محليات

احمد الشريف لـ « 26 سبتمبر »: تأثرت بإبن عم والدي السكرتير الصحفي للمشير السلال

احمد الشريف لـ « 26 سبتمبر »: تأثرت بإبن عم والدي السكرتير الصحفي للمشير السلال

قمت بالرد على الزنداني في جريدة "السياسة الكويتية" وتعرضت لحملة تشويه كبيرة
الصحافة في اليمن لها دور كبير في مجابهة العدوان الخارجي و انتقاد الأخطاء في الجانب الحكومي، فكان لهذا المجال رجاله الذين اشتهروا بإخلاصهم لوطنهم واضعين أنفسهم أمام الخطر

في سبيل تصحيح الوضع في اليمن بكل أبعاده، موقع وصحيفة "26سبتمبر" التقى بالصحفي والكاتب السياسي أحمد ناصر الشريف، الذي تعرض لعدة حملات تشويه بسبب مواقفه الوطنية - لاسيما من قبل جماعة الإخوان المسلمين فرع اليمن - التي تدعم اليمن أرضاً وإنساناً.. إلى حصيلة الحوار:

حاوره: عبدالله عبدالسلام
* لكم تاريخ طويل في مجال الكتابة والصحافة ..  كيف كانت البداية في هذا المجال؟
** علاقتي بالصحافة قديمة جداً .. أتذكر عندما كنت في الخامسة عشرة من عمري، بدأت كقارئ ومتابع ومطلع وقد تأثرت بابن عم والدي الذي هو بمثابة عمي عبد الوهاب الوشلي .. كان يعمل سكرتيراً صحفياً للمشير عبدالله السلال ، ورئيسا لتحرير صحيفة الثورة في الستينيات من القرن الماضي عندما كانت أسبوعية وقبل أن تتحول إلى يومية ، وقد حاول أن يأخذني من القرية إلى صنعاء لكن والدي رحمه الله رفض .
 وبما ان الصحف و المجلات المصرية كانت منتشرة في اليمن مثل الأهرام وآخر ساعة ومجلة المصور وغيرها وكذلك مجلة العربي الكويتية فقد تأثرت بها وكان اساتذتنا في المدرسة يأخذون منها بعض المواضيع والقصائد الوطنية ويجعلون منها دروسا يفرضون علينا  حفظها عن ظهر قلب ثم نتبارى بالقائها ومنهم الأستاذ ناصر احمد محسن الوشلي رحمه الله والأستاذ محمدناصراحمديحيى الوشلي الذي عين فيما بعد مديرا للمدرسة وقد عاش فترة في عدن والأستاذ احمد محمد احمد الوشلي أمد الله في عمريهما ، ثم بعد سفري إلى السعودية وكنت وقتها مازلت صغيرا كنت احرص على شراء الصحف لمتابعة الأخبار .. وبعد وفاة والدي رحمه الله أوقفت دراستي وتحملت مسؤولية البيت كوني الأخ الأكبر .. لكن ذلك لم يمنعني من ان أثقف نفسي من خلال القراءة والإطلاع حيث كنت متابعاً لمعظم الصحف والمجلات التي كانت توزع في المكتبات ومازلت محتفظا بالكثير منها في أرشيفي ، كما كنت ابعث بأسئلة الى إذاعة لندن وتحديدا الى برنامج كان يحمل أسم "بين السائل والمجيب"، فكانوا يردون على اسئلتي واستفيد من المعلومات الواردة في الأجوبة .. وخلال سنوات الغربة في السعودية توسعت مداركي من خلال الإطلاع فكنت اكتب في  أكثر من 10 مجلات وصحف عربية وأغلب مقالاتي ترد على كتابات تسيء لليمن، ولأني كنت كثير القراءة فقد كنت أعرف كل شيء جديد يكتب عن اليمن، واضطررت عدة مرات للرد على المعلومات المغلوطة .
واعتبر جريدة السياسة الكويتية هي مدرستي الأولى فأول مقال نشر لي فيها في شهر أبريل عام 1985م رداً على الدكتور عبدالرحمن البيضاني الذي كان ينشر كتابه "الثورة اليمنية وأزمة الأمة العربية" على حلقات فيها وينسب احداث الثورة الى نفسه ولم يرد عليه احد ممن عاصروا الأحداث في صنعاء  فشجعتني محاولتي الأولى واستمررت في الكتابة حتى أصبحت من عادتي أن أكتب فيها أسبوعياً.

أهم مدرستين
*هل اقتصرت كتاباتك على جريدة السياسة الكويتية.. ام انك توسعت في صحف اخرى ?
** ظللت أكتب في جريدة السياسة الكويتية حوالي خمس سنوات بداية من عام 1985حتى العام 1990م وتوقفت عن الكتابة فيها بسبب غزو النظام العراقي للكويت ، وكذلك بدأت الكتابة في "صحيفة 26 سبتمبر" منذ العام 1985 م  وكان يتولى نشر مقالاتي فيها  ويهتم بها الأستاذ احمد الجبلي الذي كان سكرتيرا للتحرير ثم مديرا للتحرير وقد استفدت كثيرا من ملاحظاته وللعلم ان ارتباطي بصحيفة 26سبتمبر يعود الى النصف الثاني من سبعينيات القرن الماضي حيث كنت اتابعها واشتريها اسبوعيا منذ ان كان اسمها صحيفة 13يونيو التي تأسست عام 1976م م نسبة إلى حركة التصحيح  13 يونيو التي قام بها الشهيد ابراهيم الحمدي واستمرت لغاية 1982م، وحينها جاء بعض من نسميهم بـ "المبعسسين" وأقنعوا الرئيس علي عبدالله صالح بتغيير مسمى الصحيفة إلى 26 سبتمبر، بحجة ان الأصل أهم من الفرع وكان الهدف من تغيير التسمية هو إلغاء تاريخ الشهيد الرئيس إبراهيم الحمدي ، ولم يكتفوا بذلك فحسب بل قاموا بإلغاء كلما كان يرتبط بالشهيد الحمدي بما في ذلك قلع أحجار الأساس للمشاريع التي كان يؤسس لها ويفتتحها .
 وكان ممنوعا ان تنشر أية صور للشهيد الحمدي في صحيفة "26 سبتمبر" وكذلك الإمام أحمد وعلي سالم البيض بعد عام 1994م وهذه كانت توجيهات رسمية من علي عبدالله صالح شخصيا .

توسعت في الكتابة
* الكتابة من بلاد الغربة .. وتحديداً من السعودية لم يكن بالأمر السهل .. هل واجهتك صعوبات أو فرضت عليك قيود؟ حدثنا عن تلك الفترة؟
** لقد كنت حذرا في هذا الجانب حيث أن السعوديين يستخدمون أساليب قذرة ضد خصومهم أو المعارضين لهم، وكنت أحاول أن تكون كتاباتي بما يخدم العلاقات اليمنية -السعودية. وأحيانا ادخل في العمق قليلاً واكتب كتابات ثورية في بعض المجلات العربية.. مثلا مجلة الحوادث اللبنانية، ومجلة المستقبل، ومجلة التضامن ومجلة الوطن العربي بعضها كان يصدر في باريس ، وكتبت في صحف سعودية مثل جريدة البلاد، والشرق الأوسط ومجلة إقرأ ومجلة المجلة الصادرة في لندن وكانت كتاباتي فيها تمجد العلاقات بين البلدين حتى لا يتم الإلتفات لكتاباتي في المجلات والصحف التي كانت تصدر خارج السعودية ومن خلال كتاباتي العديدة عشقت الكتابة كثيراً لدرجة انني أهملت عملي وتراكمت علي ديون بسبب تفرغي للكتابة ومتابعة الصحف والمجلات ، وكان البعض من أصدقائي يضحكون علي ويعاتبونني بل ويخوفونني  ، وحدثت عدة قصص في هذا الجانب منها دخل بعض الأصدقاء إلى شقتي فاستغربوا من وجود الكم الهائل من الكتب والمجلات الموجودة في كل الزوايا وقالوا لي "أنت كلك ورق".
وفي عام 1989م كانت البداية الحقيقية لدخولي عالم الصحافة ففي تلك الفترة وقع علي عبدالله صالح وعلي سالم البيض على  اتفاقية إعادة تحقيق الوحدة يوم 30 نوفمبر عام 1989م في عدن  وكانت بالنسبة لنا نحن المغتربين كل شيء وابتهجنا عند سماعنا الخبر، بينما جماعة كبيرة ينتمون لـ "الإخوان المسلمين" كان يقودهم عبدالمجيد الزنداني ومجموعة من الإعلاميين من بينهم عبدالغني الشميري وسمير اليوسفي وسعيد ثابت الذي يعمل حالياً مراسلا لقناة الجزيرة القطرية وغيرهم ، كانوا ضمن طاقم إعلامي تابع للزنداني  ومعارضين لإتفاقية الوحدة .
يومها السعودية انزعجت من الاتفاقية فأرسلت وزير خارجيتها سعود الفيصل إلى عدن وكذلك أرسلت وفدا إلى صنعاء لكن لا فائدة من ذلك فقد اصطدمت باصرار قيادتي شطري اليمن على إعادة تحقيق الوحدة ، فما كان من القيادة السعودية إلا أن استدعت الشيخ عبدالمجيد الزنداني وكان آنذاك يعمل مندوبا لليمن في "المجلس العالمي للمساجد" كما أتذكر، وقالت له ما رأيك عندما يتوحد شمال اليمن مع الشيوعيين في الجنوب .. فقال لهم ليس امامنا الا الدستور لمناقشته لأنه دستور شيوعي وعلماني فرضه عبدالفتاح إسماعيل على الشمال ، فأعطوه الضوء الأخضر   ليقوم بالتحريض ضد اتفاقية الوحدة وبدأ يلقي محاضرات ولا زلت  احتفظ بالعديد من اشرطة الكاسيت التي كان يسجل عليها محاضراته .. كان يلقي المحاضرات في كل مكان بمافي ذلك المقاهي والمطاعم في السعودية مستغلا تجمعات اليمنيين فيها وكان يقدمه للجمهور عبدالغني الشميري الذي عين فيما بعد رئيسا لقطاع التلفزيون في صنعاء ، وكانت السعودية تطبع اشرطة محاضرات الزنداني بالآلاف وتوزعها مجانا لإيجاد معارضة قوية لإعادة تحقيق الوحدة .. لكن الشرفاء والعقلاء  من المغتربين اليمنيين لم يسكتوا ومن بينهم الأخ عبدالله الكبسي وهو صحفي يعمل حاليا في "صحيفة الثورة" أرسلنا للزنداني رسالة قلنا له فيها أنه شخصية معتبرة ودينية،  عد إلى اليمن وأعتلي منبر أي مسجد وتحدث بماتريد ولن يمسك احد بسوء، فلم يبدي اي استجابة وكان معتقدا انه مع السعودية سيحولون دون اعادة تحقيق الوحدة .
وكان اول من تصدى له هو انا حيث قمت بالرد عليه في جريدة السياسة الكويتية بمقال  تحت عنوان "شعراوي اليمن يدعو للجهاد ضد الوحدة اليمنية" وبعدنشره تعرضت لحملة تشويه من قبل أنصار الزنداني في السعودية  وردوا علي بعشرات المقالات احتفظ بها جميعا وصفوني فيها بكل المصطلحات السيئة كماهي عادتهم وقالوا انني اتطاول على شخصية دينية اسلم على يده العديد من الكفار واستمرت المعركة الاعلامية بيني وبينهم عدة أشهر على صفحات السياسة الكويتية ولم تتوقف الا عقب الإعلان عن اعادة تحقيق الوحدة وقيام الجمهورية اليمنية في 22مايو 1990م  وكانت السفارة في الرياض على تواصل معي وارسلوا من يراقبني حتى لا تتعرض لي السلطات السعودية وكانت ترسل كل ماينشر الى اليمن للإطلاع وقد استدعاني السفير غالب علي جميل رحمه الله الى السفارة مع الصحفي عبدالله الكبسي يوم 22 مايو 1990م وطلب منا المشاركة في رفع علم الجمهورية اليمنية في السفارة واشاد بمواجهتنا لأعداء الوحدة .

فرصة للإنتقام
*ماذا حدث بعد تحقيق الوحدة وهل واصلت الكتابة؟
** بعد إعادة تحقيق الوحدة كان آخر مقال لي  تحت عنوان : "تعالوا إلى كلمة سواء" وحفاظاً على حياتي كما أشرت آنفا أرسل السفير غالب علي جميل الأخ  عبدالله الكبسي ليراقبني إذا حصل لي أي شيء من قبل عناصر الأمن السعودي أو أنصار الإخوان المسلمين .. هدأت الأمور نسبياً  واختفى عناصر الإخوان الذين كانوا يضايقوني ويهددوني في عملي بحجة تطاولي على الشيخ الزنداني على حد زعمهم .. لكن لم تمض سوى فترة قصيرة حتى اشتعلت المشاكل بالنسبة لي  مرة أخرى فقد قام الرئيس العراقي صدام حسين  بغزو الكويت واحتلالها  وهنا وجدها الإخوان فرصة للإنتقام مني فقد جاءوا إلي بمسودة برقية من الجالية اليمنية وكان آنذاك رئيس الجالية هو الأخ محمد عبدالقوي الشيباني والذي كان يرفع البرقيات للملك فهد باسمه نيابة عن الجالية .. قرأت المسودة فوجدتها تأييدا للملك فهد ضد العراق ومباركة له بإستدعائه للقوات الأجنبية لتحرير الكويت مستشهدين بفتوى بن باز مفتي السعودية حينها بأن النبي عليه الصلاة والسلام استعان بسيوف من عكرمة ابن أمية وهو مايزال مشركا وطلبوا مني التوقيع على البرقية ولكني رفضت فأطلعت السفير  غالب علي جميل بكل شيء .. فقال لي : المضايقة بدأت لليمنيين حتى على مستوى السفارة اليمنية التي اقتصرت على أربعة موظفين يعملون فيها فقط والبقية عادوا إلى اليمن بضغط سعودي وقال لي لم يعد لك قعود في السعودية سيتعبوك ويتعبوا أولادك وشرحت له الظروف وان علي ديون للتجار ورأس مالي هو معرض الأقمشة الذي نصف قيمته تتمثل في نقل القدم .. فقال رجع البضائع للتجار وسيعوضك الله وأنا سأكتب إلى اليمن ليوفروا لك عمل وستجد هناك  في اليمن الوزير المفوض جميل جمال الذي طلبت منه السعودية مغادرة الرياض خلال 24 ساعة وهو مطلع على كل ماقمت به من جهد دفاعا عن وطنك .. عملت بالنصيحة وعدت أنا والأولاد إلى صنعاء وتركت محل الأقمشة الخاص بي الذي كلفني خسائر كبيرة، والتحقت بالعمل في "صحيفة 26 سبتمبر" وعرض علي مقابل أعمالي وإخلاصي منحي رتبة عسكرية فرفضتها وفضلت أن أبقى مدنياً.

مصلحة اليمن أولاً
*    لك المئات من المقالات وكذلك الحوارات ترى هل كان لديك مقالات أو كتابات مزعجة للبعض .. وما هي الحوارات التي ظلت عالقة في ذاكرتك؟ ومع من؟
** بالنسبة للكتابات منذ وأنا في السعودية لم أكن أخاف من نقد الأخطاء حتى في عهد الرئيس علي عبدالله صالح انتقدت سياسته في صحيفة 26 سبتمبر واقصيت بسبب ذلك ستة أشهر، وبالنسبة للحوارات كانت جريئة لأني كنت أكلف بأعمال ميدانية مستمرة في أوروبا وفي الدول العربية ولم يكن يهمني الا مصلحة اليمن التي وضعتها فوق مصلحتي ومايزال هذا موقفي الى اليوم .
مثلاً في الجانب السعودي فقط قابلت العديد من كبار الأمراء بما فيهم الملك الحالي سلمان بن عبدالعزيز، ووزراء ومسؤولين وكتاب وادباء ورجال اعمال واجريت معهم حوارات صحيفة تزيد عن 75 مقابلة وحوار صحفي  فقط خلال ثمان سنوات نشرت جميعها في صحيفتي 26سبتمبر والمستقلة الصادرة في لندن  حيث في كل سنة  كنت أكلف بمهمة إعلامية وكان تركيزي على مايخدم علاقات التعاون بين البلدين .
ومن ضمن المقابلات التي أحرجتني كانت المقابلة التي أجريتها مع الأمير طلال بن عبدالعزيز  رحمه الله .. لقد كان رجلا جريئا وكان رئيس الأمراء الأحرار الذين عارضوا  سياسة الملك فيصل بعد انقلابه على اخيه الملك سعود  وسبب لقائي به كان باقتراح من القيادي في الجبهة القومية عبدالقادر أمين  رحمه الله بعد ان عرف اني سأقوم بمهمة اعلامية الى السعودية وكان متأثرا من قول الأمير طلال في شهادته على العصر لقناة الجزيرة بأن ثورة 26 سبتمبر هي عبارة عن انقلاب صنعه المصريون في اليمن  وطلب مني ان اضمنه برنامجي الذي سأقدمه لوزارة الاعلام ولكنهم بمجرد ان قرأوا اسمه قالوا هذا يحرجنا ولن نحدد لك موعدا معه لكن سنعطيك تلفون مكتبه واذا نجحت في مقابلته لن نعترض .. قمت بالتواصل مع مكتبه فقالوا أنه مسافر في الخارج وعندما يأتي سيرد على أسئلتي التي بعثتها اليهم حسب طلبهم، أكملت مهمتي الإعلامية مع العديد من الأمراء  والوزراء والمثقفين ورجال الأعمال حيث وصلت حصيلة الحوارات إلى  30 حوارا لمدة شهر كامل وعدت لليمن وكنت قد نسيت موضوع الأمير طلال.. وفجأة اتصلوا بي من مكتب الأمير طلال وقالوا الأمير حدد لك الإثنين القادم موعدا لمقابلته .. قلت لهم انا موجود في صنعاء ويلزمنا تأشيرة دخول .. تواصلوا مع السفارة السعودية بصنعاء وذهبت الى مكتب القنصل ابوعلي والسفير محمد القحطاني كان مسافرا .. قال القنصل لن استطيع ان امنحك تأشيرة الا بموافقة وزارة الخارجية في الرياض لأن طلال يسوي لنا مشاكل .. قلت موعدي يوم الاثنين ورد الخارجية سيتأخر .. قال لو تواصلوا معك اخبرهم بأن القنصل رفض .. وفعلا فقد تواصلوا معي وابلغتهم برفض القنصل وطلبوا الا اراجع السفارة مرة اخرى .. وبعد ساعتين اتصلوا بي وقالوا تأشيرتك موجودة في مطار الرياض من الأمير محمد بن نايف نائب وزير الداخلية ..بعثوا لي رسالة الى السلطات في مطار صنعاء ليسمحوا لي بالمغادرة وخلال ساعات وانا في مطار الرياض .. سلمت أمن المطار رقما كانوا زودوني به فأخذوا جوازي وسألوني كم تريد البقاء في المملكة قلت لهم اسبوع ولكنهم عملوا شهرا كاملا .
ارسلوا سيارة سوداء طويلة اخذتني الى مكتب الأمير طلال في برنامج الخليج العربي التابع للأمم المتحدة وعرفوني بنشاطه وعند الثانية عشرة ظهرا ذهبوا بي الى قصره في الفاخرية .. استقبلني والعقال مايزال في يده لم يلبسه فضحك وقال انتم مشغولين بالعمامة ونحن في السعودية مشغولين بالعقال .

ثلاث ساعات حوار
* كيف كانت مقابلته لك ؟
** لما اعرفه عنه وكنت اتابع احاديثه المتحررة وحبه للعروبة شعرت اني اعرفه منذ زمن طويل .. كان اول سؤال يوجه لي بعد جلوسي على الكرسي يتعلق بصحة الرئيس علي عبدالله صالح الذي كان يتعالج في المانيا آنذاك .. ثم بدأت معه حوارا طويلا استمر حوالي ثلاث ساعات وكنت استحي حينما كان يخاطبني ياسيدي .. اصر على ان الثورة اليمنية انقلاب صنعه المصريون واستشهد بأمور كثير ة .. تشعب الحديث معه انتقد المطاوعة وتحدث عن المرأة السعودية وعن الانتخابات وانتقد السياسة المتشددة للسعودية وتحدث عن فلسطين واكثر شيء لفت انتباهي انه قال سيحدث في امريكا شيء مخيف .. وفعلا لم يمرسوى اسبوعين على نشر مقابلته في صحيفة 26سبتمبر حتى شهدالعالم كله احداث الحادي عشر من سبتمبر في نيويورك وواشنطن عام 2001م .. وكانت المفاجأة بالنسبة لي ان السعودية منعت بيع عدد صحيفة 26سبتمبر الذي نشر فيه حوار الأمير طلال في الأسواق وصادرت العدد وبسبب هذا الإجراء اصدر رئيس التحرير العميد علي الشاطر توجيها بتحميلي تكلفة العدد وقد كنا نوزع في السعودية ثلاثة آلاف نسخة .
المشكلة الأخرى انني كنت ضمن الوفد الاعلامي الذي رافق الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح الى المانيا عام 1997م فأجتهدت في تغطية الزيارة بخلاف الزملاء الآخرين وبعد عام من الزيارة فوجئت بدعوة خاصة باسمي لزيارة المانيا مكافأة على التغطية التي اعجبتهم .. فثار رئيس التحرير وازبد وارعد وقال ليش ماجاءت الدعوة باسمه وكاد يمنعني من السفر لولا تدخل نائب رئيس التحرير الأستاذ عبده بورجي ..
المشكلة الثالثة والأهم هي اني في شهر ديسمبر من عام 2008م  رشحت لتمثيل صحيفة 26سبتمبر في معرض الاعلام الدولي في ايران تلبية للدعوة المرسلة من طهران وكانت حينها الحرب في صعدة على اشدها وايران متهمة بأنها تساعد الحوثيين .. وخلال زيارتي اوضحت الصورة للاخوة في ايران واجريت مقابلات صحفية مع المسؤولين الايرانيين وقابلت الرئيس احمدي نجاد حينها وطلب مني ان انقل تحياته للاخوان اليمنيين مسؤولين ومواطنين وكان كل شيء على مايرام ونشرت حلقات عن الزيارة .. وفجأة يأتي الأمن القومي الى مكتب رئيس التحرير ليسأل عني وبدل مايدافع عني رئيس التحرير ويقول لهم بأني مكلف رسميا اتصل بمدير التحرير يطلب منه ان يبلغني بأن الأمن القومي يسأل عني ولولا انني كنت احتفظ بصور من أوامر التكليف والا لكانوا حبسوني .
*لماذا ارتبطت بصحيفة 26سبتمبر .. ولم يكن لكم كتابات او اعمال صحفية في وسائل أخرى؟
** صحيفة 26سبتمبر اعتبرتها مدرستي بعد جريدة السياسية الكويتية وكنت انشر مقالاتي فيها خلال فترة تواجدي بالسعودية، وبعد التحاقي للعمل فيها رسميا ارتبطت بصحيفة 22مايو وعينت فيها مديرا للتحرير  ثم ارتبطت بصحيفة المستقلة التي تصدر في لندن كأحد مراسليها في صنعاء والتي تحولت فيما بعد الى قناة فضائية .. كما راسلت مجلة اليمامة السعودية لفترة وكنت اكتب في صحيفة الميثاق لسان حال المؤتمر الشعبي واحيانا اكتب في صحف معارضة لكن دفاعا عن الوطن .. ورغم الإغراءت والعروض التي كنت احصل عليها فقد رفضتها جميعا بما فيها ان اكون رئيسا للتحرير في صحيفة مستقلة او حزبية وفضلت البقاء في ست الكل صحيفة 26سبتمبر ويؤسفني تراجع وضعها ومكانتها ودورها اليوم وكأن مايحدث لإضعافها شيء متعمد وارجو ان اكون مخطئا في ظني .

غياب  الجانب المهني
*كيف ترى واقع الصحافة اليوم لاسيما الورقية؟ وما هو الحل حتى تظل صامدة؟
** واقع الصحافة اليوم غاب عنه الجانب المهني واصبح الارتجال هو من يسيره .. وبالنسبة للوضع في اليمن هو وضع استثنائي نحن في حالة حرب وحصار، لكن مشكلتنا إدارية تحديدا .. أعطيك نموذج في دائرة التوجيه المعنوي كنا في الدائرة نمثل الدولة في السابق حتى علي صالح ونائبه كانوا يداومون دائماً في الدائرة ويتخذون داخلها اخطر القرارات .. وإلى جانب انها دائرة تعنى بالقوات المسلحة والإعلام هي دائرة إيراديه بالدرجة الأولى حيث كان دخلها مليارات الريالات شهريا وماتزال كما هي من حيث البنية التحتية والامكانات والكادر لكن مشكلتها في الادارة .

أهمية تشكيل وعي وطني
•    ماهي نصيحتك للشباب لاسيما الذين اتجهوا لدراسة الصحافة والإعلام؟
أرى أنه من الضروري إعادة تشكيل وعي وطني جديد لان الحزبية أثرت على وعي الشباب، فمثلاً بعد الوحدة صدرت العديد من الإصدارات الصحفية ولم نستغلها لصالح الوطن بل لصالح الأحزاب وأثرت علينا، وأصبح الشباب " متأدلجا " لصالح حزبه هذا مؤتمري وهذا إصلاحي وهذا اشتراكي وهذا ناصري وووو الخ .
نحن بحاجة إلى شباب يمتلكون رؤية مستقلة غير خاضعين لرؤى الأحزاب التي تسيرهم لأن هذا التوجه قد أثر على بناء الدولة .. اعطيك ايضا مثلاً آخرا ..عام 2011م  في الساحات لو شكل الشباب لأنفسهم قيادة واعية تتحاور مع الحكومة باسمهم لنجحت الثورة وتمكن الشباب من بناء دولة، لكن للأسف تجمعت الأحزاب وسلمت الثورة للإصلاح ولأولاد الأحمر بل ولرأس النظام الذي ثاروا عليه الجنرال علي محسن صالح فقد اعترف لصحيفة الجمهورية بأنه كان الرجل الأول في الحكم وليس الثاني في عهد الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح  وانقسم الشباب هذا مع الإصلاح وهذا مع المؤتمر وهذا مع الإشتراكي .. ولم يتحقق هدف الثورة الأساسي الذي خرج الشباب من أجله وذلك للأسباب المذكورة، ولذا أنصح الشباب بالاستفادة من تجارب الدول الأخرى، وما يجعلني حزينا أن أرى مجموعة من الشباب يمجدون أحزابهم ورؤساءهم على حساب قضايا الوطن , وأنا من وجهة نظري أرى  ان "أنصار الله" هو اول مكون سياسي  نجده يدافع ويحمي الوطن بصدق وإخلاص ولا يطمح في السلطة او يجعلها هدفا له كما تفعل الأحزاب والتنظيمات السياسية الأخرى التي بعضها مستعدة ان تضحي بالوطن وتبيعه من اجل تحقيق مصالحها الخاصة وهو مايعمله اليوم العملاء والمرتزقة وفنادق الرياض وابوظبي واسطنبول والقاهرة تشهد عليهم .

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا