كتابات | آراء

القبائل والحكومة والتاريخ في اليمن .. بول دريش جامعة أكسفورد «40»

القبائل والحكومة والتاريخ في اليمن .. بول دريش جامعة أكسفورد «40»

من المحتمل أن يكون الانقلاب السوري هو الذي حال دون اغتيال الملك أحمد وأفراد عائلته وحكومته لقد كان انهيار الاتحاد المصري السوري هو الذي أخر تنفيذ الانقلاب في اليمن

وفي هذه الأثناء جند ناصر في خدمته يمنياً آخر له بعض الأهمية هذا هو عبد الرحمن البيضاني الذي ولد في مصر لأم مصرية وأب يمني والذي عندما كان طفلاً صادف أن جذب انتباه شيخ زائر من منطقة حضرموت في شبه الجزيرة العربية التي تقع شرق اليمن مباشرةً وهذا الشيخ عبد الرحمن البيضاني تبنى الصبي وأعطاه اسمه وفيما بعد أُرسل الشاب البيضاني إلى القاهرة للدراسة وفي عام 1946م زار أحد أبناء الملك يحيى الأمير عبد الله العاصمة المصرية وقد قدم الطلاب اليمنيون المقيمون هناك التماساً لمنحهم علاوات منتظمة من قبل الحكومة اليمنية استجاب الأمير لهذا الطلب وأصبح كل طالب في المدارس المصرية من أصل يمني يحصل من صنعاء على بدل قدره جنيهين مصريين شهرياً وتذكر عبد الرحمن البيضاني على الفور أن والده كان يمنياً وبالتالي حرم نفسه من هذا الراتب وقد اهتم الممثل الدبلوماسي اليمني في القاهرة الشيخ علي المؤيد بالبيضاني وساعده في الحصول على شهادة الثانوية العامة التي تمنح في مصر وبعد تولي الإمام أحمد عرش اليمن لفت البيضاني الانتباه إلى نفسه بإلقاء محاضرة عن اليمن عبر إذاعة الشرق الأدنى في القاهرة وتحدث عن السيادة اليمنية الجديدة من حيث الإعجاب المطلق وعندما سمع الإمام أحمد عن الثناء الذي أغدقه البيضاني عليه استدعى الشاب إلى صنعاء وفي لقاء قدمه له الحاكم انحنى البيضاني أمام ملكه وقال إنه يتيم وأعلن يا صاحب الجلالة ليس لي أب ولا سند غيرك لم يحظ الإمام أحمد بشعبية كبيرة في اليمن وكان سعيدًا بالعثور على شخص يبدو أنه معجب به وعين البيضاني ملحقاً بمفوضية القاهرة براتب شهري قدره ثلاثون جنيهاً مصرياً استغل البيضاني الوقت الذي قضاه في العاصمة المصرية في السلك الدبلوماسي لبلاده لمواصلة تعليمه فدرس في كلية الحقوق بجامعة القاهرة التي منحته درجة الليسانس في الحقوق ثم عينه الملك أحمد قائماً بالأعمال في المفوضية اليمنية في ألمانيا الغربية وخلال فترة إقامته في بون أقام البيضاني علاقات وثيقة مع موظفي السفارة المصرية هناك، اضطر الإمام أحمد للذهاب إلى روما لتلقي العلاج الطبي عام 1959م ولدى وصوله إلى العاصمة الإيطالية سمع أن البيضاني على اتصال بالمخابرات المصرية عندها استدعى البيضاني وعندما عاد كلاهما إلى اليمن طالب بحساب المعاملات التي قام بها الدبلوماسي الشاب مع المصريين، روى البيضاني للملك قصة خادعة عن مؤامرة إنجليزية للاستيلاء على اليمن للتعويض عن خسارة سيطرتهم الاستعمارية الأخرى لكنه أي البيضاني بمساعدة المخابرات المصرية "قد استطاع إحباط المؤامرة البريطانية الغادرة" فصدق الإمام أحمد القصة لأنه هو نفسه كان يحمل كراهية شديدة لكل شيء بريطاني ومع ذلك قرر نقل البيضاني إلى المفوضية اليمنية في السودان بدلاً من السماح له بالعودة إلى بون في أوائل عام 1960م قرر الملك المتشكك بشكل مزمن أنه من الأفضل أن يتقاعد البيضاني من السلك الدبلوماسي تمامًا وبناءً على ذلك وجد البيضاني نفسه مديراً لحملة مكافحة الجراد في الحديدة واعتبر الدبلوماسي السابق أن هذا المنصب أقل من كرامته السامية وتظاهر بالمرض فسافر إلى القاهرة بغرض الاستشارة الطبية وكانت معظم مشاوراته مع المخابرات المصرية ومسؤولين في حكومة القاهرة ألقى البيضاني القناع وعاد إلى بون بالأموال التي قدمها له المصريون ودرس في الجامعة هناك فترة ثم عاد إلى القاهرة وفي العاصمة المصرية اشتغل بكتابة المقالات في مختلف الصحف والمجلات المصرية كما ألقى بعض الخطب عبر إذاعة "صوت العرب" في القاهرة هاجم فيها النظام اليمني بحماسة لاذعة ووفقاً لمصادر سياسية شرق أوسطية مطلعة والعديد من الصحف العربية الرائدة كان البيضاني يعمل كرجل اتصال بين المخابرات المصرية قسم الجنوب العربي وخلية الضباط اليمنية التي أسسها المقدم فهمي وقد تلقى الأفراد العسكريون اليمنيون المنتمون إلى هذه الخلية تدريبًا خاصًا على أسلوب الاستيلاء الثوري خلال الزيارات التي تمكنوا من القيام بها إلى مصر وقام كبار الخبراء في المخابرات المصرية بتدريبهم بعناية على الدور الذي كان عليهم أن يلعبوه في اليمن عندما جاءت اللحظة المناسبة .

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا