الأخبار

قراءة من كتاب الحرب النفسية وسائلها وأساليبها الملتوية للعميد الرصابي

عندما تتيح لك الفرصة المباركة تستمع الى المحاضرات القيمة للسيد عبد الملك بن بدرالدين الحوثي حفظه الله فانك تكسب رؤية شفافة لأن حديثه يصدر من القلب الى القلب ولأنه يكشف لسامعيه حقائق ما يجري في واقعنا.

قراءة من كتاب الحرب النفسية وسائلها وأساليبها الملتوية للعميد الرصابي

ولذا فان هذه المحاضرات تضيف لمفاهيمك اشياء عظيمة وقضايا مهمة يجب أن نكون مطلعين عليها ..ولذا فان الشائعات وهي سلاح فتاك تستهدف اول ما تستهدف قناعات الناس سعياً الى تدميرهم وانهاك قواهم .. لذلك أيها المجاهدون الصامدون المرابطون المؤمنون الأبطال الكرام .. إذا كانت الحروب تستهدف بأسلحتها الفتاكة الإنسان من حيث جسده وبناؤه، فإن هناك حرباً مستترة تتكاثر في زمن الحروب والأزمات, والمتغيّرات، وهي حرب الشائعات؛ التي هي أشدّ ضراوة وأقوى فتكا، لأنها تستهدف عقل الإنسان وقيمُه ومبادئه.

إن المستقرئ للتأريخ الإنساني يجد أن الشائعات وُجدت منذ أن وُجد الإنسان، وظلت الشائعات منذ فجر التأريخ تمثّل مصدر قلقٍ في البناء الاجتماعي، والانتماء الحضاري لكل الشعوب والمجتمعات..

ولما جاء الإسلام اتخذ الموقف الحازم من الشائعات وأصحابها لِما لنشرها وبثها بين أفراد المجتمع من آثار سلبية، على تماسك المجتمع المسلم، وتلاحم أبنائه، بل لقد عدّ الإسلام ذلك سلوكا رذيلا، منافيا للأخلاق النبيلة، والسجايا الكريمة، والمُثل العليا، التي جاءت بها وحثت عليها شريعتنا الإسلامية الغراء من الاجتماع والمحبة والمودّة والإخاء، والتعاون والتراحم والتعاطف والصفاء.

وقد حـث الإسلام على التثبت والتبيّن في نقل الأخبـار، يقـول سبحانـه: (يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ إِن جَاءكُمْ فَاسِقُ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُواْ أَن تُصِيببُواْ قَوْمَا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُواْ عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَـٰدِمِين .        ، قرأ حمـزة والكسـائي: (فتثبَّتوا).وأخبر سبحانه وتعالى أن الإنسان مسئول أمام الله عز وجل ومحاسب عن كل صغيرة وكبيرة يتكلم بها: (مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) ، (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ ٱلسَّمْعَ وَٱلْبَصَرَ وَٱلْفُؤَادَ كُلُّ أُولـٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً).

كما نهى الإسلام أتباعه أن يطلقوا الكلام على ظاهره، ويُلغوا عقولهم وتفكيرَهم عند سماع أي خبر، أو ينساقون وراء كل ما يسمعون، ويُصدّقون قول كل دَعيٍّ حاقد، أخرج الإمام مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وعلى واله وسلم  قال: ((كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع)).

وسدًّا للباب أمام الوشاة المغرضين، ومنعاً لرواج الشائعة، والأخبار الملفقة المكذوبة، يقول صلى الله عليه واله      ((ألا أخبركم بشراركم؟!)) قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ((المشاؤون بالنميمة، المفسدون بين الأحبة، الباغون للبُرآء العنت)).

ومروّج الشائعات لئيم الطبع، مريض النفس، منحرف التفكير، ساعٍ في الأرض بالفساد، يجرّ الفتن للبلاد والعباد، ينفث سمومه كالحية الرقطاء، ذي لسان شرير، وقلم أجير، في سوء نية، وخبث طوية محِرف مزيف حقود حسود

والسيرة العطرة لرسول الهدى صلى الله عليه واله وسلم أنموذج يحمل في طيّاته نماذج لبعض الإشاعات، فقد رُميت دعوته صلى الله عليه واله بالشائعات منذ بزوغها، فرُمي بالسحر والجنون والكذب والكهانة، ولعل من أشهرها قصة الإفك المبين، تلك الحادثة التي كشفت عن شناعة الإشاعات، وهي تتناول بيت النبوة الطاهر، ولولا عناية الله لعصفت بالأخضر واليابس، حتى تدخّل الوحي ليضع حداً لتلك المأساة الفظيعة، (لَّوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ ٱلْمُؤْمِنُونَ وَٱلْمُؤْمِنَـٰتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُواْ هَـٰذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ) ، إلى قوله سبحانه: (وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَـٰذَا سُبْحَـٰنَكَ هَـٰذَا بُهْتَـٰنٌ عَظِيمٌ * يَعِظُكُمُ ٱللَّهُ أَن تَعُودُواْ لِمِثْلِهِ أَبَداً إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ).

لهذا يمثّل عصرنا الحاضر عصرا ذهبياً لرواج الشائعات المغرضة وانتشارها، بسبب تطوّر الأجهزة ، وكثرة وسائل الاتصالات، وشبكات التواصل الاجتماعي  فآلاف الوسائل الإعلامية، والقنوات الفضائية، والشبكات المعلوماتية ,   ومنصات التواصل الاجتماعية هي من تتولّى نشر الشائعات المغرضة، والحملات الإعلامية المحمومة، في صورة من أبشع صور الإرهاب النفسي والتحطيم المعنوي، الذي له دوافعه المشينة، وأغراضه المشبوهة، ضد عقيدة الأمة ومُثلها، وثوابتها وقيمها.

وكم كانت للشائعات آثارها السلبية على الرأي العام، وصُنّاع القرار في العالم، وكم كانت سببا في أن يصرف الأعداء جبهة الأمة الداخلية عن مشكلاتها الحقيقية لإغراقها في مشكلات مفتعلة، علاوة على تمزيق وحدة المجتمعات، والعمل على تفتيت الجبهة الداخلية. فنسال الله أن يصلح أحوال الذين في قلوبهم مرض ومن سار على نهجهم من العملاء والمرتزقة بمنه وكرمه لذلك ندعو لا نفسنا ولأهلنا واحبائنا كما ندعوا اولئك المخدوعين الى تقوى الله ووحدة الصف ونبذ الشقاق .. والعمل على التآزر والتوافق والعودة الى جادة الصواب والحق فحال البلاد والعباد في اليمن الميمون تستدعي أن نكف ألسنتنا عن ترديد الشائعات المغرضة والأنباء الكاذبة ونعرف نحن المتلقيين إن من أولى الخُطوات في مواجهة حرب الشائعات تربية النفوس على الخوف من الله، والتثبت في الأمور، فالمسلم لا ينبغي أن يكون أذنا لكل ناعق، بل عليه التحقق التأكد, والتبين، وطلب البراهين الواقعية، والأدلّة الموضوعية، والشواهد العملية، وبذلك يُسدّ الطريق أمام الأدعياء، الذين يعملون خلف الستور، ويلوكون بألسنتهم كل قول وزور، ضد شعبهم الوفي الغيور الذي يواجه حرب ظالمة وتحالف شيطاني قذراً وإعلاماً صهيونياً ماكراً.. أيها اليمانيون الصادقون أنها حرب تشن ضدنا لنيل منا ومن أرضنا وتمزيق وحدة وطننا وسلب كرامتنا وعليكم ان تدركوا ان الحرب بالسلاح في ميادين المعارك فحسب..  بل الدعايات والإشاعات حرب تستهدف النفس والمعنويات وكذلك الإعلام حرب والاقتصاد والحصار كلها حرب  لذلك يجب أن نعلم أن الحرب شمولية ومن يروج الشائعات يعتبر مرتكب جريمة ضد أمن المجتمع، و من يقوم بها أو يرضى بها أو يسهل  انتشارها أثم قلبه, ويقع عليه الجرم في حق دينه وشعبه ومجتمعه وأمته، لأنه يعتبر  مثيرٌ للاضطراب والفوضى في الأمة، وقد يكون أكثر شراً من مروّج المخدرات، فكلاهما يستهدف الاضرار بالإنسان، لكن الاستهداف المعنوي أخطر وأعتى وأشد.

وإننا لنأسف أشد الأسف ممن يسمع الإشاعات المغرضة ويقبلها وكأنها حقائق مُسلّمة، فيُلطّخ سمعه من الإشاعات الباطلة، وما درى مَن هم هؤلاء الجبناء الذين يختلقون الإشاعات من خفافيش الظلام، إنهم أدوات في أيدي الأعداء, عملاء مأجورون ضد أمن الوطن والمجتمع .

ومن هنا تدركون خطورة هذه الحرب ضد وطننا وأمنه واستقراره مما يتطلب التصدي لها، ومكافحتها، والتخطيط لاستئصال جرثومتها.

وعلى أبناء قواتنا المسلحة وجيشنا ولجاننا البوا سل أن لا يكونوا ميداناً خصباً لتواجد الشائعات، وانتشارها بينهم، وأن يحرصوا على التثبت والتبيّن من الأخبار التي يسمعونها، وان يخضعوا كل خبر للفحص والتأكد ومعرفة مقاصده  وان يستمعوا إلى الأخبار من المصادر الرسمية فقط حفاظا على الروح المعنوية، وبُعداً عن الخور والضعف والانهزامية.. فكما صمدنا في ميدان المواجهة لثمان سنوات وكسرنا شوكة الأعداء وأفشلنا مخططاتهم المتهورة فعادوا لاستخدام الحرب الناعمة حرب الدعايات المضللة والمدمرة بكل دناءة وحقارة .. ألا وإن من العدل والإنصاف استنكار تلك الإشاعات والأراجيف الباطلة، ضد جيشنا وشعبنا ووحدة جبهتنا الداخلية ، وإن الشائعات والأباطيل التي تبثها بعض المواقع الالكترونية والصحف ووسائل الإعلام غير المسئولة التي يمولها الاعداء لن تهزّ بإذن الله أي فرد منا ولن تكون سببا في التنازل عن شيء من عقيدتنا ووحدتنا, وصمودنا وثو ابتنا ومواقفنا، فلا مساومة على شيء من مُثُلنا وقيمنا ومبادئناو لا قبول للمرجفين في أوساطنا لانهم بلاء أشد من الاعداء أنفسهم .. ونتحصن بكتاب الله واحاديث رسوله الكريم صلوات الله عليه وعلى اله الطيبين الطاهرين..

ولن يضر البحر أمسى زاخرا * أن رمى فيه غلام بحجر

وعلينا أن نؤدي واجبنا تجاه وطننا وديننا على أكمل وجه ولنبقى صفاً واحداً أمام أعدائنا، ونبقى متلاحمين متكاتفين ولا نسمع قول الوشاة المغرضين والأجراء الخائنين الذين هدفهم تحطيم وحدتنا الوطنية ووحدتنا اليمنية وغايتهم تفريق صفوفنا والنيل من صمودنا ومقاصدهم السيئة تثبيط عزائمنا وغرضهم إحباط معنوياتنا حتى ينفذوا اجندتهم في وطننا اليمن .. ولنا أن نستفيد من التاريخ والماضي ففي عقد الستينيات من القرن الماضي رئينا كيف تكالب الأعداء على ثورتي سبتمبر واكتوبر وذلك الكم من الشائعات والدعايات والحروب النفسية والخشنة طوال ثمان سنوات فهل لنا أن نستفيد ونتعظ من التاريخ والتاريخ كما هو معروف ذاكرة الأمة، والذاكرة للأمة كالذاكرة للفرد تماما، بها تعي الأمة ماضيها، وتفسر

حاضرها، وتستشرف مستقبلها.

فالإنسان الذي يفقد ذاكرته، يرتد - على ضخامة جسمه - طفلا غر لا يعي شيئا مما حوله،

عاجزا أن يتبصر في نفسه، او يشعر بيومه، او يتطلع إلى غده، وكذلك الأمة حـين يضيع منها

تاريخها ويشوش في عقول أبنائها، عندئذ يضيع منها الطريق، وتسلم مقودها لمن يوجهها.

فالتاريخ ليس علم الماضي، بل هو علم الحاضر والمستقبل في واقع الأمر وحقيقته، فالأمة الـتي

تستطيع البقاء هي التي لها ضمير تاريخي تعي به ماضيها وتفسر حاضرها وتستشرف مستقبلها.

ويقولون إن التاريخ يوسع أفق الإنسان المدرك الواعي، ويطلعه على احوال الأمم، وتاريخ الرجال، وتقلبات الأيام بها

وبهم، فيرى الإنسان بعين بصيرته كيف تعمل سنة الله في المجتمعات بلا محاباة ولا جور؟ كيف

ترقى الأمم وتهبط؟ وكيف تقوم الدول وتسقط؟ وكيف تنتصر الدعوات وتنهزم؟ وكيف تحيا

الحضارات وتموت؟ وكيف ينجح القادة ويفشلون؟ وكيف تنام الشعوب وتصحو؟

إن التاريخ كثيرا ما يعين على فهم الواقع الماثل، ولا سيما إذا تماثلت الظروف وتشابهت

الدوافع، وهذا ما جعل العرب قديما يقولون: ما أشبه الليلة بالبارحة أو كما يقول غيرهم التاريخ يعيد نفسه. نتابع بإذن الله القراءة .

تقييمات
(2)

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا