أخبار وتقارير

أمريكا.. وثالوثها المدمر لاقتصاد العالم !

أمريكا.. وثالوثها المدمر لاقتصاد العالم !

خاص – 26 سبتمبر
أمريكا ظلت وما تزال تستمد قوتها وتفوقها من خلال امتصاص موارد الغير وتوظيف تلك الموارد والثروات توظيفا مبرمجا بحيث يؤدي في النهاية إلى المزيد من السيطرة واحتكار القوة التي يكون من خلالها كل هدف في متناول اليد والقوة المعنية ليست العسكرية فحسب وإنما الاقتصادية والفكرية والسياسية.

وتأكيداً لذلك قول الرئيس الأمريكي إيزنهاور (إن قوة أمريكا وأمنها يعتمدان على محافظتها على منفذ في أسواق العالم ومصادره لا بل السيطرة عليها لاسيما في العالم الثالث).

بداية السيطرة
في أعقاب الحرب العالمية الثانية (1939- 1945م) أنشئ صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للتعمير والتنمية والذي تحول لاحقا إلى البنك الدولي لضمان النمو المستقر والعادل في الاقتصاد العالمي وكان الغرض من صندوق النقد الدولي ضمان استقرار أسعار الصرف العالمي والتعديلات التي تقوم بها الدول التي تعاني من مشاكل تتعلق بالسيولة النقدية. أما البنك الدولي فكان الغرض منه في المقام الأول هو إيصال أموال القطاع الخاص إلى المشروعات التي تضمن النمو والتنمية.
فيما أصبح مع نهاية القرن العشرين ما يربو على 250منظمة دولية موجودة في عالم ما يزيد على 180 دولة وهذا مقابل حوالى 30 منظمة دولية كانت موجودة في مطلع القرن في عالم كان يضم أقل من 50 دولة، وبشكل أوسع أصبحت العلاقات الدولية تتميز بأعداد متزايدة من المعاهدات والأنظمة والترتيبات التعاونية الأخرى فيما بين الدول وتشمل هذه الترتيبات مجتمعية سياسية عالمية على قدر كبير من التأسيس. فيما ظهرت منظمة التجارة العالمية إلى الوجود في 1 يناير 1995م.
ومن الأهمية ذكره أن منظمة التجارة العالمية ذاتها ليست سوى منتدى من المنتديات العديدة التي يجرى فيها اختيار السياسات التجارية وتنفيذها وقد منعت منظمة التجارة العالمية من المشاركة الفعالة في حالات عديدة عن طريق القرارات المنفردة والثنائية والإقليمية ويعد فرض الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات خارج أراضيها على الشركات التي تتعامل مع كوبا وإيران وليبيا مثالا لذلك وأحجام الاتحاد الأوروبي المزعوم حاليا عن الإذعان لأحكام منظمة التجارة العالمية، فيما يخص المنطقة العربية فقد تعمدت أمريكا نشر الفوضى والحروب وعدم الاستقرار والانقلابات العسكرية لسد الطريق أمام أي تغيرات ديمقراطية قد تساهم في دعم الاستقلال السياسي والاقتصادي.

مؤسسات استبدادية
مع مطلع القرن الواحد والعشرين بلغ مجموع الناتج الإجمالي للولايات المتحدة 11.26 تريليون دولار وهذا ما يمثل 31% من مجموع ناتجها الإجمالي وبلغ معدل نموها عام 2004م 4.5% بما اظهر بشكل يجعلها هي محرك الاقتصاد العالمي وبلغ حجم إنفاقها العسكري عام 2003م 450 مليار دولار بما يتعدى إنفاق مجموع الإنفاق العسكري للخمسة وعشرين دولة التي تليها.
فأمريكا تزعم أنها هي العالم فهي لا تحتاج للمؤسسات والهيئات الدولية لإدارة سياستها الخارجية والاقتصادية وعلى وجه العموم لم تبد الولايات المتحدة الأمريكية اهتماماً كبيراً بالهيئات الدولية مثل برنامج الأمم المتحدة للتنمية ومنظمة التربية والعلوم والثقافة التابعة للأمم المتحدة والمفوضية العليا للاجئين.أما المؤسسة الوحيدة التي تحافظ أمريكا على سيطرة تامة عليها فهي منظمة التجارة الدولية وفي الحقيقة كثيرا ما أشار المراقبون إلى أن منظمة التجارة الدولية ليست سوى أداة رئيسية للحفاظ على الاستعمار الأمريكي الجديد.
ولتعزيز وتكريس القوة المفرطة للولايات المتحدة والحفاظ على هيمنتها السياسية والاقتصادية لا يقتصر ذلك على منظمة التجارة الدولية فقط بل تضم صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ويعود ذلك ان هناك سببين رئيسيين وراء ذلك:
أولاً: هذه المؤسسات العالمية الثلاث لا تتصف لا بالشفافية ولا بالديمقراطية والسرية التي تحيط بعملية اتخاذ القرار فيها تجعلها هيئات مثالية لإبقاء العالم المضطرب على مبعدة مسافة منها.
ثانيا : تمتلك منظمة التجارة الدولية وصندوق النقد الدولي آليات مؤثرة لتنفيذ الالتزامات خصوصا بالنسبة للدول النامية الأولى من خلال التهديد بالرد ضد تصدير هذه الدول للسلع والثاني بواسطة شروط الإقراض القاسية التي تفرض عليها بصورة صارمة لا تعرف الرحمة.
فالولايات المتحدة تستخدم هذه الآليات لإبقاء الدول النامية تحت السيطرة وتسهل عمل شركاتها المتعددة الجنسية عبر تشجيعها وإزالة العراقيل من أمامها، فرغم أن تلك المؤسسات الثلاث عالمية لكنهما مؤسسات استبدادية وغير ديمقراطية وتخدم مصالح أمريكا الاقتصادية.

احتكار القيادة
وتبعا للتقليد المفروض من قبل الولايات المتحدة الأمريكية فإن الوظائف القيادية العليا في المؤسسات الثلاث توزع بالمشاركة بين الولايات المتحدة وأوروبا، وحين ظهر أول مرشح مؤهل من العالم الثالث وهو التايلندي سوباشاي بانيتشباكدي لرئاسة منظمة التجارة الدولية قامت الدنيا ولم تقعد فقد هدد الرئيس الأمريكي آنذاك بيل كلينتون بعرقلة أنشطة المنظمة بصورة دائمة إذا لم تقبل المرشح الذي اختارته أمريكا، في حين تقول صحيفة (فايننشال تايمز) أن يصف فريق الدراسة الذي عينته الأمم المتحدة منظمة التجارة الدولية بأنها (كابوس بالنسبة للدول النامية) فأنشطتها تعكس جدول أعمال لا يخدم إلا غرض تعزيز مصالح الشركات المهيمنة التي تحتكر أصلا ميدان التجارة الدولية.
وبحسب مجلة الايكونومست فإن (الصندوق والبنك أصبحا أداة سافرة للسياسة الخارجية الغربية عموما والأمريكية على وجه الخصوص). فالاقتصاد العالمي يعمل غالبا لصالح الولايات المتحدة الأمريكية ومنفعة مجموعة الدول الصناعية التي تقودها أمريكا، فالوظيفة الأداتية لهذا الاقتصاد العالمي تعني بالنسبة للدول النامية استمرارية الترتيبات الهيكلية التي تشتغل لإبقائها في حالة دائمة من الحرمان وبينما تستمر هذه البنى الهيكلية في عملها تصبح التنمية كما تعرف وتفهم هي المشكلة وليست الحل بالنسبة للدول النامية.

تدخلات وشروط
غيرت المؤسسات الثلاث توجهها وأصبحت أكثر تدخلا فيما كان ينظر اليها قضايا داخلية للدول والتدخل فيها انتهاك للسيادة، لذلك فقد زاد صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية تدخلها وعمقها ومجالها فهي لم يسبق لها بلوغ هذا الحد في التدخل في الشؤون الداخلية قبل ثمانينيات القرن الماضي حيث نجد في التسعينيات ان هناك قبولا واضحا لتدخلها من جانب معظم الدول وبالتالي فإن دفاعات الدول القائمة على الحقوق الخاصة بالدولة ذات السيادة تقل أكثر وأكثر، فقد وضع صندوق النقد الدولي اشتراطات اقتصادية أكثر توسعا بنظامه الخاصة (بالمراقبة المحسنة) ودليل على ذلك ما شرط على المكسيك من عرض احتياطيها من النقد الأجنبي بشكل أسبوعي في أعقاب أزمة ألبيرو عام 1994م، في حين فرضت أنواعاً مشابهة من الشروط على الاقتصادات الأسيوية باسم (الشفافية) المتزايد أثناء حل الأزمة المالية الآسيوية، كما دخل صندوق النقد الدولي كذلك مجال السياسة الأمنية لأول مرة بذلك الانتقاد الصريح للإنفاق العسكري والدفاع الخاص بالدول الأعضاء، وراودت البنك الدولي فكرة الاشتراطات السياسية مع الاشتراط الجديد الذي وضعه مطلع التسعينيات من القرن الماضي، وقد انضم البنك الأوروبي للتعمير والتنمية إلى البنك الدولي في هذه الممارسة بفرضه شروطا سياسية على تقديم المساعدات للدول النامية كما طرح البنك الدولي فكرة الاشتراط الأخضر بربطه بعض مساعداته بشروط حماية البيئة.

التجارة الحرة
تختزل أمريكا هذا المفهوم بأنها تكون حرة في أن تفعل ما تشتهي فخلال العقود الماضية ازداد ما يسمى بالتجارة الحرة زيادة هائلة لها دلالتها وتعادل الآن تجارة يوم واحد كل الصفقات التي عقدتها طيلة عام 1949م.لكن في حين أن التجارة الدولية تتنام فهي تلغي القواعد والأنظمة المخصصة لإدارة التجارة وتشجيع العدالة نتيجة ضغوط وأوامر الولايات المتحدة الأمريكية فهي تتصرف في تعاملها مع باقي دول العالم من منطلق القوة والهيمنة العسكرية والسياسية والاقتصادية إذا لم تعجبها السياسات الاقتصادية لإحدى الدول تسعى الى تدميرها بواسطة منظمة التجارة العالمية وصندوق النقد الدولي وإذا لم ينجح مسعاها تفرض عليها عقوبات وما أكثرها! أو ترتب لقيام انقلابات عسكرية يطيح بقادتها. أما الدول الديكتاتورية التي يحكمها الطغاة والمستبدون الذين ينتهكون حقوق الإنسان ويضيقون الحريات على شعوبهم فتسمى دول صديقة وحليفة كونها اتبعت السياسة الاقتصادية المناسبة لأمريكا..
 المشكلة تكمن في أن سلوك أمريكا وإصرارها أن تكون حرة في فعل ما تشاء لا تضع فقط عراقيل خطيرة تقيد حرية الدول لاختيار أسلوبهم في الحياة ومنها الاقتصادية. لكنها تعرض بقائهم ذاته للخطر فأمريكا قد أعلنت الحرب على كل العالم بما في ذلك أفقر الشعوب وأضعفها وأكثرها حرمانا. اما الدول الأوروبية فقد اعتبرتهم دولاً تابعه لها ويدور اقتصادها في فلكها وتحت مظلة حلف الناتو وانها حامية لأوروبا ووصية عليها.

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا