الأخبار |

أمين أبو حيدر : البردوني ذاكرة اليمن وموسوعته في كل شيء

للشعر والأدب دور بارز في مواجهة أي عدوان خارجي ولا سيما واليمن يتعرض لحرب كونية من قبل دول عربية وأجنبية أخرى تملك من التطور والتقنية ما لا يمتلكه المقاتل اليمني البسيط، ولمساندة الأبطال المقاتلين في جبهات القتال وضع الشعراء أكتافهم إلى أكتاف المقاتلين في الجبهات وكأنهم في خندق واحد، كلاً منهم يقاتل العدو بسلاحه، فالجندي يقاتله بالسيف والنار والشاعر يقاتله بالكلمة وبالزامل المحفز للمقاتل الحقيقي في أرض الميدان، وللتعرف عن أحوال الحركة الأدبية في ظل مواجهة العدوان التقى "موقع 26 سبتمبر نت" بالشاعر والكاتب أمين أبو حيدر وإلى نص الحوار

أمين أبو حيدر :  البردوني ذاكرة اليمن وموسوعته في كل شيء

للشعر والأدب دور بارز في مواجهة أي عدوان خارجي ولا سيما واليمن يتعرض لحرب كونية من قبل دول عربية وأجنبية أخرى تملك من التطور والتقنية ما لا يمتلكه المقاتل اليمني البسيط، ولمساندة الأبطال المقاتلين في جبهات القتال وضع الشعراء أكتافهم إلى أكتاف المقاتلين في الجبهات وكأنهم في خندق واحد، كلاً منهم يقاتل العدو بسلاحه، فالجندي يقاتله بالسيف والنار والشاعر يقاتله بالكلمة وبالزامل المحفز للمقاتل الحقيقي في أرض الميدان، وللتعرف عن أحوال الحركة الأدبية في ظل مواجهة العدوان التقى "موقع 26 سبتمبر نت" بالشاعر والكاتب أمين أبو حيدر وإلى نص الحوار

:

حاوره: عبدالله عبدالسلام

 

إلهام البردوني للشعراء:

 حدثنا عن علاقتك مع الشاعر الكبير عبدالله البردّوني.. ولماذا تنبأ البعض أن تجربتك الشعرية قريبة من تجربته؟

معرفتي بالأستاذ عبدالله البردّوني قديمة جداً تزامنت مع بدايتي في الكتابة الشعرية، بالرغم إني كنت أكثر قرباً من الأستاذ عبدالعزيز المقالح باعتبار ملازمتي لمجالسه، لكن كنت أرى نفسي أقرب إلى ما يكتبه البردّوني منه إلى المقالح.

وأذكر هنا إنه في يوم من الأيام صادفتني فرصة جمعتني بالأستاذ عبدالله البردّوني في صباحية شعرية في قاعة جمال عبدالناصر في جامعة صنعاء الحرم الجامعي القديم، وهناك ألقيت شعراً وألقى الأستاذ عبدالله البردوني شعر، فكان من الغريب أن الجمهور الذي لا يفهم شعر البردوني وعمقه وعظمته لم يكن يتجاوب بالتصفيق الذي كان يصفق لي، وكان الأستاذ عبدالله البردوني يضحك وحدثني بأني أكتب شعر رائع.

ثم ما لبثنا أن تطورت في الشعر في فترة لاحقة، وكان بعض الأساتذة اللذين كانوا يقرأون للبردوني، كان يحب دائماً أن يسمعوه كل ما أكتب من جديد، حتى أنه قال للأستاذ عبدالباري طاهر أن أمين أبو حيدر لا يكتب لهذا الزمان بل يكتب للمستقبل.

وعندما كتبت ديوان "الرازم" أعطيته الديوان ليكتب المقدمة وكان معجب به ولكن حالته المرضية كانت قد تدهورت فأحال الديوان لعلوان مهدي الجيلاني، الذي عمل له مقدمة بعنون "خارج الرؤية الأليفة" ثم توفي البردّوني وأنا في المستشفى عندها توفت زوجتي الأولى، فأتصل لي أحمد جابر عفيف وقال لي: "عظم الله أجرك"، قلت له وأنا مستغرب من أخبرك فقال: قد مات الأستاذ عبدالله البردوني، وأنا أظنه يتكلم عن زوجتي وهي توفت بنفس اليوم، فكتبت قصيدة كان عنوانها: "أنا الباكي على أطلال الطيف" أرثوهما معاً وأرثي معهم كل شيء جميل..

أما للإجابة عن سؤالك لماذا يتنبأ البعض بأن تجربتي الشعرية قريبة من تجربة البردوني، لا أدري كيف نظر كثير منهم للكتابات مع إنه البردوني يتميز بكتابته العمودية التي لم يخرج عنها قيد أنملة، مع أنه الوحيد عربياً الذي استطاع أن يدخل كل ما عجز عنه الشعراء قبله وفروا منه إلى التفعيلة وإلى قصيدة الشعر الحر، وإلى النثر باعتبارهم أنهم وجدوا العمود يقيد حريتهم وإبداعهم

لكن البردّوني وإعجازه استطاع أن يجمع بداخل هذا العمود كل شيء استطاع أن يجمع الحوارية، السردية، الرمزية الإقناع، لم يضق بهذا العمود كما ضاق الشعراء الآخرون، فالبردوني هو الذي أعاد الاعتبار للقصيدة العمودية وحافظ على قالبها المتجدد المتألق دائماً، ونحن عدنا من جديد لكتابة العمود والبقاء في العمود لعلنا نستطيع نساير ذلك المتألق في محافظته للعمود والتحديث والحداثة في آن واحد.

 

البردوني ذاكرة اليمن:

هل تعتقد أن تجربة البردوني لا تقتصر على الشعر فقط.. بل تمتد إلى تدوين التاريخ والتجارب الإنسانية؟

البردّوني كان موسوعةً في كل شيء، فهو كان شاعراً وكان مفكراً ورائياً ومؤرخاً وقارئاً جيداً وكان فقيهاَ، جمع كل شيء، البردّوني ذاكرة اليمن التاريخية الثقافية الاجتماعية له كثير من الكتابات والإبداعات في كل المجالات له تناول عميق جدا للتاريخ الإسلامي والعربي حتى التاريخ العالمي يعرف دقائق الأمور في الكتابات الإغريقية والأوروبية وفي كل العصور، من خلال قراءته للواقع الذي يعيشه استطاع أن يبني عليه ويتنبئ بما سيحدث مستقبلاً، وعندما تقرأ له اليوم تظن أنه كتبها اليوم وليس بالأمس، هذا دليل انه كان بصيراً وقارئاً وأيضاً كان ساخراً وناقداً وشجاعاً إلى أبعد الحدود

 

الكثير يتساءل عن الدواوين الشعرية لأمين أبو حيدر.. لماذا الرازم فقط أين بقية أعمالكم؟

الذي استطعت أن اطبعه "بيننا برزخ من زجاج" و"الرازم" تبنته مؤسسات سابقة مثل مؤسسة العفيف تبنت طباعة "الرازم" والهيئة العامة للكتاب تبنت طباعة "بيننا برزخ من زجاج" من تلك الفترة وبعدها كان هناك ابداع كثير جداً، لدي مجموعة متكاملة وهو مجلد يحوي أكثر من سبعة دواوين هو "ألياذة الشجن الرقمي" يحوي المعلقة "الحادية عشرة"  و"أنا الباكي على أطلال ثدي الطيف" وبكائيات "سيفونيات الأسيف باح" و"فوتونات أيوب"، إضافة إلى ديوان آخر بعنوان "عرائش البوح"، هذه الكتب أصبحت (بي دي اف) جاهزة قدمتها لدائرة التوجية المعنوي في عهد المدير يحيى عبدالله ورفع بها إلى وزارة الدفاع قالوا أن التكاليف باهظة وبلغت تكلفتها ما يساوي المليون، فرفض طباعتها وظلت على ماهي في جهاز الكمبيوتر إلى الان.

 بالإضافة أن هناك ديوانا خاصا بـ "الصمود" عبارة عن قصائد كتبتها منذ بداية العدوان هناك أيضا وطنيات سابقة وقصائد كتبتها خاصة بأشعار الأغاني (الأبريتات)..

الأغاني الوطنية:

كيف أقتحم أبو حيدر مجال كتابة الأغاني الوطنية أو الابرويتات حدثنا عن هذه التجربة.. وهل هناك معايير محددة لهذه الكتابة؟

 

 تقريباً بعد أحداث تفجير العرضي نهاية عام 2013م، أنا عملت عملية في العرضي وخرجت قبلها بيومين، تخيلت مثل هذه الجماعة الإرهابية عندما تهاجم قلب المؤسسة العسكرية وخاصة العرضي التي تمثل كرامة وعزة وقوة عرين القوة المسلحة، فعملت انشودة "يخسأ الإرهاب والفكر الظلامي .. يخسأ الإرهاب لليمن أبواب ترمي كل رامي.. سهمها ما خاب"، فهذه الأنشودة لقيت صدى كبيرا وتناولتها الصحف.

وعندما نجحت هذه التجربة بدأت دائرة التوجيه المعنوي تتبنى إنتاج أناشيد وطنية للقوات المسلحة فتم إنتاج 12 عمل غنائي، وهناك أناشيد "اوبريتات" عن المناسبات تم تسجيل أحد هذه الأوبريتات وهي أهلاً (14 أكتوبر وهي لوحة ذهبيات أكتوبر)، ثم عملنا أكثر من أبريت وغيرها من ضمنها إذا عدتم عدنا، البراءة عن الصرخة، الشهيد يصنع الانتصار.

وكتابتها أسهل بكثير من كتابة القصيدة، هي تأتي صعوبتها في محاولة انتقاءك للكلمات البسيطة ذات الإيقاع الغنائي والكلمات التي يفهما كل شرائح المجتمع، هذا الذي يميزها فقط وأن تكون مدركة للبعد التاريخي والوطني وهذا ما يميزه.

 

شاعر ينتمي للوطن:

الحركة الأدبية عموماً في ظل العدوان.. هل ساهمت في تعزيز تماسك الجبهة الداخلية والتعريف بالقضية اليمنية أم ان هناك تقصير؟

الشعر في زمن العدوان أو زمن الحرب يولد طاقات شعرية خاصة، لكن طبقاً للتوجه توجه كل شيء، لذلك تجد أكثر  الشعراء في اتحاد الادباء عاشوا مرحلة انفصام بين الولاءات والتنقلات مع أن الشاعر في الحقيقة هو وطن لا ينتمي لحزب او تنظيم، الشاعر عبارة عن لسان المجتمع وهو انعكاس لما يحدث في الواقع، ولكن لاحظنا ان القصيدة الشعرية تراجعت للوراء ليس تراجعا بالمعنى الكامل، خلال فترة العدوان طغى عليه جنس آخر من الأدب والشعر وهو الشعر الشعبي الذي استطاع ان ينقل الكلمة ويقترب للميدان عن طريق الزامل وأصبح حامل لواء الجبهة الثقافية في مواجهة العدوان..

الجبهة الثقافية تقيم في كل مناسبة صباحية أو أمسية شعرية تندد بالعدوان وتحاربه بالشعر الفصيح، وهناك شعراء قصائدهم تسجل نحن أيضا عملنا ديوان (مجموعة كاملة) لشعراء كتبوا بالفصحى سميت "عاصفة الشعر" عندما بدأ العدوان بدأت "عاصفة الشعر" لمواجهة عاصفة العدوان.

إضافة إلى إنه أنا وغيري نكتب قصائد منذ بداية العدوان في الصحف المحلية تعري العدوان، وتدعو إلى توحيد الصف، وتشيد ببطولات الجيش واللجان، هو ليس بتقصير بل طغيان الشعر الشعبي والزامل المتلمس للشعب الذي دائماً يكون قريب للمتلقي في الميدان والمتنقل عبر الإذاعات والكاسيت.

هل يمكن للأدب والأعمال الإبداعية أن تصل إلى الناس دون إعلام حدثنا عن العلاقة بين الأدب والإعلام هل هي علاقة تكاملية؟

الإعلام لا شك أن له دور كبير في شيوع الشعر وشهرة شاعر عن شاعر آخر، هناك شعراء في الظل أكثر قوة وأكثر حبكة في الشعر لكن هؤلاء لم تسنح لهم الفرصة الكافية لإظهار أعمالهم أمام الإعلام، قد يكون التقصير غالباً من الشاعر نفسه لأن كثير من الشعراء يعيشون جوهم الشعري ولا يبالون بالإطراء أو المدح أو الصيت وهؤلاء الشعراء الأكثر عمقاً والأكثر تجربة واللذين لا يظهر شعرهم ولا يقرأ بدقة وقوة إلا بعد أن يرحلون، لاحظ الشاعر الكبير عبدالله البردوني لم يُعطى في حياته زخم إعلامي كما أُعطي شعراء معاصرين له كالمقالح أو غيره، لكن تجربته الشعرية لم تظهر وتقرأ جيداً إلا بعد رحيله وكذلك كثير من الشعراء.

 

فن الزامل:

كيف يرى أبو حيدر كشاعر إلى الفن الزواملي.. وبرأيك لماذا اكتسح المشهد وحقق حضوراً  كبيراً خلال هذه الفترة هل لأنه فن حربي أم لأن السلطات حالياً تهتم به؟

كلا الأمرين معاً، أولاً الزامل هو فن يمني قديم وكلمة عربية فصحى، وهو آتي من (الزام) بمعني الجامع أو الرابط، والزامل هو القول في الجيش أو العسكرية عندما تمشي الجيوش أو القوافل في زامل بمعني القول وهو العمود، وتكلم الأستاذ عبدالله البردّوني عن الزامل منذ العهد الروماني، وظلت هذه الزوامل مرتبطة بملاقي ومحاضر إصلاح ذات البين بين القبائل وكذلك المناكفات والحروب، وكانت الطاسة والمرفع يجمعان الناس على زامل واحد، وعادة كان الزامل من بيتين أو أربعة أبيات وقصيدة الزامل لا تطول ولكنه تطور حالياً، وأصبحت قصائد مغناه كاملة وهنا لاحظنا في حالة العدوان على اليمن ارتباط المقاتل بهذا الزامل الذي يدندن به ويتغنى به ويتحرك من موقع إلى موقع ويصور اقتحامه للمواقع تصويرا تكتيكاً عسكرياً، فأصبح الزامل محاكاة للواقع لان الناس عرفوا بعض معارك وحروب العدوان عن طريق الزامل، أيضاً شكل دافع معنوي لهؤلاء المقاتلين اللذين يحسون في نبرته وايقاعه الشعبي البسيط القريب من قلوبهم وتمكن من تصدر الجبهة الثقافية والمشهد الشعري والثقافي في اليمن..

 

تأثير الزامل على نفسيات المرتزقة:

 

نحن نرى بعض شعراء المرتزقة يقومون بتقليد زوامل عيسى الليث وغيره بنفس اللحن ما تعليقك؟

لاحظ قوة الزامل أنا أرى قوة تأثير الزامل على النفسية الأخرى، حتى أنه لم يستطيع أن يجد له القالب إلا من خلاله، باعتبار هذا المرتزق يمني واليمني نفس إيقاع الزامل وقد تكون معممة على كل اليمن، فلم يجد إلا هذا الشيء الذي إثر فيه ويأثر في معنويات رجاله فاندفع بسلطته وبماله أن يمول شعراء قادرين على أن يكتبوا على نفس النسق، من أجل يجارونه ويخلقون روحا معنوية، ولأن الزامل أيضا ينطلق من الإحساس ومن القلب فالتقليد لا يصل إلى مرتبة الأصل.

 

لماذا أنت بعيد عن منصات التواصل؟

أنا كنت أول من دخل عالم التواصل منذ فترة مبكرة قبل ظهور الفيس بوك، عندما كانت المدونات مشهورة شهرة غير عادية، ولدي مدونة أسمها "وحي بلقيس وحي الأمين" تديره الآن شاعرة عراقية، لدي أنا وهي ديوان مشترك الذي هو "عرائش البوح"، ولكن بسبب الظروف والانشغالات بأعمال أخرى ابتعدنا قليلاً عن منصات التواصل الاجتماعي.

تقييمات
(1)

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا