محليات

أ. عبدالسلام جدبان - رئيس مؤسسة «ميسرة» الوطنية لرعاية المساجين لـ«26 سبتمبر»: المؤسسة تسهم في رعاية المساجين وتقديم الرؤى لإصلاح السجون

أ. عبدالسلام جدبان - رئيس مؤسسة «ميسرة» الوطنية لرعاية المساجين لـ«26 سبتمبر»: المؤسسة تسهم في رعاية المساجين وتقديم الرؤى لإصلاح السجون

«26 سبتمبر» التقت رئيس المؤسسة الاستاذ/ عبدالسلام جدبان وناقشت معه الانشطة والخدمات التي تقدمها المؤسسة لرعاية المساجين وإصلاح أوضاع السجون وذلك في سياق الحوار التالي:

حـاوره: علـي مبارك


> بداية حدثونا عن نشأة مؤسسة ميسرة الوطنية لرعاية المساجين؟
>> اهلا وسهلاً.. نرحب بكم وبصحيفة«٢٦سبتمبر» ونشكر حضوركم إلينا في مؤسسة ميسرة الوطنية لرعاية المساجين.
مؤسسة ميسرة الوطنية لرعاية المساجين منظمة مجتمع مدني انتماؤها للوطن وخدمة السجون، أُنشئت لتغطية الاحتياج القائم في أوضاع السجون، لتحقق المعايير الدولية المطلوبة، وتحدد ماهية الاحتياج الحقيقي من الداخل، وأولويات إصلاح السجون، والرؤى والاستراتيجيات التي ينبغي أن تسلكها الجهات المعنية أو الجهات ذات العلاقة سواء محلية أو إقليمية أو دولية لإصلاح السجون، فأنشئت مؤسسة ميسرة لتقوم بذلك ولتقدم الرعاية للمساجين، طبعاً مؤسسة ميسرة ليست الوحيدة في الميدان، فهناك العديد من المؤسسات التي سبقتها في هذا المجال، ونعتبرهم شركاء مهمين لنا في هذه المسؤولية، كما توجد هناك مكاتب اخرى في الوزارات والمؤسسات الحكومية مثل إدارة المرأة والطفل ومثل العمل القضائي» ونيابة عدالة الاحداث، لكن هذه الجهود عندما لم تتحد ولم تكون رؤية واضحة للتحرك في هذا المجال، كان هناك نوع من الإخفاق نوعاً ما، أو عدم جدوائية التحرك، الأمر الذي يستوجب إعادة التقييم والتصويب ومعالجة الخلل بكل شفافية.
> ماذا يمكنكم الحديث عن السجون اليمنية؟
>> لنتحدث أولاً عن أوضاع السجون في العالم، ولن نتكلم عن وضع السجون في العالم بشكل شامل، بل سنتكلم عن هولندا التي بدأت بإغلاق بعض سجونها، بما معناه بأن الهدف من الإصلاح المطلوب في السجون قد تحقق، بينما عندنا في اليمن خاصة وفي الشرق الأوسط والوطن العربي السجون عندنا تتجه إلى الأسوأ باستمرار، فأعداد المساجين تتصاعد باستمرار، لأنه لا توجد هناك حلول جذرية، كل المعالجات الحاصلة في السجون الآن هي حلول مؤقتة، أو حل لوضع قائم طارئ، بمعنى أوضح ليس هنالك حلول تنهي القضية أو المشكلة، كل الذي هو حاصل الآن أن هنالك مثلاً قضية غالباً ما يثيرها الإعلام، فيقوم اصحاب الشأن بتكوين لجنة وساطة للتدخل وحل القضية، وقد تحل القضية وتنتهي في الموقف القائم، ولكن ليس بشكل نهائي وجذري، فيكونوا بهذا العمل قد قاموا بعمل المخدر الموضعي للمشكلة والتي ما تلبث أن تعود ولو بعد حين بشكل أسوأ مما بدأت عليه، فالمخدر الموضعي لم يعمل حلاً ناجعاً لأي مشكلة، فالمشاكل مثلها مثل الأمراض الجسدية، فبعض الأمراض لا تنفع معها المهدئات بل تحتاج إلى استئصال نهائي، فمشاكل السجون هي بهذا الشكل. فنحن حين نتكلم عن السجون، لا نتكلم عن عمليات معقدة أو مستحيلة، بل نتكلم عن أربعة جدران تسري عليها سياسة واحدة في كل أنحاء العالم، أربعة جدران تخضع لنفس القوانين والمعايير والآليات والنظم والأساليب والمعاملات في كل دول العالم، ونحن بدورنا لا نختلف عن بقية دول العالم، يعني معروف في السجون بأن السجين يدخل السجن ولديه بيانات ومعلومات سابقة عنه تكاد في كثير من الدول تحدد توجه ورغبات و قدرات السجين المهنية والعملية، بينما عندنا لا توجد هذه المعايير ولا تراعى، إلى حد أن بعض السجون لا يوجد فيه شؤون داخلية، إصلاحية مركزية ليس لديها آلية لتوثيق السجين حين يدخل السجن لا تصوير للسجين أمامي أو جانبي ولا حبر أسود ولا شيء، خلاص يدخل السجين للسجن والسلام، بينما تلك المعايير من الأساسيات المعمول بها في كافة الإصلاحيات والسجون على مستوى العالم، وايضاً مما هو حاصل في بعض الإصلاحيات هو وجود معظم المساجين في عنابر مشتركة، ليس هنالك تصنيف لهم كما هو معمول به في سجون العالم بحيث يتم تصنيف وتقسيم المساجين على حسب جريمته، حيث تقسم المساجين الخطرين في عنبر، والمساجين الأقل خطورة في عنابر أخرى منفصلة عن عنابر المساجين الخطرين وهكذا.. بحيث عندما يتم ادماجهم في ورش اصلاح او عند تطبيق برامج العمل يتم تطبيقه على كل فئة على حدة.. وفوق هذا كله يوجد ايضاً ما هو اعظم من ذلك، فالكل يعلم بأنه في دول العالم كله لا يدخل السجن إلاَّ شخص محكوم بجريمة، يعني إذا حكمت المحكمة على المتهم الفلاني بقضاء مدة عقوبة قدرها خمس أو ست سنوات أو تسعة عشر عاماً أو عشرون عاماً مثلاً، طالت أو قصرت تلك المدة، يدخل السجين إلى السجن بموجب الحكم النهائي الصادر بحقه، ويقضي تلك العقوبة تحت برامج إصلاح وتأهيل، بينما ما هو حاصل عندنا الآن بأن السجين يدخل السجن ويعتقل لسنوات، وقد تظهر في الأخير براءته، لأنه مازال رهن المحاكمة أصلاً أو قيد التحقيق، بحيث يظل بعضهم في السجن سنوات تصل في بعض الأحيان إلى سبع سنوات رهن المحاكمة، فنحن نتكلم عن المبادئ الأساسية والثوابت العالمية التي غابت في أنظمة العدالة لدينا و في سجوننا، يعني أبسط المعايير، دعونا من الرفاهية التي يعيشها نزلاء السجون في الدول المتحضرة، وعلى ذكر أوضاع السجون، التقيت ذات يوم بأحد السجناء في أحد السجون، وتكلمت معه من باب التخفيف عليه عن الوضع الصعب الذي يعيشه من باب الانسانية، ودار بيننا هذا الحديث، حيث سألته: كيف الأحوال، كيف الأمور إن شاء الله الأمور بتفرج وبا يعين الله، فقال لي: لا تزيدوا ولا تفلسفوا، شوفوا أعتى مجرمي العالم وأسوأهم وساوونا بهم، أقول باختصار إن هذا مطلب حق، فهذا السجين لو عرف بأن الشخص المجرم الذي قتل حوالي أربعين شخصاً في نيوزلندا مسجون في غرفة أفضل من غرف الفنادق غرفة معقمة مهواة نظيفة بسرير مريح وفراش وملايات يتم تبديلها يومياً، وبطاولة وتلفزيون وكل مظاهر الرفاهية والراحة، ماذا سيكون رد فعله.. فالقصد من السجن أولاً وأخيراً هو الإصلاح، فأنت إذا أردت أن تعاقب أحداً ما، فاحبسه في كهف أو في مغارة، إذا ما كان القصد من حجز الحرية هو العقاب، أما إذا كان القصد من حجز الحرية هو الإصلاح والتأهيل، فلا بد من أن يتوافق ذلك مع المعايير والنظم والقوانين الإسلامية والإنسانية، من أجل ذلك كله أُنشئت مؤسسة «ميسرة» لتستنهض رعاية السجين بالموجود، فمؤسسة ميسرة لم تأت بجديد، ولن تأتي بجديد من لدنها، وإنما أُنشئت لكي تسهل الموجود من القوانين والأنظمة واللوائح الموجودة والمعمدة والمعترف بها في البلد لتجعل منها واقعاً يمارس، ولتجعل منها حيزاً ملموساً، وبالتالي نحن نواجه الكثير من المصاعب.
> ماهي المعوقات التي تواجه عملكم في المؤسسة؟
>> في الحقيقة لا يوجد هناك ما يمكن أن نعتبره من المعوقات، ولكن هناك الكثير من الصعوبات، من أهمها عدم اعتراف الجهات المعنية بالمشكلة سابقاً، لكننا الآن بدأنا نلمس بداية هذا الاعتراف ، فمن قبل كانت الجهات المعنية لا تعترف بالمشكلة (مشكلة السجون)، وبالتالي لم تستطع أن تضع لها حلولاً، وهو أمر ضروري كبداية للحل. فالطبيب لا يمكنه وصف أي دواء للمريض ما لم يتم التشخيص وتحديد المشكلة أو المرض، فإذا كان المريض لا يعترف بمرضه وينكر وجوده، فكيف للطبيب أن يصف الدواء. ومن هنا تبدأ القضية، إذا اعترفنا بالمشكلة فقد بدأنا بالحل، فالمرحلة الأولى من الحل هو الاعتراف بوجود المشكلة، فالآن بدأنا نلمس من الجهات المعنية في الفترة الأخيرة فعلاً الاعتراف بضرورة إصلاح وتأهيل السجون والسجناء.
التقينا قبل أيام مع ممثلين عن أهم الجهات الرسمية المعنية بالسجون، كاللجنة العليا لرعاية السجناء، ووزارة المالية ومن النيابة العامة والداخلية والمحكمة العليا وغيرها، واتضح من خلال ذلك اللقاء، بأن الجميع يؤمن بضرورة التدخل وإصلاح السجون، وكانت هذه خطوة رائعة جداً، لمسنا فيها المصداقية وتوحد الأفكار، وبالتالي فإن أهم الصعوبات التي تواجه مؤسسة ميسرة تضمحل تدريجياً، هناك أيضاً صعوبات أخرى وهي مسألة الاكتظاظ في السجون، وهذه المشكلة ليست مشكلة أمام مؤسسة ميسرة فحسب، بل كل المؤسسات بما فيها الجهات المعنية في الدولة، كمصلحة السجون ووزارة الداخلية والصحة والقضاء والنيابة العامة، فالاكتظاظ يضاعف المعاناة داخل السجون، لأن السجون أُنشئت بقدرة استيعابية محددة، بما يلبي الاحتياج في المرحلة التي أُنشئت فيها السجون سابقاً، لكن الآن أستطيع القول أن نسبة عدد النزلاء في بعض السجون قد يصل إلى ٤٠٠٪ من القدرة الاستيعابية لتلك السجون، وربما يصل إلى أكثر من ذلك وهذا بناءً على إحصائيات ميدانية، فبعضها مصمم لأن يستوعب أربعمائة نزيل أو أربعمائة وخمسون نزيلاً فقط، ويوجد فيه الآن أكثر من ألفي نزيل، بينما يصل عدد النزلاء في بعض الاصلاحيات ايضاً إلى الألفين وثمانمائة نزيل.. مما يدفعنا للتساؤل أين سيذهب كل هؤلاء المساجين و لم يحسب حسابهم، ولم تؤهل العنابر والمرافق والورش والحمامات والمطابخ والمغاسل…إلخ من المرافق الضرورية والهامة، لماذا لم يتم تأهيل تلك المرافق مسبقاً لاستيعاب ذلك الكم المتزايد، والذي يتسبب في الازدحام والتراكم، ومن خلال نزولنا الميداني لبعض السجون لاحظنا أن بعض المساجين ينامون في الممرات وفي أرضيات العنابر، وأحياناً بجانب أبواب الحمامات وفي الجامع، وفي الصباح يقومون بطي فراشاتهم كي يستطيعوا أن يجدوا لهم مكاناً يجلسون فيه، وذلك كله بسبب الزيادة في عدد المساجين.
> ماهي المشاريع التي تقدمت بها المؤسسة؟
>> في الحقيقة، قدمت مؤسسة ميسرة الوطنية العديد من المشاريع في جوانب كثيرة كالتغذية والصحة والبنية التحتية والاحتياجات الدوائية والنظافة والكثير من المجالات، وفي الجانب الآخر قدمت مؤسسة ميسرة الوطنية الكثير من الرؤى والحلول التي من شأنها حل الكثير من الإشكالات بشكل جذري ونهائي، ولنأخذ على سبيل المثال مشكلة الاكتظاظ في السجون، وهي مشكلة نحن الآن بصدد وضع آلية لحلها، حيث قدمت المؤسسة رؤية لمجلس القضاء الأعلى ووزارة الداخلية وقد لمسنا تفهماً لذلك ومحاولة صادقة لمعالجة هذه القضية، وأعود وأكرر ما قلته سابقاً أن بداية الحل هو الاعتراف بالمشكلة، وقد بدأت الجهات المعنية تؤمن بأهمية التعجيل بالحل.
فمن المعوقات ايضاً التي تواجه المؤسسة هي الجرأة التي تطرحها في تقديم الرؤى الكبيرة، الأمر الذي جعلها أمام نوع من الطلبات المستحيلة، فالمؤسسة الآن قدمت رؤية جريئة جداً سيتم عرضها والتطرق إليها لاحقاً، سواء في تطبيقها أو في المناسبات تتعلق بالسجون، وليس من المناسب أن نفصح عنها في حالياً، لأنها لم تنضج بعد، و نحن بصدد استكمال خطواتها، كونها ستحل الكثير من الإشكالات والقضايا التي تتعلق بالسجون، كأنظمتها وآلياتها ، ونحن الآن في إطار النقاش المستمر مع الجهات المعنية لتفهم الفكرة والقبول بها والموافقة عليها، والعمل بها، واذا ما تم هذا العمل إن شاء الله سوف يُعلن عنها بالشكل والوقت المناسبين، وفي إطار الفعاليات القادمة للمؤسسة.. أيضاً من أهم المعوقات قلة الوعي المجتمعي، فالكثير يفتقد للوعي وخاصة الوعي القانوني، فإذا كان السجين نفسه لا يعرف حقوقه والسجان لا يعرف ماهي الواجبات التي عليه تجاه السجين، ولا يعرف حتى حقوقه كسجان أو كضابط في السجن، وهذه الحالة مؤلمة جداً وتحتاج إلى جهود مستمرة ومكثفة.. وفي هذا الجانب يجري العمل في المؤسسة لإيجاد حلول مناسبة ومتنوعة، حيث قمنا بإعداد منظومة قانونية توعوية، تهدف إلى رفع مستوى الوعي المجتمعي وتعريفه بأهمية السجون ودورها. وبالنسبة لوزارة الداخلية تقدم دوراً إيجابياً جداً في الفترة الأخيرة بهذا الخصوص، ففي الماضي كانت هناك نظم ولوائح وقوانين ومواد قانونية ولكن اغلبها لم تطبق، فإذا كانت لائحة السجون المتفرعة من نظام قانون السجون ينص في مادته الأولى بأنه لا يدخل السجن الا شخص محكوم بحكم نهائي بات ليقضي مدته المحكوم عليه بها، وهنا نجد أن هذه المادة لا تطبق كثيراً، حيث توجد نسبة كبيرة جداً من النزلاء في السجون والإصلاحيات المركزية ليسوا محكومين حكماً نهائياً والبعض منهم ما يزالون رهن المحاكمة ولم تعقد لهم جلسات، والبعض منهم قضاياهم غير معروفة، بينما في حالات كثيرة تجد سجناء محكومين بأحكام قضائية نهائية وهم في مراكز السجن الاحتياطي، فما ينبغي الآن هو القيام بفرز المساجين من جديد ونقل المحكوم منهم بأحكام نهائية إلى الإصلاحية المركزية ، ونقل من هم رهن المحاكمة والتحقيق إلى مراكز السجن الاحتياطي، حتى يتم حصر المساجين وفترات احكامهم، ليتسنى القيام بتقديم البرامج والتأهيل والمشاريع.. وفيما يخص المنظمات والمؤسسات المحلية نحن نتعاون معها، وهناك العديد منها يقدم دوراً إيجابياً، وأريد أن أشير إلى أن مؤسسة ميسرة تضع في أولويات تدخلها في السجون مبدأ التعاون والشراكة المحلية، لأن موضوع السجون حساس جداً، فمسألة السجون موضوع سلطات، واعتبر دور المنظمات الدولية دوراً ثانوياً ونحن في الفترة الحالية بالمؤسسة بصدد إيجاد رؤى استراتيجية من شأنها اذا ما تم الاتفاق عليها أن تقدم حلولاً جذرية نهائية لكل مشاكل السجون على مستوى الجمهورية، بل وستصدر وبإذن الله في يوم من الأيام كتجربة ناجحة، فالسجون كما قال أحدهم ذو شجون، وقضية السجون ليست في الاكتظاظ فقط، وهي ايضاً لا تنحصر في الاصلاح فقط، والمنشآت والمرافق، قضية السجون الكبرى والأساسية هي كيف نستطيع أن نحولها إلى مراكز انتاج وإصلاح وتأهيل وعمل.
> ماذا عن السجناء المعسرين؟
>> وبالنسبة للسجناء المعسرين، فقد تقدمت مؤسسة ميسرة برؤية لمجلس القضاء الأعلى وهي رؤية منطلقة من اسم المؤسسة ذاتها، ومن قول الحق سبحانه وتعالى في كتابه الكريم:«وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة»، لم يقل القرآن بأن يسجن المرء في مال، ولأننا خالفنا هذه الآية وتجاوزها المشرعون، كانت النتيجة هي اكتظاظ السجون بالمئات والآلاف من النزلاء، وقد طرحنا هذه الرؤية وهي اعتقد موجودة في النظم والقوانين، ولكن ما يحصل هو أن الغارم يسجن ويحكم عليه بحكم قضائي يستوجب سلب الحرية بالإضافة إلى لزوم سداد المبلغ المستحق عليه، وهذا يعني أننا نصنع المشكلة ثم نبحث لها عن حل..!!،وعلى كل يوجد في القانون وأنظمة القضاء حكم الإعسار والذي يحتاج إلى آلية حقيقية ومسوح ميدانية تثبت إعسار الشخص ليفرج عنه بقوة القانون، وهذا لا يعني بالضرورة إهدار الحقوق الخاصة بذوي الحقوق، فهناك حقوق لشركات وحقوق لأفراد وحقوق لمؤسسات، ولابد أن تتخذ الحكومة أو السلطات المعنية الآليات التي تضمن تلك الحقوق، وفي ذات الوقت تضمن عدم إهدار حقوق السجين نفسه..
فالحاصل الآن أن السجين يسجن على عشرين مليوناً مثلاً، ويحكم عليه بسداد المبلغ المستحق عليه، وفترة زمنية قد تصل إلى خمس سنوات أو أكثر، فيقضي السجين عشر سنوات في السجن، ولا يزال مطالباً بتسليم عشرين مليوناً..!!!، فكيف يكون ذلك، كيف يتم سجنه لسنوات، ويتم مطالبته أيضاً بالمبلغ كاملاً برغم سجنه تلك المدة، فالمؤسسة قدمت رؤية أو حلاً مبدئياً لهذه المشكلة، وهي بأن تثمن مدة السنوات التي يقضيها السجين في السجن بحيث تحتسب قيمة السنة بمقابلها من المبلغ المحسوب على السجين بحسب آلية وفريق يدرس الموضوع من جميع الجوانب، وبحيث تتكفل الدولة بتوفيرها وتدفع المبالغ لأصحابها، على أن ينفذ السجين مدة محكوميته مقابلها، هذا في ظل عدم وجود أعمال أو برامج أو مشاريع تضمن العمل، وطرحنا ايضاً رؤية موازية بإنشاء ورش ومصانع ومعامل داخل الإصلاحيات تستوعب السجناء فيها ليقدموا فيها دوراً مهنياً، يستلمون مقابله مبالغ مالية كأجور ومصاريف يكون منها جزء ولو يسير لأسرهم والباقي يتم تجميعه لهم لسداد ما عليهم، أما أن يسجن المواطن ولا يزال مطالباً بالمبلغ كله، فكيف يكون ذلك وبأي منطق يسجن لتسديد ما عليه من دين وليس لديه مصدر دخل يستطيع أن يسدد منه، وهل من المنطق أن السجين ينتظر سنين لكي يأتي فاعل خير ليسدد ما عليه ويخرجه، وهذا ما هو حاصل في معظم الاحيان، وبعض فاعلي الخير عندما يحضر ويعرف قصة السجين يقول: هذا سارق، هذا كان كذا، هذا قتل، ويتناسى الجانب الإنساني وهذا لا يعمم على جميع فاعلي الخير، بل البعض منهم.
> ماذا عن دور هيئة الزكاة في هذا الجانب؟
>> بالنسبة لهيئة الزكاة فقد قامت بدور ملحوظ في الفترة الأخيرة، تشكر عليه، ونحثها على المزيد من التعاون لإيجاد حلول جذرية لمسألة الغارمين، كونهم أحد مصارف الزكاة المفروضة شرعاً. فالقضية أننا بحاجة إلى حلول جذرية بعيداً عن أنصاف الحلول التي لا تحل مشكلة.
فالمعسرون في نظر مؤسسة ميسرة ليسوا قضية، هم مشكلة مصطنعة نبحث لها عن حلول، لأنهم ببساطة ربما يخرجون بحكم من المحكمة، لأنهم معسرون ليس عليهم شيء، فليس هنالك طريق مسدود، الله طرح الحل، «وإن كان ذو عسر فنظرة إلى ميسرة» وهنا نتساءل من أين سيدفع السجين إذا كان وهو خارج السجن لا يستطيع أن يدفع ما عليه، فكيف به وهو في السجن؟!
> حيال ذلك.. ماهي وجهة نظر المؤسسة؟
>> المؤسسة لم تتدخل إلى الآن بقضايا المعسرين بشكل مباشر، ولكنها بصدد التعاون مع هيئة الزكاة ومصلحة السجون والنيابة العامة في إيجاد آلية منظمة تضمن سلاسة التعامل مع هذه القضايا، حتى إيجاد الحلول الجذرية، ومعالجة الوضع القائم كحالة مؤقتة، وأود أن أوضح حاجة معينة، إن قضية المعسرين ليست في دفع المبالغ المالية المستحقة عليهم فقط، فهناك معسرون كثر دفعت عنهم تلك المبالغ المستوجبة عليهم، لكن الأطراف التي لها تلك الحقوق رفضت استلام تلك المبالغ، وبعض الأطراف مثلاً لم تحضر لاستلام المبالغ المستحقة لها، وبعض الأطراف الأخرى قد يكونوا قاصرين مثل أبناء المقتول وأولياء الدم مثلاً أو نحوه، فهناك إشكالات فعلاً لا تقتصر على دفع المبلغ فقط، هناك إشكالات مجتمعية، فأحياناً يكون هناك تسامح في القتل، ويحول حكم الإعدام إلى دية، ويأتي بعض أولياء الدم يرفض هذه الدية، فيصبح السجين في خطر في حال أُفرج عنه، فتستمر هذه المعاناة، ولذلك نقول يجب أن تكون هناك حلول جذرية، لأن تلك القضايا لن تنتهي بدفع تلك المبالغ حتى وإن بلغت تلك المبالغ مليارات.
> ماهي علاقة المؤسسة بالإعلام للترويج لمشاريعها؟
>> بالنسبة للمؤسسة منذ نشأتها في الربع الثالث من عام ٢٠١٨م ، فقد حرصت على توضيح طريقها قبل ان تبدأ فيه، لأن التخبط والعشوائية في العمل لا يجدي، ولذلك لم تظهر للنور إلاَّ بعد أشهر من إنشائها، والنشاط الإعلامي للمؤسسات أو حتى للأفراد هو سلاح ذو حدين، فقد يصبح العمل الإعلامي رياء اذا خرج الانسان من طور العمل الإنساني ونصرة المستضعفين، والحاجة للإعلام تنطلق من منطلق الاتفاقيات والشروط المرجعية مع الشركاء أو المانحين، كذلك التقارير الإعلامية أيضاً تقوم بدور مهم للترويج والحث على الاستمرار في الدعم والتعاون وحشد الرأي العام في مجالات معينة أو للتعاون على قضية محددة، كذلك التوثيق، فالتوثيق مهم لما يخص التقارير والانجاز للمشاريع، وانما بعض الاحيان نجد الزخم الإعلامي اكبر من المشروع نفسه، وهذه هي المشكلة، لأن هناك شعرة بسيطة بين الإعلام والرياء.
> هل هناك احصائيات لمشاريع المؤسسة؟!
>> لا نستطيع أن نقول أن هناك إحصائيات للمشاريع كون المؤسسة في عمر التأسيس والذي لم يتجاوز العام، ولكن بالرغم من ذلك فقد قدمت المؤسسة عدداً من المشاريع يزيد عن الثلاثة عشر مشروعاً ما بين صغير ومتوسط، وذلك لأن المؤسسة تقدم مشاريعها بالتعاون والتنسيق مع الشركاء المحليين، بمعنى أن المؤسسة لم تدخل مجال الدعم الخارجي أو التمويل الدولي لتنفيذ مشاريع كبيرة، إضافة إلى أن المؤسسة تقدم رؤى لأفكار قادمة لمشاريع قادمة عملاقة، إن شاء الله مع الوقت ستظهر للنور، ويكون لها نتائج إيجابية وفاعلة في حل أوضاع السجون والسجناء.
> ما مدى التعاون بين المؤسسة والجهات الأخرى؟!
>> التعاون إيجابي وفاعل مع الجهات الرسمية، وهناك اتفاقيات والتزامات، والتنسيق قائم ومستمر، كذلك الأمر فيما يخص المؤسسات والمنظمات المحلية المعنية بمجال السجون والحقوق والحريات، فالتعاون قائم ونبحث مع بعض المؤسسات موضوع توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم وشراكة، أما بالنسبة للمنظمات الدولية والإقليمية فيجري العمل على إيجاد قنوات للتواصل والشراكة معها فيما يخص جانب الحماية والتدخل الإنساني في السجون، وبما يتوافق ويتواءم مع الاحتياج الفعلي القائم، وتوجيه التعاون والتدخل في السجون.
> كلمة أخيرة تودون قولها؟
>> في ختام الحوار أود القول أن كل انسان مكلف بعمل معين، معني بالقيام بمهامه وواجباته على أكمل وجه، وهذا يعني العمل باللوائح والنظم الموجودة، والالتزام بالضوابط والقوانين والواجبات، من منطلقات كثيرة أهمها مراقبة الله سبحانه وتعالى فيما استعملنا فيه، وثانيها استشعار المسؤولية الملقاة على عواتقنا في النهضة بهذا الوطن، الذي لم يستطع النهوض من واقعه المؤلم، ولن يستطيع إلا بجهود حقيقية ومثابرة وإخلاص.
 

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا