أخبار وتقارير

إدارة أمريكا للجريمة.. بين استمرار المذبحة واتساع الحرب

إدارة أمريكا للجريمة.. بين استمرار المذبحة واتساع الحرب

يقول تاليران: "انما يتكلم الانسان ليخفي ما يدورفي ذهنه وما تختلج به خواطره" تعكس هذه الكلمة جهود السياسيين الغربيين لتحويل اللغة إلى قنابل دخانية تخفي الواقع بدل أن تبديه،

وتزين الجريمة بدل ان تفضحها، وتعطل القانون بدل ان تعمل على تنفيذه، اللغة اليوم سلاح في المعركة أكثر من أي وقت مضى لذلك يجب أن نراقب ما يفعله الغرب لا ما يقوله، ونعيد تسمية الأحداث باسمائها.

  د. جهاد سعد
في إطار جريمة الإبادة الجماعية والتهجير القسري والتطهير العرقي، وكلها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ترتكبها الولايات المتحدة الاميركية والكيان الصهيوني ضد المدنيين في قطاع غزة الصامد المحاصر منذ ما يقرب عقدين من الزمن... تحاول الإدارة الأمريكية خلق مسافة وهمية في مخيال المتلقي ووعيه بين لغتها الماكرة ويديها الملطخة بالدماء، وقد وجدت نفسها أمام خطر السقوط في الإنتخابات بعد فضيحتها الأخلاقية والقانونية، بل وخطر التعرض لإدانة من أعلى محكمة دولية بوصفها طرف متواطىء في الجرائم الصريحة والواضحة، التي لم تجد دولة جنوب أفريقيا _ المحررة من التمييز العنصري الإنكليزي _ أي صعوبة في إثبات وقائعها في نص الدعوى المقدمة إلى محكمة العدل الدولية.
وكالعادة تجهد محطات التلفزة العربية المتأمركة إلى تسويق تصريحات ، وزير المجزرة الاول بلينكن: الذي يبدي تعاطفه مع الصحفي المميز وائل الدحدوح بعد قتل عائلته عمداً على مرحلتين ، ويشير إلى ضرورة عودة الفلسطينيين إلى شمال غزة المدمر، ويتحدث عن مساع لإدخال المساعدات ببضع شاحنات لا تسمن ولا تغني من جوع، مقابل سفن واسطول طائرات يزود الكيان الصهيوني بأحدث أسلحة الفتك والإبادة والإجرام..
ومن جهة أخرى يثير الوزير الصهيوني _ الأمريكي مع السعوديين مسألة استئناف مسار التطبيع زاعمًا أن هذا المسار سيساعد على حل مشكلة غزة، وكل هذه الأكاذيب والخدع الكلامية تتوج بالتأكيد على خلافات بين الإدارة الامريكية وحكومة نتنياهو ، فعن ماذا بالضبط يتحدث وزير المجازر الخارجية:
أولاً: يجب أن نفرق بشكل واضح بين "استمرار" الحرب ، و"توسعة" نطاقها، فلا خلاف على الإطلاق بين أمريكا وحكومة العدو على استمرار الجريمة، والواقع يشير إلى حشر الشعب في غزة على شريط رفح بنسبة تزيد عن 80% ممن بقي حياً من الإخوة الفلسطينيين، المشهد الحالي لا ينقصه إلا استمرار القصف المدمر في جنوب غزة لدفع هذا التجمع البشري نحو سيناء المصرية بقوة الخوف، وهذا ما سيحدث إذا استمر ضغط القصف والجوع من دون ان يتم اتخاذ خطوات حاسمة لوقف الحرب وإدخال المساعدات. وعندها سيظهر أن مصر وافقت على لجوء الفلسطينيين كموقف إنساني، وإنقاذاً للأرواح...أما الحديث عن مرحلة ثالثة ، وحرب أقل حدة فهو أكذوبة جديدة خصوصا بعد إعلان العدو أنه يحتاج إلى شهر لتنفيذها.
ثانياً: ما الهدف من تكرار امريكا انها ضد "توسعة" الحرب؟ الهدف هو منع مساندة الشعب الفلسطيني من بقية محور المقاومة ليستفرد الكيان الصهيوني بالشعب الصامد في غزة فيخرج إلى سيناء، ويفسح المجال لاستخدام كل سموم الارض للتخلص من مقاتلي حماس الذين يصنعون الملاحم. ولذلك ما يزال وزير المجازر يؤكد ضرورة التخلص من حماس ، وما تزال الدوائر الصهيونية تؤكد أن القضاء على حماس : قرار عربي_ صهيوني. فهل يمكن أن يكون "منع توسعة الحرب" نقطة خلاف بين المجرمين إذا كان الهدف منها استكمال المذبحة والقضاء على المقاومة؟!!!!
القنبلة الدخانية التي تطلق في هذا الإطار هي أن نتنياهو الضعيف المهزوز الخائف الذي يعاني في ضبط اركان حكومته ويتجسس عليهم ويتجسسوا عليه، ويعرف الأرقام الحقيقية لخسائر جيشه في غزة وحدها، نتنياهو هذا يدفع باتجاه توسعة الحرب لتتورط أمريكا معه!!!. هذا الكلام كان صحيحًا قبل طوفان الاقصى، كانت الصورة الخادعة قابلة للتسويق أكثر ، اما الآن فهو جزء لا يتجزأ من الجهود الدعائية لتلميع صورة أمريكا وتقديمها على أنها تمثل قوة كابحة لطموحات نتنياهو ، والحق أنه لا الكيان الصهيوني قادر على تحمل تبعات توسعة الحرب، ولا الإدارة الاميركية قادرة على دفع الأثمان السياسية لحرب إقليمية في سنة الإنتخابات...
 هذا فضلا عن احتمال تحول هذه الحرب، إلى حرب تحرير كامل التراب الفلسطيني من النهر إلى البحر، تلبية لنداء الملايين في شوارع العالم ، يعني هذه المرة بدعم غير مسبوق من رأي عام عالمي حررته دماء الشهداء في غزة الأبية من سطوة اللوبيات الصهيونية المهيمنة على الإعلام الغربي ومعظم الإعلام العربي والعالمي.
خلاصة القول : يتمثل مأزق الإحتلال في أنه لم يحقق اهدافه المعلنة من المذبحة، ولا يستطيع ان يتوقف. ويتلخص الجهد الامريكي في حماية حاجة العدو إلى استمرار الحرب باشكال ومستويات مختلفة ، وبذل الجهود لمنع توسعة الحرب ، وإنقاذ ما افتضح من الطبيعة الإجرامية "لنظام المافيا العسكري الصناعي المالي" الذي يحكم الولايات المتحدة بصورة لم يسبق لها مثيل... فلا يوجد بالتالي خلاف بين المجرمين ،لا على مستوى إستمرار الجريمة ولا حمايتها. إنما هي حرب اللغة التي تغير المشهد بقوة الدعاية الإعلامية، فلا تفلح إلا في تحويل وحوش سفاحة عديمة الإنسانية إلى "مجرم أنيق".
أما من جهة محور المقاومة في اليمن ولبنان والعراق وسوريا فإن الرد هو التصعيد التدريجي للتدخل لصالح غزة، وتوسعة نطاق المواجهات واستحداث اشكال مؤثرة منها، واستثمار الدعم العالمي لفلسطين، من اجل إحداث تحول استراتيجي يؤدي إلى: وقف العدوان، وقطف ثمار الإنتصار المضمخ بالدماء الطاهرة، مكاسبا سياسية وميدانية لصالح حرب التحرير التي شرع طوفان الأقصى ابوابها، وسرع موعدها، وقرب إحتمالاتها.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا