحر الأحمر , وتبعد عن جزيرة كمران 82كم , وعن الساحل الاريتيري 100 كم , وتقع عند دائرة عرض 15- 33 شمالا وخط طول 41- 50 شرقا , وتبعد عن جزيرة ميون بمسافة 463 كم , وهي جزيرة من اصل بركاني ترتفع عن مستوى سطح البحر 244م , وتبلغ مساحتها 7,44كم2, وعمقها 500 م , ويوجد فيها فنارا لإرشاد السفن , وهي غير صالحة للسكن باستثناء تواجد الصيادين .
تنبع أهميتها الاستراتيجية بكونها من نقاط التحكم في المدخل الجنوبي للبحر الأحمر ولذلك تجاوزت أهميتها الجيوبوليتيكية محيطها الإقليمي إلى الدول صاحبة المصالح في البحر الأحمر , لذلك احتلتها بريطانيا عام 1962م وعادت لليمن عام 1989م , فقد استخدمتها بريطانيا قاعدة مراقبة الملاحة والاشراف على مصالحها في المنطقة .

جزيرة الزبير :
من الجزر المهمة لقربها من الخطوط الملاحية تبعد عن جزيرة كمران بمسافة 38كم , وعن الساحل الارتيري مسافة 110 كم . وتبلغ مساحتها 11,86كم2 , وهي شديدة التضاريس وترتفع 224م فوق مستوى سطح البحر وتحيط بسواحلها مياه ضحلة , وهي غير مأهولة السكان يمكن اتخاذها نقطة مراقبة للملاحة . وإلى الشمال الغربي من الجزيرة توجد عدة جزر تابعة لها منها جزيرة كواين والسرج والوعرة والقمة .

الشيخ ماعلو :
تقع جنوب غرب راس باب المندب على مسافة 1,5كم وبنفس المسافة عن جزيرة ميون شمال شرق , وتتصل براس باب المندب بلسان صخري ضحل , يبلغ ارتفاع الجزيرة 17,3 م فوق مستوى سطح البحر , وهي جزيرة صغيرة المساحة ذات موقع حاكم يشرف على حركة الملاحة البحرية داخل مضيق باب المندب . وكانت جزيرة الشيخ ماعلو احدى الجزر اليمنية التي كان لها دور في الدفاع عن اليمن من الغزوات الخارجية عبر التاريخ وإلى اليوم تواجه اليمن اطماعاً خارجية للسيطرة على جزره الاستراتيجية وبالأخص جزيرتي ميون وسقطرى والتحكم بمضيق باب المندب عبر تحالف غربي قائم اليوم بعدوان انجلو - امريكي . فمع خروج بريطانيا من جنوب اليمن حاولت دول اقليمية ناشئة ابقاء قوات بريطانية كحامية لنظامهم وعرضت على بريطانيا بتمويل قواتها في حالة بقائها في الخليج العربي .( أهمية جزر البحر الأحمر في الأمن القومي العربي - خالد عياد ).

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا