الأخبار

محاضرة اليوم الرابع عشر من رمضان لقائد الثورة

محاضرة اليوم الرابع عشر من رمضان 1444هـ لقائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي.

محاضرة اليوم الرابع عشر من رمضان لقائد الثورة

 

أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ

 

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّدًا عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.

 

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.

 

الَّلهُمَّ اهْدِنَا، وَتَقَبَّل مِنَّا، إنَّكَ أنتَ السَّمِيعُ العَلِيم، وَتُبْ عَليَنَا، إنَّكَ أنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمْ.

 

أَيُّهَــــا الإِخْــــوَةُ وَالأَخَوَات: السَّــلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَــةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُــه؛؛؛

 

في سياق الحديث عن خطر الشيطان على الإنسان، وأساليبه وطرقه في التأثير على الإنسان، ومدى حقده على المجتمع البشري، وعدائه الشديد لآدم وذريته جيلًا بعد جيل، وما قدمه القرآن الكريم من تفاصيل بهذا الشأن، كنا تحدثنا على ضوء قول الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى": {وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ}، في الآية المباركة بعد قوله: {أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا (62) قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا (63) وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (64) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا}[ الإسراء : 62-65].

 

في الآية المباركة، عندما قال الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى": {وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ}، تحدثنا بالأمس كيف أن الشيطان يعتمد بشكلٍ أساسي، بعد أن يتمكن من الإغواء بمجاميع كثيرة من البشر، بالاستغلال لهم، وتوظيف كل قدراتهم وإمكاناتهم المادية والبشرية لخدمة أهدافه:

 

- أولًا في الإيقاع بهم هم، في ممارسة الأعمال السيئة، التي تسبب لهم الخزي، والعذاب، والشقاء، والتي تبعدهم وتحطهم عن كرامتهم الإنسانية، وتسبب لهم أن يكون مصيرهم- والعياذ بالله- إلى نار جهنم.

 

- ثم هو لا يحتاج إلى جهود ذاتية لعملية التمويل لمشروعه الشيطاني الواسع، لإفساد الناس، وإفساد حياتهم، وإغوائهم، والدفع بهم نحو الشقاء والهلاك، لا يحتاج إلى أي جهد في ذلك، ولا يحتاج إلى أن يخسر ولا ريالًا، ولا درهمًا، ولا دولارًا، ولا فلسًا، ولا بأي جهدٍ أو مبلغٍ مالي، ولا أن يقدم أي عناء في سبيل ذلك، فمعناه أنه: يدفع بالبشر ليكونوا هم من يمولون الأعمال السيئة، وينفذون تلك الأعمال السيئة، التي تحقق أهدافه، في إفسادهم، وفي إشقائهم، وفي المصير بهم نحو العذاب والعياذ بالله.

 

- ثم نحو أن يُفسِد واقع هذه الحياة بالنسبة لهم، أن ينتشر فيها الفساد، أن تنتشر فيها الجريمة، أن ينتشر فيها الظلم، أن تنتشر فيها السيئات، التي لها آثار سيئة على الناس أنفسهم، على واقعهم، على استقرارهم، على استقرار معيشتهم، ولها آثار سلبية في كل مجالات الحياة عليهم، ينتج عن ذلك مضار، ومفاسد صحية، وأمنية، واجتماعية، وغير ذلك.

 

فتكون النتائج السلبية بكلها على البشر أنفسهم، فهم من يتضرر، وهم من يخسر.

 

وللأسف الشديد، يمتد التأثير الواسع في واقع حياة الناس نتيجةً لذلك، نتيجةً لتلك الاستجابة، من جانب الكثير من البشر، والذين يتحول البعض منهم إلى شياطين، كما تحدثنا على ضوء الآية المباركة: {شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ}[الأنعام: من الآية112]، تتسع دائرة الشيطنة، والعمل الشيطاني، والنشاط الشيطاني، إلى الواقع البشري، وتمتد إلى البعض من الناس أنفسهم، الذين يتحولون إلى شياطين، فيتحركون لإفساد الناس ولإغوائهم، يَفسُدون هم في أنفسهم ويضلون، ثم يتحولون إلى القيام بهذا الدور في أوساط المجتمع، في أوساط الآخرين والعياذ بالله، فيشتد نشاطهم في هذا الاتجاه، ويحاولون أن ينشطوا في أوساط المجتمعات، وأن يستهدفوا الناس، على المستوى الشخصي، وعلى المستوى الجماعي، أنشطة عامة وجماعية، وأنشطة شخصية، قد يركزون عليك هنا، في حال بعض الأشخاص، يكفي لإغوائهم البعض من شياطين الإنس، ويقومون بالمهمة بشكلٍ تام، البعض يتعاون عليهم شياطين الإنس وشياطين الجن، شياطين الجن يغتنمون الفرصة في خلواتهم، في الحالات التي ينفردون فيها بأنفسهم، فيُكمِلون ما بدأه شياطين الإنس، وهكذا يتحرك شياطين الإنس أيضًا بالإغراءات والوسائل التي يحاولون من خلالها السعي لإفساد الآخرين، ويأتي شياطين الجن لإكمال الدور، بالإغراء، والتزيين، والوسوسة، وغير ذلك، فالحالة خطيرة جدًّا.

 

وفي بعض المراحل يزداد النشاط الشيطاني، وفقًا لهذا التعاون، ما بين شياطين الإنس وشياطين الجن، وفي مثل هذا الزمن كثرت الوسائل والإمكانات، التي تُروِّج للفساد، تروِّج للضلال، تروِّج للباطل، تستهدف النفس البشرية؛ للتأثير عليها بوسائل وتقنيات العصر بشكلٍ كبير، فيزداد الخطر، ويحتاج الإنسان إلى أن يدرك هذه المخاطر، وأن يسعى للتحصن منها.

 

- هناك ثغرات تساعد على أن يكون الإنسان قابلًا للتأثير الشيطاني، سواءً عبر شياطين الإنس، أو عبر شياطين الجن:

 

- من أولها ومن أخطرها: هو الغفلة عن ذكر الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، والنسيان لله:

 

الإنسان بحاجة إلى أن يستحضر في وجدانه، وفي باله، وفي تفكيره، وفي نفسه، أن يتذكر الله، وأن يستحضر ذكر الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، تَذكُر الله، تتذكر عظمته، ووعده ووعيده، وجلاله، وعِظَم شأنه "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، والمسؤولية أمامه، ونعمه عليك، وأنه ربك، وأنه خالقك، وأنه ولي نعمتك، وأن إليه مصيرك، وأنه رقيبٌ عليك على الدوام، لا يغفل عنك لحظةً واحدة.

 

إذا غفل الإنسان عن الله، ونسي الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، فهذا يؤثر عليه، ويضعف مناعته تجاه مساعي التأثير الشيطاني، المحاولات في التأثير عليه، سواءً من شياطين الجن، أو من شياطين الإنس، ولهذا يقول الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" عن المنافقين: {اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ}[المجادلة: من الآية19]؛ لأنه يرى في ذلك وسيلةً للسيطرة التامة عليهم، والتأثير الكبير عليهم؛ لنسيانهم لله، لغفلتهم عن الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى".

 

من الثغرات الخطيرة جدًّا على الإنسان، التي تفتح كل أبواب التأثير على نفسه، لشياطين الجن والإنس: هي الابتعاد عن هدى الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، والتعامي عنه:

 

حينما لا تكون صلتك بهدى الله صلةً وثيقة، صلة الاهتداء، والتمسُّك، والاتِّباع، والتَقَبُّل، وتتحول إلى مُعرض عن هدى الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، إلى متعامٍ عنه، إلى متغافلٍ له، إلى متجاهلٍ له، فهي حالة خطيرةٌ جدًّا عليك، لأن هدى الله له أثره الكبير:

 

- على المستوى التربوي في تزكية نفسك.

 

- وعلى مستوى الوعي.

 

- وعلى مستوى تعزيز وترسيخ حالة التقوى في نفسك، والمنعة الإيمانية.

 

تحمل روحًا يقظة، نفسيةً متنبهة، تجاه مكائد الشيطان، تحمل روح العداء للشيطان، تتحصن بذلك؛ فبالتالي إذا تحول الإنسان إلى مُعرِض عن هدى الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، متعامٍ، ومتجاهل، ومتغافل، كذلك يفتح المجال للتأثير عليه، بل يُسلَّط الشياطين عليه، كما في الآية المباركة: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ}[الزخرف: الآية36]، حالة خطيرة جدًّا، يكون البديل عن هدى الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، إذا لم يكن هدى الله هو قرينك، إذا لم تكن صلتك به هي الصلة الوثيقة، صلة الاهتداء، الاتِّباع، التمسُّك، التقبُّل، التفهم، الإصغاء، الإقبال، وتحولت إلى حالة الإعراض والتعامي، فهي حالة خطيرة جدًّا، يتحول قرينك- البديل عن القرآن، البديل عن ذكر الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، البديل عن هدى الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"- شيطانٌ من الشياطين، يكون قرينك شيطانٌ من الشياطين، ويلازمك، يتمكن من ملازمتك، يتمكن من التأثير عليك في كثير من الأحوال، {فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ}، مما يفيده ذلك من ملازمته لك، وبالتالي يبقى في عملٍ مستمر للتأثير عليك، ويبقى مغتنمًا لأي فرصة في ظروف حياتك، للإيقاع بك؛ لأنه يعيش معك في كثيرٍ من الأحوال والظروف، ويدرك الفرص، ويدرك الظروف التي يرى فيها الفرص للتأثير عليك، في أحوالك:

 

- في حالة الغضب.

 

- في حالة الرضا.

 

- في حالة الإغراء.

 

- في حالة الانجذاب والميل النفسي نحو شهوات ورغبات.

 

تقييمات
(0)

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا