أخبار وتقارير

رسول الرحمة .. ووحدة الامة..

رسول الرحمة .. ووحدة الامة..

د/ أمين الجبر  #/

 النبي الأعظم .. (الرحمة ، المحبة ، السلام) ثلاثية قيمية - قرآنية  شكلت شخصيته،  وصاغته عناية الله بل وعصمته من  أي خطيئة او نقيصة ليكون من ثم التجسيد المثالي للإنسانية والصياغة الأرقى  لمنتهى القيم والكمال الإنساني  (وإنك لعلى خلق عظيم).

ولقد شكل مولده صلى الله عليه وسلم، وفي آن معاً ، (فاتحة وخاتمة) (مبتدأ ومنتهى) (تواصلا وقطيعة) (فرقانا وديمومة).
 فاتحة لرحمة الرحمن الرحيم إلى العالمين أجمع  (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين). وخاتمة لرسالات الواحد الأحد  إلى الإنسانية كافة (اليوم أكملت لكم دينكم ورضيت لكم الإسلام دينا).
ومبتدأ لنهج رباني يسري على الأرض بمقتضى الأحكام الربانية والعناية الإلهية (ومن يبتغي غير الإسلام دينا فلن يقبل منه)، ومنتهى كل القيم والأخلاق القرآنية  (وإنك لعلى خلق عظيم).
وتواصل السماء بالأرض عن طريق الوحي ومن خلال الملائكة (وما أنا إلا بشر مثلكم إنما يوحى الي)، وقطيعة بين جاهلية عقدية ونورانية توحيدية (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون).
وفرقانا بين الحق والباطل (قل جاء الحق وزهق الباطل) وديمومة لكرامة وعزة الإنسانية(ولقد كرمنا بني آدم) ليس إلا..
انطلق صلوات ربي وسلامه عليه في دعوته من أمر الهي (واصدع بما تؤمر).. يحمل كل معاني السمو والفضيلة .. وقدم الدعوة الإسلامية كمشروع الهي عالمي (رحمة للعالمين)..تجاوز حدود الزمان والعشيرة..  ليجسد وحدة الأمة على أساس ايماني/ عقدي ليس للروابط العصبوية/ القرابية أي معنى ، وليس للنوازع القومية أي وزن..
ومن خلال إستعراض بعض من ملامح سيرة خاتم الأنبياء والرسل محمد صلى الله عليه وسلم كما هي سوف نتعرف ونفهم كيف جسد الأخلاق القرآنية ؟، وكيف كان مثالا حيا لكل معاني القيم الربانية؟. كيف مثلت  دعوته جوهر الأممية العالمية؟. وكيف كان حربا على الطغاة والظلمة سلما مع البسطاء والمساكين ؟.
لقد مثلت سيرته الذاتية منهجا متكاملا يوازي القيم والأحكام القرآنية ذاتها إن لم يكن  مفسرا ومفصلا للقرآن ولبعض عمومياته وأحكامه ولذلك تتحدد الحكمة الإلهية من عصمته وطهوريته صلى الله عليه وسلم (وما ينطق عن الهوى إنه هو إلا وحي يوحى). ومن هنا صارت كل أفعاله وأقواله  جزءا أصيلا من الشرع الإسلامي - القرآني، إن لم تكن مكملا ومفصلا له . لذا  وجب على كل مسلم ومسلمة اتباعه والعمل بمقتضى سنته. ولا يجوز مخالفته أو التشكيك في سنته طبعا الصحيحة التي لا تتقاطع أو تتعارض مع نصوص وأحكام القرآن الكريم (ومن يطع الرسول فقد اطاع الله).
فعلى سبيل المثال لا الحصر  تطالعنا كل كتب السيرة النبوية أنه صلوات ربي وسلامه عليه كان لينا رحيما مع البسطاء والمساكين ، شديدا قويا مع الطغاة والظالمين حتى ولو كانوا من أقرب المقربين إليه، اسريا واجتماعياً (محمد رسول الله والذين  آمنوا معه اشداء على الكفار  رحماء بينهم) ليؤكد بذلك أن وحدة العقيدة أهم من قرابة الدم، وأن الأخوة الإيمانية الأممية مقدمة على الرابطة القومية العشائرية ( إنما المؤمنون إخوة ).
 جاء ليخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ويحرر الإنسان من كل عبودية لغير الله، ليؤسس بذلك مداميك دولة المواطنة  المتساوية ويؤبد قيم الحرية والعدالة الاجتماعية،  كما نبذ بسلوكياته واخلاقه كل شكل من  أشكال العصبويات  على الإطلاق (ليس منا من دعا  إلى عصبية) وتجاوز بدعوته وافقه كل القوميات والاثنيات لأنه رحمة للعالمين وحسب ليس لأمة خاصة أو قومية معينة إنما للبشرية أجمع .كما أن رسالته ليست لفترة تاريخية محددة أو زمن معين بحيث ينطبق عليها الشرط التاريخي في الانتهاء  او قانون الصلاحية  مثل أي دعوة إصلاح إجتماعي أو نظرية فلسفية  شهدها التاريخ البشري .إنما هي رسالة إلهية خالدة إلى يوم الدين  ونهج رباني من لدن حكيم خبير صالح لكل زمان ومكان (إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا). على الرغم من أن بعض  الطروحات  والكتابات قدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم ودين الإسلام بطريقة مغلوطة بحيث أطرته بأطر قومية  وعرقية وقزمت بطريقة أو بأخرى دوره وحجمت رسالته التي جعلها الله الرسالة العالمية  الخاتمة وهو الرسول العالمي الخاتم وقد أمره الله بالصدع بهذا عالميا في قوله تعالى (قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا....الخ) .
تعامل، صلوات ربي وسلامه عليه،  مع الآخر الديني  بنوع من السلام والتعايش ، الا فيما يوجب الحرب لأمور يطول شرحها وليس مجال ذكرها هنا، ترجم ذلك عمليا مجتمع المدينة بتجانسه وتناغمه برغم تعدده وتنوعه، وخير دليل عليه دستور (صحيفة المدينة) اول دستور بشري عرف معنى المواطنة, حيث ساوى بين سكان المدينة على أساس ( له حقوق وعليه واجبات ) على إختلاف معتقداتهم وتنوع اثنياتهم،  لذا يجب التنبيه على بطلان تلك الأديان بالطريقة التي اتخذها رسول الله بالحسنى واللين ,فقد بين الرسول لهم بطلان معتقداتهم ,ثم خيرهم بين الإسلام وغيره, فلهم دينهم ولنا ديننا, أما عدم التوضيح فلا يصح لأن هذا من كتمان العلم, ولا يصح التبليغ بالعنف والقتل; لأن ذلك ليس من ديننا ولا من شرعنا, ومن فعله مدعيا أنه من الإسلام فهو مخطئ لأن أضراره أكثر من منافعه, والإسلام دين حياة ورحمة وسلام. ,لا دين قتل وتنكيل. "لا إكراه في الدين".
وهذا لا يعني بأي حال من الأحوال مهادنة الظلم والطغيان أو منافقته بدعوى المصلحة  أو ما شابه . كما نسمع راهنا من  دعوات الإذعان والانبطاح التي تبديها بعض حكومات الجوار العربي بحجج ومبررات واهية لم يأت بها الدين الإسلامي .
واذا كانت الدعوة الإسلامية حية فينا، والرسالة هي الرسالة ذاتها التي حملها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن من ندعي حملها وننتسب اليها بكل إيمان وعزة،  والطغيان هو الطغيان بوصفه كيان لا يتجزأ  زمانا ومكانا بالتالي صار لزاما وواجبا دينيا مجاهدة الظلم والطغيان أيا كان مصدره ونوعه، بما نستطيعه (واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ..الخ )، وليس ثمة عناء أو إجهاد البتة في معرفة وتحديد الظلم والطغيان  ومنهم فراعنة الجور وطغاة اليوم حتى وإن تلقبوا زورا بكنى واوصاف اسلامية  أو وصفوا جهلا بأمراء المؤمنين  وخدام الحرمين الشريفين .
فمثلما جاهد الرسول صلى الله عليه وسلم بشتى الوسائل ومختلف السبل طغاة زمانه وصنمية مكانه. علينا شرعا والتزاما دينيا أن نتبع نهجه ونتمسك برسالته، النهج الرباني والرسالة الحق الخاتمة وذلك عن طريق تفعيلها في واقعنا المعاش وتجسيدها في حياتنا العامة ممارسة وثقافة .
 فبدون ذلك لم نعد سوى ممارسين شعائريين وطقوسيين تقليديين وسوف نقدم الإسلام، وبلا وعي منا، مجرد تهويمات لفراغ إيديولوجي ومثيولوجيا لجدل ميتافيزيقي ليس غير.

# عميد كلية الآداب – جامعة ذمار

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا