تمتمة عند زيارة شهيد

جميل عتيق
السلام عليك بني ... أي سر فيك يا شهيد ...  كلما  أزورك في رياض الخالدين، يخالجني الخجل في النظر إليك ، هل لأنك تغلبت علي وكنت السبق لشاهد صدق مع الله،

أم  لأنك صرت قدوة وأنموذجاً لفيض العطاء، أم لأنك ممن صنع أسطورة الزمان للبطولات التي مرغت قوى البغي والعدوان ،  وقهرت طاغوت العصر ، أم لأنك صرت لي كل ذلك، مثال أتوق إليه وافتخر به . بني  ليتني اعرف سر امتهان عنفوان الشباب والرجولة مثلك، لقد سميت نفسي مجاهدا ولكن جهادي بُني انحصر في عمل روتيني ... ممل .. يتصارع مع حشد غفير تقاطر كجيش من الأطماع والرغبات والأهواء  ، اي جهاد ذلك يابني الذي ينتهي به المطاف بالبحث عن لقمة عيش و رغيف خبز .!!!   أي سر فيك ...  ياشهيدي  .. اخفيته عني  .. سر لهوثك وشوقك و سعادتك الى محراب الجهاد، سر شعورك الذي يظهره محياك ، الدائم بالراحة والسكينة ،  وأنت بمحرابك تُتمتم تسابيح الشروق ، .. سر الهيام والعشق للجهاد و الفوز بالشهادة ، هل كنت أنت ذلك السر ،  يا سر الله الخالد  أي سر فيك بني كنت تحمله ،  وأنت ذاك الذي لم تزل بعد غصناً غضاً طرياً، عندما سمعت صوت الجهاد وداعي الله ، ومظلومية شعب تستصرخ الأحرار فأبيت الخنوع والفتور، فلبيت ولبى الإله باصطفائك ، وحباك الله أن تكون بجواره ، هنيئاً لك الشهادة وهنيئاً لك حسن الجوار . دمك بني وكل الشهداء هو حبر التاريخ الذي سطر انصع مجد للمسيرة القرآنية . دمك بني اعلم انه أيقظ أُمة نست وسهت عن قضيتها، وغفلت وبعدت عن دينها ،  فلا يليق بك الا أن تكون ضوءاً لا ينطفئ، أن تكون ورداً لا يموت، ماء لا يجُفّ، يليق بك أن تكون كل الأشياء السعيدة التي لا يمكن أن يعبرها الحزن يومًا ما. نحن لاشي حتى الهوية التي نحملها تنتهي  بهوية مزورة ، فقط سر هوية الشهيد وحده كانت هوية حقيقية وتعلن للملأ بشرف ، وكنت لي هوية ذلك الشرف . افتخر بك بني، حيث كنت ذلك الإيثار الذي آثر بنفسه علينا وعلى زملائه في ميدان القتال ، لتسقط كشمعة أحرقت نفسها لتنير الدرب للعابرين إلى نيل الانتصار والحرية والعزة والكرامة، فكنت نوراً يبدد الظلام وينير الدرب لجيل من المجاهدين، أقف في زيارتك متأملاً، وانظر إلى ما خط عنك القلم، لعلي اكتب رواية سر عاشق، صنع بروحه بطولة بالهمم، لأرحل عنك ،  ويبقى سر طيفك ياشهيدي، يحلق على رأس الهرم، ويقف في أعلى القمم،  ويجف عن سرد حكايتك القلم .