كتابات | آراء

بوح اليراع: هل تحصد طوكيو بتكثيف حضورها في أفريقيا مقعدًا أمميّا؟

بوح اليراع: هل تحصد طوكيو بتكثيف حضورها في أفريقيا مقعدًا أمميّا؟

إلى ما قبل عقود زمنية محدودة كانت إمبراطورية اليابان واحدةً من الإمبراطوريات الاستعمارية المعدودة التي تتحكم بمصير العالم وتسهم في صياغة سياساته ورسم أبعاده وحدوده.


اعتدادٌ ياباني بماضٍ عدواني
إنَّ تعاطيَ «طوكيو» العقلاني مع واقع ما بعد الحرب العالمية الثانية التي خرجت منها -نتيجة هزيمتها الساحقة فيها- مكبلةً بشروطٍ غايةً في الجور والإجحاف وعدم الموضوعية، وصولًا إلى إجماع خصومها المنتصرين على حرمانها من حقها الطبيعي في التصنيع العسكري بما في ذلك الأسلحة ذات الأغراض الدفاعية لم يحل بينها وبين العمل الجاد والمثابر -وبشكل مستمر- على استعادة المكانة الإقليمية والدولية اللائقة بها بغية الوقوف في مصاف الدول العظمى التي سطرت تأريخها السياسي والعسكري بأنهارٍ من الدماء.

الصورة اليابانية إبَّان الحرب الكونية
وفي ضوء ما سبق سرده في فقرات المقال فإنَّ «يابان اليوم» ترى نفسها -على سبيل المثال- جديرة كل الجدارة بنيل العضوية الدائمة في منظمة الأمم المتحدة، لا سيما وقد تمتعت بهذه االعضوية جارتها «جمهورية الصين» الممعنة في مناصبتها العداء ومن قبلها «جمهورية روسيا» اللتين كانتا إلى ما قبل نهاية الحرب العالمية الثانية أو ما تسمى «الحرب الكونية» في مرمى نيرانها ولم تكن تعتبرهما -إلى تلك الأثناء- من أندادها أو أقرانها، وممَّا يعزز مضمون هذه الفكرة احتواء «ويكيبيديا الموسوعة الحرة» على هذه الفقرة: (وفي عام 1941 دخلت اليابان الحرب ضد الحلفاء بهجوم مفاجئ على القاعدة الأمريكية في «بيرل هاربر»، وما لبثت -في زمن قصير- أن اجتاحت «الفيليبين»، و«إندونيسيا»، و«الهند الصينية الفرنسية»، و«ملايو»، و«سنغافورة»، و«بورما»)، وكذا استهلال مقال «مروان سوداح» {رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتاب العرب حلفاء الصين} ذي البعد التأريخي المعنون [اليابان في مواجهة آسيا] الذي نشر بتأريخ 3 أكتوبر 2015 في موقع «الصين اليوم» بما يلي: (لم تكن حرب «اليابان» على «الصين» و«روسيا» منذ قرون عدة، مرورًا بالحربين العالميتين الأولى والثانية على الجبهة «الصينية-اليابانية» وهي الجبهة الأكثر حمأة ودموية، سوى تواصلٍ تاريخيٍّ لمخططات «طوكيو» لاحتلال قارة «آسيا» بأكلمها).

منافسةٌ للصين وانتشارٌ باللين
وها هي إمبراطورية اليابان اليوم -وفي منافسةٍ أشبه ما تكون بالمشاكسة مع عدوَّتها أو منافستها التقليدية الصين- تدشن استئناف الشراكة التنموية اليابانية الأفريقية بنسختها الثانية برسم الاستراتيجيات الاستثمارية والإعانية التي تبرز المضامين والمنطلقات الإنسانية للسياسات التعاونية اليابانية وبرصد الكثير من الأموال لتمويل المشاريع الاستثمارية الخدمية والتنموية البعيدة المدى في الكثير من ربوع وبلدان القارة السوداء، وبما يظهر إمبراطورية اليابان الحافل تأريخها -شأنها شأن حلفائها من الإنجليز والهنود والأمريكان- بأبشع صور العدوان بمظهر الدولة الأكثر عصرية وتحضرًا والأشد حرصًا على الارتقاء بمستوى أمن ووعي وثقافة وصحة ومعيشة الإنسان في أيِّ مكان كان، وخاصة في قارة أفريقيا المعرَّض معظمُ سكانها -بسبب السياسات المالية والإدارية الخاطئة التي تنتهجها منظومات الحكم المحلية الفاشلة- للأوبئة القاتلة والمجاعات شبه المتواصلة.

تقمص دور قيمي لنيل مقعد أممي
وإذا كان الهدف الاقتصادي المتمثل -على الدوام- في الحصول على المواد الخام التي تحتاجها المصانع اليابانية بأسعار مغرية أحد أهداف شراكة «طوكيو» مع عواصم البلدان الأفريقية الرامية إلى إحداث ما يتطلبهُ حاضر ومستقبل سكان تلك البلدان من تطور ونهوض ونمو، فإن الهدف الأبرز الكامن وراء كل ما ينجز عبر تلك الشراكة من منجز يتمثل في أنسنة وتحسين صورة «يابان القرن الحادي والعشرين» وجعلها أحد الحراس المؤتمنين على المنظومات التعاملية والقيمية في حياة البشرية بصورة عامة حتى تصبح جديرة -سواء على المستوى الأفريقي أو على المستوى الإقليمي أو على المستوى العالمي- بالعضوية الأممية الدائمة، وهذا ما أشار إليه -ضمنًا- الكاتب «عارف عادل مرشد» في سياق مقاله التحليلي المعنون [دوافع الاهتمام الياباني بأفريقيا] الذي نشره في صحيفة «الرأي» الأردنية يوم السبت الموافق 17 سبتمبر 2016 بالآتي: (يأتي التحرك الياباني المكثف في أفريقيا كجزء من حملة «اليابان» للحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن كإحدى الأولويات ذات الأهمية الاستثنائية بالنسبة للدبلوماسية اليابانية، فـ«أفريقيا» تمثل ثاني أكبر كتلة تصويت داخل الأمم المتحدة بعد «آسيا»، لأنَّ اليابان -كانت وما تزال- تعتبر «أفريقيا» مفتاحًا أساسيًّا لدبلوماسيتها الدولية في إطار رغبتها في تحمل مسؤولياتها الدولية من ناحية، ولتؤكد مكانتها باعتبارها قوة إقليمية أساسية في المحيط الأسيوي من ناحية أخرى).

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا