كتابات | آراء

حديث الإثنين: كيف نتجاوز عثراتنا بخطاب عقلاني..؟

حديث الإثنين: كيف نتجاوز عثراتنا بخطاب عقلاني..؟

كلما حاولت إقناع نفسي بأن أبناء الشعب اليمني سيتخطّون وضعهم المعقّد والصعب جداً الذي يعيشونه ويعانون من تداعياته في ظل أجواء الحرب الظالمة

على اليمن وشعبه العظيم للعام السابع على التوالي يزداد لدي الشك في قدرة اليمنيين على تخطّي هذا الوضع في وقت قريب لاسيما وأنا أتابع الخطاب الإعلامي للمصطفين مع العدوان وما يثيرونه من نعرات طائفية وعنصرية ومذهبية تتحفنا بها وسائل إعلامهم, فتمنيت كغيري من المواطنين اليمنيين أن يتفرغ هؤلاء المعارضون لإصلاح أنفسهم أولا قبل حديثهم عن الوطن والتباكي عليه ليشكلوا قدوة للمواطن و يكونوا كذلك مؤهلين في نفس الوقت ليمثلوا الوجه الآخر للسلطة ويكتسبوا مصداقية أكبر فيما يطرحونه من خلال خطابهم الإعلامي المتحامل وتناولهم للقضايا بعيداً عن المزايدات وأسلوب الإثارة الذي لا يجدي نفعاً ولا يخدم هدفاً بل ويتجنبون المبالغة في تصوير الأحداث بالطريقة التي يريدها الأعداء ؛ لأن ذلك  لا يزيد المفسدين إلا فساداً  ولا يزيد المعارضة إلا ابتعاداً عن الشعب ويفقدها المصداقية تماماً.
وهنا يطرح السؤال نفسه :هل يغير هؤلاء الذين يطلقون على أنفسهم معارضة لاسيما أولئك الموجودين في الخارج من أسلوب تعاملهم مع قضايا الوطن ويبتعدوا قليلاً عن الانفعال واستغلال أجواء الحرية التي تنعم بها بلادنا اليوم فيما لا يخدم مصلحة الوطن العليا ولا يخدم في نفس الوقت أحزاب المعارضة نفسها مع أنها قادرة لو صدقت أولاً أن تفيد وتستفيد وتجعل الفاسدين والمفسدين يحسبون لها ألف حساب ، لكن بأسلوب خطابهم الإعلامي الحالي المتشنج الذي لا يخدم سوى الأعداء وينظر إلى كل شيء بنظّارة سوداء بل ولا يعترف بأية إيجابية أو منجز تحقّق حتى فيما يتعلق بالدفاع عن الوطن ومقاومة العدوان والتصدي له  فإنهم بذلك يساعدون على استشراء الفساد ويقضوا على مستقبلهم كمعارضة مؤثّرة تعمل على منافسة السلطة وإجبارها على تصحيح وإصلاح الأوضاع الخاطئة ، ومع الأسف الشديد فبدل من أن تقدّم هذه المعارضة الحلول والمعالجات لكل الاختلالات وتبصير الجهات الحاكمة بأخطائها تقوم بتشويه سمعة الوطن من خلال تناولها مختلف القضايا بلغة لا تتفق مع المنطق على الإطلاق بل وتصل في بعض الأحيان إلى حد الإسفاف ؛ بينما في الدول الأخرى تقوم الحكومات بمراقبة خطاب المعارضة الإعلامي الذي يتناول القضايا بلغة وأسلوب راقيين؛لأنه يقدّم الحلول والمقترحات لمعالجة الاختلالات فتستفيد الحكومات مما تطرحه المعارضة، ولا تكتفي الحكومات بالاستفادة وحسب وإنما تقوم بسرقة أفكار المعارضة وتضمينها برامجها الإصلاحية ؛ ولذلك فإن أي تقرير صحفي ينشر في صحيفة معارضة يشير إلى مكامن الفساد أو يتضمن مخالفات من قبل جهات رسمية في الدولة  فإن الجهات المسؤولة تقوم بإحالة هذا التقرير فوراً إلى النيابة للتحقيق فيما ورد فيه ومعاقبة المتورطين بارتكاب المخالفات حتى لو كان رئيس الوزراء نفسه وذلك نابع من ثقة الحكومة بمصداقية المعارضة التي تعتبرها حكومة الظل ، والأمثلة عديدة على إسقاط الحكومات في كثير من الدول المتقدّمة لمجرد أن صحيفة حزب معارض قد نشرت تقريراً تضمّن ممارسات خاطئة ، وهو الأمر الذي يجعل الحكومة والمعارضة تتسابقان على خدمة قضايا الشعب والوطن ومحاولة كسب ثقته كون كلمة الشعب في النهاية هي الفيصل في إبقاء الحكومة أو إسقاطها وذلك بعكس ما يحدث في بلادنا تماماً  حيث لا تستفيد الحكومة مما تقدّمه المعارضة من أفكار ؛لأن فاقد الشيء لا يعطيه  وهو ما يجعلها تتربّع على عرشها أطول فترة ممكنة تمارس خلالها كل أنواع الفساد ولذلك فالمعارضة التي لا تخدم نفسها أولاً ولا تكسب ثقة الجماهير ثانياً فأي شيء ستقدّمه  لن يجدي نفعا ولا يقدم نصيحة ولن يكون سوى صراخا وعويلا فقط ، وعليه نجد أن ما تنشره المعارضة في صحفها وكذلك الصحف الأهلية ووسائل التواصل الاجتماعي من خلال تناولها لكثير من القضايا بعيداً عن الموضوعية لا يُتم الالتفات إليه  لا من قبل الحكومة ولا من قبل الجهات القضائية التي يفترض كما هو معمول به في مختلف بلاد العالم أن تحيل ما يُنشر من اتهامات موجّهة إلى هذه الجهة أو تلك لأجهزة الرقابة والمحاسبة للتأكد من صحتها ، وحتى المواطن لم يعد يكترث لما ينشر لأنه أصبح مقتنعاً أن ذلك لا يحمل في طياته المصداقية الكافية التي تستثير اهتمامه.
بقي أن نقول لهذه المعارضة الورقية سواء وجدت في الداخل أو الخارج إن اعتمادكم على  الهجمة الإعلامية الشرسة التي يقودها الإعلام السعودي اليوم ومن تحالف معه لن تزيد اليمنيين الشرفاء إلا قناعة وتشبثا بنهجهم الذي اختاروه لأنفسهم دون وصاية من أحد سواء كان ذلك على درب مواجهة العدوان وتحقيق الانتصار عليه أو كان على درب البناء السياسي والديمقراطي والتنموي غير آبهين بكل تلك المخططات التآمرية التي تحاك داخل الرياض وأخذت أشكالا مختلفة تارة بممارسة تصعيد العدوان المستمر على اليمن للعام السابع على التوالي وتكثيف الغارات العشوائية على الأعيان المدنية كما يحدث هذه الأيام في العديد من المناطق وفي العاصمة صنعاء أو بالتخريب الاقتصادي عن طريق سحب العملات وإدخال كميات من العملات المزيفة وتهريب المواد الأساسية وفرض الحصار الجوي والبري والبحري بهدف تضييق الخناق على المواطن اليمني ومحاربته في عيشه ومصدر رزقه وتارة بشن الحملات الدعائية الكاذبة والتعبئة المضادة المكشوفة لليمن داخل السعودية وغير ذلك من أساليب العداء التاريخي  المعروف الذي يكنه النظام السعودي لليمن وشعبه منذ أسسته بريطانيا وأعلنت ما يعرف بدولته السعودية يوم 23 سبتمبر عام 1932 م .

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا