أخبار |

حجة شموخ الجبال والنفوس

حجة شموخ الجبال والنفوس

العميد 'القاضي حسن حسين الرصابي

عند ما أقف اليوم للبحث عن حجة المحافظة ..وحجة الصحراء .. حجة الساحل المعانق للبحر الأحمر إنما لتأكيد أن هذه المحافظة هي قيمة عالية جداً وهي أكبر من جغرافيا المكان وأعظم أثراً من القيم والمبادئ التي يتحلى بها أهل حجة هذه الأرض والطيبة والكرم والسجايا الأخلاقية المتسامية .

فعلى مر التاريخ كان إنسان هذه الأرض يقدم العطاء الوافر وينسج الوفاء والطيبة فحجة جبالها تعانق السحاب وشعابها ووديانها أحضان دافئة تجود بالماء والزراعة .. وشواطئها أنامل تداعب البحر وتحكي ألف حكاية .. كم مرة زرتها واقتربت من أهلها وكم وجدت فيهم تلك الروح وفي ملامحهم قرأت أسفاراً من الشهامة والمروءة والطيبة.. ولأنني عسكري خدمت وما زلت أخدم وطني وأفتديه بروحي, فقد كنت أزور وحدات عسكرية ترابط فيها والتقي برجال الرجال, وبرجال شجاعتهم هي مضرب الأمثال وباسهم ترتعد منه الجبال..

حجة هذه الأبية التي رضعت الكرامة من  منابعها أغدق عليها عدوان الشرور بغاراته المكثفة كأنهٌ يستهدف قيمها الجميلة , وكأنه امتلاء غيضاً من اعتزاز أهلها بصلابتها وكرامتها , ولكنه لم يحصد غير اليباب ,ولم ينل غير الصمود لأسطوري لحجة وأبناء حجة وللرجال المدافعين عنها من المجاهدين والمقاتلين الأشداء البواسل الذين مرغوا أنوف الغزاة ومرتزقتهم بالأرض فصحراء ميدي وحرض وحيران وغيرها شاهدة على انكسارات الأعداء ورمالها ابتلعت معداتهم وأشلائهم فانسحبوا منها أذلاء يلعقون حسراتهم ويمنون أنفسهم الخبيثة بأي مكسب عسكري ولكن هيهات ..

وأتذكر في نهاية  العام الثاني من العدوان وأنا التقي بعدد من الأبطال , وكنت أتحدث إليهم عن البطولة والصمود في وجه أقبح  وأقذر عدوان, وأنهم بتضحياتهم يسجلون أحرفاً مشرقة ومضيئة في سجل التاريخ اليمني والتاريخ العالمي ..وأنهم يعلمون بالفعل والعمل وبالسلاح والرصاص والقذائف الصاروخية والمدفعية ذلك العدو المتربص باليمن ,معنى كرامة اليمنيين عامة .. ومعنى الرفض المستمر للاحتلال والغزو والمغامرات العدائية ضد شعب الإيمان والحكمة ..  ضد الإرادة الحرة لليمنيين عامة.. كنت أحدثهم وأستدل من أحداث التاريخ على شراسة اليمنيين وأقول لهم إن اليمن هي بحق مقبرة الغزاة وأذكر لهم أن مرابطتهم وصمودهم وشجاعتهم اليوم هي دلالة مؤكدة على أن اليمن ستظل مقبرة الغزاة.. ولم نشعر إلا وطائراته الغادرة ومن على ارتفاع تلقي علينا صواريخها تستهدفنا بعدوانها.. وفي لمح البصر أتخذ المقاتلون إجراءات حماية أنفسهم بإباء وشموخ وأيديهم على الزناد وقلوبهم عظيمة الثبات ..ورغم بعض الإصابات مرت تلك الغارة كان لم تكن  مرعد وانهم البغيض, ولم يزدنا غير إصرار على الصمود وعلى الاستعداد وعلى استمرار المواجهة .

.سالت دماؤنا ولكنها كتبت على الأرض الطيبة المباركة , لن تمروا يا عدوان الشر وفينا دماء تجري  في شراييننا ..هكذا كان حالنا جميعاً..  تعرضت للإصابة جراء ثلاث شظايا وسارع الأبطال إلى إسعافي , وإلى تضميد الجروح النازفة..  قلت لهم حينها لن ينال منا الأعداء ,ودماؤنا  رخيصة من أجل إعلاء كلمة الله ومن أجل الوطن والتضحيات تهون .. وضمدنا جروحنا وعدنا لاستشفاف حقائق التاريخ وللإعلان إننا أصحاب حق وأصحاب قضية وأن هذا العدوان إلى زوال  , وسوف يذهب إلى مزبلة التاريخ غير مأسوف عليه تلاحقه لعنات الأجيال اليمانية , لعنات الإنسانية في المعمورة.. واليوم بعد سنوات مضت أقف مع نفسي وأقول أن حبي لهذه المحافظة..

 محافظة حجة قد تعمد بدمي الذي سال على هذه الأرض الطيبة مع كل الأبطال المجاهدون البواسل الذين يقفون اليوم بالمرصاد للعدو وأزلامه وأذياله .. لذا ستظل  الذاكرة تحفظ في مكان عالٍ الاعتبار المهم لحجة الإباء .. وحجة الصمود وحجة الرافضة أن يدنس أرضها غازاِ أو محتل أو مرتزق عميل.. تحية لهذه المحافظة تحية لأبنائها الأجلاء  الشجعان .. وتحية للأبطال رجال الرجال وهم يكتبون ملحمة الصمود والصبر والمرابطة والانتصارات المتلاحقة, وهم اليوم على كامل الاستعداد لكل الخيارات القادمة .    

أخبار الجبهات

وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا