الأخبار

تجليات الموقف الوطني ومواجهة التحديات والتهديدات

 على هامش أحداث عظيمة الجزء الأول التحليل من كتاب الحرب النفسية وسائلها واساليبها الملتوية لمؤلفه العميد الدكتور حسن حسين الرصابي

تجليات الموقف الوطني ومواجهة التحديات والتهديدات

سنوات تسع مرت على فوضى الحدث الأكبر والفوضى المدمرة .. الفوضى الخلاقة وحسابات الترتيب لمواقف مواتية الرؤى قوى النفوذ الدولية وقوى الصهيونية العالمية التي اختارت منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية لتجري تجربة التطويع والتطبيع والتهشيم والضم والالحاق وفرض الإرادات.. .

سنوات تسع من الحرب العدوانية العبثية وفوضى الزمان والمكان التي حملتها الأهداف المريبة ..

اهداف قوى النفوذ الدولية وقوى الهيمنة العالمية لمنطقتنا العربية ..

فكانت العراق ثم تتالت لتضرب سوريا وتواصلت لتحط رحالها في اليمن لأسباب عديدة أولى وأهم هذه الاسباب المكانة الجغرافية والموقف الجيوسياسي  لليمن ..

وعملت الهجمة الصهيونية ما عملته في العراق ثم سوريا .. ثم اليمن .. وكالبت الفوضى المدمرة وعبثت بالنسيج الاجتماعي ولم تدخر جهداً إلا وألقت بأثقالها على هذه المنطقة لغرض واقع حال ولغرض رؤيتها الشوهاء على اهم منطقة جغرافية مطلة على البحر الأحمر وخليج عدن ومطلة على البحر العربي والمحيط الهندي ..

حتى قيل إن اليمن أصابتها لعنة الجغرافية, لان القوى الدولية العدوانية التي اتبعت كل اساليب القتل والدمار والفوضى في هذا البلد.. ومخطئ من يظن ان هذه الحرب العدوانية والفوضى التدميرية كانت وليدة لحظتها.. وإنما كانت القوى الدولية النافذة والمتسلطة والمهيمنة قد مهدت لها مسبقاً وقد هيأت لها كل الظروف المواتية وقد صاغت لها معطياتها من وقت مبكر, وللأسف وجدت هذه الفوضى لها مريدين وأتباعاً واشياعاً ورموزاً وسدنة .. بدءاً من الاعلاميين والصحفيين والكتاب وصولاً إلى الرموز السياسية والوجاهات القبلية والاجتماعية التي ظلت تنخر في أساس البلد وفي قناعاته وفي طبيعة علاقاته المتعددة .. ويكفي فقط الإشارة إلى أن منظمات المجتمع المدني أو ما اصطلح على تسميته بذلك كانت وصل اعدادها إلى الآلاف ..

ومعظمها ان لم تكن كلها كانت أوعية مالية تتلقى الدعم والمساندة من منظمات دولية مشبوهة وكانت تقوم بأكبر عملية غسيل دماغ وغسيل مواقف وتسويق الأفكار والقناعات والاساليب التي تنمي من الارتباط والارتهان بالقرار الدولي الصهيوني النافذ وتصيب الهوية الوطنية بالتأكل المتعدد والبطيء تهيئة للحظة الفوضى المدمرة التي كان يعدلها وتهيأ لها الظروف لحدوث تبعاتها .. وكان المواطن يراقب عن بعد ويرى ذلك المنهج التخريبي يباشر أعماله الشيطانية في اوساط المجتمع اليمني (مدناً واريافاً ) إلى الحد الذي جعل سفراء الدول العشر يصولون ويجولون في الاوساط الاجتماعية والشعبية ويتدخلون في كل صغيرة وكبيرة في مجتمعنا.. ولم يكن ذلك المنهج التخريبي خافياً عن السلطات وعن رموز السلطات في اليمن لكن تماهت المواقف وتداخلت مع بعضها حتى ان البعض كان يرى ان ذلك امر طبيعي ونشاط مقبول .. في ذات الوقت اتجهت القوى السياسية لترتبط بالسفراء وتحديداً بالسفير الأمريكي والسفير البريطاني والسفير السعودي والسفير الاماراتي .. ثم بقية السفراء ولم تقف عند حدود الاجتماعات واللقاءات ,بل امتدت للنقاشات المعمقة والى اقتباس الآراء والاخذ بها .. بل الى الاخذ بمقترحات السفراء وباتجاهات آرائهم .. وقد وصلت مرحلة السيولة تلك الى الحد الذي تجاوز كل منطق وكل عقل .. واصبح قادة الأحزاب يسيرون في مرحلة الارتهان الكامل والانبطاح أمام املاءات السفراء ..  الذين لم يكن يترددون في التدخلات السافرة في المفاهيم الوطنية لليمن ولترتيبات المواقف الاجتماعية .. ووصل الأمر بهم وبتدخلاتهم بان قامت السفارة الأمريكية والبريطانية بتجميع كميات كبيرة من الصواريخ وتدميرها وتصوير ذلك العمل بأنه يخدم السلام  , ولكن ثبت فيما بعد انه خدم اهدافها العدوانية ضد اليمن وضد شعبها وضد تاريخها .. ونعود لنؤكد انه في الاجمال انه جرى التمهيد والتهيئة لمرحلة الحرب العدوانية بإجراءات وتدابير وانماط تدخلات سافرة في الشؤون الداخلية لليمن حتى قيل ان بعض التدخلات وصلت الى حد التدخل في قرارات التعيين للقيادات العسكرية والامنية في المؤسستين الدفاعية والامنية في اليمن .. ولا يستبعد مثل ذلك التماهي الشيطاني والرضوخ للتدخلات الخارجية في القرار اليمني وفي المواقف اليمنية العديدة الذي اصبح سمة بارزة في العلاقات التي لا تخلو من الشبهة والارتهان ..  وما ان اختيرت لها لحظة الاعلان ومكان الاعلان  لهذه الحرب العدوانية العبثية والتدميرية حتى انطلقت من واشنطن ولهذا دلالة الموقع والمكان .. حينها بدأت خطوات الترتيب الاستراتيجي لأوضاع المنطقة , وكان في حساباتهم ان الأمر لن يحتاج الى أكثر من وقت محدود وخطوات مرسومة للوصول الى الأهداف الأولى .. فاتبعت ذات الأساليب التي اتبعت في ضرب العراق في " عاصفة الصحراء " من ضربة جوية شاملة وقاتلة .. واختير لها مسمى " عاصفة الحزم " , فكيف استقبلها اليمنيون وكيف تعامل معها .. ففي العراق تهاوت سريعاً المواقف وضاعت البوصلة وانهارت القوى الوطنية والقوى السياسية والجيش العراقي .. وحدث الاحتلال واعادة ترتيب الاوضاع في العراق ..

ولكن ما حدث في اليمن .. يمكن وصفه بالصدمة التي لم تستمر طويلاً إذ ان اليمنيين استطاعوا ان يستوعبوا اللحظة وان يقرأوا جيداً الابعاد الظاهرة والأبعاد الخفية لتلك الهجمة العدوانية وان يحولوا نقاط الضعف إلى نقاط قوة واستفاد الشعب بصورة فعالة من الجغرافية اليمنية بتضاريسها المتوحشة الصعبة وبتعددها , وبالسمات الرجولية وصلابة المواطن فاتجهت الى تنظيم المقدرات في إحداث اختراقات عديدة وخطيرة للخاصرة الجنوبية للعدوان السعودي .. وترسخت الوحدة الوطنية الداخلية في مواجهة العدوان ومرتزقته  .. وطوال السنوات التسع تحولت نقاط الضعف الى نقاط قوة , وجرى تنظيم الاستفادة القصوى من المقدرات العسكرية المتوفرة وصيغت معادلة المواجهة , ولم يفق العدوان إلا وخاصرته تنزف وماء وجهه يضيع ..

وفي فترات معينة جرى تطوير المنظومة الصاروخية والطيران المسير ليدخل كرادع استراتيجي ضد العدوان .. ليدخل الصراع المسلح والحرب والعدوان مرحلة جديدة .. مرحلة اتجهت مظاهر الاستعلاء والاستكبار والتسيد الجوي إلى مظاهر مهزوزة .

المنظومة الصاروخية والطيران المسير .. المعادلة الضاربة

شعر العدوان وقيادته وراسموا سير معاركه ومواجهاته ان مرحلة جديدة دخلت في مفهوم القتال وفي ادارته وفي إحداث متغيرات مهمة في تفاصيله , اذ لم يعد اليمنيون في موضع ضعف وان تطوير المنظومة الصاروخية سوف تضع حداً للتفوق العدواني في مجال الطيران .. إذ كانت الطائرات العدوانية تصول وتجول وتفرض حسابات عسكرية وقتالية لكن, ثبت ان اليمنيين قادرون على احداث الوجع والالم للعدوان وعواصمه وإمكاناته الاقتصادية , وهذا ثبت عندما ضرب الطيران اليمني المسير أرامكو .. وعندما ظلت اسراب الصواريخ البالستية تصل بكل اطمئنان إلى الرياض وإلى جدة وإلى مدن المملكة وإلى أبوظبي ..

والمثير للسخرية ان ادوات العدوان الاعلامية ظلت تكرر بصورة هزلية كلمات مثل: وصل " مقذوف حوثي " في تعمد للسخرية من ضربات البالستيات اليمنية التي احدثت فارقاً عسكرياً واضحاً وفي مفاهيم القتال وفي قواعد الاشتباك الذي أجبر قيادات العدوان على قبول العدوان لمفاهيم التوجه نحو " السلام " كمفهوم واتجاه وان كان هذا المفهوم يحتاج الى تداول وإلى تنازلات مهمة تقدمها عواصم العدوان والنزول من برجها العاجي واستعلائها ..

وهذا ما سوف نناقشه في الجزء الثاني من هذا التحليل وهذه القراءة التي وصلت إلى نتائج مهمة .

تقييمات
(3)

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا