أخبار وتقارير

باب المندب.. افشال لمشروع خيانة ومؤامرة كبرى !

باب المندب.. افشال لمشروع خيانة ومؤامرة كبرى !

علي الشراعي /

يعد البحر الأحمر واحدا من القضايا المعقدة في الصراع العربي - الصهيوني , وقد تم استخدامه بفعالية في حروب 1956 و 1967و 1973م ,

لما يملك من مميزات جغرافية وعسكرية وسياسية واقتصادية مؤثرة على أطراف الصراع وخاصة بعد حصار الكيان الصهيوني في حرب 6 اكتوبر1973 م من مضيق باب المندب . فالواقع ان الكيان الصهيوني لم يكن يبدي اهتماما كبيرا قبل عام 1967م في مسألة الملاحة عبر مضيق باب المندب لان فرنسا وبريطانيا كانتا موجودتين في جيبوتي وجنوب اليمن . وبعد حرب 1973م اصبح للكيان الصهيوني اهداف استراتيجية واضحة في البحر الاحمر وبالذات في الجزر القريبة من مضيق باب المندب , وبدأ يفرض سيطرته على 12 جزيرة جنوب البحر الاحمر قرب مضيق باب المندب منها جزر يمنية ( حنيش الكبرى وحنيش الصغرى وزقر) . وفي عام 1978م حاول الكيان احتلال جزيرة ميون الاستراتيجية للسيطرة على باب المندب لكن ذلك واجه ردة فعل مصرية فورية كانت ترجمتها بإرسال مدمرات إلى منطقة باب المندب لمواجهة أي حالة طارئة . وفي عام 1979م أى انقطاع النفط الايراني عن الكيان الصهيوني بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران وتوقيع معاهدة كامب ديفيد مع مصر قاد ذلك إلى تعديل سياسة الكيان الصهيوني في البحر الأحمر بعد أن حصل على حرية الملاحة في خليج العقبة وقناة السويس , لكن إقفال مضيق باب المندب في وجه الملاحة الصهيونية بقي هاجسا يقلق الكيان  كلما برزت دلائل حرب مع العرب . وفي عام 2014م  أبدى الكيان الصهيوني قلقا حيال تغير الوضع في اليمن , لما له من تأثير على قطع وصوله إلى المحيط الهندي عبر مضيق باب المندب للبحر الأحمر , ومن ثم منع غواصاته من الانتشار السهل والوصول إلى الخليج العربي .

حصار 73
صرح موشى كاشتي مدير شركة ( زيم ) الصهيونية للملاحة بان حكومته نتيجة حصار مضيق باب المندب اضطرت لتحويل السفن المتجهة إلى ميناء ايلات حول رأس الرجاء الصالح إلى موانئ اسرائيل على البحر المتوسط . وان الحصار ادى إلى تكدس البضائع في ميناء حيفا. فإغلاق باب المندب في حرب 6 اكتوبر  1973م , اقفل ايضا خليج العقبة وبطلت اهمية تواجد شرم الشيخ في يد الصهاينة وفقد ميناء ايلات قيمته وعزل الكيان الصهيوني عن افريقيا وآسيا واستراليا وسدت احدى رئاته التي كان يتنفس بها هواء الشرق وقطع شريان اتصاله التجاري بالعالم القديم وحرم من كل قطرة بترول من الشرق الاوسط  وحكم عليها بالعزلة والاختناق واضطرت سفنه إلى الدوران حول رأس الرجاء الصالح كما كان يحدث ذلك لسفن الدول الاوروبية قبل حفر قناة السويس . وبدأ صراخ الكيان الصهيوني ومطالبة حلفائه واصدقائه بضرورة انهاء الحصار المصري المفروض على مضيق باب المندب ومن تلك التصريحات المتشنجة التي ادلت بها جولدا مائير رئيسة وزراء الكيان في أمريكا أن اغلاق باب المندب يشكل مشكلة صعبة جدا . ولقد كانت عملية اغلاق باب المندب من الخطورة الى حد أن الاوساط الاستعمارية طالبت برفع ما يسمى بالحصار الصهيوني للجيش المصري الثالث مقابل رفع الحصار المضروب فعلا على باب المندب وان يكون ذلك ضمن عملية انسحاب الكيان من الضفة الغربية لقناة السويس. وما نشرته صحيفة معاريف الصهيونية من (ان كيسنجر لم يكف طوال محادثاته مع جولدا مائير عن الاصرار على رضوخ اسرائيل لمسألة الانسحاب الى خطوط 22 اكتوبر مقابل حدوث اتفاق على موضوع الاسرى ورفع حصار باب المندب).

خسائر فادحة
وقد ظهرت أثار الحصار على الفور حيث اعلنت سلطات ميناء ايلات أن 13 سفينة شحن قد احتجزت في ميناء ايلات بسبب الحصار المصري على مضيق باب المندب عند مدخل البحر الاحمر الجنوبي وأن أجمالي خسائر الكيان الصهيوني نتيجة اغلاق باب المندب تمثلت في توقف العمل التام في ميناء ايلات وخسرت ملايين الدولارات وتعطل أكثر من 30 ألف عامل وفني وان صناعة وتكرير البترول  تدر على الكيان  حوالي 714 مليون دولار وتحصل الكيان على 100 مليون كضرائب على البترول المار عبر الانبوب الممتد من ايلات على البحر الاحمر إلى  اشدود الاسرائيلي على البحر المتوسط ونتيجة لإغلاق باب المندب توقفت مصفاتان لتكرير البترول وتصديره لأوروبا  الاولى في حيفا والثانية في اسدود وثالثة كانت تحت الانشاء في سيناء المحتلة , وتوقفت الطريق البري السريع والمزدوج الممتد من ايلات إلى عسقلان على البحر المتوسط ومنعت 500 ناقلة بترول حمولة كل منها 80 ألف طن من الوصول الى ايلات وكذلك 400 باخرة شحن بضائع ومنع 30 % من صادرات اسرائيل من الحمضيات المصدرة للشرق الاقصى وتوقفت 50% من الانتاج الصهيوني من الفوسفات والنحاس والاسمنت المصدر لليابان وبعض دول الشرق الاقصى والدول الافريقية . وكانت اسرائيل بعد اغلاق قناة السويس قد انشأت خط أنابيب ليحمل البترول من مصادره في الجنوب إلى الشمال على البحر المتوسط ثم يعاد شحنه بناقلات البترول إلى اوروبا وإلى مناطق اخرى وهذا الخط الذي ينقل 40 مليون طن سنويا من البترول الخام القادم من إيران والذى سيرتفع إلى 60 مليون طن حسب التقديرات لذلك العام يدر على الكيان مبلغ 100 مليون دولار سنويا. ونتيجة للحصار المضروب حول باب المندب فأن ذلك الأنبوب قد جف منه البترول. ان هذا الوضع الحرج الذي وجد الكيان  نفسه فيه يفسر موقف هولندا التي قامت بمد الكيان الصهيوني بالبترول المكرر لسد العجز لديها نتيجة حصار باب المندب الذي بدأ مع اليوم الأول للمعارك . ولو لم يكن البترول القادم من هولندا – ومن المفارقات انه بترول عربي في الاساس – وكذلك البترول الذى امد به الاسطول السادس الامريكي في البحر المتوسط لتوقفت آلة الحرب للكيان الصهيوني بعد اسبوع من القتال لعدم وجود الوقود الكافي لتسييرها .

الكتلة الاستراتيجية
 البحر الأحمر هو في منزلة النواة لما يمكن تسميته الكتلة الاستراتيجية التي تضم البحر المتوسط والخليج العربي والبحر الاحمر وما حولها من بر, لتشكل في مجموعها العمق الاستراتيجي العربي , حيث تتلاقى وتتصادم استراتيجيات ومصالح عربية وإقليمية ودولية . فمن المرجح أن البحر الأحمر لن يكون بعيدا عن أي نزاع سياسي او صراع مسلح مستقبلي سواء جرى ذلك النزاع او الصراع في شرقي افريقيا او الخليج العربي او المشرق العربي وسواء كان ذا علاقة بالكيان الصهيوني او غيره . فمن غير المنطق الفصل بين البحر الاحمر والخليج العربي والمشرق العربي والبحر المتوسط استراتيجيا وأمنيا واقتصاديا فقد أثبتت حرب الخليج الأولى بين العراق وإيران ( 1980- 1988م) وحرب الخليج الثانية 1991م أن البحر الأحمر والدول المطلة عليه كانا ذوي علاقة على نحو ما بالحربين وتأثرا بهما . ففي اثناء الحرب العراقية – الايرانية تعرض البحر الاحمر لعملية تلغيم واسعة . وفي أثناء حرب تحرير الكويت كانت العمليات البحرية في الخليج العربي والبحر الاحمر والبحر المتوسط تندرج جميعها في إطار خطة عمليات لمسرح حرب واحد . وحينما ضربت القوات البحرية والجوية الامريكية العراق ردا على تحليق الطائرات العراقية فوق المناطق المحظورة انطلقت صواريخ ( توماهوك وكروز ) إلى أهداف عراقية وكان البحر الأحمر أحد مواقع إطلاق تلك الصواريخ إذ كانت السفن التي أطلقت منها الصواريخ راسية فيه .
ويتفرع من البحر الاحمر ذراعان في طرفه الشمالي تفصل بينهما شبة جزيرة سيناء ويكونان خليجين هما خليج السويس من الشمال الغربي ويبلغ طوله نحو 290كم وعرضه 32 كم , اما الذراع الآخر والذي يمتد نحو الشمال الشرقي للبحر الأحمر فهو خليج العقبة الذي يبلغ طوله نحو 160كم فيما يتراوح عرضه بين 11- 22 كم . وفيما يخص مضيق باب المندب الذي يمثل المدخل الجنوبي للبحر الأحمر تكمن أهميته الجيوبوليتيكة  بتأثيره سياسيا وأمنيا واقتصاديا في محيطه الإقليمي وعلى الكيانات السياسية صاحبة المصلحة في البحر الأحمر , اذ يشكل باب المندب الممر الرئيسي لنقل النفط والمعدات الحربية والاقتصادية . فهو يتحكم في المدخل الجنوبي للبحر الأحمر , يقع بين الزاوية الجنوبية والغربية لشبه الجزيرة العربية , وبين شرق افريقيا , وهو يربط البحر الأحمر بخليج عدن والمحيط الهندي . يطلق عليه تسمية بوابة الدموع  بسبب ضيق أتساع المضيق ويتسبب غلقه بتحويل حركة الملاحة إلى رأس الرجاء الصالح , يبلغ عرضه ما بين 44- 76 كم يتحكم في مدخله جزيرة ميون كما سماها اليمنيون نسبة إلى قرية يمنية أو جزيرة بريم كما سماها الغربيون نسبة إلى نوع من الصخور البركانية , وتقسم جزيرة ميون مضيق باب المندب إلى ممرين احدهما شرقي يسمى باب إسكندر يبلغ عرضه 3كم وعمقه 16م لا يستخدم للملاحة لا سيما أثناء الليل لضيقه وكثرة الشعاب المرجانية فيه , وممر غربي يسمى ميون ويبلغ عرضه 16كم  وعمقه 50 - 170 م .

تدويل باب المندب
ترجع جذور الاستراتيجية الصهيونية من البحر الأحمر غداة الاغتصاب الصهيوني للأرض العربية عام 1948م حيث يشكل هذا البحر اقصر طريق لها يصل إلى الخليج العربي فتحصل على تجهيزاتها من النفط . ومن ايران بالذات خلال حكم الشاة ما قبل عام 1979م  , فلا تزيد المسافة بين ميناء ام الرشراش ( ايلات ) على البحر الأحمر والخليج العربي عن ( 5280 كم ) اي ما يساوي ( 3300) ميلا عبر البحر الأحمر بينما تزيد هذه المسافة عبر رأس الرجاء الصالح على ( 19840كم ) اي ما يعادل ( 12400ميلا ) .اضافة لكون هذا البحر شريان الحياة  لهم لما يقدمه من خدمات لتجارتهم مع اقطار شرق افريقيا والشرق الاقصى لآسيا واستراليا .
وبعد هزيمة الجيوش العربية في مايو 1948م واعلان دولة الكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين وبعد ابرام اتفاقيات الهدنة بين الكيان الصهيوني والدول العربية قام الصهاينة عام 1949م باحتلال قرية ام الرشراش الواقعة على الساحل الشمالي لخليج العقبة وبذلك نجحوا في الوصول لأول مرة إلى ايجاد منفذ لهم على البحر الأحمر وحول الكيان اسم قرية ام الرشراش إلى ايلات وباستيلاء الكيان على ام الرشراش اخترق جدار عزلته ونفذ إلى البحر الأحمر من بوابة ايلات والبالغ طول ساحلها 11 كم . ولقد اعلن أول رئيس وزراء صهيوني بن غوريون (ان حياة اسرائيل وفنائها يعتمد على البحر الاحمر ) . فالكيان يهدف منذ وجوده وصوله إلى البحر الأحمر وبعد العدوان الثلاثي على 1956م , فقد رفض الكيان الانسحاب من غزة الا بعد ان اصبح خليج العقبة ممر دوليا .  واكد وزير الدفاع الصهيوني موشي ديان على اهمية البحر الاحمر لكيانه بوصفه اياه : (هذا الممر هو وسيلة خروج اسرائيل إلى آسيا وأفريقيا) . فقد  اصبح البحر الاحمر يمثل له اهمية استراتيجية كبرى , وقد أدرك ذلك جليا بعد حرب 6 اكتوبر 1973م , لولا تدخل امريكا آنذاك وانقاذ الكيان الصهيوني , ومنذ تلك اللحظة وضع الكيان الصهيوني استراتيجيته للعمل على التواجد بقوة في المجرى الملاحي من خلال استراتيجية جديدة اهم ما شملت  تأمين الملاحة البحرية بين الكيان وآسيا وأوروبا من خلال ميناء ايلات وحق المرور في مضيق تيران وباب المندب وقناة السويس , والتمركز العسكري في بعض جزر البحر الاحمر للرقابة  والعمل على تدويل باب المندب كممر ملاحي .

غواصة الدولفين
 للكيان الصهيوني سلاح بحري قوامه الاساسي غواصات الدولفين النووية ولذلك حاول أن يكون لغواصاته موطئ قدم في البحر الأحمر في المساحة التي تلي مضيق تيران , ورغم ان للكيان ساحل على البحر الابيض المتوسط يبلغ طوله 238 كم  بعد ان كان 270كم اجترئ منه حوالي 32 كم لقطاع غزة اثر الانسحاب الصهيوني منها عام 2005م .  يمكنه من خلاله وعلى طول سواحله من بناء موانئ للاستخدامات المدنية والعسكرية , أما ميناء ايلات على البحر الاحمر فلا يتجاوز طوله 11 كيلومتر مما لا يجعله ملائما لتمركز قطع بحرية ضخمة أو غواصات خاصة النووية منها . وبالرغم من ضحالة عمق البحر الأحمر قياسا مع المحيطات أو حتى مع البحر الابيض المتوسط , الا ان الكيان تمكن من تمركز اسطوله البحري عليه وابحار قطعها البحرية العسكرية ومنها الغواصات فيه يعد هدفا استراتيجيا بالنسبة له وهذا يعطيها الكثير من العمق الاستراتيجي التي تفتقر له بسبب مساحتها التي لا تتجاوز 20000 كم2 . ونظرا لمحاصرة الدول العربية للكيان من جهة البحر الأحمر سعى لإقامة علاقات امنية وعسكرية مع كل من اثيوبيا واريتيريا اثر استقلالها عن اثيوبيا عام 1993م من اجل التواجد في البحر الأحمر وجزره ومن ذلك مشاركة الكيان الصهيوني اريتيريا في احتلال جزيرة حنيش الكبرى اليمنية في 15 ديسمبر 1995م .
وفى يونيو 2009 عبرت إحدى الغواصات الصهيونية ( دولفين) قناة السويس من البحر المتوسط الى البحر الاحمر لأول مرة منذ 2005 ، ومن المعلوم بأنه لا توجد عقبات امام عبور القطع البحرية الاسرائيلية لقناة السويس منذ توقيع  اتفاقية السلام بين الطرفين 1979م ،وقد كشفت صحيفة صنداي تايمز البريطانية مؤخرا  بأن الكيان قرر نشر ثلاث غواصات صهيونية ألمانية الصنع مزودة بصواريخ نووية في مياه الخليج بالقرب من السواحل الإيرانية واشارات الى انه قد سبق لها أن أبحرت في مياه الخليج، وأن الكيان اتخذ قرارا يقضي ببقاء إحدى الغواصات على الأقل في مياه الخليج بشكل دائم ، وأن هدف نشر تلك الغواصات يتمثل في محاولة ردع الإيرانيين وجمع معلومات استخبارية ونقل عملاء تابعين لجهاز الاستخبارات الصهيونية (موساد) عند الحاجة . وفي عام 2014م  أبدأ الكيان الصهيوني قلقا حيال تغير الوضع في اليمن , لما له من تأثير على قطع وصوله إلى المحيط الهندي عبر مضيق باب المندب للبحر الأحمر , ومن ثم منع غواصاته من الانتشار السهل والوصول إلى الخليج العربي .

مفتاح الجنوب
للأمن مكانة عظمى في العقيدة العسكرية الصهيونية , فهو بمثابة الدين الموازي للديانة اليهودية فالأمن هو القادر إلى جانب الديانة اليهودية على توحيد الشعب اليهودي. فالهدف الاستراتيجي  والاكثر أهمية هو تحقيق وجود عسكري فعال ومسيطر في البحر الاحمر لأهميته الحيوية لوجود الكيان الصهيوني والحفاظ على أمنه , وسعى الكيان الصهيوني  لتأمين وجوده الأمني والعسكري والاستخباري في البحر الاحمر وراى الكيان في البحر الاحمر ضمانا لبقائه ولذلك اعلن ابا ايبان وزير الخارجية للكيان أن اسرائيل ستدافع عن مخرج البحر الاحمر بأي ثمن , ووفق الكيان إذا كان مخرج قناة السويس بيد مصر فبإمكان اسرائيل السيطرة على المخرج الجنوبي باب المندب .  وقد كتب القائد السابق للبحرية الصهيونية ( شلوموأرئيل ) في عام 1974م موضحا الاهمية الاستراتيجية للبحر الأحمر وخاصة مضيق باب المندب  بالنسبة للكيان الصهيوني قائلا : (  لا مبرر في الحديث عن ضرورة المحافظة على حرية الملاحة في منطقة البحر الأحمر والتي يتوقف عليها تصدير المعادن والاسمدة وتجارتنا الخارجية مع الشرق الاقصى واستراليا وشرق افريقيا وتنطوي التطورات غير المتوقعة في البحر الاحمر بعد استئناف الملاحة في قناة السويس على مخاطر تصادم مع مصالحنا الحيوية في البحر الاحمر , ان هذا البحر الذي كان في الماضي نقطة ضعف اسرائيلية وقت الحرب ولخلق تهديد لمؤخرة مصر وطرق ملاحتها , ان سيطرة مصر على قناة السويس تضع في يدها مفتاحا واحدا فقط في هذا الممر المائي , اما المفتاح الثاني والاهم في الامكان أن يوجد في يد اسرائيل إذا عرفت كيف تطور التفوق البحري في منطقة البحر الأحمر وتحافظ عليه , ونظرة إلى خريطة تلك المنطقة تشير دون احاطة إلى الدخول في التفاصيل إلى إن مصر مكشوفة ومعرضة للضرب في هذه المنطقة اكثر من اسرائيل) . فالكيان يهدف في تواجده  في البحر الأحمر تحقيق عدة اهداف منها الإشراف التام على حركة الملاحة العربية في البحر الأحمر على طول الخط الملاحي الممتد  من مضيق باب المندب إلى ميناء ايلات بحيث تقوم بإيجاد نقاط مراقبة واشراف بحرية على السفن في مواقع الجزيرة التي يراها مناسبة . وايضا انعاش الملاحة البحرية الصهيونية في خليج العقبة والبحر الأحمر واحياء الطريق البحري الذي يربط ميناء عسقلان على البحر المتوسط وميناء ايلات على خليج العقبة بالبحر الأحمر والتقليل من اهمية قناة السويس .

سكة حديدية
تعاظم القلق الصهيوني بعد حرب 1967م بقيام مصر بإغلاق قناة السويس لسنوات طويلة , ثم حرب 1967م , وقيام اليمن بإغلاق مضيق باب المندب . وفي عام 1980م  مهد الكيان الصهيوني لمشروع حفر قناة (البحرين ) التي تصل بين البحر الأحمر والبحر الميت كخطوة أولى نحو أنشاء الجزء الثاني من القناة التي ستسير غربا لتصل إلى البحر المتوسط عند منطقة حيفا . وبعد احداث 2011م , التي جربت في اغلب الدول العربية قبل سنوات سربت وسائل الإعلام الصهيوني للعالم خبرا يتعلق باقتراب اللجنة الوطنية في إسرائيل من وضع اللمسات النهائية على خطة لمد خط للسكك الحديدية وبناء طريق مزدوج للشاحنات يربط بين ميناء ايلات على خليج العقبة بالبحر الأحمر وتل ابيب ومن ثم نحو مواني البحر المتوسط. وحرص الخبر على اظهار حالة الجد الدائر داخل الكيان حول جدوى اقامة المشروع من الناحية الاقتصادية والبيئية والامنية وهل تقدر هذه القناة الحديدية على منافسة قناة السويس بوصفها الممر المائي العالمي القادر على استيعاب حركة انتقال السفن التجارية وسفن النفط وناقلات الغاز من البحر الاحمر إلى البحر المتوسط وبالعكس . وكان نشر الخبر وتداوله عالميا بمثابة نوع من التهديد المستمر الذي يستهدف قناة السويس ليس خلال ما بعد 2011م بل منذ منتصف القرن التاسع عشر الميلادي .وقد تم تسريب تلك الاخبار جاء بعد وقت قصير من إعلان زيادة الرسوم على مرور السفن بقناة السويس كما جاء في وقت تثير فيه بعض الجهات مسألة استهداف أمن العبور في القناة المصرية بل وأمن شبة جزيرة سيناء بأسرها .
فالمشروع الصهيوني الذي تعلق بإقامة خط للسكك الحديدية وطريق سريع مزدوج للربط بين ميناء ايلات وتل ابيب أو موانئ الكيان الصهيوني المطلة على ساحل البحر المتوسط بطول 350كم وباستثمارات تتراوح بين ثلاثة ونصف مليار وخمسة ونصف مليار دولار قد تم بحثه منذ سنوات بل وتم عرضه على مجلس الوزراء الصهيوني منذ عام مضى . بل وقد أذيعت منذ شهور انباء حول الزيارة التي قام بها وزير النقل الصهيوني اسرائيل كارتز إلى الصين لتوقيع مذكرات تفاهم مع وزير النقل الصيني لي شينجلين بشأن المشروع المستقبلي الذي يرغب الكيان الصهيوني في إقامته مدى رغبته في خدمة المصالح التجارية كل من الصين والهند. ولا تعد تلك الفكرة بالأمر الجديد فقد سبق وأن طرحها بشكل علمي ( يهودا جرادوس ) في مقال نشره عام 1977م .

قنابل نووية
وقبل توقيع معاهدة سلام بين مصر واسرائيل في 1979 برعاية الولايات المتحدة، لكن قبل 16 عاماً من توقيع معاهدة السلام، كانت وزارة الطاقة الأميركية ومختبر لورانس ليفرمور الوطني يخططان لاستخدام 520 قنبلة نووية لحفر بديل لقناة السويس عبر الكيان الصهيوني – وهذا ما يشير إلى الكم الهائل من القنابل التي تلقي على غزة في عدوان الكيان اليوم عليها بمشاركة امريكا وفرنسا وبريطانيا والمانيا - ، ووفق وثيقة سرية كشف عنها في 1996 اظهرت ان الخطة كانت تهدف إلى شق القناة في البحر الميت عبر صحراء النقب. و تسعى الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا للتعاون مع الكيان الصهيوني في تنفيذ مشروع قناة بن غوريون  بهدف  الجدوى الاقتصادية والمالية والمنافسة لقناة السويس و تمكين الكيان الصهيوني تحطيم مصر اقتصاديا ليقود ذلك لتحطيمها استراتيجيا واثقالها بالمشاكل الاقتصادية والاجتماعية واغراقها بالديون ومنحها بعض المساعدات الفنية والمادية او اعفائها من ديون لشراء صمتها في العديد من الموافق كما حدث في حرب الخليج الثانية 1990م , حتى لا يبقى لها دور ريادي  في المنطقة العربية  لمناصرة القضية الأولى للعرب وهذا ما كشف عن حقيقته معركة طوفان الأقصى 2023م ,  وعلاوة على محاولة تقويض مصر من خلال قناة بن غوريون، فهناك محاولات لتكبيل مصر من خلال دعم إثيوبيا في بنائها لسد النهضة العملاق على نهر النيل، إضافة الى تفتيت دولتي السودان وليبيا اللتين تمثلان الحدائق الخلفية الاستراتيجية للدولة المصرية جنوبا وغربا .

المؤامرة الكبرى
الحقيقة التي يجب ان نعلمها ان منطقة الشرق الاوسط وبعد مجريات احداث عام 2011م اصبحت المنطقة مطمعا حقيقيا لكل القوى الاستعمارية العالمية وما العدوان على اليمن في 26مارس 2015م إلا جزء من تلك الاطماع وهي السيطرة على مضيق باب المندب لتحقيق حلم قناة بن غوريون ولتصفية القضية الفلسطينية بالكامل بمشاركة بخيانة ومؤامرة عربية والتي ارتضت ان تزج بنفسها في مشروع غربي – صهيوني دون الاتعاظ من الماضي حينما شارك الشريف الحسين بالمشروع البريطاني – الفرنسي بالحرب العالمية الاولي  .لتأتي اليوم المؤامرة الكبرى اليوم واضحة من قبل السعودية ودويلة الأمارات فمن اجل تحقيق ( رؤية 2030) السعودية لمشاريعها بما في ذلك المنطقة الحضرية الجديدة ( نيوم) شمال غرب منطقة تبوك على ساحل البحر الأحمر بما في ذلك مشروع الإنماء السياحي المسمى ( البحر الأحمر الدولي ) . فيما بدأت محطة ينبع تكتسي أهمية بالغة للاقتصاد النفطي السعودي بوصفه بديلا عن مضيق هرمز ففي عام 2018م تصدير 3 ملايين برميل يوميا من ساحلها الغربي . وبذلك توافقت الاهداف والمصالح السعودية – الصهيونية – الغربية في شق قناة بن غوريون كون للسعودية ساحل على خليج العقبة وكان يقف امام السعودية مسألتين التطبيع مع الكيان الصهيوني وقبله ان شق القناة لابد أن يخترق مدينة غزة , والذي يقود إلى اضعاف مصر أولا و لتصفية القضية الفلسطينية بتصفية حماس وتهجير سكان غزة لتحقيق حلم الصهاينة بقناة ابن غوريون مع تواطئ غربي وخيانة لدول عربية طبعت مع الكيان واليوم تشارك في قتل وتهجير سكان غزة  .

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا