كتابات | آراء

هل تواصل طهران ردع عدوان الكيان؟!

هل تواصل طهران ردع عدوان الكيان؟!

العداء بين «دولة الكيان» و«جمهورية إيران» ظاهرٌ للعيان منذ أربعة قرونٍ ونصف القرن من الزمان، بيد أنَّ ذلك العداء المتزايد لم يترجم -إلى ما قبل ردِّ «إيران» الوحيد على هجوم «دولة الكيان» على القنصلية الإيرانية بدمشق- إلى عمليات عسكرية -كما نقرأ ونسمع ونشاهد- إلَّا من طرفٍ واحد.

فهل لنا أن نعتبر الردَّ الإيراني بدايةً فصلٍ جديد من العداء الإيراني الصهيوني، وأنَّ «إيران» صارت -من الآن- على أهبة الاستعداد لردع أيَّ اعتداء يصدر ضدَّها من دويلة «الكيان»؟

تنفُّذ صهيوني ضد الطموح الإيراني
بالرغم من أنَّ الثورة الإسلامية الخمينية دشنت -قبل 45 عامًا- عدواة «إيران» لـ«دولة الكيان» بتحويل مبنى السفارة الصهيونية إلى مقرٍّ للسفارة الفلسطينية بكل ما يعنيه ذلك التحويل من إسهام في انحسار العلاقات الخارجية لكيان «إسرائيل» على المدى الطويل وإعطاء القضية الفلسطينية مجالًا أوسع للتدويل، لم تكن ردود الفعل الصهيونية الانتقامية أو العمليات الاعتدائية ذات الدلالات الصدامية حادَّةً ومتكررة ومؤثرة إلى المستويات التي شهدتها الفترة الزمنية المتأخرة، إذ لم ترتفع اعتداءات حكومات دولة «الكيان» التي طالت أهدافًا داخل وخارج «إيران» إلَّا بعد إعلان «طهران» -عامي 2010 و 2011- عن اكتمال إنشاء مفاعل «بوشهر» النووي بمساعدةٍ كبيرة من وكالة «روساتوم» الروسية الذي عُدَّ تعبيرًا واضحًا عن الطموحات الإيرانية النووية، فمنذ ذلك الحين إلى ارتكاب أفظع الهجمات الصهيونية التي استهدفت القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية حصدت العمليات العدوانية الصهيونية ضد المصالح والمنشآت الإيرانية -بالإضافة الإيداء بحياة عشرات الأشخاص غير الاعتباريين- أرواح كوكبة من العلماء النوويين والمستشارين العسكريين الإيرانيين الذين يتجاوز عددهم العشرين، ويتصدر العلماء النوويين العالم الفيزيائي «محسن فخري زادة» الذي يعتبر «رأس البرنامج النووي»، وقد اغتيل -بحسب وسائل إعلام غربية وعربية- بواسطة «روبوت قاتل» بتأريخ 27 نوفمبر 2020م داخل بلاده، وكان من المفترض أن يُنتقم لمقتله بعمليةٍ انتقامية غايةً في القوة والفرادة تثبت بها طهران لجماهيرها -بأفعالٍ ردعيةٍ جادَّة- ما تتوسمه فيها من صلابة العزيمة ومن قوة الإرادة، بينما يتصدر القادة العسكريين -إذا استثنينا الحاج «قاسم سليماني» أشهر قادة فيلق القدس الذي أعلنت «الولايات المتحدة» اغتياله ومعه القائد المليشياوي العراقي «أبو مهدي المهندس»- الجنرال «محمد رضا زاهدي» قائد «فيلق القدس» في سوريا ولبنان الذي قضى نحبه -ومعه عدد من قادة «الحرس الثوري» القوة الضاربة بيد المرشد الأعلى لـ«الجمهورية»- في الاستهداف الصهيوني الجبان لمبنى القنصلية الإيرانية في «دمشق الشام» مطلع أبريل الجاري الذي طال -خلافًا للأعراف والمواثيق الدولية الأساسية- منشأةً دبلوماسية، وهو عمل عدواني يستوجب أقوى ردٍّ عسكريٍّ إيراني يحول دون إقدام دولة «الكيان الصهيوني» على القيام بأيِّ هجومٍ عدواني.

فاتحة الردود الردعية الإيرانية
بعد مضي أسبوعين بالتحديد على استهداف القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية بهجمة صهيونية أودت -بحسب البيان الذي صدر عقب الهجمة عن الحرس الثوري الإيراني- بحياة سبعة مستشارين عسكريين إيرانيين أبرزهم -كما أسلفت- «محمد رضا زاهدي» القائد الكبير في فيلق القدس والذراع الخارجية للحرس الثوري، جاء الردُّ -ولأول مرة- بأكثر من 300 صاروخ ومسيَّرة، بعكس ما كان يصدر -على مدى أسبوعين- عن بعض الإعلاميين والساسة المخضرمين المحسوبين على المقاومة والمقاومين من ترويجٍ مستكين لضبط النفس قبل التسرع في اتخاذ قرار الردِّ والتحلي بالدبلوماسية إلى أبعد حدِّ، بل إنَّ منهم من حبَّذ التوافق بين طرفي الصراع على حجم وكيفية ذلك الردِّ بما يبقيه عند مستوى أفق الاشتباك المحدد، وذلك ما يُفهم من احتواء المقال الاقتتاحي لصحيفة «القدس العربي» في عددها الصادر في الـ3 من أبريل الحالي على ما يلي: (تميل الآراء في الصحف الإيرانية إلى توقع حصول ردٍّ إيراني مع وجود ما يشبه الاتفاق حول «طبيعة الرد» فالقائد السابق لبحرية «الحرس الثوري» العميد حسين علائي يرى -في مقال صحافي- أنَّ أفضل مسار للرد هو أن تتخذ إيران «إجراءات قانونية ودولية ودبلوماسية واسعة النطاق» ناصحًا بعدم الحديث عن أي ردِّ فعلٍ من إيران أو قوى المقاومة و«عدم إظهار أيِّ تسرع في الرد»)، بكل ما ينطوي عليه ذلك الخطاب الواضح الخذلان من حضِّ «إيران» على التحوُّط المتواصل من التورط في صراع شامل، وهذا نصحٌ غير منطقي، وإنَّ لوكَه أشبه ما يكون بمضغ القيّ.
لكننا -في مقابل هذا الهذيان- ندعو أصحاب القرار في «طهران» -كي يتصدوا لأيِّ عدوان قد يصدر عن دولة «الكيان» لا سيما العدوان الأخير الذي شُنَّ صباح الجمعة وطال أهدافًا في «أصفهان» بكل عنفوان- إلى الاسترشاد بقول الواحد الديَّان: (فَمَنِ ٱعتَدَىٰ عَلَيكُم فَٱعتَدُواْ عَلَيهِ بِمِثلِ مَا ٱعتَدَىٰ عَلَيكُم) البقرة الآية: (194).

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا