الأخبار

الحدود المتحركة ... ايديولوجية أمريكية للسيطرة والهيمنة

26 سبتمبر نت ! علي الشراعي |
أن محاولات أمريكا بعد انتهاء الحرب الباردة وانحلال الاتحاد السوفيتي فرض زعامتها وهيمنتها العالمية من خلال إقامة ما يسمى بالنظام العالمي والشراكة من أجل السلام وتوسيع حلف الناتو والعمل على إعادة تقسيم العالم وتحويله إلى عالم مطيع لها ما هي إلا عملية مكملة لسياسة تمارسها امريكا منذ أكثر من مائة عام .

الحدود المتحركة ... ايديولوجية أمريكية للسيطرة والهيمنة

يروج منظرو الإمبريالية الأمريكية المعاصرة مثلهم في ذلك المنظرين السياسيين الألمان الفاشيين في الحرب العالمية الثانية لفكرة الحدود المتحركة واحقية امريكا التواجد في أي مكان في دول العالم .

تدمير الضعفاء

احتل في الفترة السابقة على الحرب العالمية الثانية (1939- 1945م) وفي اثناء الحرب عالم السياسة (نيقولاس سبيكمان) موقع الإيديولوجي للمصدر القرار السياسي الأمريكي فقد عرض سبيكمان المبادئ الأساسية للجيوسياسية في كتابيه ( الإستراتيجية الأمريكية في السياسة العالمية ) عام 1942م وكتاب ( جغرافية السلام ) عام 1944م .

ففي سعيه لتعليل العدوانية الأمريكية يقول سبيكمان : ( إن شكل الأرض نفسه يلغي الأخلاق ويعطى المبرر لتدمير الضعفاء من قبل من لديه القوة ) .

ففي كتابه الإستراتيجية الأمريكية في السياسة العالمية والذي ترك تأثيرا كبيرا على الرئيسين روزفلت وترمان يقول : ( إن كل أشكال العنف بما فيها الحروب المدمرة مباحة في المجتمع الدولي - وهذا يؤكد لنا من اين استقي الرئيس الأمريكي ترومان عقيدته الايديولوجية العدوانية فبعد توليه مقاليد السلطة في البيت الأبيض بثلاثة اشهر استخدم القنبلة الذرية ضد اليابان - وهذا يعنى أن الصراع على القوة والذي يماثل الصراع من أجل البقاء وتحسين موقع القوة هو الهدف الرئيسي للسياسة الداخلية والخارجية .

وبالقوة فقط يمكن بلوغ أهداف السياسة الخارجية .

القوة تعني القدرة على البقاء والقدرة على فرض إرادتك على الآخرين وإملاء الشروط على من لا يملك القوة وإمكانية الحصول على تنازلات ممن لديه قوة أقل ).

تلاشي السيادة الوطنية

ووضع سبيكمان مفهوم اضمحلال وتلاشي السيادة الوطنية فقد اقترح أن لا يأخذ النظام الدولي في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية بمبدأ تحديد المصير الوطني بل على العكس رأي ضرورة توحيد دول العالم في بضع تكتلات كبيرة – وهذا ما نتج عنه حلف شمال الأطلسي حلف الناتو والذي مكن لأمريكي التواجد العسكري في أراضي دول الحلف وشن عدوانها على كل دولة تعارض سياستها وما حرب روسيا – اوكرانيا اليوم الا بسبب ايديولوجية امريكا بالحدود المتحركة وايجاد قواعد عسكرية لها في اوكرانيا وضمها لحلف الناتو - .

وأعلن سبيكمان أن الدول الصغيرة وضم إليها فرنسا وايطاليا أصبحت أقل قدرة على الحياة مقارنة بالسابق - وهذا ما اكده الرئيس روزفلت خلال لقائه برئيس الوزراء البريطاني تشرشل بخصوص فرنسا والذي اعتبرها روزفلت انها تحت الاحتلال الالماني وتريد من يحررها ويجب استبعادها وتقاسم مستعمراتها ففرنسا لا يوجد لها أي مستقبل سياسي - .

الحدود المتحركة

لقد حدد عالم السياسة الأمريكي ويلس حدود الولايات المتحدة الأمريكية بقوله : ( هذه الحدود موجودة في كل مكان وفي أي مكان يمكن الوصول إليه أمريكا في كل مكان أمريكا تصارع على مجمل الكرة الأرضية ) .

وفي هذا السياق والايديولوجية نظرت أمريكا لمعاهدة يالطا فبراير 1945م التي حددت مناطق النفوذ بينها وبين الاتحاد السوفيتي كعقبة أمام فرض هيمنتها العالمية .

ففي مذكراته أشار السيناريو (فاندربيرج) الصديق القريب من الرئيس الأمريكي ( فرانكلن روزفلت ) إلى أن روزفلت صرح له : أن مهمتنا الرئيسة في المستقبل تكمن في إلغاء معاهدة يالطا ولأجل ذلك كان من الضروري تحويل منظمة الأمم المتحدة إلى اداة للسياسة الخارجية الأمريكية .

وليس من قبيل المصادفة أنه بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في 1991م قامت أمريكا باستخدام يوغسلافيا كميدان تجارب لفرض نظامها العالمي الجديد ومذهب الحدود المتحركة الذي لا يعترف بأية معاهدات دولية .

ومن حيث الجوهر يمكن القول إن تقسيم يوغسلافيا واحتلال أفغانستان والعراق يمثل تجسيدا واضحا لسياسة (الحدود المتحركة ) في السياسة الخارجية الأمريكية .

وما تلا ذلك من احداث ما يسمى بالربيع العربي في 2011م وتدخل امريكا عسكريا في ليبيا عبر حلف الناتو والعدوان على اليمن في 26مارس2015م وتدخلاتها بكل ثقلها السياسي والاقتصادي والعسكري في سوريا الا انطلاقا من ايديولوجياتها المتعددة ومنها الحدود المتحركة وايجاد قواعد عسكرية لها ونهب ثروات البلدان .

وبذلك ندرك تدخلات امريكا السافرة في شؤون دولنا العربية ودول العالم ما هو الا استمرارية للنهج العدواني والتوسعي الذي بدأته أمريكا منذ أكثر من مائة عام انطلاقا من ايديولوجيات وركائز تؤمن بها كعقيدة ثابتة وتوجه سياستها بالسيطرة والهيمنة على العالم بدأ من ايدلوجية القدر المحتوم ومبدأ مونرو والأبواب المفتوحة والعنصرية الامريكية (الانجلوسكسونية) والحدود المتحركة والقرن الأمريكي (النظام العالمي) فتلك أهم المبادئ الإيديولوجية الأساسية التي تعتبر الملهم الرئيسي لصناع القرار في الولايات المتحدة الأمريكية منذ أكثر من قرن وحتى وقتنا الحاضر وأن أي تبدل في الإدارة الأمريكية لن يغير في الأمر شيئا !.

تقييمات
(1)

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا