شواهد أثرية بمدينة صعدة
تقع مدينة صعدة في الجزء الجنوبي لقاع صعدة الرحب المسمى بـ”الصعيد” وتحيط بها الجبال من الناحية الجنوبية والشرقية والغربية
تقع مدينة صعدة في الجزء الجنوبي لقاع صعدة الرحب المسمى بـ”الصعيد” وتحيط بها الجبال من الناحية الجنوبية والشرقية والغربية
حيث تنتصب في قمم هذه الجبال القلاع والحصون الأثرية والتاريخية كـ”حصن العبلاء” الأثري من الناحية الشرقية وهو حصن شيد قبل الإسلام وترجع مصادر تاريخية إن في هذا الحصن كانت توقد النار التي كانت تعبدها اليمن في تلك الحقبة الزمنية وبجاور العبلاء سلسلة جبلية تتجه نحو الشرق يطلق عليها “كهلان” ويوجد بها هضاب جبلية صغيرة تعرف بـ”المسلحقات” يوجد بها نقوش ورسومات صخرية وكتابات باللغة الحميرية القديمة وأكدت البعثات الأثرية أن هذه النقوش والرسومات الصخرية تعود إلى ما قبل 5000 سنة تقريباٍ وفي شرق المسلحقات توجد أعمدة رخامية طويلة وكبيرة يصل طولها إلى 2.5 متر لكل عمود متناثرة تؤكد أن “قصر كهلان الأثري” الذي شيد في عصر الدولة الحميرية الأولى قد شيد في هذا الموقع في منطقة “القْلات”.
ثاني السدود القديمة في اليمن
ومن جنوب المدينة يوجد جبلي “الصمع” و”السنارة” وفي قمة كل منهما قلعة ضخمة ذات بناء إسلامي هما “قلعة السنارة” و”حصن الصمع” وقد شيدا في ظروف الاحتلال العثماني لليمن وبين الجبلين توجد منطقة “الخانق” وهي عبارة عن مضيق جبلي شيد فيه “سد الخانق” الشهير قبل الإسلام وعرفت بأسم “منطقة الخنفرين” والتي منها القيل اليماني محمد بن أبان الخنفري ويعد هذا السد ثاني أهم وأكبر السدود في اليمن بعد سد مارب في العصر القديم وظل باقياٍ حتى هدمه القائد العباسي المعروف إبراهيم بن موسى العلوي الملقب بالجزار عند دخوله صعدة وتدميرها وهدم السد في 200 هـ.
وفي جنوب المدنية يوجد أيضا “جبل تلمص” وبه آثار حصن تلمص القديم حيث كان هذا الحصن مقراٍ للوالي الحميري نوال بن عتيك والذي كان والياٍ للملك سيف بن ذي يزن على مخلاف صعدة وكان والياٍ جباراٍ مولعاٍ بسفك الدماء “جبل تلمص” هو الموقع الذي نشأت فيه صعدة الأولى الأقدم وقد ظلت عامرة حتى دمرت على يد الأمام أحمد بن سليمان بن المطهر في القرن الخامس الهجري.
كما أن مسجد صعدة الذي شيدة الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه في السنة السادسة للهجرة ضمن ثلاثة مساجد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم ببنائها في اليمن وهي “مسجد صنعاء” و”مسجد الجند” و”مسجد صعدة” ويطلق على هذه المساجد بالمساجد الشريفة لأنها شيدت بأمر الرسول صلى الله عليه وسلم في ذات العام ويعتقد أن هذا المسجد شيد في هذا الموقع الأثري و”تلمص” بكل مآثرها باستثناء حصنها مطمورة كلياٍ وتم العثور على آثار وشواهد خلال سنوات مضت من قبل الأهالي خلال عملية بناء المنازل لهم وهناك الكثير من الآثار والشواهد التي لا يتسع الحيز لذكرها.
في قلب المدينة التاريخية
عندما يلج المرء مدينة صعدة القديمة من أحد الأبواب الأربعة السور صعدة يجد أمامه مدينة تاريخية يتصاعد منها عبق التاريخ القديم أحياء عدة شيدت البيوت جوار بعضها البعض في خط طويل من جانبين يتوسطهما شارع ينتهي بأبواب مستقلة “مداخل ومخارج” لكل حي وشيدت هذه البيوت من الطين “الزابور” بأشكال وصور متباينة وبنمط عمارة موحدة هي “العمارة الإسلامية” في القرنين الخامس والسادس الهجري وتعد الأحياء الشمالية “حي عليان” “السفال” “المصموط” شيبان” أقدم هذه الأحياء وهناك قرابة 27 مسجداٍ تاريخياٍ قديماٍ في المدينة لكن اهمها واعظمها “جامع الهادي” الذي اختطه الهادي يحيى بن الحسين بن القاسم الرسي سنة 284هـ وشيد جامعه الموجود في الجزء القبلي للمسجد وتوفي وهو دون القامة وشهد الجامع توسيعات عديدة وأضافات منها تشيد المئذنة في 751 هـ على يد المهدي علي بن محمد والتوسعة الكبرى التي أقامها شمس الدين بن شرف الدين في 947 هـ إبان النضال ضد الاحتلال العثماني حيث تم استكمال بناء المسجد من ثلاثة اتجاهات الشرقية والغربية والجنوبية لتلتقي مع الجامع الأصلي لتشكل مربعاٍ وسطه شمسية “صوح كبير” مماثل للجامع الكبير بصنعاء ثم جاء القاسم بن محمد بن القاسم وأبناؤه من بعده خلال حكمهم لليمن ليضيفوا المشاهد الخلفية ذات القباب الرائعة والتطريزات المعمارية الفريدة من الداخل وبها قبور الهادي وابناؤه والمهدي علي بن محمد وعدد من امراء القاسم إبان الدولة القاسمية في القرن الحادي عشر الهجري.
ويعتبر جامع الهادي من أروع وأجمل المساجد التاريخية في اليمن يعكس طراز العمارة الإسلامية اليمنية وتعكس ابداعات المعماريين اليمنيين القدماء في الزخرفة والتشييد والبناء وهو من أهم ملامح ومعالم المدينة القديمة.
وفي الجامع “المؤخر” الذي شيده شمس الدين بن شرف الدين نقوش وزخرفة وحزام كتبت عليه قصيدة رائعة ذكر فيها تاريخ تشييد وبناء المسجد في 947هـ